[ وأما هدي القران ]
( وأما هدي القران ) فله
أحكام خاصة غير ما مر من الأحكام التي يشترك هو
فيها مع غيره ، وقبل التعرض
لها ينبغي التنبية على أمرين :
الأول : أنه كان الأولى
إسقاط هذا البحث ، لقلة فائدته في هذه الأزمنة ، ولكن
تبعا للمصنف - ره - نتعرض
لامهات مسائله مع مداركها إجمالا .
الثاني : للمصنف - ره - في
المنتهى كلام لا بأس بنقله على طوله ، لما فيه من
فوائد غير خفية .
قال قده : الهدي على ضربين :
الأول : التطوع مثل أن خرج حاجا معتمرا معه
هدي بنية أن ينحره بمنى أو
مكة من غير أن يشعره أو يقلده فهذا لا يخرج عن ملك
صاحبه ، بل هو على ملكيته
يتصرف فيه كيف شاء من بيع أو هبة ، وله ولده وشرب
لبنه ، فإن هلك فلا شئ عليه
.
الثاني : الواجب ، وهو قسمان
: أحدهما : ما وجوبه بالنذر في ذمته أو وجوبه بغيره
كهدي التمتع ، والدماء
الواجبة بترك واجب أو فعل محذور كاللباس والطيب .
والذي وجب بالنذر قسمان :
أحدهما : أن يطلق النذر فيقول : لله علي هدي بدنة
أو بقرة أو شاة ، وحكمه حكم
ما وجب بغير النذر ، وسيأتي .
والثاني : أن يعينه فيقول :
لله علي أن اهدي هذه البدنة أو هذه الشاة فاذا قال
زال ملكه عنهما وانقطع تصرفه
في حق نفسه فيها ، وهي أمانة للمساكين في يده ، وعليه
أن يسوقها الى المنحر ،
ويتعلق الوجوب هنا بعينه دون ذمة صاحبه ، بل يجب عليه
[ . . . ]
حفظه وإيصاله الى محله ،
فإذا تلف بغير تفريط أو سرق أو ضل كذلك لم يلزمه شئ ،
لأنه لم يجب في الذمة ،
وإنما تعلق الوجوب بعينه فليسقط بتلفها كالوديعة .
وأما الواجب المطلق كدم
التمتع وجزاء الصيد والنذر غير المعين وما شابه ذلك
فعلى ضربين : أحدهما : أن
يسوقه ينوي به الواجب من غير أن يعينه بالقول ، فهذا لا
يزول ملكه إلا بذبحه ودفعه
الى أهله ، وله التصرف فيه بما شاء من أنواع التصرف
كالبيع والهبة والأكل وغير
ذلك ، لأنه لم يتعلق حق الغير به ، فإن عطب تلف من ماله ،
وإن عاب لم يجز ذبحه وعليه
الهدي الذي كان واجبا عليه ، لأن وجوبه تعلق بالذمة
فلا تبرأ منه إلا بإيصاله
الى مستحقه ، وجرى ذلك مجرى من عليه دين لآخر فحمله
اليه فتلف قبل وصوله اليه .
الثاني : أن يعين الواجب فيه
فيقول : هذا الواجب علي ، فيتعين الواجب فيه
من غير أن تبرأ الذمة منه لو
أوجب هديا ولا هدي عليه لتعين فكذا اذا كان واجبا
فعينه ، ويكون مضمونا عليه ،
فإن عطب أو سرق أو ضل لم يجزئه ، وعاد الوجوب الى
ذمته كما لو كان عليه دين
فاشترى صاحبه منه متاعا به فتلف المتاع قبل القبض ،
فإن الدين يعود الى الذمة ،
ولأن التعيين ليس سببا في إبراء ذمته ، وإنما تعلق الوجوب
بمحل آخر فصار كالدين اذا
رهن عليه رهنا ، فإن الحق يتعلق بالذمة والرهن ، فمتى
تلف الرهن استوفى من الدين ،
فاذا ثبت أنه يتعين فإنه يزول ملكه عنه ، وينقطع
تصرفه فيه ، وعليه أن يسوقه
الى المنحر ، فإن وصل نحره وأجزأه وإلا سقط التعيين ،
ووجب علي إخراج الذي في ذمته
على ما قلنا ، وهذا كله لا نعلم فيه خلافا ، انتهى .
قال الشيخ في المبسوط :
الهدي على ثلاثة أضرب : تطوع ونذر شئ بعينه
ابتداء وتعين هدي واجب في
ذمته ، فإن كان تطوعا مثل أن خرج حاجا أو معتمرا ، ثم
[ فيجب ذبحه أو نحره بمنى ان
قرن بالحج وبمكة إن قرن بالعمرة ]
ذكر حكمه كما تقدم في كلام
المصنف .
ثم قال : الثاني : هدي أوجبه
النذر ابتداء بعينه ثم ذكر الحكم فيه كما تقدم أيضا .
ثم قال : الثالث : ما وجب في
ذمته عن نذر أو ارتكاب محظور كاللباس والطيب
والثوب والصيد ، أو مثل دم
المتعة ، فمتى ما عينه في هدي بعينه تعين فيه ، فإذا عينه زال
ملكه عنه وانقطع تصرفه فيه ،
وعليه أن يسوقه الى المنحر فإن وصل نحره وأجزأه ، وإن
عطب في الطريق أو هلك سقط التعين
وكان عليه إخراج الذي في ذمته ، فإذا نتجت
فحكم ولدها حكمها ، انتهى .
اذا عرفت هذا فتمام الكلام
بالبحث في جملة من الأحكام التي ذكرها المصنف
- ره - في المقام .
بيان
محل ذبح هدي القران أو نحره
منها : ما ذكره بقوله : ( فيجب
ذبحه أو نحره بمنى إن قرنه بالحج وبمكة إن
قرنه بالعمرة ) هذا هو
المشهور بين الأصحاب ، بل عن الخلاف والمدارك والذخيرة :
الإجماع عليه .
ويشهد للأول : خبر عبد
الأعلى قال أبو عبد الله عليه السلام : لا هدي إلا
من الإبل ولا ذبح إلا بمنى (
1 ) .
وللثاني : موثق شعيب
العقرقوفي ، قلت لأبي عبد الله عليه السلام : سقت في
……………………………………………
1 - الوسائل باب 4 من ابواب
الذبح حديث 6 .
[ ويجوز ركوب الهدي وشرب لبنه
مالم يضربه وبولده ]
العمرة بدنة فأين أنحرها ؟
قال : بمكة ( 1 ) الحديث ، وهو وإن كان في النحر إلا أنه يثبت
في الذبح ، لعدم الفصل وبه
يقيد إطلاق الأول .
وأفضل مواضع الذبح في مكة :
الحزورة - بالحاء المهملة على وزن قسورة - وهي
في اللغة : التل الصغير ،
والمراد بها في المقام : التل الذي خارج المسجد بين الصفا
والمروة .
ويشهد لأصل الحكم : صحيح
معاوية بن عمار ، قال أبو عبد الله عليه السلام :
ومن ساق هديا وهو معتمر نحر
هديه في المنحر وهو ما بين الصفا والمروة وهي
بالحزورة ( 2 ) الحديث ،
وظاهره وإن كان هو الوجوب ، والموثق لا يصلح شاهدا لحمله
على إرادة الندب ، لأن الجمع
الموضوعي أي : حمل المطلق على المقيد ، وتقييد إطلاق
الموثق به مقدم على الجمع
الحكمي ، إلا أنه يحمل على الندب ، لأن بناء الأصحاب
عليه كما أفاده سيد المدارك
ره .
جواز
ركوب الهدي ما لم يضربه وتعينه للذبح
( و ) منها أنه ( يجوز ركوب
الهدي وشرب لبنه ما لم يضربه وبولده ) أي : يجوز
ركوبه ما لم يضر به وشرب لبنه
ما لم يضر بولده ، هذا الحكمان مشهوران بين
الأصحاب ، بل عليهما الاتفاق
في المتبرع به .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 4 من ابواب
الذبح حديث 3 .
2 - الوسائل باب 4 من ابواب
الذبح حديث 4
[ . . . ]
وعن أبي علي لا يختار ذلك في
المضمون ، فإن فعل غرم قيمة ما شرب من لبنها
لمساكين الحرم ، ونفي عنه
البأس في محكي المختلف .
وعن المسالك : ولو كان الهدي
مضمونا كالكفارات والنذر لم يجز تناول شئ
منه ولا الانتفاع به مطلقا ،
فإن فعل غرم قيمته أو مثله للمستحق أصله وهو مساكين
الحرم ، وصاحب الحدائق فصل
بما سمعته عن المصنف .
وعن المنتهى : الاجماع على
الاستثناء
وكيف كان فيشهد للحكمين :
جملة من النصوص كصحيح سليمان بن خالد عن
أبي عبد الله عليه السلام :
إن نتجت بدنتك فاحلبها ما لم يضرب بولدها ثم انحرهما
جميعا ، قلت : أشرب من لبنها
وأسقي ؟ قال : نعم ، وقال : إن عليا عليه السلام كان اذا
رآى اناسا يمشون قد جهدهم
المشي حملهم على بدنة ، وقال : إن ضلت راحلة الرجل
أو هلكت ومعه هدي فليركب على
هديه ( 1 ) .
وصحيح حريز عنه عليه السلام
: كان علي عليه السلام اذا ساق البدنة ومر
على المشاة حملهم على بدنته
، وإن ضلت راحلة رجل ومعه بدنة ركبها غير مضر ولا
مثقل ( 2 ) .
وصحيح يعقوب بن شعيب عنه
عليه السلام عن الرجل يركب هديه إن
احتاج اليه ، فقال : قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : يركبها غير مجهد ولا متعب ( 3 ) .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 34 من ابواب
الذبح حديث 6 .
2 - الوسائل باب 34 من ابواب
الذبح حديث 2 .
3 - الوسائل باب 34 من ابواب
الذبح حديث 3
[ . . . ]
ونحوها غيرها .
وأما خبر السكوني عن جعفر بن
محمد عليهما السلام أنه سئل ما بال البدنة
تقلد النعل وتشعر ؟ فقال
عليه السلام : أما النعل فيعرف أنها بدنة ويعرفها صاحبها
بنعله ، وأما الاشعار فإنه
يحرم ظهرها على صاحبها من حيث أشعرها فلا يستطيع
الشيطان أن يتسنمها ( 1 )
فلقصوره عن معارضة ما تقدم يحمل على الكراهة ، أو على
صورة الاضرار .
ثم إن مقتضى إطلاق النصوص
عدم الفرق بين كونه مضمونا أو غير مضمون ،
فإن تم ما عن المنتهى من
الإجماع على استثناء المضمون فهو المقيد للإطلاق وإلا
فالإطلاق يتبع .
ثم إنه لا إشكال ولا خلاف في
أنه لا يخرج الهدي عن ملك سائقه بشرائه
وإعداده وسوقه لأجل ذلك قبل
عقد الإحرام ، بل عن المسالك : دعوى الإجماع
عليه .
ويشهد به خبر الحلبي أو
صحيحه عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل
يشتري البدنة ثم تضل قبل أن
يشعرها أو يقلدها فلا يجدها حتى يأتي منى فينحر
ويجد هديه ، قال عليه السلام
: إن لم يكن أشعرها فهي من ماله إن شاء نحرها وإن
شاء باعها ، وإن كان أشعرها
نحرها ( 2 ) ونحوه غيره ، وعليه فله التصرف فيه بالتلف
وغيره ، وإن أشعره أو قلده
بدون عقد الإحرام به ولا تأكيده به .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 34 من ابواب
الذبح حديث 8 .
2 - الوسائل باب 32 من ابواب
الذبح حديث 1
[ واذا هلك هدي القران لم
يلزمه بدله إلا أن يكون مضمونا ]
نعم إن ساقه بمعنى أنه أشعره
أو قلده عاقدا به الإحرام أو مؤكدا به التلبية
العاقدة فلا بد من نحره أو
ذبحه ، ولا يجوز له إبداله ، ولا التصرف فيه بما يمنع من
نحره لتعينه حينئذ لذلك كما
صرح به غير واحد .
ويشهد به الآية الكريمة ( لا
تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي
ولا القلائد ) ( 1 ) فإن
إحلال القلائد عدم صرفها في جهاتها أو منع أهلها من ذلك ،
ونصوص كثيرة منها خبر الحلبي
المتقدم .
ثم إن مقتضي إطلاق الآية
والخبر : أن الموجب لتعينه للذبح أو النحر هو
الاشعار وإن لم يعقد الإحرام
به ولا أكده به ، إلا أن تسالم الأصحاب على عدم التعين
بالاشعار خاصة يقيد إطلاقهما
.
ويمكن أن يقال : إن المراد
بهدي القران هو ما يقترن به نية الاحرام سواء
عقده به أو بالتلبية وأكده
به ، ولكن مع ذلك فهو باق على ملكه يجوز التصرف فيه كما
مر .
عدم
وجوب البدل لو هلك هدي القران
( و ) منها : أنه ( اذا هلك
هدي القران لم يلزمه بدله إلا أن يكون مضمونا ) بأن
كان واجبا اصالة لا بالسياق
وجوبا مطلقا لا مخصوصا بفرد كالكفارات والمنذور مطلقا ،
بلا خلاف يعتد به في الحكمين
.
