فارسی
تحديث: ٥ محرم ١٤٤٥
  • اَلسَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ وَ عَلى عَلِىِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ عَلى اَوْلادِ الْحُسَيْنِ وَ عَلى اَصْحابِ الْحُسَيْنِ
code: 18345-9058     

ما حكم صيام شهر رمضان في ظل انتشار كورونا هذا العام؟

استفتاء:

 سماحة آية الله العظمى السيد محمد صادق الحسيني الروحاني دامت بركاته

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ما حكم الصيام في شهر رمضان المبارك في هذا العام، وفي ظل الانتشار الواسع لجائحة كورونا والتي أودت ولا تزال بالكثيرين في أنحاء العالم؟

خاصة مع ما يتحدث عنه البعض من وجود احتمال بأن يكون الصوم مساعدا على إضعاف المناعة في جسم الصائم بما قد يسبب الاصابة بالمرض.

فهل يسقط الحكم بوجوب الصوم في مثل هذه الحالة التي نحن فيها ؟

أو يسقط وجوب الأداء ويبقى حكم القضاء؟ أم لا يتغير حكم الوجوب؟

وما هو تكليف المؤمنين في هذه الظروف؟ خاصة فيما يتعلق بإحياء مناسبات شهر رمضان؟ في ظل الإجراءات الحكومية المتبعة في اكثر من مكان بصور مختلفة والتي استلزمت اغلاق المساجد والأماكن المقدسة وغيرها من الأماكن العامة؟

وجزاكم الله خير الجزاء.

جواب:

  باسمه جلت اسماؤه..

لا شك ولا ريب في أن الصوم هو من العبادات والواجبات التي أوجبها الله تعالى علينا كمسلمين وعلى جميع الأمم السابقة، ولها أثر عظيم في حياة الناس، إذ قال الله تعالى في محكم كتابه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).

و ورد في الحديث المعتبر (إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ: الصَّوْمُ لِي وَ أَنَا أَجْزِي عَلَيْه‏)، فأداء هذا التكليف هو إحدى الطرق لتحصيل التقوى التي توصل الى تكريم الله لعباده، كما يقول عزوجل(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُم‏).

 ولذا اهتمت الشريعة المقدسة ببيان الاحكام الخاصة التي تتعلق بالصوم وجرى التفصيل في ذلك لناحية شرائط وجوب التكليف، وشرائط امتثال العمل، فإذا اختل شي من شرائط الوجوب سقط التكليف، وإن تعذر شيء من شرائط الامتثال سقط وجوب الأداء في حينه.

والمرض الذي يصيب الانسان هو واحد من الأشياء التي قد تسقط وجوب التكليف حينا، وتسقط وجوب الأداء حينا آخر، وفق تفصيل مبين في محله، لناحية مدى تأثير المرض على قدرة الانسان على أداء الصوم.

أما ما يرتبط بمورد الأسئلة الواردة فهناك تفصيل في الجواب:

 

أولا: إن الصوم هو أمر واجب على جميع المكلفين مع تحقق شرائط التكليف وشرائط الامتثال، ولا يسقط وجوب الصوم عن الناس بحكم عام مهما كانت الاسباب فهو من التشريعات التي يتوجه فيها الحكم الى الافراد كل بحسبه.

 

ثانيا: إن الإصابة (بفيروس كورونا) هو واحدة من الحالات المرضية التي تصيب بعض الناس، ويختلف اثر المرض وتأثيره من فرد الى آخر بحسب قدراته الجسمانية، وبالتالي تختلف احكامه باختلاف آثاره، فليس له حكم واحد ينطبق على جميع المكلفين، إذ لكل مكلف حكمه الخاص في ذلك.

 

ثالثا: لا صحة لما قد يتوهمه البعض من أن الصوم قد يكون مساعدا على الإصابة بهذا المرض من خلال اضعاف مناعة الجسم لكون الصائم ممتنعا عن شرب السوائل اثناء الصيام، فهذا الامر ليست له حقيقة علمية كما يؤكد ذلك أهل الخبرة من المختصين، ولا حقيقة عملية كما هو واضح للمطلعين والمتابعين، وبالتالي فلا وجه للإفطار خوفا من الإصابة إذا لم يكن المكلف مصابا بما يمنعه من أداء الصوم.

