استفتاء:
يقول بعضهم : تظافرت الأدلّة من القرآن الكريم والسنّة النبويّة واتّفاق المسلمين على أنّ الولاية التكوينيّة والتشريعيّة منحصرة بالله سبحانه ، لا يشاركه فيها أحد من مخلوقاته ، ومن خلال مطالعة ما كتبه العلماء والمفكّرون الإسلاميّون حول هذا الموضوع سوف نشاهد أنّ الولاية قد ثبتت لله وحده ، ولا يمكن نسبتها لأحد غيره سبحانه ، ومن خلال دراسة الآيات القرآنيّة وما روي عن الرسول (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)سوف نستفيد الاُمور التالية :
1 ـ أنّ معنى الخلق هو الاختراع والإبداع ، وهو منحصر بالله سبحانه ، وليس لغيره القدرة على الاختراع ; لأنّها من صفات الواجب سبحانه ، وغيره ممكن .
2 ـ ما قيل أو يقال : من أنّ معجزات الأنبياء هي فعلهم وصنعهم ، مخالف لما تقدّم من معنى الخلق ، وهو الإيجاد والاختراع الخارج عن حدود القدرة البشريّة ، وأنّ الأنبياء والأولياء (عليهم السلام)بشر محدثون وعباد مصنوعون لا يخلقون ولا يرزقون .
3 ـ انحصار الولاية التكوينيّة بالله سبحانه ، لأنّ المقصود من الولاية هو التصرّف في عالم الملكوت والكون والخلق والإيجاد والإحياء ، وهذا من مختصّاته سبحانه لا يشاركه أحد في سلطانه وملكه . فما هو رأي سماحتكم بهذا الكلام ؟
جواب:
بإسمه جلت اسمائه
أوّلا : هذا الكلام إنّما يتمّ لو اُريد من الولاية التكوينيّة خصوص الخلق والإيجاد بمعنى الاختراع ، فإنّه مختصّ بالله سبحانه وتعالى ، ولكنّ الولاية التكوينيّة ليست هي هذه .
وثانياً : إنّ الّذي يقول بثبوت الولاية التكوينيّة للمعصومين (عليهم السلام) إنّما يقول بأنّها منبثقة عن ولاية الله تعالى ، فالله تعالى هو الذي أعطاهم القدرة على ذلك ، وليس يقول بثبوتها لهم على نحو الاستقلال عن الله سبحانه ، حتّى يقال بانحصار ذلك بالله تعالى .
وبعبارة اُخرى : إنّ صاحب الكلام المذكور قد خلط بين الولاية التكوينيّة الاستقلاليّة والولاية التكوينيّة الإفاضيّة ، فإنّ الاُولى مختصّة بالواجب بينما الثانية مختصّة بالممكن ، ومَن أثبتَ الولاية التكوينيّة للمعصومين (عليهم السلام) أثبتها بالمعنى الثاني ، ومَن حصر الولاية التكوينيّة بالله فقد أراد المعنى الأوّل ، ولكن صاحب الكلام قد خلط بين الولايتين .