……………………………………………
1 - المائدة آية 3
[ ولا يتعين للصدقة إلا بالنذر
وشبهه ]
والنصوص تشهد بهما ، لاحظ :
صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما
السلام عن الهدي الذي يقلد
أو يشعر ثم يعطب ، قال عليه السلام : إن كان تطوعا
فليس عليه غيره ، وإن كان
جزءا أو نذرا فعليه بدله ( 1 ) .
وصحيح معاوية بن عمار عن
الامام الصادق عليه السلام عن رجل أهدى هديا
فانكسرت ، فقال عليه السلام
: إن كانت مضمونة فعليه مكانها ، والمضمون ما كان نذرا
أو جزاءا أو يمينا ، وله أن
يأكل منها فإن لم يكن مضمونا فليس عليه شئ ( 1 ) ونحوهما
غيرهما .
وأما مرسل حريز عنه عليه
السلام : وكل شئ اذا دخل الحرم فعطب فلا بدل
على صاحبه تطوعا أو غيره ( 3
) ، فهو وإن كان خاصا ويصلح لتقييد ما تقدم ، سيما وفي
صدره ما يوافق مضمون سائر
النصوص إلا أنه لإرساله وإعراض الأصحاب عنه لا
يعتمد عليه .
ثم إن مقتضى إطلاق النصوص
كالكتاب عدم الفرق في المضمون بين كونه
كليا في الذمة ، أو معينا ،
ولكن تسالم الأصحاب بضميمة ما قيل من انسباق الكلي من
النصوص يوجب اختصاص الحكم
بالكلي ، والله العالم .
( و ) منها : أنه ( لا يتعين
) هدي السياق في حج أو عمرة ( للصدقة إلا بالنذر
وشبهه ) أي بكونه منذور
التصدق ، فإنه حينئذ لا يجوز أكله وإهدؤه ، بخلاف ما ساقه
……………………………………………
1 - الوسائل باب 25 من ابواب
الذبح حديث 1 .
2 - الوسائل باب 25 من أبواب
الذبح حديث 2 .
3 - الوسائل باب 25 من ابواب
الذبح حديث 6
[ . . . ]
تبرعا ، فإن حكمه حكم الهدي
المتقدم .
ويدل على الحكمين : جملة من
النصوص كخبر أبي بصير عن رجل أهدى هديا
فانكسر ، قال عليه السلام :
إن كان مضمونا والمضمون ما كان في يمين يعني نذرا أو
جزاء فعليه فداؤه ، قلت :
أيأكل منه ؟ قال : عليه السلام : لا ، إنما هو للمساكين فإن لم
يكن مضمونا فليس عليه شئ قلت
: أياكل منه ؟ قال : يأكل منه ( 1 ) ونحوه غيره ، مع
أنه في غير النذر ما ذكرناه
في هدي التمتع يجري في هدي السياق كما مر ، بل عرفت
أن نصوص التثليث في هدي
القران .
وبازائها روايات تدل على أنه
يؤكل من الهدي مضمونا كان أو غير مضمون
كخبر جعفر بن بشير عن الامام
الصادق عليه السلام عن البدن التي تكون جزاء
الايمان والنساء ولغيره يؤكل
منها ، قال عليه السلام : نعم يؤكل من كل البدن ( 2 ) .
وخبر عبد الملك القمي عنه
عليه السلام : يؤكل من كل هدي نذرا كان أو
جزاءا ( 3 ) ونحوهما غيرهما
.
وحملها الشيخ - قده - على
حال الضرورة ، ولكن الجمع العرفي يقتضي البناء
على الكراهة ، إلا أنه من
جهة عدم إفتاء الأصحاب بها يتعين طرح الثانية أو حملها
على ما أفاده الشيخ ره .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 40 من ابواب
الذبح حديث 16
2 - الوسائل باب 40 من ابواب
الذبح حديث 7
3 - الوسائل باب 40 من ابواب
الذبح حديث 10
[ ولا يعطى الجزار الجلود من
الهدي الواجب ]
( و ) منها : أنه ( لا يعطي
الجزار الجلود من الهدي الواجب ) كما هو المنسوب
الى المشهور .
وعن جماعة القول بالكراهة ،
وقواه سيد الرياض ، وعبارة المنتهى تشعر به ،
للتعبير بلفظ لا ينبغي .
والنصوص مختلفة ، منها : ما
يدل على المنع كصحيح ابن البختري عن امامنا
الصادق عليه السلام : نهى
رسول الله صلى الله عليه وآله أن يعطى الجزار من جلود
الهدي وجلالها شيئا ( 1 ) .
وخبر معاوية عنه عليه السلام
: نحر رسول الله صلى الله عليه وآله بدنة ولم
يعط الجزارين من جلودها ولا
قلائدها ولا جلالها ولكن تصدق به ، ولا تعط السلاخ
منها شيئا ولكن أعطه من غير
ذلك ( 2 ) ونحوهما غيرهما .
ومنها : ما استدل به سيد
الرياض للجواز وهو مرسل الصدوق في الفقيه عنهم
عليه السلام : إنما يجوز
للرجل أن يدفع الأضحية الى من يسلخها بجلدها لأن الله
تعالى قال : ( فكلوا منها
وأطعموا ) والجلد لا يؤكل ولا يطعم ( 3 ) .
وخبر الأزرق عن أبي إبراهيم
عليه السلام عن الرجل يعطي الأضحية من
……………………………………………
1 - الوسائل باب 43 من ابواب
الذبح حديث 1 .
2 - الوسائل باب 43 من ابواب
الذبح حديث 2 .
3 - الوسائل باب 43 من ابواب
الذبح حديث 7
[ واما الاضحية ]
يسلخها بجلدها ، قال : لا
بأس به ، إنما قال الله عزوجل ( فكلوا منها وأطعموا )
والجلد لا يؤكل ولا يطعم ( 1
) .
قال قده : وهما وإن وردا في
الأضحية لكن ذكر الآية العامة للهدي أو الخاصة
به ظاهر بل صريح في العموم .
ويرده : إن مرسل الفقيه مذيل
بقوله : ولا يجوز ذلك في الهدي ، وهو يوجب
صراحته في الاختصاص بالأضحية
، وعلى فرض العموم يخصص عمومه بما تقدم ،
فالأظهر هو عدم الجواز .
ثم إن مقتضي إطلاق النصوص
المنع من الأعطاء مطلقا ، ولكن قيده جماعة
بما إذا كان الإعطاء أجرة .
وفي الجواهر : اما إذا كان
على وجه الصدقة مع كونه من أهلها فلا بأس ، كما
صرح به في المدارك ، ومحكي
الغنية والاصباح وإن لم يذكر الجلال في الأخير والقلائد
أيضا في سابقه ، وعن المقنع
والهداية في هدي المتعة : ولا تعط الجزار جلودها ولا قلا ئدها
ولا جلالها ولكن تصدق بها
ولا تعط السلاخ منها ، انتهى ، وطريق الاحتياط واضح .
( وأما الاضحية ) بضم الهمزة
وكسرها وتشديد الياء ، وفي مجمع البحرين : وفي
الاضحية لغات محكية عن
الأصمعي : اضحية وإضحية بضم الهمزة وكسرها ، وضحية
……………………………………………
1 - الوسائل باب 43 من ابواب
الذبح حديث 8
[ فمستحبة ]
على فعلية ، والجمع : ضحايا
كعطية وعطايا ، وأضحاه كأرطاه ، والجمع : أضحى كأرطى .
انتهى ، والمراد بها ما يذبح
أو ينحر من النعم يوم عيد الأضحى وما بعده الى ثلاثة ايام ،
ولعل وجه تسميتها بذلك ذبحها
في الضحى غالبا .
( فمستحبة ) استحبابا مؤكدا
، اجماعا بقسميه ، بل يمكن دعوى ضرورية
مشروعيتها كذا في الجواهر .
ويشهد به : مضافا الى ذلك ،
والى ما عن جمع من المفسرين من أنه المراد من
قوله تعالى : ( فصل لربك
وانحر ) ( 1 ) وإن كان قد فسر في النصوص الواصلة الينا
برفع اليدين حذاء الوجه
مستقبل القبلة في افتتاح الصلاة بل في بعضها أنه ليس
المراد به النحيرة ( 2 )
جملة من النصوص المستفيضة ، بل المتواترة ، كصحيح محمد بن
مسلم عن الامام الباقر عليه
السلام : الاضحية واجبة على من وجد من صغير أو كبير
وهي سنة ( 3 ) .
وصحيح ابن سنان عن الامام
الصادق عليه السلام عن الأضحى أواجب هو
على من وجد لنفسه وعياله ؟
فقال عليه السلام : أما لنفسه فلا يدعه ، وأما لعياله إن
شاء تركه ( 4 ) .
وخبر العلاء بن الفضيل عن
أبي عبد الله عليه السلام : إن رجلا سأله عن
الأضحى ، فقال : هو واجب على
كل مسلم إلا على من لم يجد ، فقال له السائل : فما
……………………………………………
1 - الكوثر آية 3 .
2 - الوسائل باب 9 من ابواب
تكبيرة الاحرام من كتاب الصلاة .
3 - الوسائل باب 60 من ابواب
الذبح حديث 3 .
4 - الوسائل باب 60 من ابواب
الذبح حديث 1 .
[ . . . ]
ترى في العيال ؟ فقال : إن شئت
فعلت وإن شئت لم تفعل ، فأما أنت فلا تدعه ( 1 ) الى
غير ذلك من النصوص المتضمنة
جملة منها لبيان ما يترتب على الأضحى من الثواب ،
وجملة أخرى لبيان فوائد اخر
مترتبة عليه
وكيف كان فظاهر كثير من هذه
النصوص هو الوجوب كما عن الاسكافي
الافتاء به .
واجيب عنه تارة بأن بعض
النصوص تضمن وجوبه على الكبير والصغير ،
وحيث إنه لا يجب على الصغير
قطعا فلا بد وأن يراد به وجوبه على وليه ، وهذا مضافا
الى استلزامة التقدير وليس
هو أولى من حمل الوجوب على إرادة الثبوت الملائم مع
الاستحباب - يعارضه حينئذ
بعضها الآخر المصرح بعدم وجوبه عن العيال ، فيتعين
حمل الوجوب بالنسبة الى
الصغير على الندب ، فإن ابقي على ظهوره بالنسبة الى
الكبير يلزم استعمال اللفظ
في أكثر من معنى ، فيتعين الحمل على إرادة الندب بالنسبة
اليه أيضا .
واخرى : بأن بعض تلك النصوص
محتمل للخبرية ، وبعضها مصرح بوجوبه
على الصغير ، وحيث لا يجب
عليه قطعا فيدور الأمر بين تقدير الولى أو حمله على إرادة
الندب ، والثاني أولى
بملاحظة ما فيه من قوله : وهي سنة ، وبعضها متضمن للأمر
بالاستقراض والاضحاء ، ولا
يجب الاستقراض قطعا ، وبعضها متضمن للأمر بذبح
الكبش الموصوف بصفات خاصة
الذي لا يجب قطعا فلا دليل على الوجوب .
ولكن يرد على الأول : أنه لا
مانع من وجوبه بالخصوص على الصغير ، ويكون
الولي مخاطبا به ، ويخصص به
ما دل على عدم وجوبه عن العيال ، كما أن دعوى أنه ليس
……………………………………………
1 - الوسائل باب 60 من أبواب
الذبح حديث 5 .
[ . . . ]
التقدير أولى من حمل الوجوب
على الاستحباب ، مندفعة بأن التقدير لازم على كل
حال ، إذ بعض أفراد الصغير
لا يقبل توجه الخطاب اليه ولو ندبيا ، فالموجه اليه
الخطاب هو الولي .
ويرد على الثاني : أن الجملة
الخبرية ظاهرة في الوجوب ، وما افيد من أن
التقدير ليس أولى من الحمل
على الندب ، قد عرفت ما فيه ، والمراد بالسنة يمكن أن
يكون ما ثبت وجوبه بغير
الكتاب ، وعدم وجوب الاستقراض لا يصلح قرينة لحمل
الأمر بها على الندب .
فالحق أن يقال : إن تسالم
الأصحاب على عدم الوجوب في مثل هذه المسألة
المبتلى بها مع هذه النصوص
الكثيرة الظاهرة في الوجوب من دون معارض - يكون
دليلا قطعيا على عدم الوجوب
، ويوجب صرف ظهور الأخبار .
وان شئت قلت : إن النبوي :
كتب علي النحر ولم يكتب عليكم ( 1 ) - المنجبر
ضعفه بالعمل ، موجب لصرف
ظهور الأخبار ، فلا ينبغي التأمل في استحباب ذلك ،
غاية الأمر استحبابا مؤكدا ،
كما يظهر من ملاحظة النصوص وما فيها من التأكيدات .
……………………………………………
1 - كنز العمال ج 3 ص 17
الرقم 36 ، وفيه : الأضحى علي فريضة وعليكم سنة
[ يوم النحر وثلاثة بعده بمنى
ويومان في غيرها ]
ووقتها : ( يوم النحر وثلاثة
) أيام ( بعده بمنى ، ويومان في غيرها ) بلا خلاف ،
وفي المنتهى : ذهب اليه
علماؤنا أجمع .
