موقع سماحة آیة الله العظمی السید محمد صادق الحسینی الروحانی (قدس سره)
بيانُ سماحةِ آية الله العظمى، المرجع الديني الكبير، السيد محمد صادق الحسيني الروحاني حولَ الفيلم المسيء للنبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)
وإنّما العجيبُ أنْ تُقدِمُ حُثَالةٌ قد تجرّدت عن إنسانِيَتِهَا على تصويرِ فيلمٍ يُسيءُ إلى أعظمِ شخصيةٍ عرِفهَا الوجود ـ ألا وهيَ شخصيةُ النبيّ الأعظم (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ) ـ وينالُ مِن ذاتهِ المقدَّسةِ وشرفهِ الشامخ، ويتّمُ ذلك بمرأى ومسمعٍ مِن حكّام الدول الإسلامية، مِن غيرِ أنْ يُحرِّك أحدُهم ساكِنَاً،...

بيانُ سماحةِ آية الله العظمى، المرجع الديني الكبير، الفقيه المجاهد، السيد محمد صادق الحسيني الروحاني ( دامت بركاتُ وجوده) حولَ الفيلم المسيء للنبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)

باسمِ اللهِ المنتقم


قالَ اللهُ العظيمُ في محكمِ كتابهِ الكريم: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾.


ليسَ عجيباً لو قُتِلَ عشراتُ ـ بل مئاتُ ـ المسلمين كلَّ يومٍ في مُختَلفِ بِقَاعِ العالم، كاليمنِ والعراقِ وسوريا وباكستان وأفغانستان وبورما وغَيرِها، تحتَ رعايةِ دولِ الاستكبارِ الكُبرى، فإنَّ دمَ الإنسانِ المُسلمِ ـ الذي حقنهُ اللهُ تعالى ـ قد أصبحَ أرخصَ الدِماءِ في العالم.
وليسَ عجيباً أنْ تَرْزَحَ دولُ العالمِ الإسلامي وشعوبُهَا المحترمة تحتَ وطأةِ استهتارِ دُول الاستكبار بمقدّراتِهَا، وتلاعبِهَا بخيراتِهَا ، فإنَّ هذا مَا رضيتهُ حكوماتُ الدول الإسلاميةِ ـ وللأسفِ الشديد ـ لأنفسِها وشُعُوبها. 


وإنّما العجيبُ أنْ تُقدِمُ حُثَالةٌ قد تجرّدت عن إنسانِيَتِهَا على تصويرِ فيلمٍ يُسيءُ إلى أعظمِ شخصيةٍ عرِفهَا الوجود ـ ألا وهيَ شخصيةُ النبيّ الأعظم (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ) ـ وينالُ مِن ذاتهِ المقدَّسةِ وشرفهِ الشامخ، ويتّمُ ذلك بمرأى ومسمعٍ مِن حكّام الدول الإسلامية، مِن غيرِ أنْ يُحرِّك أحدُهم ساكِنَاً، والحال أنَّهُ لو مُسَّ شَرَفُ أحدهم بكلمةِ سوءٍ لأقامَ الدنيا ولم يُقعدها.


وإنني هُنَا لستُ أريدُ أنْ أوجِّهَ خطابي للرئيسِ الأمريكي، لكي يتداركَ الموقفَ ويسدلَ الستارَ على خِزيِ سكوتهِ، فإنَّ هذا ليس بالجديدِ في سياستهِ، بل هو يتناغم تمامَ التناغمِ معَ مواقفهِ الأخرى تجاهَ الشعوبِ الإسلامية، ولكنّني أوجِّهُ خطابي للشعبِ الأمريكي والأمّةِ المسيحية ـ وعلى رأسِهَا البابا والقساوسة ـ للمبادرةِ إلى اتّخاذ موقفٍ مُشرِّف إزاءَ هذا العمل المُجرَّد عن كلِّ معاني القيمِ الإنسانيةِ النبيلة.


وحتى يتجاوزَ رؤساءُ الدُّول الإسلاميةِ عارَ السكوتِ عن امتهانِ كرامةِ نبيهم الأعظم (صلى الله عليه وآله) ـ والتي بِها كرامتُهم وعزّتُهم ـ عليهم أن يقفوا إلى جانبِ شعوبهم في تسجيل شجبهم واستنكارهم لهذا العملِ الشيطانيِ الدنيء؛ فإنَّ الموقفَ ـ بين يدي الله والتاريخ ـ لا يحتمل اتخاذَ جانب الصمتِ واللامبالاة، وإلا فليست إلا الذلة والمسكنة والعذاب الأليم.


وإنني من منطلق مسؤوليتي الدينية قد حكمتُ بلزوم مقاطعةِ هذا الفيلمِ الشيطاني مقاطعةً تامة، فلا يجوزُ بثهُ ولا مشاهدته ، ويحرمُ بيعهُ وشِراؤهُ ، ويجبُ على جميع المسلمين مقاطعةُ دور السينما أو القنوات الفضائية التي تقومُ بعرضهِ والترويجِ له، كما وأدعو جميعَ أصحاب النفوذ والقرار من المسلمين إلى مخاطبةِ جمعيات حقوق الإنسان في العالم، والتواصل معهم؛ لأجل الحيلولة الفورية دونَ انتشار هذا الفيلمِ الهابط ، وإثارة القضية ـ من خلال وسائل الإعلام ـ إثارةً عالمية تتناسب مع مستوى هذه الجريمة وحجمها.


وفي الوقتِ نفسهِ أباركُ للشعوب الإسلامية مظاهراتها ومسيراتها السلمية أمامَ السفاراتِ الأمريكية في مختلف مناطق العالم، وأدعو إلى استمرارها– بعيداً عن لغة العنف والتهوّر ـ مِن أجل إيصال صوت الاحتجاجِ والاستنكار إلى كلِّ أصقاعِ العالم؛ لتعلمَ دول الاستكبار الكبرى أنَّ الوجود المحمدي المبارك هو الخطُ الأحمر الذي لن نسمحَ لأحدٍ ـ مهما كانَ ـ أن يتجاوزَ عليه، وإن كلَّفنا ذلك دماءَنا وأرواحنَا، وسيعلمُ الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون، وإنّا للهِ وإنّا إليهِ راجعون.  

 

محمد صادق الحسيني الروحاني
قم المقدَّسة
الخميس 26 / 10 / 1433 هـ