استفتاء:
هل يجرم الولد بعائلته أو بأبيه ؟
فهناك مَن قال : إنّ الإنسان يجرم بفعل أقربائه ، واستشهد لذلك بقول الرسول ( عليه أفضل الصلوات والسلام ) : « تَخَيَّروا لِنُطَفِكُمْ فَإِنَّ الْعِرْقَ دَساسٌ » وقال غيره بعكسه ، واستشهد بقول الله عزّ وجلّ :( وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) ، فأتمنّى من سيادتكم حلّ هذه المشكلة ؟
جواب:
بإسمه جلت أسمائه
ممّا لا ريب فيه أن الإنسان لايؤاخذ بفعل أقاربه ،كما يدلّ على ذلك قوله تعالى :( وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) ، فإنّ ذلك هو مقتضى ما يجب الاعتقاد به من العدل الإلـهي المطلق . وما جاء في بعض الأخبار ممّا يفهم منه خلاف ذلك ، كقول النبيّ (صلى الله عليه وآله) : « تَخَيَّروا لِنُطَفِكُمْ فَإِنَّ الْعِرْقَ دَساسٌ » يراد به : تأثير تلك الاُمور على نحو الاقتضاء لا العلّيّة التامّة ، بمعنى أنّها تجعل الإنسان أكثر عرضة وقابلية للانحراف ، لا بمعنى أنّها تسلبه اختياره وتجعله مجبوراً على المعصية ، ومن الممكن تقريب الفكرة التي ذكرناها بالنار مثلا ، فإنّها وإن كانت تؤثر في الإحراق ، إلاّ أن ذلك يتوقّف على عدم المانع ـ كالرطوبة ـ وتحقّق الشرط ـ كاقتراب الورقة منها ـ وهكذا الإنسان ، فإنّ نطفته التي تكوّن منها إذا كانت من اُصول خبيثة وإن كانت تجعله أكثر عرضة للانحراف من غيره ، إلاّ أنّ تأثيرها يتوقّف على ابتعاده عن الطاعة وقربه من المعصية ، وهذا ما عنيناه عندما قلنا : بأنّ تأثيرها اقتضائي وليس على نحو العلّيّة التامّة .