ويشهد به : جملة من النصوص ،
كصحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى بن
جعفر عليهما السلام عن
الأضحى كم هو بمنى ؟ قال : أربعة ايام ، وسالته عن
الأضحى في غير منى ، فقال :
ثلاثة أيام ، فقلت : فما تقول : في رجل مسافر قدم بعد
الأضحى بيومين أله أن يضحي
في اليوم الثالث ؟ قال عليه السلام : نعم ( 1 ) .
والظاهر أن المراد اليوم
الثالث من يوم النحر لا الثالث بعده كما استظهره في
محكي كشف اللثام ، لا بقرينة
ما قبله كما في الجواهر ، فإنه يمكن حمله على إرادة
القضاء كما حمله عليه في كشف
اللثام على ما حكي ، بل بقرينة التصريح به في موثق
الساباطي عن الامام الصادق
عليه السلام عن الأضحى بمنى ، فقال : أربعة أيام ،
وعن الأضحى في سائر البلدان
، فقال : ثلاثة ايام ، وقال : لو أن رجلا قدم الى أهله بعد
الأضحى بيومين ضحى اليوم
الثالث الذي قدم فيه ( 2 ) ونحوهما غيرهما .
وبها يقيد إطلاق ما دل على
أن الأضحى ثلاثة ايام كخبر غياث ( 3 ) .
وقد يقال : إنه يحمل على
التقية ، لكونه موافقا لمذهب أبي حنيفة ومالك
والثوري ، فتأمل .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 6 من ابواب
الذبح حديث 1 .
2 - الوسائل باب 6 من ابواب
الذبح حديث 2 .
3 - الوسائل باب 6 من ابواب
الذبح حديث 4
[ . . . ]
وأما صحيح محمد بن مسلم عن
الامام الباقر عليه السلام : الأضحى يومان
بعد يوم النحر ويوم واحد
بالأمصار ( 1 ) .
وخبر الأسدي عن الامام
الصادق عليه السلام عن النحر ، فقال : أما بمنى
فثلاثة أيام ، وأما في
البلدان فيوم واحد ( 2 ) فقد حملهما الشيخ والصدوق على إرادة أيام
النحر والأضحى التي لا يجوز
الصوم فيها ، وهي ما ذكر .
ويعضد ذلك : صحيح منصور عنه
عليه السلام : النحر بمنى ثلاثة أيام فمن
أراد الصوم لم يصم حتى تمضي
الثلاثة الأيام ، والنحر بالأمصار يوم فمن أراد أن يصوم
صام من الغد ( 3 ) .
لا يقال : إنه لا يجوز صوم
يوم الثالث من أيام التشريق بمنى ، فإنه يدفعه : أنه
يجوز بعض أفراده وهو صوم بدل
الهدي في اليوم الثاني عشر .
ولو انقضت هذه الأيام ولم
يضح لم يكن عليه قضاؤها ، لعدم الدليل عليه .
قال المصنف في المنتهى : لو
فاتت هذه الأيام فإن كانت الأضحية واجبة بالنذر
وشبهه لم يسقط وجوب قضائها ،
لأن لحمها مستحق للمساكين ، فلا يخرجون عن
الاستحقاق بفوات الوقت ، وإن
كانت غير واجبة فقد فات ذبحها ، فإن ذبحها لم يكن
أضحية فإن فرق لحمها على
المساكين استحق الثواب على التفرقة دون الذبح ، انتهى .
أقول : إن كان النذر متعلقا
بالأضحية - كما هو المفروض - فقد فات وقتها
وخرجت عن كونها اضحية فكيف
يجب قضاؤها ، فالحق : عدم وجوب القضاء ، نعم عليه
……………………………………………
1 - الوسائل باب 6 من ابواب
الذبح حديث 7 .
2 - الوسائل باب 6 من أبواب
الذبح حديث 6 .
3 - الوسائل باب 6 من ابواب
الذبح حديث 5
[ . . . ]
كفارة حنث النذر .
وأما وقتها بالنسبة الى
اليوم الذي تذبح فيه من أي ساعاته ؟ فعن جماعة منهم
الشيخ في المبسوط والمصنف في
المنتهى والشهيد في الدروس وغيرهم في غيرها أنه اذا
طلعت الشمس ومضى مقدار ما
يمكن صلاة العيد والخطبتان بعدها المخففتان .
واستدل له في المنتهى بأنها
عبادة متلو آخر وقتها بالوقت ، فتعليق أوله بالوقت
كالصوم والصلاة .
واستدل له في الحدائق بموثق
سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام ، قلت له :
متى نذبح ؟ قال عليه السلام
: اذا انصرف الإمام ، قلت : فاذا كنت في أرض ليس فيها
إمام فاصلي بهم جماعة ؟ فقال
اذا استعلت الشمس ( 1 ) .
ولكن يرد على الأول : أنه
بعد دلالة النصوص باطلاقها على أن وقتها من أول
طلوع الشمس لا يعتني به .
ويرد على الثاني : أن السؤال
يمكن أن يكون عن وقت الفضيلة ، فلا مقيد
لإطلاق النصوص ، فالأظهر أن
وقتها من أول طلوع الشمس الى الغروب ، وقد مر
في مبحث الهدي الجواز بالليل
، فراجع ، كما مر حكم ادخار لحمها وتقسيمه
وإخراجه من منى .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 29 من أبواب
صلاة العيدين حديث 3 كتاب الصلاة
[ ويجزي هدي التمتع عنها ولو
فقدها تصدق بثمنها ]
1 - ( ويجزي هدي التمتع عنها
) كما في المتن ، وعن النافع والتلخيص .
وفي الشرائع وعن غيرها يجزي الهدي
الواجب عنها .
وعن النهاية والوسيلة
والتحرير والمنتهى والتذكرة : إجزاء مطلق الهدى عنها .
والأظهر هو الأخير ، ويشهد
به : صحيح محمد بن مسلم عن الامام الباقر عليه
السلام : يجزيك من الاضحية
هديك ( 1 ) ونحوه غيره .
ودعوى الانصراف الى الواجب
أو خصوص هدي التمتع ، كما ترى .
ثم إن في لفظ الإجزاء إشعارا
أو ظهورا بما ذكره غير واحد من أن الجمع
بينهما أفضل .
2 - ( ولو فقدها تصدق بثمنها
) وإن اختلفت أثمانها جمع الأعلى والوسط و
الأدون ، وتصدق بثلث الجميع
، بلا خلاف في شئ من ذلك .
ومدرك الحكم خبر عبد الله بن
عمر ، قال : كنا بمكة فأصابنا غلاء في الأضاحي
فاشترينا بدينار ثم بدينارين
ثم بلغت سبعة ثم لم توجد بقليل ولا كثير فرقع هشام
المكاري رقعة الى أبي الحسن
عليه السلام فأخبره بما اشترينا ثم لم نجد بقليل ولا
كثير ، فوقع عليه السلام :
انظروا الى الثمن الأول والثاني والثالث ، ثم تصدقوا بمثل
ثلثه ( 2 ) .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 60 من ابواب
الذبح حديث 2 .
2 - الوسائل باب 58 من ابواب
الذبح حديث 1
[ ويكره التضحية بما يربيه
واعطاء الجزار الجلود . ]
وفي الجواهر : والظاهر كما
صرح به غير واحد : أن المراد التصدق بقيمة منسوبة
الى ما كان من القيم ، فمن
الاثنين النصف ، ومن الثلاث الثلث ، ومن الاربع الربع ،
وهكذا ، وأن اقتصار الأصحاب
على الثلث تبعا للرواية التي يمكن أن تكون هي
المستند للأصحاب فيما ذكروه
في اختلاف قيم المعيب والصحيح انتهى .
3 - ( ويكره التضحية بما
يربيه ) لخبر محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه
السلام ، قال : قلت : جعلت
فداك كان عندي كبش سمين لاضحي به فلما أخذته
وأضجعته نظر الي فرحمته
ورققت عليه ثم إني ذبحته ، فقال لي : ما كنت أحب لك أن
تفعل لا تربين شيئا من هذا
ثم تذبحه ( 1 ) .
ومرسل الفقيه ، قال أبو
الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : لا يضحي
لشئ من الدواجن ( 2 ) وهي
على ما قاله أهل اللغة : الشاة التي تعلفها الناس في
منازلهم ، كذلك الناقة
والحمام البيوتي ، كذا في المجمع
4 - ( و ) في ( إعطاء الجزار
الجلود ) كلام قد تقدم في هدي القارن وعرفت
اختصاص دليل المنع بالهدي ،
وصراحة خبرين في الجواز في الاضحية فراجع .
وربما يستدل للكراهة بخبر
معاوية بن عمار عن الامام الصادق عليه
السلام : ذبح رسول الله صلى
الله عليه وآله - الى أن قال - ولم يعط الجزارين من جلا لها
ولا من قلائدها ولا من
جلودها ولكن تصدق ( 3 ) به .
وخبره الآخر عنه عليه السلام
: ينتفع بجلد الاضحية ويشتري به المتاع ، وإن
تصدق به فهو أفضل ، وقال :
نحر رسول الله صلى الله عليه وآله بدنة ولم يعط الجزارين
……………………………………………
1 - الوسائل باب 61 من ابواب
الذبح حديث 1 .
2 - الوسائل باب 61 من ابواب
الذبح حديث 2 .
3 - الوسائل باب 43 من ابواب
الذبح حديث 3
[ . . . ]
من جلودها ولا قلائدها ولا
جلالها ، ولكن تصدق به ، ولا تعط السلاخ منها شيئا ولكن
أعطه من غير ذلك ( 1 ) .
وظاهر الثاني الاختصاص
بالاضحية إن لم يكن روايتين وليس ببعيد ، ويشعر
به قوله : وقال وعلى
الاختصاص يحمل على الكراهة بقرينة ما تقدم من نصوص الجواز
وأما على التعميم وكذا في
سابقه فالخبران أخص مطلق منهما فيقيد إطلاقهما بغير
الأضحية ، وعليه فلا دليل
على الكراهة .
ثم إن صريح الثاني جواز أن
ينتفع به المالك وأن يبيعه ويشتري بمثنه متاع
البيت إلا أن التصدق أفضل .
وقد تقدم في مبحث الهدي أنه
لا يجب التصدق بها ولا إهداء الإخوان وأن له
أن يأكل جميعها ، وعليه فهل
يجوز بيع لحومها أم لا كما هو المنسوب الى بعضهم ؟
الظاهر هو الأول : لأن
المأمور به هو الذبح خاصة ، ولكن ادعى بعض المحققين أن
التتبع في الأخبار وسيرة
المسلمين في الأعصار يوجب القطع بأن الدخيل في المأمور به
شئ آخر زائدا على الذبح ولو
بإهداء جزء منها للإخوان أو التصدق ببعضها أو اطعام
أهله منها ، وليس ببعيد ،
وعليه فله أن يتصدق ببعض لحمها ويفعل في غيره ما شاء .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 43 من ابواب
الذبح حديث 2
[ الثالث : الحلق ويجب يوم
النحر بعد الذبح الحلق أو التقصير بمنى
والحلق أفضل ويتاكد للصرورة
والملبد ]
من
مناسك منى : الحلق أو التقصير
( الثالث ) من مناسك منى : (
الحلق ، ويجب يوم النحر بعد الذبح الحلق أو
التقصير بمنى والحلق أفضل ،
ويتأكد للصرورة والملبد ) كما صرح بذلك كله غير
واحد من الأساطين ، وتنقيح
القول في طي مسائل .
الاولى : المعروف بين
الأصحاب وجوب النسك المزبور .
وفي المنتهى : ذهب اليه
علماؤنا أجمع إلا في قول شاذ للشيخ في التبيان أنه
مندوب وهو نسك عند علمائنا ،
انتهى .
ويشهد بالوجوب : طوائف من
النصوص ، منها : ما تضمن الأمر به كخبر عمر
بن يزيد عن الامام الصادق
عليه السلام : اذا ذبحت اضحيتك فاحلق رأسك ( 1 ) نحوه
غيره .
ومنها : ما دل على أنه اذا
نسي أن يأتي به يرجع ويأتي كخبر الحلبي عنه عليه
السلام عن رجل نسي أن يقصر من
شعره أو يحلقه حتى ارتحل من منى ، قال عليه
السلام : يرجع الى منى حتى
يلقى شعره بها حلقا كان أو تقصيرا ( 2 ) وبمعناه روايات
اخر .
ومنها : ما دل على ثبوت
الكفارة لو زار البيت قبله ، وسيأتي .
ومنها : ما دل على توقف
الإحلال عليه .
وهذا كله ، مضافا الى التأسي
، فلا ينبغي التوقف في الوجوب .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 1 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 1 .
2 - الوسائل باب 5 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 1
[ . . . ]
الثانية : يجب ان يكون ذلك
بمنى .
وفي الحدايق : هو مقطوع به
في كلامهم ، بل ظاهر التذكرة والمنتهى أنه موضع
وفاق انتهى .
واستدل له الشيخ بصحيح
الحلبي المتقدم ، قال عليه السلام في الناسي : يرجع
الى منى .
وخبر أبي بصير عن رجل جهل أن
يقصر من رأسه أو يحلق حتى ارتحل من
منى ، قال عليه السلام :
فليرجع الى منى حتى يحلق شعره أو يقصر وعلى الصرورة أن
يحلق ( 1 ) .
