موقع سماحة آیة الله العظمی السید محمد صادق الحسینی الروحانی (قدس سره)
جاء في نهج البلاغة : أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال مخاطباً عثمان بن عفان ينصحه :
استفتاء:

 جاء في نهج البلاغة : أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال مخاطباً عثمان بن عفان ينصحه ، وهذا مقطع منه : « وَسَمِعْتَ كَما سَمِعْنا ، وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) كَما صَحِبْنا . وَما ابْنُ أَبي قُحافَةَ وَلاَ ابْنَ الْخَطّابِ بِأَوْلَى بِعَمَلِ الْحَقِّ مِنْكَ ، وَأَنْتَ أَقْرَبُ إلَى رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) وَشِيجَةَ رَحِم مِنْهُما » ، وكلامه (عليه السلام) هذا إقرار بأنّ الخليفتين كانا يعملان الحقّ ، وهذا يبطل مقولة الشيعة بأنّهما كانا على الضلال ومخالفة الحقّ ، فما تقولون ؟

جواب:

 بإسمه جلت اسمائه  

عنونَ السيّد الشريف الرضي (قدس سره) الخطبة التي ورد فيها الكلام المذكور ، بقوله : « ومن كلام له (عليه السلام) لمّا اجتمع الناس عليه ، وشكوا ما نقموه على عثمان ، وسألوه مخاطبته عنهم ، واستعتابه لهم » ، ثمّ أورد كلام أمير المؤمنين (عليه السلام)الذي جاء في أوّله : « إِنَّ النّاسَ وَرائي وَقَدِ اسْتَسْفَرُوني بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ ، وَواللهِ ما أَدْرِي ما أَقُولُ لَكَ ! ما أَعْرِفُ شَيْئاً تَجْهَلُهُ ، وَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَمْر لاَ تَعْرِفُهُ .إِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نَعْلَمُ ما سَبَقْناكَ إِلَى شَيْء فَنُخْبِرَكَ عَنْهُ ، وَلاَ خَلَوْنا بِشَيْء فَنُبَلِّغَكَهُ . وَقَدْ رَأَيْتَ كَما رَأَيْنا ، وَسَمِعْتَ كَما سَمِعْنا ، وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ـ كَما صَحِبْنا . وَما ابْنُ أَبي قُحافَةَ وَلاَ ابْنَ الْخَطّابِ بِأَوْلَى بِعَمَلِ الْحَقِّ مِنْكَ » ومن ذلك يظهر : أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام)كان في مقام إلقاء الحجّة على عثمان من جهة كثرة مخالفاته الظاهرة للشرع الشريف ، وعمله بما يخالف صريح القرآن والسنّة ، بالمستوى الذي جعل الناس يستنكرون عليه ، ويشكونه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وهذا الذي ظهر منه بهذا النحو العلني لم يظهر من سابقيه ، بل كان حالهما بعكس ذلك ، حيث كانا يُظهران أنّ سعيهما للخلافة وتسلّطهما عليها لم يكن بداعي المصلحة الذاتيّة ، بل بداعي خدمة الإسلام ، ولذا لم يظهر منهما بشكل علني ومتكرّر ما ظهر من عثمان ، فكان ذلك منشئاً لتوبيخ أمير المؤمنين (عليه السلام) لعثمان من هذه الناحية ، وأنّه لماذا لم يعمل بالحقّ ولو ظاهراً كما صنع سابقاه .

والخلاصة : فإنّ غاية ما يستفاد من النصّ أنّ الأوّلَين بعد غصبهما الخلافة من أمير المؤمنين (عليه السلام)كان العمل بالكتاب هو الغطاء لخلافتهما ، ولا يعني ذلك أنّهما لم يخالفاه ولو باطناً بعناوين مضلّلة ، وإلاّ فما معنى تحريم الثاني منهما لمتعة النساء ، ومنعه من « حيّ على خير العمل » وابتداعه « الصلاة خير من النوم » وكذا صلاة التراويح ، وغير ذلك من البدع .