استفتاء:
الآية المباركة : ( إِنَّا عَرَضْنَا الاْمَانَةَ عَلَى السَّماوَاتِ وَالاْرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاْنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) تثير عندي عدّة من الأسئلة أرجو التفضّل بالإجابة عليها :
1 ـ ما المقصود بالأمانة ؟
2 ـ لماذا رفضت السماوات والأرض والجبال حملها ، وهل يعتبر رفضها معصيّة ؟
3 ـ لماذا حملها الإنسان ؟
4 ـ لماذا وصف الله تعالى الإنسان بقوله : ( ظَلُوماً جَهُولاً ) ؟
5 ـ إذا كان المقصود بالأمانة هو قبول الولاية ، فكيف نوفّق بينه وبين بعض الأخبار الدالّة على أنّ أرض الكعبة هي أوّل أرض قبلت وآمنت بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) ؟
جواب:
بإسمه جلت اسمائه
1 - بما أنّ الأمانة شيء يودع عند الغير ليحتفظ به ثمّ يردّه إلى مَن أودعه عنده ، فالأمانة المذكورة في الآية الكريمة لا بدّ أن تكون شيئاً ائتمن الله الإنسان عليه ليحفظه ثمّ يردّه إليه سبحانه والمستفاد من الآية اللاحقة لها ، وهي قوله تعالى : ( لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) أنّ الأمانة المذكورة في سابقتها أمر يميّز به بين المنافقين والمؤمنين ، ومثل هذا الأمر لا محالة أمر مرتبط بالدين ، وقد اختلفوا في تحديده ، ولكن الحقّ أنّه الكمال الحاصل من جهة التلبّس بالاعتقاد الصحيح والعمل الصالح ، والمعبّر عنه في بعض الأخبار بالولاية ، إذ أنّ الولاية الحقيقيّة لا تتحقق إلاّ بكمال الاعتقاد والعلم والعمل .
2 - المراد بحملها والإباء عنها : استعدادها وصلاحيّتها للتلبّس بها وعدمه ، فالسماوات والأرض والجبال على عظمتها فاقدة لاستعداد حصولها فيها ، وهو المراد بإبائهن حملها .
3 - لأنّه ـ على ضعفه وصغر حجمه ـ مهيّئ تكويناً للتلبّس بها ، وله من الاستعداد والصلاحيّة ما يجعله قابلا لحملها .
4 - الظلوم والجهول وصفان منتزعان من الظلم والجهل ، وقد وصف الله تعالى بهما الإنسان دون السماوات والأرض والجبال لأنّ الإنسان بعد أن كانت له صلاحيّة التلبّس بالأمانة فإنّه لا يرفضها إلاّ جاهلا أو ظالماً ، وأمّا السماء والأرض والجبال فلعدم صلاحيّتها للتلبّس بالأمانة لا تتّصف بالظلم والجهل .
5 - الولاية التي قبلها الإنسان ورفضتها السماء والأرض هي الولاية النابعة عن الاعتقاد والمستتبعة للعلم والعمل ، وهذه ـ كما هو واضح ـ غير الولاية التي قبلت بها بعض الأرضين ورفضتها بعض الأرضين الاُخرى .