موقع سماحة آیة الله العظمی السید محمد صادق الحسینی الروحانی (قدس سره)
الآية المباركة : ( إِنَّا عَرَضْنَا الاْمَانَةَ عَلَى السَّماوَاتِ وَالاْرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاْنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) تثير عندي عدّة من الأسئلة أرجو التفضّل بالإجابة عليها :
استفتاء:

 الآية المباركة : ( إِنَّا عَرَضْنَا الاْمَانَةَ عَلَى السَّماوَاتِ وَالاْرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاْنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) تثير عندي عدّة من الأسئلة أرجو التفضّل بالإجابة عليها :

1 ـ  ما المقصود بالأمانة ؟

2 ـ  لماذا رفضت السماوات والأرض والجبال حملها ، وهل يعتبر رفضها معصيّة ؟

3 ـ  لماذا حملها الإنسان ؟

4 ـ  لماذا وصف الله تعالى الإنسان بقوله : ( ظَلُوماً جَهُولاً ) ؟

5 ـ  إذا كان المقصود بالأمانة هو قبول الولاية ، فكيف نوفّق بينه وبين بعض الأخبار الدالّة على أنّ أرض الكعبة هي أوّل أرض قبلت وآمنت بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) ؟

 

جواب:

 بإسمه جلت اسمائه 

1 - بما أنّ الأمانة شيء يودع عند الغير ليحتفظ به ثمّ يردّه إلى مَن أودعه عنده ، فالأمانة المذكورة في الآية الكريمة لا بدّ أن تكون شيئاً ائتمن الله الإنسان عليه ليحفظه ثمّ يردّه إليه سبحانه والمستفاد من الآية اللاحقة لها ، وهي قوله تعالى : ( لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) أنّ الأمانة المذكورة في سابقتها أمر يميّز به بين المنافقين والمؤمنين ، ومثل هذا الأمر لا  محالة أمر مرتبط بالدين ، وقد اختلفوا في تحديده ، ولكن الحقّ أنّه الكمال الحاصل من جهة التلبّس بالاعتقاد الصحيح والعمل الصالح ، والمعبّر عنه في بعض الأخبار بالولاية ، إذ أنّ الولاية الحقيقيّة لا  تتحقق إلاّ بكمال الاعتقاد والعلم والعمل .

2 -  المراد بحملها والإباء عنها : استعدادها وصلاحيّتها للتلبّس بها وعدمه ، فالسماوات والأرض والجبال على عظمتها فاقدة لاستعداد حصولها فيها ، وهو المراد بإبائهن حملها .

3 - لأنّه ـ على ضعفه وصغر حجمه ـ مهيّئ تكويناً للتلبّس بها ، وله من الاستعداد والصلاحيّة ما يجعله قابلا لحملها .

4 - الظلوم والجهول وصفان منتزعان من الظلم والجهل ، وقد وصف الله تعالى بهما الإنسان دون السماوات والأرض والجبال لأنّ الإنسان بعد أن كانت له صلاحيّة التلبّس بالأمانة فإنّه لا  يرفضها إلاّ جاهلا أو ظالماً ، وأمّا السماء والأرض والجبال فلعدم صلاحيّتها للتلبّس بالأمانة لا  تتّصف بالظلم والجهل .

5 -  الولاية التي قبلها الإنسان ورفضتها السماء والأرض هي الولاية النابعة عن الاعتقاد والمستتبعة للعلم والعمل ، وهذه ـ كما هو واضح ـ غير الولاية التي قبلت بها بعض الأرضين ورفضتها بعض الأرضين الاُخرى .