وأما حسن مسمع عن أبي عبد
الله عليه السلام عن رجل نسي أن يحلق رأسه
أو يقصر حتى نفر ، قال عليه
السلام : يحلق في الطريق أو أين كان ( 2 ) .
وخبر أبي بصير عن أبي عبد
الله عليه السلام في رجل زار البيت ولم يحلق راسه ،
قال عليه السلام : يحلق بمكة
ويحمل شعره الى منى وليس عليه شئ ( 3 ) ، فمحمولان
على صورة تعذر العود الى منى
كما عن الشيخ وغيره .
ولعل وجهه : أن روايات العود
مختصة بصورة التمكن فهي حينئذ بمنزلة
الخاص ، فيقيد بها إطلاق
الخبرين ، ولولاه لزم طرحهما ، لمخالفتهما لعمل الأصحاب .
وقد طعن صاحب المدارك في حسن
مسمع ، إذ لم يوثقه أحد .
وفيه أولا : أنه - قده -
تارة يعد خبره صحيحا ، وأخرى حسنا ، وثالثة يطرحه
كما هنا على ما في الحدائق .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 5 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 4 .
2 - الوسائل باب 5 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 2 .
3 - الوسائل باب 6 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 7 .
[ . . . ]
وثانيا : أنه ممدوح ، وحديثه
معدود من الحسن .
الثالثة : قيل : يجب أن يكون
ذلك يوم النحر ، واستدل له بفعل النبي صلي الله
عليه وآله والأئمة المعصومين
عليهم السلام فيجب ، للتأسي ، ولقوله صلى الله عليه وآله :
( خذوا عني مناسككم ) ( 1 )
.
وبخبر عبد الرحمان بن أبي
عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام كان رسول
الله صلى الله عليه وآله يوم
النحر يحلق رأسه ويقلم أظفاره ( 2 ) الحديث .
وأورد على الاستدلال بهما :
أنه لم يثبت كون ذلك منسكا ، إذ الفعل لا بد وأن
يقع في زمان ، وفعله صلى
الله عليه وآله في ذلك اليوم لعله لكونه أحد الأفراد .
ولكن لو تم ذلك بالنسبة الى
ما علم من الخارج أنه صلى الله عليه وآله كان
يحلق في ذلك اليوم ، لا يتم
في الخبر ، إذ ظاهر نقل المعصوم عليه السلام إياه كونه
منسكا فيشمله النبوي ، إلا
أن الكلام في انجبار ضعف النبوي وفي أنه إنما يدل على
أخذ المناسك منه ، وأن ما
يفعله بما أنه واجب يكون واجبا على الامة ، وما يفعله بما أنه
مستحب يكون كذلك ، ومجرد
الفعل ونقل المعصوم إياه لا يثبت كونه واجبا .
اللهم إلا أن يقال : إنه اذا
ثبت مطلوبيته وحيث لم يرخص في تركه فيحكم
العقل بلزوم الإتيان به ،
فلو لم يكن ذلك أظهر لا ريب في كونه أحوط .
فما عن الحلبي والمنتهى
والتذكرة وغيرهما من جواز تأخيره الى آخر أيام
التشريق ، ضعيف ، نعم لو عصى
وأخره يجزي لو قدمه على الطواف ، وسيأتي الكلام
فيه في آخر وقت الطواف .
……………………………………………
1 - تيسير الوصول ج 1 - ص
312 .
2 - الوسائل باب 1 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 12 .
[ . . . ]
وجوب
تأخير الحلق أو التقصير عن الذبح
الرابعة : اختلف الأصحاب في
أنه هل يجب تأخير الحلق أو التقصير عن الذبح
أم يستحب ذلك ؟ ذهب الشيخ في
المبسوط والاستبصار الى الأول ، واختاره أكثر
المتأخرين منهم : المصنف -
ره - في أكثر كتبه ، والمحقق في الشرائع ؟ وبالثاني قال
الشيخ في محكي الخلاف وابن
أبي عقيل وأبو الصلاح والحلي والمصنف في محكي
المختلف ، وسيد الرياض مال
إليه .
استدل للأول بالآية الكريمة
: ( ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي
محله ) ( 1 ) ففي موثق
الساباطي عن الامام الصادق عليه السلام عن رجل حلق قبل
أن يذبح ، قال : يذبح ويعيد
الموسى ، لأن الله تعالى يقول : ( ولا تحلقوا رؤسكم حتى
يبلغ الهدى محله ) ( 2 ) .
وبنصوص كثيرة كخبر عمر بن
يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام : اذا ذبحت
أضحيتك فاحلق رأسك واغتسل
وقلم أظفارك وخذ من شاربك ( 3 ) .
وخبر جميل بن دراج عنه عليه
السلام : تبدأ بمنى بالذبح قبل الحلق ( 3 ) .
الحديث .
وخبر موسى بن القاسم عن
الامام علي عليه السلام : لا يحلق رأسه ولا يزور
……………………………………………
1 - البقرة آية 196 .
2 - الوسائل باب 11 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 2 .
3 - الوسائل باب 1 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 1 .
4 - الوسائل باب 39 من ابواب
الذبح حديث 3
[ . . . ]
حتى يضحي فيحلق رأسه ويزور
متي شاء ( 1 ) .
وصحيح عبد الله بن سنان عن الإمام
الصادق عليه السلام عن رجل حلق
رأسه قبل أن يضحي ، قال عليه
السلام : لا بأس وليس عليه شئ ولا يعودن ( 2 ) بناءا
على ارادة الحرمة من النهي
عن العود ، وارادة عدم الاعادة من نفي الباس .
وموثق عمار عنه عليه السلام
عن رجل حلق قبل ان يذبح ، قال عليه السلام :
يذبح ويعيد الموسى ، لأن
الله تعالى يقول : ( لا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي
محله ) ( 3 ) الى غير ذلك من
الأخبار الواردة في الموارد الخاصة .
ولكن يرد على الاستدلال
بالآية الشريفة : ان ظاهر بلوغ الهدي محله ليس
هو الذبح ، وموثق الساباطي
المفسر إياها المتضمن لكون بلوغ الهدي محله هو الذبح
معارض بجملة اخرى من الأخبار
في ذلك ، لاحظ : خبر علي بن أبي حمزة عن أبي
الحسن عليه السلام : اذا
اشتريت اضحيتك ووزنت ثمنها وصارت في رحلك فقد بلغ
الهدي محله ، فإن أحببت أن
تحلق فاحلق ( 4 ) .
وخبره الآخر عن أبي عبد الله
عليه السلام : اذا اشترى الرجل هديه وقمطه
في بيته فقد بلغ محله فإن
شاء فليحلق ( 5 ) .
وخبر أبي بصير عنه عليه
السلام : اذا اشتريت اضحيتك وقمطتها في جانب
رحلك فقد بلغ الهدي محله ،
فإن احببت أن تحلق فاحلق ( 6 ) .
وعن المبسوط والنهاية
والتهذيب ، والحلي الافتاء بمضمونها ، وأنه يجوز الحلق
……………………………………………
1 - الوسائل باب 39 من ابواب
الذبح حديث 9 .
2 - الوسائل باب 39 من ابواب
الذبح حديث 10
3 - الوسائل باب 39 من ابواب
الذبح حديث 8 .
4 - 5 - 6 الوسائل باب 39 من
ابواب الذبح حديث 7
[ . . . ]
اذا حصل الهدي في الرحل وإن لم
يذبحه .
وأما النصوص فإنكار ظهورها
في الوجوب مكابرة الا ان بازائها روايات تدل
على عدم الوجوب كصحيح جميل
عن الامام الصادق عليه السلام عن الرجل يزور
البيت قبل ان يحلق ، قال
عليه السلام : لا ينبغي الا ان يكون ناسيا ، ثم قال : ان ر سول
الله صلى الله عليه وآله
أتاه اناس يوم النحر ، فقال بعضهم : يا رسول الله اني حلقت
قبل ان اذبح ، وقال بعضهم :
حلقت قبل ان ارمي فلم يتركوا شيئا كان ينبغي ان
يؤخروه الا قدموه ، فقال صلى
الله عليه وآله : لا حرج ( 1 ) وقريب منه صحيح البزنطي ( 2 ) .
وغيره .
بل صحيح ابن سنان المتقدم دال
عليه ، لان حمل نفي الباس على نفي
الاعادة خلاف ظاهره ، سيما
مع تعقبة بقوله : وليس عليه شئ ، بل هو قرينة على حمل
النهي عن العود على
المرجوحية لا المنع .
والجمع بين النصوص يقتضي حمل
الاولى على الاستحباب ، وأما حمل الثانية
على صورة الجهل والنسيان فهو
بلا شاهد ، كما أن حملها على إرادة الاجزاء والاولى
على الحكم التكليفي خلاف
ظاهر قوله صلى الله عليه وآله : لا حرج وقوله عليه
السلام : لا بأس .
نعم مقتضي الآية بضميمة ما
ورد في تفسيرها : عدم جواز الحلق قبل حصول
الهدي في رحله ، والاحوط
تأخيره عن الذبح أيضا .
وعلى القول بوجوب التأخير
فظاهرهم الاتفاق على أنه لو خالف وقدم الحلق
……………………………………………
1 - الوسائل باب 39 من ابواب
الذبح حديث 4 .
2 - الوسائل باب 39 من ابواب
الذبح حديث 6
[ . . . ]
ولو عامدا لا إعادة عليه .
ويشهد به صحيح عبد الله بن
سنان المتقدم .
وأما خبر عمار الآمر بإمرار
الموسى على رأسه بعد الذبح ، فمحمول على
الفضيلة جمعا بينه وبين
الصحيح فلا اشكال فيه ، وحمل الصحيح على غير صورة
العمد كما في الحدائق بلا
حامل .
الخامسة : لا خلاف بين
الاصحاب في أن غير الصرورة والملبد - وهو من جعل
على رأسه عسلا أو صمغا لئلا
يتوسخ أو يقمل - ومن عقص شعره مخير بين الحلق و
التقصير ، وعن التذكرة دعوى
الاجماع عليه .
ويشهد به نصوص كصحيح معاوية
أو حسنه عن أبي عبد الله عليه السلام :
ينبغي للصرورة ان يحلق وان
كان قد حج فان شاء قصر وان شاء حلق ، فاذا لبد شعره
أو عقصه فان عليه الحلق وليس
له التقصير ( 1 ) .
وصحيح الحلبي عنه عليه
السلام : من لبد شعره أو عقصه فليس له أن يقصر
وعليه الحلق ، ومن لم يلبده
تخير ان شاء قصر وإن شاء حلق ، والحلق أفضل ( 2 ) ونحوهما
غيرهما .
إنما الكلام في الثلاثة .
أما الصرورة فعن المفيد ، ونهاية
الشيخ ومبسوطه ، والوسيلة ، والمقنع ، والتهذيب
……………………………………………
1 - الوسائل باب 7 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 1 .
2 - الوسائل باب 7 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 15
[ . . . ]
والاقتصاد والمصباح ومختصره
، وفي الحدائق والمستند : تعين الحلق عليه .
وفي الكتاب والمنتهى
والتذكرة والشرائع والجواهر ، وعن الجمل والعقود
والسرائر والغنية : انه لا
يتعين ، بل هو ايضا مخير بين الحلق والتقصير .
وفي المنتهى والتذكرة :
نسبته الى أكثر علمائنا ، وفي كنز العرفان : نسبته الى
الاكثر ، وفي الجواهر :
نسبته الى المشهور .
والكلام تارة فيما يستفاد من
الآية الكريمة ، واخرى فيما يستفاد من النصوص ،
أما الآية فهي قوله تعالى :
( لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين
رؤسكم ومقصرين ) ( 1 ) .
وقد استدل به المصنف - ره -
وتبعه غيره على التخيير ، بتقريب : أنه ليس المراد
الجمع بينهما اتفاقا ، بل
المراد اما التخيير أو التفصيل والثاني بعيد وإلا لزم الا جمال
فيتعين الاول .
وأورد عليه : بانه لو أراد
التخيير لاتى ب ( أو ) فيكون الواو للجمع فيكون
المراد التفصيل ، أي :
محلقين على تقدير التلبيد والصرورة ، ومقصرين على تقدير
غيرهما ، ومعنى الجمع حاصل
بالنسبة الى النصف وإن لم يحصل بالنسبة الى كل
شخص ، ولزوم الاجمال ليس
محذورا بعد البيان .
أقول : ان ارادة التفصيل
مستلزمة للتقدير ، اذ المجموع من حيث المجموع
ليسوا متصفين بالوصفين ،
وكذا كل فرد فرد ، فلا محالة يكون التقدير : محلقين جمع منكم
ومقصرين جمع آخرون ، وهو
خلاف الظاهر ، وإرادة التخيير من واو شايعة ، لاحظ :
الآية الشريفة ( مثنى وثلاث
ورباع ) ( 2 ) .
……………………………………………
1 - الفتح آية 27
2 - النساء آية 3 .
[ . . . ]
وأما ما ذكر من ان الاجمال
ليس محذورا بعد البيان ، فيرده أنه ليس في الآية
بيان ، فالظاهر تمامية
الاستدلال المزبور ، فلو لم يظهر أحد القولين من النصوص كما
أن الاصل يقتضي التخيير كذلك
الآية الكريمة .
