موقع سماحة آیة الله العظمی السید محمد صادق الحسینی الروحانی (قدس سره)
هل الله ( عزّ وجلّ ) أجبرنا أن نكون موجودين :
استفتاء:

 هل الله ( عزّ وجلّ ) أجبرنا أن نكون موجودين ؟ أم أوكل إلينا الاختيار بالوجود ؟ وإذا كان الجواب هو الثاني ، فكيف نكون مختارين وليس لنا وجود يختار ؟ أنا أعرف أن لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين ، ولكن لا أستطيع فهم جواب هذه الشبهة على ضوء هذه القاعدة .

واُريد أن أسأل أيضاً : لو وجدنا بإذن الله وأمره كن فيكون ، فهل اخترنا أن نكون ماذا ؟ بمعنى هل اخترنا أن نكون إنساناً ، وغيرنا اختار أن يكون سماءً ، والآخر حجراً ، وهكذا ؟ وهل عرضت الولاية قبل الإيجاد أم بعد الإيجاد ؟ كما وأرجو بيان تفسير الآية اللاحقة على ضوء ما تقدّم من الأسئلة ، وهي قوله تعالى : ( هَلْ أَتَى عَلَى الاْنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَذْكُوراً ) ؟
جواب:

   بإسمه جلت أسمائه

ممّا لا شكّ فيه أنّ أصل وجود الأشياء ليس بالاختيار ، خاصّة بالنسبة إلى نفس الشيء المُوجَد ، فإنّه يستحيل أن يكون نفس الشيء من المخلوقات علّة لاختيار نفسه ، بل إيجادها منه تعالى ( جلّت قدرته ) وهكذا كلّ المسائل التكوينيّة ، فإنّها داخلة في إطار .

قوله تعالى :( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) . وأمّا المسائل التشريعيّة من سائر أفعال الإنسان فهي التي لها جنبة الاختيار ; إذ للإنسان أن يختار طريق الخير والهداية ، وله أن يختار

طريق الشرّ والضلال ، وإلى هذا المعنى أشارت الآية المباركة ( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) .
وأمّا مسألة عرض الولاية فإنّها كانت في عالم الذرّ قبل عوالم الدنيا ، ولها حِكَمٌ قد لا نعلمها كلّها ، إلاّ أنّ المثوبة والعقاب وما هو مرتبط بالحساب مورده عالمنا الدنيوي بعد التكليف والقدرة على الاختيار .
 
وأمّا آية :( هَلْ أَتَى) فإنّها دالّة على أنّ الله تعالى خلق الإنسان بعد العدم ، لأنّ أصل الإيجاد وعلّة العلل هو الله سبحانه وتعالى ، وهذا لا ينافي قول من قال إنّه كان تراباً ولم يكن مذكوراً ، فإنّه قد وردَ في بعض الروايات أنّ الإنسان كان مذكوراً في العلم ولم يكن مذكوراً في الخلق . ثمّ إنّ الله تعالى منّ على الإنسان بعد نعمة الإيجاد بنعمه العلم الّذي أودعه أنبياءه لا سيّما نبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله) وآله الأطهار ، وبذلك فضّله على سائر الخلق .