موقع سماحة آیة الله العظمی السید محمد صادق الحسینی الروحانی (قدس سره)
حدود التقية؟
استفتاء:

هل هناك حد في استخدام التقية، أم أن استخدامها جائز في جميع الأحوال؟

جواب:

باسمه جلت اسمائه
المراد بالتقية: الإتيان بعمل لا يهدم حقاً، ولا يبني باطلاً مخالفاً للحق. أو ترك عمل موافق للحق. أو كتمان المذهب تحفظاً عن ضرر الغير على الشخص أو الإسلام أو التشيع. أو إعزازاً للدين وإعلاءً لكلمة الإسلام والمسلمين وتقويةً لشوكتهم. وتفصيل هذا التعريف الجامع.. أنه ربما يخاف على النفس أو العرض من اتيان العمل الموافق لمذهب الحق او ترك ما يخالفه او إظهار ما يعتقده وربما لا يخاف على ذلك.

والأول على قسمين: إذ الخوف قد يكون مع سبق الإكراه، وقد يكون بدونه.

والثاني أيضاً على قسمين، إذ ربما يترتب على التقية إعلاء كلمة الإسلام، وقد لا يترتب عليها. والأخير خارج عن التقية، وما قبله من أقسام التقية، وعليه تنقسم التقية إلى أقسام أربعة:

1. التقية الخوفية. 2. والتقية الإكراهية. 3. والتقية الكتمانية. 4. والتقية المداراتية.

وبعبارة أخرى، لا ريب في أن القرآن المتكفل بهداية البشر في جميع شؤونهم وأطوارهم في مختلف أدوارهم الضامن لهم نيل السعادة الكبرى في العاجل والآجل، وكذا الروايات الواردة عن المعصومين (عليهم السلام). قد اعتنى بأمر المجتمع، ودعى الناس إلى سعادة الحياة والعيش الطيب مجتمعين، قال الله تعالى: « وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا » (1).

وقال عزّ وجل: « إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ » (2).

Ùˆ قال: « وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ» (3)ØŒ إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة، والروايات المتواترة الداعية إلى الاتحاد والاتفاق, وايضاً لا ريب في اهتمام الشارع الأقدس بحفظ النفس من التهلكة، حتى عدّ من أهم الواجبات. فالعقل السليم يحكم فطرياً بأنه عند وقوع التزاحم بين الوظيفة الفردية مع شوكة الإسلام وعزته وقوته، أو وقوع التزاحم بين الوظيفة الفردية وحفظ النفس، لا بد من سقوط الوظيفة الفردية، وليست التقية إلا ذلك.

أضف إلى ذلك أن مشروعية التقية في الجملة يشهد بها الكتاب والسنة، وقد اعترف بها المخالفون الذين هجموا على الشيعة في شأن التقية، ففي تفسير المنار بعد التشنيع على الشيعة قال: وقصارى ما تدل عليه هذه الآية أن للمسلم أن يتقي ما يتقي من مضرة الكافرين، وقصارى ما تدل عليه آية سورة النحل ما تقدم آنفاً، وكل ذلك من باب الترخص لأجل الضرورات لا من أصول الدين المتبعة دائماً، ولتفصيل القول في المقام محل آخر.

------------------------------------------------------------
1- سورة آل عمران: من الآية103.
2- سورة الأنعام: من الآية159.
3- سورة الأنفال: من الآية46.