وأما النصوص فهي طوائف :
الاولى : ما ظاهره المنع عن التقصير وتعين الحلق
كخبر أبي بصير عن أبي عبد
الله عليه السلام : على الصرورة ان يحلق رأسه ولا يقصر
إنما التقصير لمن قد حج حجة
الاسلام ( 1 ) .
وخبر بكر بن خالد عنه عليه
السلام : ليس للصرورة أن يقصر وعليه أن
يحلق ( 2 ) .
وخبر الساباطي عنه عليه
السلام عن رجل برأسه قروح لا يقدر على الحلق ،
قال عليه السلام : إن كان قد
حج قبلها فليجر شعره ، وان كان لم يحج فلا بدله من
الحلق ( 3 ) .
وخبر أبي سعيد عنه عليه
السلام : يجب الحلق على ثلاثة نفر : رجل لبد ، ورجل
حج بدوا لم يحج قبلها ، ورجل
عقص رأسه ( 4 ) .
وخبر علي بن أبي حمزة عن
أحدهما عليهما السلام في حديث : وتقصر المرأة
ويحلق الرجل وان شاء قصر ان
كان قد حج قبل ذلك ( 5 ) .
وخبر سليمان بن مهران في
حديث : قلت لابي عبد الله عليه السلام : كيف صار
……………………………………………
1 - الوسائل باب 7 من أبواب
الحلق والتقصير حديث 5 .
2 - الوسائل باب 7 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 10 .
3 - الوسائل باب 7 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 4 .
4 - الوسائل باب 7 من أبواب
الحلق والتقصير حديث 3 .
5 - الوسائل باب 8 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 2
[ . . . ]
الحلق على الصرورة واجبا دون
من قد حج ؟ قال عليه السلام : ليصير بذلك موسما
بسمة الآمنين ، الا تسمع قول
الله عزوجل : ( لتدخلن ) ( 1 ) الى آخره .
وخبر أبي بصير عن رجل جهل أن
يقصر من رأسه أو يحلق حتى ارتحل من
منى ، قال عليه السلام :
فليرجع الى منى حتى يحلق شعره أو يقصر ، وعلى الصرورة
أن يحلق ( 2 ) .
ورواه الصدوق باسناده عن علي
بن أبي حمزة عنه وذكر مثله الا أنه قال : حتى
يلقى شعره بها حلقا كان أو
تقصيرا ، وعلى الصرورة الحلق .
الثانية : ما يكون قابلا
لارادة الوجوب أو الاستحباب منه ، ويكون من هذه
الجهة مجملا ، ولذلك استدل
به كل من الطرفين ، وهو صحيح معاوية بن عمار عن
الامام الصادق عليه السلام :
ينبغي للصرورة أن يحلق وإن كان قد حج فان شاء قصر
وإن شاء حلق ، فإذا لبد شعره
أو عقصه فان عليه الحلق وليس له التقصير ( 3 ) .
الثالثة : ما يدل على تخيير
الصرورة بين الامرين كصحيح الحلبي عنه عليه
السلام المتقدم : ومن لم
يلبده تخير إن شاء قصر وإن شاء حلق والحلق أفضل ، فان غير
الملبد اعم من الصرورة وغيره
.
وصحيح هشام بن سالم عن أبي
عبد الله عليه السلام : اذا عقص الرجل رأسه
أو لبده في الحج أو العمرة
فقد وجب عليه الحلق ( 4 ) فان مفهومه عدم وجوبه على
غيرهما وأن كان صرورة هذه
جميع النصوص المربوطة بالمقام .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 7 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 14 .
2 - الوسائل باب 5 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 4 .
3 - الوسائل باب 7 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 1 .
4 - الوسائل باب 7 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 2
[ . . . ]
اما الطائفة الاولى فأكثرها
ضعيفة السند ، أما الاول : فلان في طريقة علي بن
أبي حمزة وسهل بن زياد ،
وهما ضعيفان .
وأما الثاني ، فلان بكر بن
خالد مجهول الحال ، ومن الغريب أن المصنف في
المنتهى ضعف الخبر بان في
طريقه أبان بن عثمان ولم يتعرض لبكر ، مع كون أبان ثقة
على الاظهر ، وكونه واقفيا
غير معلوم ، وعلى فرضة لا يضر بقبول روايته ، وقد صرح
هو - قده - في محكي الخلاصة
بأن الاقرب عندي قبول روايته وان كان فاسد المذهب .
وأما الرابع ، فلان في طريقه
سويد القلا ولم يثبت وثاقته وحاله مجهول .
وأما الخامس فلعلي بن أبي
حمزة
وأما السادس فلتميم بن بهلول
وأبيه وغيرهما ممن في الطريق .
وأما السابع فلعلي بن أبي
حمزة كما مر ، فلم يبق الا موثق الساباطي وهو غير
ظاهر الدلالة ، فان الراوي
يفرض عدم قدرته على الحلق ، ومع ذلك يأمره به ، ومن
المتفق عليه أنه لا يجب
الحلق مع عدم القدرة ، مع أنه لو سلم تمامية سند تلك النصوص
ودلالتها تكون النسبة بينها
وبين الطائفة الثالثة عموما من وجه ، لاعميتها من حيث
الشمول للملبد والمعقوص
وغيرهما ، واختصاص الثالثة بغير الملبد والمعقوص ،
وأعمية الثالثة من حيث
الشمول للصرورة وغيره ، فتعارضان في الصرورة الذي لا
يكون ملبدا ولا معقوصا ، وحيث
إن المختار عندنا هو الرجوع في تعارض العامين من
وجه الى أخبار الترجيح فيرجع
اليها ، وهي تقتضي تقديم الثالثة ، لكونها أشهر ،
ولاصحية سند رواياتها
ولموافقتها للكتاب كما مر .
وأما الطائفة الثانية فلو
سلم كونها مجملة تحمل على المفصل من النصوص ، مع
أن دعوى ظهور ينبغي في
الاستحباب سيما بقرينة مقابلته بما ذكر في الملبد
والمعقوص من ان عليهما الحلق
وليس لهما التقصير - غير بعيدة ، فتحصل مما ذكرناه
[ ويتعين في المرأة التقصير ]
ان الاظهر كون الصرورة مخيرا
بين الحلق والتقصير ، والحلق أفضل له ، بل استحبابه
مؤكد .
وأما الملبد والمعقوص فجملة
من النصوص المتقدمة تدل على لزوم الحلق
عليهما ، وهي نصوص الطائفتين
الاخيرتين ولا معارض لها سوى الآية الكريمة المقيد
إطلاقها بها ، فيجب عليها
ذلك ، فما افاده ابن أبي عقيل وماله اليه سيد المدارك من
تعين الحلق عليهما دون
الصرورة هو الاظهر .
السادسة : لا خلاف ( و ) لا
اشكال في أنه ( يتعين في المرأة التقصير ) وليس
عليها حلق ، وفي المنتهى :
ليس عليها حلق إجماعا ، انتهى ، بل يحرم عليها ذلك بلا
خلاف ، وعن المختلف الاجماع
عليه .
مدرك الاول : صحيح الحلبي عن
الامام الصادق عليه السلام : ليس على
النساء حلق ويجزيهن التقصير
( 1 ) .
وقول النبي صلى الله عليه
وآله في وصيته لعلي عليه السلام : ليس على النساء
جمعة - الى أن قال - ولا
استلام الحجر ولا حلق ( 2 ) .
وصحيح سعيد الاعرج في حديث
أنه سال ابا عبد الله عليه السلام عن
النساء ، فقال عليه السلام :
إن لم يكن عليهن ذبح فلياخذن من شعورهن ويقصرن
……………………………………………
1 - الوسائل باب 8 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 3 .
2 - الوسائل باب 8 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 4 .
[ . . . ]
من أظفارهن ( 1 ) ونحوها
غيرها .
ومدرك الثاني : المرتضوي :
نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان تحلق المرأة
رأسها ( 2 ) .
أما النصوص الاول فهي دالة
على عدم كون الحلق نسكا لها ، ولا تدل على
حرمته عليها زائدا على ذلك .
والمرتضوي وان كان ضعيف
السند الا انه ينجبر ضعفه بالعمل ، ومقتضاه حرمة
الحلق عليها مطلقا كحرمة حلق
اللحية على الرجال ، ولا باس بالالتزام بها ، والله
العالم .
وقد وقع الخلاف في اجزاء
الحلق للمرأة لو فعلته عن التقصير اختار كاشف
اللثام الاجزاء .
وذهب صاحب الجواهر - ره -
الى عدمه .
وعن المصنف - ره - في
القواعد التنظر في الاجزاء .
واستدل للاول بان اول جزء من
الحلق بل كله تقصير .
وفيه : ان التقصير مفهوم
مغاير لمفهوم الحق ، فانه جعل الشعر او غيره قصيرا .
والحلق امر آخر ، وحيث ان
المأمور به هو التقصير فلا يجزي الحلق مطلقا لا بعضا ولا
كلا ، مع أنه قد عرفت حرمة
الحلق عليها ، فلا محالة لا يكون مجزئا عن الواجب حتى
وأن شمل التقصير الحلق ،
لامتناع اجتماع الامر والنهي ، فلا محالة يقيد دليل الامر
بغير هذا الفرد فلا يجزي ذلك
.
والظاهر كفاية المسمى في
تقصيرها ، لاطلاق الادلة ، ولحسن الحلبي عن الامام
……………………………………………
1 - الوسائل باب 8 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 1 .
2 - كنز العمال ج 3 ص 58
الرقم 1601 .
[ . . . ]
الصادق عليه السلام قال له :
إني لما قضيت نسكي للعمرة أتيت أهلي ولم اقصر ، قال
عليه السلام : عليك بدنة ،
قال : قلت إني لما أردت ذلك منها ولم تكن قصرت امتنعت
فلما غلبتها قرضت بعض شعرها بأسنانها
، فقال عليه السلام : رحمها الله كانت أفقه
منك ، عليك بدنة وليس عليها
شئ ( 1 ) .
وأما مرسل ابن أبي عمير عن
أبي عبد الله عليه السلام تقصر المرأة من شعرها
لعمرتها مقدار الانملة ( 2 )
، فمحمول على إرادة بيان اقل المسمى .
وهل يجب عليها الجمع بينه
وبين التقصير من الاظفار أم لا ؟ وجهان ، وقد تقدم
الكلام في ذلك وفي التقصير
للرجل وفروعه في التقصير للعمرة ، فراجع
انما الكلام في المقام في
أنه إذا اختار الرجل الحلق فهل يجب حلق جميع الراس
أم يكفي المسمى ؟ صرح الفاضل
النراقي بالثاني ، وفي كنز العرفان : يجب في الحلق أن
يحلق جميع الرأس ولا يجزي
بعضه انتهى .
استدل للاول باطلاق النصوص ،
ولكن بما ان المأمور به في الآية والنصوص
هو حلق الرأس لا الحلق من
الرأس وظاهر حلق الرأس حلقه بتمامه كما يستفاد ذلك
من صحيح زرارة عن الامام
الباقر عليه السلام في المسح في الوضوء ، فان الامام
يستدل على وجوب غسل تمام
الوجه بقوله تعالى : ( فاغسلوا وجوهكم ) ثم يقول :
فعرفنا حين قال : ( برؤسكم )
ان المسح ببعض الرأس لمكان الباء ( 3 ) الحديث وعلى
الجملة فظهور النصوص في حلق
الجميع لا يقبل الانكار فلا يجزي حلق بعض الرأس .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 3 من ابواب
التقصير حديث 2 .
2 - الوسائل باب 3 من ابواب
التقصير حديث 3 .
3 - الوسائل باب 23 من ابواب
الوضوء حديث 1 من كتاب الطهارة .
[ ولو رحل قبل الحلق أو
التقصير رجع وفعل أحدهما فان تعذر حلق أو قصر
أين كان وجوبا وبعث شعره الى
منى ليدفن بها الستحبابا ]
( و ) السابعة : ( لو رحل
قبل الحلق أو التقصير رجع وفعل أحدهما فان تعذر
حلق أو قصر أين كان وجوبا )
بلا خلاف في شئ من ذلك ، وقد تقدم تفصيل القول
فيه في المسألة الثانية .
انما الكلام في المقام في ما
أفادة بقوله : ( وبعث شعره الى منى ليدفن بها
استحبابا ) فانه وان كان لا
خلاف بينهم في رجحان أن يبعث بشعره الى منى ، الا انهم
اختلفوا في ان ذلك على وجه
الاستحباب كما في الكتاب وعن التهذيب والاستبصار ،
وعن المدارك نسبته الى قطع
الاكثر ، أو على وجه الوجوب مطلقا كما هو ظاهر الشر ائع
وعن نهاية الشيخ ، أو مع
العمد في الخروج من منى كما عن المختلف .
ومحل الكلام ما لو تعذر أن
يرجع وانه في هذا الفرض هل يجب أن يبعث بشعره
الى منى أم لا يجب ؟ وعليه
فنصوص ( 1 ) النهي عن إخراج الشعر من منى وانه لو
اخرجه رده ، والاخبار ( 2 )
الآمرة بالرجوع والقاء الشعر بمنى أجنبية عن محل البحث .
وكيف كان فيشهد للوجوب : بعض
الاخبار كحسن حفص بن البختري عن
أبي عبد الله عليه السلام في
الرجل يحلق راسه بمكة ، قال عليه السلام : يرد الشعر
الى منى ( 3 ) .
