بیان مکتب سماحة آیة الله العظمی السید محمد صادق الحسیني الروحاني حول أحداث الحرم النبوی الشرف

بسم الله الرحمن الرحیم

قال تعالی فی سورة النساء آیة رقم (59) فی ذیل آیة الطاعة:
(فان تنازعتم فی شیء فردوه إلی الله والرسول إن کنتم تؤمنون بالله والیوم الآخر ذلک خیر وأحسن تأویلا)
وقد روی الفریقان و بطرق معتبرة عندهم أن رسول الله (ص) التفت إلی أصحابه وهم معه فی منی فقال: "أتدرون أی بلد هذا" قالوا: "الله و رسوله أعلم" قال(ص): "إنه بلد حرام" قال: "أتدرون أی شهر هذا" قالوا: "الله و رسوله أعلم" قال(ص): "إنه شهر حرام" قال: "أتدرون أی یوم هذا" قالوا: "الله و رسوله أعلم" قال: "إنه یوم حرام" ثم قال(ص): "إن الله حرم علیکم دمائکم وأموالکم و أعراضکم کحرمة یومکم هذا من شهر کم هذا فی بلد کم هذا".

منذ أمد بعید و سنین عدیدة و نحن بعیون عبری و صدور حرّی نسمع و نری ما تمارسه جماعة تنسب نفسها للإسلام و ترفع و "یا للأسف" شعار التوحید و تحسب نفسها علی العلم والمعرفة 

قد قوضت إلیها الحکومة السعودیة أمور الحرمین الشریفین النبوی والمکی زاد الله فی شرفهما وربما سمّت نفسها بهیئة الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر أو الإرشاد الدینی ننظر و نسمع وجمیع المسلمین ما یمارسه هؤلاء فی حق الحجاج والمعتمرین و زوار المراقد المقدسة لحضرت سید الکائنات محمد(ص) و أهل بیته الطاهرین(ع) فی مقبرة البقیع من مضایقات وإهانات وتعدیات بالشتم و الضرب والتعدی أحیانا علی الأعراض مما کان و لازال یکدّر صفو التلذذ بتلک اللحظات الروحانیة فی تلک الأماکن الملکوتیة هکذا کنا نسمع و نری طوال هذه السنین متحلین بالصبر وضبط النفس طالبین من الشیعة وأتباع أهل البیت(ع) أن لا یفارقوا ذلک "أعنی الصبر والحلم وضبط النفس" حرصا علی وحدة الکلمة و تحفظا علی حرمة تلک البقاع المشرفة وأملا منا فی أن تفیق تلک الجماعة و تعود إلی صوابها و تقرأ الإسلام قراءة صحیحة و تصحح أفکارها المتعجرفة و طمعا فی أن تقف السلطات السعودیة (و بعد أن أصبحت هذه الثلة من النواصب مفضوحة فی أفکارها التکفیریة منبوذة عند عامة أهل القبلة) موقفا مشرفا فتبعد هذه الشرذمة الهمجیة عن أماکن التماس علی الأقل حفظا للنظام و حرصا علی الوحدة إلا أن تلک الطغمة قد تمادت فی غیّها و بلغ السیل الزبی و کشّر الشر عن نابه فشهرت سکاکین حقدها و خناجر بغضها فی وجوه و ظهور الأبریاء العزل من المسلمین الشیعة و لم تقف خناجرها حتی عن طعن رجال الدین و طلاب العلوم الدینیة أمثال صاحب الفضیلة الشیخ الحضری حفظه الله و عافاه الذی سقط بطعنات الحقد علی رؤوس الأشهاد فی وضح النهار هذا و السلطات السعودیة بسمع و بمرأی لم تنبس بشفه بل هی الأخری حشدت قواتها لتکمل تلک القوات (و لعله بتصرف شخصی منها) ما نقص حتی قتل من قتل ممن هی أعلم به و أصیب من أصیب بما أصیب ممن نرجو له حسن المثوبة.

و نحن وإن کنا لا نرخص فی الإخلال بالنظام فی أی بلد إسلامی إلا أننا لا نرضی بما حصل بل نشجبه و ندینه کما أننا ندعو هؤلاء المتطرفین أن یعودوا إلی رشدهم و نهیب بالسلطات السعودیة التی لا یخفی علی أحد ما تقدمه لخدمة الحجاج و الزائرین أن تکبح جماح هذه الفتنة بابعاد هؤلاء عن تلک الأماکن التی هی تراث کل المسلمین و محل تقدیس و احترام کل أهل القبلة أو لا أقل الحد من صلاحیاتهم و منعهم من التمادی فی غیّهم فإن استمرارهم فیما هم فیه ینذر بعواقب غیر محمودة فإن الصبر و إن کان جمیلا إلا أنه لابد له أن ینفذ یوماً ما و إن للحلیم غضبة لابد أن یحسب لها ألف حساب فلیس الیوم کالأمس و الشیعة الیوم تمثل نصف المسلمین لهم کیانهم و مکانتهم فی العالم.
نسأل الله سبحانه و تعالی أن یجمع کلمة المسلمین علی البر والتقوی وأن یرد کید أعدائهم أعداء الإسلام إلی نحورهم .إنه سمیع مجیب.

مکتب سماحة آیة الله العظمی
السید محمد صادق الحسینی الروحاني