 

رابعا: إذا كان المكلف مصابا بهذا الفيروس، وكانت بنيته الجسدية قوية، بحيث لم تظهر عليه عوارض المرض أو أن ما ظهر عليه هو أمر يسير لا يستوجب علاجا بل مجرد امتناع عن مخالطة الاخرين، وكان واضحا أن هذه الإصابة ستزول بمرور الأيام المحددة للحجر المنزلي دون أن يؤثر ذلك على صحة الانسان، فلا يجوز الإفطار في مثل هذه الحالة، لأنها تكون حينئذ شبيهة بما يمكن ان يصيب الانسان من عوارض صحية أخرى لا تؤثر على إمكانية صومه أو قدرته على الصيام، دون أي أثر سلبي.  

 

 خامسا: إذا كان المكلف مصابا بهذا الفيروس، سواء ظهرت عليه عوارض الإصابة او لم تظهر، وكانت المعالجة تستوجب منه تناول الأدوية، او الاكثار من شرب السوائل، أو اتباع نظام صحي خاص لا ينسجم مع الصيام، فيتعين عليه الإفطار هذه الحالة، ولا يصح منه الصوم، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الصوم سببا في استمرار المرض وزيادة مخاطره، أو كان سببا في تأخر الشفاء منه، ففي جميع هذه الحالات يجب الإفطار كما يحصل في أي مرض آخر يكون الصوم سببا في عدم البرء منه أو تأخر التعافي منه.

 

سادسا: لا شك في أن هناك مجموعة من الاعمال والمستحبات في شهر رمضان المبارك التي درج عليها المؤمنون في مثل هذا الشهر المبارك بحيث يجتمعون في المساجد والأماكن المقدسة، للصلاة والدعاء والزيارة، ويقيمون حفلات الإفطار ويحييون المناسبات الدينية المتعددة، من ليالي القدر وغيرها من الأمور والأنشطة، وهي جميعها تدخل تحت عنوان الاعمال المستحبة الراجحة، ولكن مع حصول التعارض بين أداءها كمستحبات وبين واجب حفظ الانفس، وحرمة التسبب بانتشار المرض او إزهاق الأرواح، فإن استحباب هذه الاعمال يسقط عن الاعتبار لمعارضته مع ما هو أولى.

ومما لا شك فيه أن وجوب حفظ أنفس المؤمنين وعامة الناس من المرض المؤذي والهلاك، وحرمة التسبب بنقل الفيروس القاتل الى المؤمنين، مقدم على كل مستحب آخر، فلا يجوز إقامة أي عمل أو نشاط اجتماعي أو تجمع عام يكون سببا راجحا او ذا احتمال عقلائي معتبر، لانتقال العدوى من فرد – حتى لو لم تكن قد ظهرت عليه عوارض الاصابة - الى آخرين بما يؤدي الى حصول إصابات تصل في بعضها الى الوفاة.

وبالتالي يتحول حكم مثل هذه الأمور من كونها مستحبة الى أن تصير من المحرمات، ولا تتحقق الاثار المرجوة من العمل المستحب كما ورد ذلك عن امير المؤمنين عليه السلام لاَ قُرْبَةَ بِالنَّوَافِلِ إِذَا أَضَرَّتْ بِالْفَرَائِض‏.

فيتعين على المكلفين الالتزام بالقرارات والارشادات والنصائح التي ترعى هذا الجانب، بما يساهم في الحد من انتشار هذا الوباء، مع الالتفات الى أمر مهم جدا وهو العودة الى الله تعالى والتوسل اليه بأوليائه وأحب الخلق اليه، مقرونا بالدعاء لرفع هذا البلاء من خلال الاكثار من الاستغفار( وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ‏  فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون‏ ) صدق الله العلي العظيم

مواضيع ذات صلة عن صيام مستحب : حكم من صام يوم الشك بنية شعبان ثم علم الصائم بثبوت شهر رمضان : صام الرجل و لم يصلّي فهل يقبل و يصح صيامه : هل يمكن ان ننوي صيام الشهر كله بنية واحدة : هل يجوز افطار الصيام الاستحبابي اذا دعيت من قبل طفل : اخر وقت النية في الواجب المعين رمضان او غيره عند طلوع الفجر : هل نية الصوم لشهر رمضان تكفي من اول يوم : عن شهر رمضان المبارك : العمل الاضافي في شهر رمضان :