وخبر أبي بصير عنه عليه
السلام في الرجل زار البيت ولم يحلق راسه : يحلق
……………………………………………
1 - 2 - الوسائل باب 6 من
أبواب الحلق والتقصير .
3 - الوسائل باب 6 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 1 .
[ ومن ليس على رأسه شعر يمر
الموسى عليه ]
بمكة ويحمل شعره الى منى
وليس عليه شئ ( 1 ) .
ودعوى عدم ظهور الجملة
الخبرية في الوجوب ، قد عرفت دفعها مرارا .
ومثلها في الضعف : دعوى
اختصاص الخبرين بالعامد فانها بلا وجه ، فالاظهر
هو الوجوب .
وهل يترجح دفنه بمنى لخصوص
من بعث شعره اليها او مطلقا أم لا ؟ الظاهر
هو الاول ، لصحيح معاوية بن
عمار عن أبي عبد الله عليه السلام : كان علي بن الحسين
عليهما السلام يدفن شعره في
فسطاطه بمنى ويقول : كانوا يستحبون ذلك ( 2 ) .
وخبر أبي شبل عنه عليه
السلام : إن المؤمن اذا حلق رأسه بمنى ثم دفنه جاء
يوم القيامة وكل شعرة لها
لسان طلق تلبي باسم صاحبها ( 3 ) .
وظهور هذه النصوص في
الاستحباب غير قابل للانكار ، فما عن الحلبي من
وجوب ذلك ضعيف .
الثامنة : ( ومن ليس رأسه
شعر ) خلقة أو غيرها ( يمر الموسى عليه ) بلا
خلاف في رجحانة .
والنصوص تشهد به : لاحظ :
خبر أبي بصير عن الامام الصادق عليه السلام
عن المتمتع اراد أن يقصر
فحلق رأسه ، قال عليه السلام : عليه دم يهريقه ، فاذا كان
……………………………………………
1 - الوسائل باب 6 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 7 .
2 - الوسائل باب 6 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 5 .
3 - الوسائل باب 6 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 3
[ . . . ]
يوم النحر أمر الموسي على
رأسه حين يريد أن يحلق ( 1 ) .
وموثق الساباطي عنه عليه
السلام عن رجل حلق قبل أن يذبح ، قال : يذبح
ويعيد الموسي ، لان الله
تعالى يقول : ( ولاتحلقوا رؤسكم ) ( 2 ) الى آخره .
وخبر زرارة : ان رجلا من أهل
خراسان قدم حاجا وكان اقرع الرأس لا
يحسن ان يلبي فاستفتى له أبو
عبد الله عليه السلام فأمر له ان يلبى عنه وأن يمر
الموسى على رأسه ، فان ذلك
يجزي عنه ( 3 ) .
والكلام فيه في موردين :
الاول : في أنه على وجه
الاستحباب مطلقا كما عن الاكثر ، او على وجه
الوجوب كذلك ، أو الوجوب على
خصوص من حلق رأسه في العمرة ، والاستحباب
للاقرع ؟
الثاني : في أنه على القولين
هل يجزي عن التقصير ولا يجب ضمه أم لا يجزي ؟
أما الاول فالظاهر هو
الاستحباب مطلقا ، لان قوله عليه السلام في خبر أبي
بصير : حين يريد أن يحلق ،
مانع عن ظهور الامر في الوجوب ، وموثق الساباطي
في مقام بيان وجوب تقديم الذبح على الحلق كما يشهد به السؤال
والاستدلال بالآية في
الجواب ، وخبر زرارة
لاشتماله على أن ذلك يجزي عنه يكون ظاهرا في كونه في مقام
بيان أن الاقرع حكمه حكم
غيره في ذلك .
وأما الثاني فظاهر النصوص هو
الاجزاء ، وعدم لزوم ضم التقصير ، وأن به
يتادي الوظيفة المجعولة كما
لا يخفي .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 11 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 1 .
2 - الوسائل باب 11 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 2 .
3 - الوسائل باب 11 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 3 .
[ ولا يزور البيت قبل التقصير
]
وجوب
تقديم التقصير على زيارة البيت
التاسعة : ( ولا يزور البيت
قبل التقصير ) أو الحلق بلا خلاف صريح كما عن
الذخيرة ، ولكنه - قده - شكك
في وجوب التقديم ، وجعل عدم وجوبه مقتضى كلام
جماعة ، ولعله منهم من اكتفى
في الفتوى بوجوب الدم لو اخره عنها كالحلي في محكي
السرائر .
وكيف كان فقد استدل لوجوب
التقديم بنصوص منها : ما دل على من أخر
الذبح عن الطواف عالما عليه
دم شاة ، وسيأتي ، اذ ثبوت الكفارة مستلزم لعدم الجواز ،
كما مر في مبحث الكفارات .
ومنها : صحيح علي بن يقطين
عن أبي الحسن عليه السلام عن المرأة رمت
وذبحت ولم تقصر حتى زارت البيت
فطافت وسعت من الليل ما حالها وما حال الرجل
اذا فعل ذلك ؟ قال عليه
السلام : لا بأس به يقصر ويطوف بالحج ثم يطوف للزيارة ثم
قد احل من كل شئ ( 1 ) .
ومنها : خبر علي بن أبي حمزة
عن أحدهما عليهما السلام في حديث : وتقصر
المرأة ويحلق الرجل ثم ليطف
بالبيت ( 2 ) ونحوه أخبار أخر .
ومنها : خبر عمر بن يزيد عن
أبي عبد الله عليه السلام : ثم احلق رأسك
واغتسل وقلم اظفارك وخذ من
شاربك وزر البيت وطف أسبوعا ( 3 ) الحديث .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 4 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 1 .
2 - الوسائل باب 17 من ابواب
الوقوف بالمشعر حديث 4 .
3 - الوسائل باب 2 من ابواب
زيارة البيت حديث 2
[ . . . ]
اضف الى ذلك كله فعل النبي
صلى الله عليه وآله وقد قال : خذو عنى
مناسككم ( 1 ) .
واورد على الاستدلال
بالاخبار بانه يتعين حملها على ارادة الندب بقرينة طائفة
اخرى من النصوص ظاهرة في عدم
الوجوب كخبر أبي بصير عن الامام الصادق
عليه السلام في رجل زار
البيت ولم يحلق رأسه ، قال عليه السلام : يحلق بمكة ويحمل
شعره الى منى وليس عليه شئ (
2 ) .
وصحيح جميل عنه عليه السلام
عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق ، قال
عليه السلام : لا ينبغي الا
أن يكون ناسيا ثم قال : ان رسول الله صلى الله عليه وآله
أتاه اناس يوم النحر فقال
بعضهم : يا رسول الله اني حلقت قبل أن أذبح وقال
بعضهم : حلقت قبل أن ارمي
فلم يتركوا شيئا كان ينبغي أن يؤخروه الا قدموه فقال
عليه السلام : لا حرج ( 3 )
ومثله صحيح البزنطي ( 4 ) .
وأما فعله صلى الله عليه
وآله فقد مر مرارا أنه اعم من الوجوب .
أقول : أما الصحيحان فليس
فيما نقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله فيهما
تصريح بتقديم زيارة البيت
على التقصير ، وأما صدرهما فلو لم يكن ظاهرا في عدم
جواز تقديم الزيارة لا يكون
ظاهرا في عدم وجوب التأخير .
وأما خبر أبي بصير فهو أعم
من جملة من نصوص المنع ، وعليه فالاظهر وجوب
تقديمه على زيارة البيت .
……………………………………………
1 - تيسير الوصول ج 1 ص 312
2 - الوسائل باب 6 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 7 .
3 - الوسائل باب 39 من ابواب
الذبح حديث 4 .
4 - الوسائل باب 39 من ابواب
الذبح حديث 6
[ فان طاف قبله كفر بشاة ]
( فان طاف قبله عمدا كفر
بشاة ) بلا خلاف .
ويشهد به : صحيح محمد بن
مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل زار
البيت قبل أن يحلق ، فقال
عليه السلام : إن كان زار البيت قبل ان يحلق وهو عالم ان
ذلك لا ينبغي له فان عليه دم
شاة ( 1 ) .
وهل يجب عليه إعادة الطواف
أم لا ؟ عن الشهيد في الدروس نسبة الثاني الى
ظاهر الاصحاب ، وعن الصيمري
التصريح به ، وعن ثاني الشهيدين دعوى الاجماع
على الاول .
والكلام تارة فيما تقتضية
القواعد واخرى فيما تقتضية النصوص الخاصة .
أما الاول ففي المستند :
والصواب البناء في ذلك على وجوب التقديم وعدمه ،
فان وجب وجبت الاعادة ، لكون
ما أتى به منهيا عنه لكونه ضد الواجب الذي هو
تأخير الطواف ، والنهي موجب
للفساد وإلا لم يجب انتهى ، ونحوه في الرياض .
وفيه : ما حققناه في محله من
أن الامر بالشئ لا يقتضي النهي عن ضده .
والحق أن يقال : إنه بناءا
على وجوب التقديم كما بنينا عليه حيث يكون الامر
به ظاهرا في الشرطية ، فيجب
الاعادة ، لبطلان الطواف المأمور به ، لكونه فاقدا
للشرط ، فالاظهر وجوب
الاعادة بمقتضي القواعد .
وأما الثاني فمقتضي إطلاق صحيح
علي بن يقطين وجوبها أيضا .
واورد عليه بان قوله عليه
السلام في خبر أبي بصير : وليس عليه شئ ، ظاهر
في نفي الوجوب ، كما أن صحيح
محمد المتضمن لثبوت الدم من جهة السكوت في مقام
البيان يدل على عدم الوجوب .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 15 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 1
[ ولا شئ على الناسي ويعيد
طوافه ]
وأجيب عنه في الرياض بان
تخصيص صحيح علي بغير العامد وإبقاء صحيح
محمد على ظاهره من عدم وجوب
الاعادة ليس بأولى من العكس ، وإبقاء هذا على
عمومه وحمل الاول على خلاف
ظاهره ، وبالجملة التعارض بينهما كتعارض العموم
والخصوص من وجه يمكن صرف كل
منهما الى الآخر ، وحيث لا مرجح ينبغي الرجوع
الى مقتضي الاصل وهو وجوب
الاعادة .
ولكن يرد على الايراد : أن
عدم ذكر الاعادة في صحيح محمد لا يدل على عدم
وجوبه ، وكونه مقام الحاجة
ممنوع ، لجواز كون ذلك معلوما للسائل بوجه آخر .
وأما خبر أبي بصير فظاهره
ولا أقل من المحتمل كون المراد به نفي الشئ
عليه من ناحية عدم الحلق
بمنى الذي هو محط السؤال والجواب .
ويرد على الجواب : أنه لو
سلم ظهور صحيح محمد في نفي الوجوب حيث أنه
أخص مطلق من صحيح علي بن
يقطين ، وظهور المقيد مقدم على ظهور المطلق
فيوجب تقييده واختصاصه بغير
العامد ، ولا يصلح ظهور المطلق قرينة لرفع اليد عن
ظهور المقيد ، فتحصل : أن
الاظهر وجوب الاعادة ، هذا كله اذا طاف قبله وكان
عامدا .
( ولا شئ على الناسي ) ( و )
لكن ( يعيد طوافه ) بلا خلاف ظاهر في
الحكمين .
ويشهد للاول : الاصل ومفهوم صحيح
محمد بن مسلم المتقدم .
ويشهد للثاني : صحيح علي بن
يقطين ، واستثناء الناسي في صحيح جميل لا
ينافي وجوب الاعادة .
وأما الجاهل فحكمه حكم
الناسي ، لاطلاق مفهوم صحيح محمد ، والاصل في
عدم الدم ، واطلاق صحيح علي
في الاعادة
[ فاذا حلق أو قصر أحل مما عدا
الطيب والنساء ]
هذا كله في تقديم الطواف على
التقصير في حج التمتع ، وأما تقديمه عليه في
أخويه فالظاهر أنه جائز كما
مر عند بيان شرائطهما .
ثم إن اكثر ما دل على لزوم
تقديم التقصير على الطواف تدل على لزوم تقديم
الذبح والرمي عليه ، فلو
قدمه على أحدهما تجب الاعادة ، وهل يجب الدم لو كان
عامدا أم لا ؟ الظاهر هو
الثاني ، للاصل .
خاتمة : في بيان ما يوجب
حلية محرمات الاحرام ، ومواطن التحلل ، وفيها مسائل
ثلاث :
الاولى : مما يوجب الحلية ،
الحلق أو التقصير ؟ ( فاذا حلق أو قصر أحل من ) كل
شئ ( ما عدا الطيب والنساء )
كما هو المشهور ، وفي المنتهى : ذهب اليه علماؤنا .
ويشهد به : نصوص كثيرة كصحيح
معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه
السلام : اذا ذبح الرجل وحلق
فقد أحل من كل شئ أحرم منه إلا النساء والطيب ،
فاذا زار البيت وطاف وسعى
بين الصفا والمروة فقد أحل من كل شئ أحرم منه إلا
النساء ، واذا طاف طواف
النساء فقد أحل من كل شئ احرم منه إلا الصيد - أي :
الحرمي ( 1 ) .
وقوي عمر بن يزيد عنه عليه
السلام : اعلم انك اذا حلقت رأسك فقد حل
لك كل شئ إلا النساء والطيب
( 2 ) .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 13 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 1 .
