موقع سماحة آیة الله العظمی السید محمد صادق الحسینی الروحانی (قدس سره)
بيانُ سماحةِ آيةِ الله العظمى الروحاني؛ احتجاجاً على عرض المسلسل التاريخي الذي يتناول سيرة الإمامين الحسنين ( عليهما السلام ) ومعاوية
ونحنُ في الوقت الذي نؤكِّدُ فيه استنكارنا لهذا العملِ المشين ، نلفتُ أنظارَ المسلمينَ جميعاً إلى خطورةِ ما اشتملَ عليه هذا العمل من التحريف المتعمد للحقائق التاريخية ، فإنَّ فيهِ من الجناية على آل بيت رسول الله...

بسمِ الله الرحمن الرحيم

قال اللهُ العظيمُ في مُحكمِ كتابهِ الكريم : ﴿ ولا تحسبنَّ اللهَ غافلاً عمّا يعملُ الظالمون إنما يؤخرهم ليومٍ تشخصُ فيهِ الأبصار ﴾ سورة إبراهيم ، الآية : 42

إخوتي وأبنائيَ المسلمين في جميع العالم :

لقد تناهَى إلى أسماعنا خبرُ إقدامِ بعض المنتجين الفنيين – بدعمٍ من بعضِ الجهات المعروفة بتوجهاتها المعاديةِ لأهل بيت النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) – على إنتاج مسلسلٍ تاريخي يتناولُ سيرةَ السبطين الكريمين والإمامين العظيمين : الحسن والحسن ( عليهما السلام ) سيدي شباب أهل الجنة ، كما ويتناول سيرةَ عدويهما اللدودين ( معاوية بن أبي سفيان ) وولده ( يزيد بن معاوية ) ، ولا هدفَ من وراء إنتاج هذا المسلسل – كما صرّح بذلك منتجه – إلا إثبات تمام الألفة بين أهل البيت العلوي ( عليهم آلاف التحية والسلام ) وأرجاس البيت الأموي ؛ وأنَّ جميع ما لحقَ أهل البيت ( عليهم السلام ) من الظلم الشنيع على يد بني أمية ما هو إلا مخطط يهوديٌ سبأيٌ لا علاقةَ لبني أمية به .

ونحنُ في الوقت الذي نؤكِّدُ فيه استنكارنا لهذا العملِ المشين ، نلفتُ أنظارَ المسلمينَ جميعاً إلى خطورةِ ما اشتملَ عليه هذا العمل من التحريف المتعمد للحقائق التاريخية ، فإنَّ فيهِ من الجناية على آل بيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما يدمي قلبَ كُلِّ مسلمٍ يحملُ شيئاً من محبةِ رسول الله الأعظم بين حناياه ، وما هذهِ الجناية إلا لأجلِ تلميع صور بعض مجرمي التاريخ والإنسانية مِن شياطين آل أمية ، ممّن فاحت روائحُ جرائمهم النتنةِ عبرَ التاريخ ، وتلطّخت أياديهم بالدماء الزكيةِ لأئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) وذراريهم ، والكثيرِ الكثيرِ من صحابةِ النبي ( صلى الله عليه وآله ) المنتجبين وأتباعهِ المخلصين .

وتتضاعفُ خطورةُ هذا العمل بلحاظِ ما سيترتب عليه من الآثار المتوقعة ، ففي الوقتِ الذي يسعى فيه عقلاءُ المسلمين إلى خَلْقِ مناخِ التعايشِ السلمي بينهم ، وإيقافِ شَلالاتِ الدَّمِ المتدفقة في غير واحدةٍ من بلدانِ المسلمين ، يأتي هذا المُسلسلُ المُلغَّم ليفجّر هُوّةَ الخلافِ بينهم ، ويثيرُ أجواءَ التوتر الطائفي مجدداً .

لذلكَ فإنني مِن منطلق أبوتي ومسؤوليتي الدينية أدعو جميعَ مَن يحمل همَّ وحدةِ المجتمع الإسلامي – من علماءَ ومفكرينَ وقادةٍ ومنظماتٍ ومؤسساتٍ إسلامية – إلى اتخاذ موقفٍ سريعٍ وحازمٍ تجاهَ هذا العمل الخطير ؛ وذلك من خلال مخاطبة الدول المسؤولة عن إنتاج هذا المسلسل وعرضه ، والضغط المستمر على القنواتِ الفضائية التي ستقوم ببثهِ ، مُستهترةً بمشاعر الملايين من المسلمين الذينَ يستنكرونَ ما تتضمنهُ أحداث المسلسل من التزييف والتحريف والمسخِ التاريخي والديني ، ومستخفةً بعقولِ الملايين من المسلمين الذين يتابعونَ برامجها ويمنحونها ثقتَهم ووقتهم .

وفي الختامِ : إنَّ أمليَ مِن أبنائيَ المسلمين أن يلتفتوا إلى قولِ اللهِ ( تباركَ وتعالى ) على لسانِ نبيهِ المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) : ﴿ قُلْ لا أسئلُكم عليهِ أجراً إلا المودةَ في القربى ﴾ سورة الشورى ، الآية : 23  فإنَّ رسولَ اللهِ ( صلى اللهُ عليهِ وآلهِ ) ليسَ يأملُ من المسلمين أجراً – في قِبالِ جهودهِ الجبارةِ التي بذلَها مِن أجلهم – إلا مودة قرباه ومحبتهم ، وفي طليعة قرباه : أميرُ المؤمنين والصديقة الطاهرة الزهراء والسبطان الحسنان ( عليهم آلاف التحية والثناء ) ، ولا تتحقق مودتهم إلا بالذودِ عنهم والدفاعِ عن حرماتهم ، فيما لو تعرضت شُخوصهم وشخصياتهم ومواقفهم وأهدافهم لحملاتِ التوهين والتزييف .

وعلى ضوءِ التفاتِ المسلمينَ لوظيفتهم التي جاءت بها هذهِ الآيةُ المباركة ، فإنَّ المأمولَ منهم أنْ يقفوا موقفاً واحداً تجاهَ هذا المسلسل المَشين ؛ ليؤدوا بذلك وظيفتهم التي ينتظرها منهم الرسولُ الأعظمُ محمدٌ ( صلى اللهُ عليه وآلهِ ) ، وآخرُ دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين ، وصلى الله على محمدٍ وآله الطاهرين ، وسيعلمُ الذين ظلموهم وأعانوا على ظلمهم أيَّ منقلبٍ ينقلبون .

محمد صادق الحسيني الروحاني
10 / شعبان / 1432 هـ