2 - الوسائل باب 13 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 4 .
[ . . . ]
وصحيح البزنطي عن جميل عنه
عليه السلام ، قلت له : المتمتع ما يحل له إذا
حلق رأسه ؟ قال : كل شئ إلا
النساء والطيب ، فالمفرد ؟ قال عليه السلام : كل
شئ الا النساء ( 1 ) .
ويدل على حلية جملة من
المحرمات وعدم حلية الطيب به : صحيح العلاء ، قلت
لابي عبد الله عليه السلام :
اني حلقت رأسي وذبحت وأنا متمتع اطلي رأسي بالحناء ؟
قال عليه السلام : نعم من
غير أن تمس شيئا من الطيب . قلت : والبس القميص
واتقنع ؟ : ، قال عليه
السلام : نعم . قلت : قبل أن اطوف بالبيت . قال عليه السلام : نعم ( 2 ) .
وقريب منه صحيحه الآخر ( 3 )
ونحوهما غيرهما .
وبازاء هذه الاخبار طوائف من
النصوص :
الاولى : ما دل على عدم جواز
لبس المخيط وتغطية الرأس كصحيح الاعرج
عن الصادق عليه السلام عن
رجل رمى الجمار وذبح وحلق رأسه أيلبس قميصا
وقلنسوة قبل أن يزور البيت ؟
فقال عليه السلام : إن كان متمتعا فلا ، وإن كان مفرد ا
للحج فنعم ( 4 ) .
وصحيح محمد بن مسلم عنه عليه
السلام عن رجل تمتع بالعمرة فوقف بعرفة
ووقف بالمشعر ورمى الجمرة
وذبح وحلق أيغطي رأسه ؟ فقال عليه السلام : لا ، حتى
يطوف بالبيت وبالصفا والمروة
( 5 ) ونحوهما غيرهما .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 14 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 4 .
2 - الوسائل باب 13 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 5 .
3 - الوسائل باب 13 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 3 .
4 - الوسائل باب 18 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 4 .
5 - الوسائل باب 18 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 2
[ . . . ]
وفيه : مضافا الى أن جملة من
الصحاح المتقدمة صريحة في الجواز قبل الطواف
فالجمع بين الطائفتين يقتضي
حمل الثانية على الكراهة - بعض أخبار هذه الطائفة
صريح في الكراهة ، لاحظ :
صحيح منصور عنه عليه السلام بعد النهي عن التغطية
ونقله عن أبيه أيضا ، فقلنا
: فان كان فعل ، قال عليه السلام : ما أرى عليه شيئا وإن
لم يفعل كان أحب إلي ( 1 ) .
الثانية ، ما دل على حلية
الطيب أيضا له ، كصحيح سعيد بن يسار عن أبي عبد
الله عليه السلام عن المتمتع
قال : اذا حلق رأسه قبل أن يزور البيت يطلبه بالحناء ،
قال : نعم الحناء والثياب
والطيب وكل شئ الا النساء ، رددها علي مرتين أو ثلاثا
قال : وسالت ابا الحسن عليه
السلام عنها ، قال : نعم الحناء والثياب والطيب وكل شئ
إلا النساء ( 2 ) .
وصحيح البجلي - الطويل - عن
أبي الحسن عليه السلام وفي آخره : فقال : يا
أبه إن موسى أكل خبيصا فيه
زعفران ولم يزر بعد ، فقال أبي : هو أفقه منك اليس قد
حلقتم رؤسكم ( 3 ) ؟
وخبر الخزاز ، قال : رأيت
أبا الحسن عليه السلام بعد ما ذبح حلق ثم ضمد راسه
بسك وزار البيت وعليه قميص
وكان متمتعا ( 4 ) والسك بالضم والتشديد طيب مركب
مع غيره .
وصحيح معاوية بن عمار عن
الامام الصادق عليه السلام : سئل ابن عباس
……………………………………………
1 - الوسائل باب 18 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 1 .
2 - الوسائل باب 13 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 7 .
3 - الوسائل باب 14 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 3 .
4 - الوسائل باب 13 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 10 .
[ . . . ]
هل كان رسول الله صلى الله
عليه وآله يتطيب قبل أن يزور البيت ؟ قال : رأيت رسول
الله صلى الله عليه وآله يضمد
رأسه بالمسك قبل ان يزور ( 1 ) .
وموثق اسحاق بن عمار عن أبي
إبراهيم عليه السلام عن المتمتع اذا حلق
رأسه ما يحل له ؟ فقال عليه
السلام : كل شئ الا النساء ( 2 ) .
أقول : أما موثق إسحاق
فدلالته بالاطلاق ، فيقيد بما مر ، وأما صحيحا ابن
عمار والبجلي ، فهما من قبيل
القضية في واقعة ، فلعل حجهما كان في غير التمتع ، بل
وكذلك خبر الخزاز بناءا على
ما في بعض النسخ مقنعا بدل متمتعا فيبقى صحيح
سعيد .
والجواب عنه بانه ليس في نقل
الشيخ اياه لفظ قبل ان يزور البيت وعليه
فيحمل بقرينة ما تقدم على
بعد زيارة البيت وطوافه : غير تام ، فانه مضافا الى الأصل
الذي أسسوه عند دوران الامر
بين الزيادة والنقيصة من أنه يبني على وجود الزيادة -
ينافيه ما ذكره صاحب الجواهر
- ره - من وجوده في النسخة الصحيحة من الكافي ،
فيتعين الجواب عنه بما افاده
الشهيد - ره - بانه متروك ، إذ لم يعلم من الاصحاب من
عمل به ، فهو شاذ موافق
للعامة فيطرح أو يحمل على التقية .
الثالثة : ما يدل على أنه
يحل كل شئ الا النساء برمي جمرة العقبة كخبر
الحسين بن علوان عن جعفر عن
أبيه عن علي عليه السلام أنه كان يقول : اذا رميت
جمرة العقبة فقد حل لك كل شئ
حرم عليك الا النساء ( 3 ) ونحوه المحكي عن الفقه
……………………………………………
1 - الوسائل باب 14 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 2 .
2 - الوسائل باب 13 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 8 .
3 - الوسائل باب 13 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 11
[ . . . ]
المنسوب الى مولانا الرضا
عليه السلام ( 1 ) وأفتى بمضمونها الصدوقان
ولكن الاول ضعيف ، لان
الحسين بن علوان عامي لم يوثق ، والثاني لم يثبت
كونه كتاب رواية فضلا عن
اعتباره .
الرابعة ما يدل على بقاء
حرمة الصيد ، وهو صحيح ابن عمار المتقدم ، اذ تقييد
الصيد بالحرمي يلزم منه كون
الاستثناء منقطعا ، قالوا : والآية الكريمة ايضا تدل عليه
( لا تقتلوا الصيد وأنت حرم
) ( 2 ) لصدق ذلك بحرمة الطيب والنساء ، وكذلك
الاستصحاب ، وقد أفتى جمع من
الاصحاب به ، والفرق بين حرمته من جهة الاحرام
أو الحرم يظهر في أكل لحمه .
أقول : أما الاستصحاب فمضافا
الى عدم جريانه في الاحكام يخرج عنه بما
تقدم .
وأما الآية الكريمة فظاهرة
في حرمته مادام كونه محرما ، وهو لا يشمل من حرم
عليه شئ خاص كما لا يخفى .
وأما الصحيح فهو يدل على
بقاء حرمة الصيد وظاهره - ولا أقل من المحتمل
- هو : حرمة الاصطياد بان
يكون المراد به المعنى المصدري ، ولا دلالة فيه على كون
حرمته حرمة إحرامية بل يلائم
مع كونها حرمية ، ولا نسلم كون الاستثناء منقطعا
حينئذ إذ المستثنى منه حرمة
المحرمات ، أما كون جهة الحرمة هو الاحرام فغير دخيل
فيه ، فالاستثناء متصل على
المتقديرين ، وعليه فما تقدم من النصوص يصلح بيانا لهذ ا
المجمل ، فالاظهر هو حلية ما
عدا الطيب والنساء بالحلق أو التقصير .
……………………………………………
1 - المستدرك باب 11 من
ابواب الحلق والتقصير حديث 4 .
2 - المائدة الآية 95
[ . . . ]
فرع : اختلفوا في أنه هل
يحصل التحلل عن غير الامرين بخصوص الحلق
او التقصير وان ترك النسكين
الآخرين لمنى كما عن المبسوط والنهاية والسرائر
والوسيلة والجامع والظاهر
التهذيب والاستبصار ، أو يحصل به وبالرمي كما عن العماني
والمقنع والتحرير والمنتهى
والتذكرة والارشاد والشرائع ، أم يتوقف على حصول
مناسك منى كلها كما عن جماعة
؟ وجوه .
وجه الاول : أكثر النصوص المتقدمة
، فانها متضمنة لتعليق التحلل على الحلق
خاصة .
ووجه الثاني : صحيح منصور
المتقدم .
ووجه الثالث : الاخبار
المتقدمة بدعوى أنها محمولة على الغالب من كون
الحلق بعد النسكين .
ولكن يرد على الاخير : أن
الحمل على الغالب يحتاج الى القرينة ، والانصراف
اليه لو كان فهو بدوي لا
يصلح للتقييد .
ويرد على ما قبله : أن
التقييد بالرمي في كلام السائل لا الامام
وأورد على الاول في المستند
: بان الحكم وإن علق في اكثر الاخبار بما بعد الحلق
إلا أنا قد اثبتنا في الاصول
أن حمل اللفظ على مقتضي أصل الحقيقة إنما هو إذا لم
يكن هناك ما يصلح لان يكون
قرينة على التجوز ، وأما معه ، فلا يجري على أصل
الحقيقة ، بل إن علم كون ذلك
الامر قرينة يحمل على التجوز ، وإن صلح
يتوقف ويعمل بالاصل ، والاصل
هنا مع عدم التحلل إلا بعد الثلاثة ، انتهى .
والقرينة التي ذكرها هي
التعارف والغلبة .
ويرده أولا : أن حمل الاخبار
على الغالب لا يلزم منه التجوز ، بل يلزم تقييد
الاطلاق ، وقد حقق في محله
أنه لا يكون مجازا .
[ فاذا طاف طواف الزيارة حل
الطيب ]
وثانيا : أن التعارف والغلبة
لا يصلح للقرينية ، إذ لا منشأ لتوهم القرينية سوى
الانصراف وقد عرفت ما فيه ،
فلا إيراد على الاول .
نعم يمكن أن يقال : إن صحيح
ابن عمار عن الامام الصادق عليه السلام : اذا
ذبح الرجل وحلق فقد أحل من
كل شئ ( 1 ) . بالمفهوم يدل على عدم التحلل بدون
الذبح ، ويدل على دخالة
الذبح فيه .
وبه يقيد إطلاق بقية النصوص
، ثم يتعدى الى الرمي ويحكم بدخالته أيضا لا
لاجماع المركب ولما يأتي من
المروي عن بصائر الدرجات ، فالاظهر توقفه على
المناسك الثلاثة .
ثم إنه بما ذكرناه يظهر أن
غير المتمتع يحل له الطيب أيضا بالحلق أو التقصير ،
وقد صرح به مضافا ، الى ما
ذكر بعض النصوص وافتى به الاصحاب من غير فرق
بين تقديم طوافه وعدمه
للاطلاق .
الثانية : قيل : إن مما يوجب
الحلية : طواف الزيارة : ( فاذا طاف طواف الزيارة
حل الطيب ) كما في المتن
والمنتهى والشرائع وعن غيرها ، ولكن المشهور بين
الاصحاب كما في الجواهر :
توقف الحلية على ضم السعي أيضا .
واستدل للاول بصحيح منصور عن
أبي عبد الله عليه السلام : اذا كنت متمتعا
فلا تقربن شيئا فيه صفرة حتى
تطوف بالبيت ( 2 ) .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 13 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 1 .
2 - الوسائل باب 18 من ابواب
تروك الاحرام حديث 12
[ . . . ]
وخبر المفضل بن عمر المروي
عن بصائر الدرجات عن أبي عبد الله عليه
السلام : فاذا أردت المتعة
في الحج - الى أن قال - ثم أحرمت بين الركن والمقام بالحج
فلا تزال محرما حتى تقف
بالمواقف ثم ترمي الجمرات وتذبح وتغتسل ثم تزور البيت
فاذا أنت فعلت ذلك أحللت ( 1
) الحديث .
بل عن كشف اللثام عدم توقفه
على صلاة الطواف ، لاطلاق النص والفتوى .
ويشهد للثاني : صحيح معاوية
المتقدم : فاذا زار البيت وطاف وسعى بين الصفا
والمروة فقد أحل من كل شئ
أحرم منه إلا النساء .
وصحيح منصور عن الامام
الصادق عليه السلام عن رجل رمى وحلق أيأكل
شيئا فيه صفرة ؟ قال عليه
السلام : لا ، حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم قد
حل له كل شئ الا النساء حتى
يطوف بالبيت طوافا آخر ثم قد حل له النساء ( 2 ) .
وصحيح آخر لمعاوية عنه عليه
السلام - الطويل - في زيارة البيت يوم النحر ،
وفي آخرة : ثم اخرج الى
الصفا فاصعد عليه واصنع كما صنعت يوم دخلت مكة ثم ائت
المروة فاصعد عليها وطف
بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة ، فاذا فعلت
ذلك فقد أحللت من كل شئ
أحرمت منه إلا النساء ( 3 ) الحديث ، ونحوها غيرها .
ومفهوم هذه النصوص : أنه إن لم
يطف بالبيت ، أو طاف ولم يسع بين الصفا
والمروة لا يحل له الطيب ،
والنسبة بينه حينئذ وبين مفهوم غاية الخبر الاول ومنطوق
الثاني هي العموم من وجه ،
فيرجع الى أخبار الترجيح ، والترجيح مع الطائفة الثانية ،
لاصحية أسنادها ، ولكونها
مشهورة بين الاصحاب .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 2 من ابواب
اقسام الحج حديث 30
2 - الوسائل باب 13 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 2 .
3 - الوسائل باب 4 من ابواب
زيارة البيت حديث 1
[ ويحل النساء بطوافهن ]
وهل يتوقف التحلل على صلاة
الطواف ، أم لا كما هو المنسوب الى ظاهر
الاصحاب ؟ الظاهر : هو
التوقف عليها ، للتصريح به في صحيح ابن عمار المتقدم آنفا ،
فان فيما قبل ما نقلناه منه
: ثم صل عند مقام إبراهيم ركعتين - الى أن قال - فاذا فعلت
ذلك فقد أحللت الى آخره ،
ولان الظاهر مما دل على اعتبار السعي فيه أن المحلل
هو المركب من الطواف والسعي
وما بينهما من الاعمال .
ولو قدم الطواف على مناسك ،
منى كما في المفرد والقارن والمتمتع عند الضرورة
أو بدونها ان جوزناه ، فهل
يتحلل من الطيب أم لا ؟ نسب سيد المدارك الاول الى
بعض الاصحاب ، واستوجهه
الشهيد الثاني ره ، واختار هو الثاني .
ويشهد به : خبر بصائر
الدرجات المتقدم : ثم أحرمت بين الركن والمقام بالحج
فلا تزال محرما حتى تقف
المواقف ثم ترمي وتذبح وتغتسل ثم تزور البيت - الى أن
قال - فاذا فعلت ذلك فقد
أحللت .
الثالثة : ( ويحل النساء
بطوافهن ) بلا خلاف معتد به أجده فيه ، بل الاجماع
بقسميه عليه كذا في الجواهر
.
ويشهد به : جملة من النصوص
كصحاح ابن عمار ومنصور وغيرها المتقدمة
جميعا ، إنما الكلام في
موارد :
1 - هل تتوقف الحلية على
صلاة طواف النساء ايضا كما عن الهداية والاقتصاد
وفي الجواهر والمستند وغيرهما
، أم لا تتوقف عليها كما هو مقتضي اطلاق اكثر الفتاوي
منها ما في الكتاب ؟ الظاهر
هو الاول ، لان اكثر النصوص وأن كانت مطلقة الا أن في
[ . . . ]
ذيل صحيح ابن عمار المتقدم :
ثم ارجع الى البيت وطف به اسبوعا آخر ثم تصلي
ركعتين عند مقام إبراهيم
عليه السلام ثم قد أحللت من كل شئ وفرغت من حجك
كله وكل شئ أحرمت منه ( 1 )
.
واحتمال كون ذلك لتوقف
الفراغ عليها لاجل النساء خلاف الظاهر .
2 - كما يحرم النساء على
الرجال قبل طوافهن كذلك يحرم الرجال على النساء
قبل ذلك الطواف ، كما صرح به
جماعة .
وقد استدل له في الجواهر
بوجوه :
الاول : الاصل ومراده
الاستصحاب ، فانه بالاحرام حرم عليهن الرجال ، فما
لم يطفن طواف النساء ، لا
يعلم بتحقق الحلية فيستصحب الحرمة .
وفيه : ما ذكرناه غير مرة في
هذا الشرح من أن الاستصحاب في الاحكام
الكلية غير جار لكونه محكوما
لاستصحاب عدم الجعل .
الثاني : الآية الشريفة : (
فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) ( 2 ) .
بتقريب : أن الرفث هو الجماع
بالنص الصحيح كما مر .
وفيه : ما سيأتي في طواف
النساء من كونه خارجا عن الحج .
الثالث : الاجماع والاخبار
على حرمة الرجال عليهن بالاحرام .
وفيه : ان محل الكلام هو الحرمة
عليهن بعد خروجهن عن الاحرام ، فان كان
مفاد الدليل حرمتهم عليهن ما
دام الاحرام فلا ربط له بالمقام حيث خرجن عن
الاحرام .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 4 من ابواب
زيارة البيت حديث 1 .
2 - البقرة آية 197
[ . . . ]
الرابع : قاعدة الاشتراك
وفيه : ان قاعدة الاشتراك
انما هي في الحكم مع وحدة المتعلق ، ومتعلق الحكم
هنا بالنسبة الى الرجال هي
النساء ، وما يريد إثباته لهن هو حرمة الرجال ، فلا مورد
لها ، مع أن العمومات تدل
على حلية كل شئ سوى الطيب والنساء بالحلق وهي
متناولة للمرأة ومن جملة ذلك
الرجال ، وهذا إيراد آخر على الاستصحاب .
فالصحيح أن يستدل له بالنصوص
كصحيح العلاء والبجلي وعلي بن رئاب
وعبد الله بن صالح كلهم
يروونه عن أبي عبد الله عليه السلام : المرأة المتمتعة اذا
قدمت مكة ثم حاضت تقيم ما
بينها وبين التروية فان طهرت طافت بالبيت وسعت
بين الصفا والمروة ، وان لم
تطهر الى يوم التروية اغتسلت واحتشت ثم سعت بين الصفا
والمروة ثم خرجت الى منى ،
فاذا قضت المناسك وزارت بالبيت طافت بالبيت طوافا
لعمرتها ثم طافت طوافا للحج
ثم خرجت فسعت فاذا فعلت ذلك فقد احلت من كل
شئ يحل منه المحرم الا فراش
زوجها ، فاذا طافت طوافا آخر حل لها فراش
زوجها ( 1 ) .
وخبر عجلان عنه عليه السلام
في حديث : فاذا قدمت مكة طافت بالبيت
طوافين ثم سعت بين الصفا
والمروة فاذا فعلت ذلك فقد حل لها كل شئ ، ما خلا
فراش زوجها ( 2 ) .
فما عن مختلف المصنف ومسالك
الشهيد من عدم الظفر بدليلة ، في غير محله ،
لدلالة النصوص عليه .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 84 من ابواب
الطواف حديث 1 .
2 - الوسائل باب 84 من ابواب
الطواف حديث 2
[ . . . ]
3 - صرح بعضهم بان الصبي
المميز اذا حج يحرم عليه النساء بعد البلوغ لو
ترك طواف النساء بل ظاهر
الحدائق : أنه تحرم عليه النساء وان طاف طواف النساء
في حال الصغر
قال : وأما الصبي فالظاهر
أنه في حكمه كما صرحوا به وان لم يتعلق به تحريم
حيث انه غير مخاطب شرعا الا
ان الاحرام في حقه كالحدث في حال الصغر ، فانه
موجب للطهارة وان تخلف اثره
، لفقد شرطه كالبلوغ أو وجود مانع كالحيض فمتى
وجد شرطه وزال مانعه عمل
عمله ، فكما أنه تحرم الصلاة على الصبي بعد البلوغ
بالحدث السابق حتى يتطهر
كذلك تحرم عليه النساء بعد البلوغ بالاحرام السابق
حتى ياتي بطواف النساء ،
انتهى .
وفيه : ان الحدث انما يؤثر
من دون ان يتوقف على تكليف شرعي به ، وان شئت
قلت : ان الطهارة شرط وهي
تتوقف على سبب ، وليس الاحرام وحرمة النساء كذلك
بل المحرم هو الاحرام الشرعي
، وعليه فان كانت عبادات الصبي شرعية فكما يصح
إحرامه وينعقد ويترتب عليه
آثاره كذلك يصح طوافه ويترتب عليه اثره وهو حلية
النساء وإن كانت غير شرعية
فالاحرام لا يؤثر في الحرمة ، فلا اشكال فيما اذا طاف
طواف النساء ، وإن تركه فعلى
القول بشرعية احرامه يحرم عليه النساء بعد البلوغ
الا اذا طاف طواف النساء ،
فانه بعد البلوغ يصدق عليه أنه حج ولم يطف فتشمله
الادلة .
وأما غير المميز فقطع الشهيد
بكونه كالمميزان احرم به الولي ، وقد تقدم في
اوائل كتاب الحج تفصيل القول
في مشروعية إحرامه وعدمها ، والحكم هنا يبتني على
تلك المسألة كما لا يخفي .
[ الفصل الخامس : في بقية
المناسك ، فذا تحلل بمنى مضى ليومه أو
غده ان كان متمتعا ، ويجوز
للقارن والمفرد طول ذي الحجة الى مكة لطواف
الحج ويصلي ركعتيه ثم يسعى
للحج ثم يطوف للنساء كل ذلك سبعا ثم
يصلي ركعتيه ، وصفة ذلك كما
قلنا في أفعال العمرة ، وطواف النساء واجب
على كل حاج . ]
الرجوع
الى مكة للاتيان ببقية المناسك
( الفصل الخامس : في بقية
المناسك ، فاذ تحلل بمنى مضى ليومه أو غده )
وجوبا او استحبابا على
الخلاف الآتي ( ان كان متمتعا ، ويجوز للقارن والمفرد طول
ذي الحجة ) بلا خلاف ( الى
مكة لطواف الحج ويصلي ركعتيه ، ثم يسعي للحج ،
ثم يطوف للنساء ، كل ذلك
سبعا ثم يصلي ركعتيه وصفة ذلك كما قلناه في أفعال
العمرة ، وطواف النساء واجب
على كل حاج ) بلا خلاف في ذلك كله ، وتفصيل هذا
الاجمال في طي مسائل :
الاولى : لا خلاف بينهم في
رجحان أن يمضي الى مكة يوم النحر وغده
إنما الخلاف في أنه هل يجب
أم يستحب ؟ ذهب المفيد والمرتضي وسلار والمحقق
في الشرائع والمصنف في جملة
من كتبه وغيرهم الى الاول ، بل في التذكرة : آخر وقت
هذا الطواف اليوم الثاني من
أيام النحر للمتمتع عند علمائنا ، انتهى .
وعن السرائر والمختلف
والدروس نسبته الى سائر المتاخرين .
وعن الغنية والكافي والذخيرة
جواز التأخير الى آخر أيام التشريق ، ولا يجوز
التأخير عنه .
وأما النصوص فهي طوائف :
الاولى : ما ظاهره عدم جواز التأخير عن يوم
[ . . . ]
النحر كصحيح ابن عمار عن
الامام الصادق عليه السلام في زيارة البيت يوم النحر ،
قال عليه السلام : زره فان
شغلت فلا يضرك ان تزور البيت من الغد ، ولا تؤخر أن
تزور من يومك فانه يكره
للمتمتع أن يؤخر ، وموسع للمفرد ان يؤخره ( 1 ) .
وصحيح محمد بن مسلم عن
الامام الباقر عليه السلام عن المتمتع متى يزور
البيت ؟ قال عليه السلام يوم
النحر ( 2 ) .
وصحيح منصور عن الامام
الصادق عليه السلام : لا يبيت المتمتع يوم النحر
بمنى حتى يزور البيت ( 3 )
ونحوها غيرها .
الثانية : ما يدل على عدم
جواز التأخير عن ليلته كصحيح الحلبي عنه عليه
السلام : ينبغي للمتمتع أن
يزور البيت يوم النحر أو من ليلته ، ولا يؤخر ذلك ( 4 ) .
الثالثة : ما يدل على جواز
التأخير الى الغد ، ولا يجوز التأخير عنه كصحيح
آخر لمعاوية عنه عليه السلام
عن المتمتع متى يزور البيت ؟ قال عليه السلام : يوم
النحر أو من الغد ولا يؤخر ،
والمفرد والقارن ليسا بسواء موسع عليهما ( 5 ) .
الرابعة : ما يدل على جواز
التأخير الى آخر أيام التشريق ، قيل : وعلى عدم
جواز التأخير كصحيح عبد الله
بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام : لا بأس أن
تؤخر زيارة البيت الى يوم
النفر ، إنما يستحب تعجيل ذلك مخافة الاحداث
……………………………………………
1 - الوسائل باب 1 من ابواب
زيارة البيت حديث 1 .
2 - الوسائل باب 1 من ابواب
زيارة البيت حديث 5 .
3 - الوسائل باب 1 من ابواب
زيارة البيت حديث 6 .
4 - الوسائل باب 1 من ابواب
زيارة البيت حديث 7 .
5 - الوسائل باب 1 من ابواب
زيارة البيت حديث 8
[ . . . ]
والمعاريض ( 1 ) .
وموثق إسحاق بن عمار عن ابي
إبراهيم عليه السلام عن زيارة البيت تؤخر
الى اليوم الثالث ، قال عليه
السلام : تعجيلها أحب إلي ، وليس به بأس إن أخره ( 2 ) .
وصحيح البزنطي عن الحلبي عن
ابي عبد الله عليه السلام عن رجل أخر
الزيارة الى يوم النفر ، قال
عليه السلام : لا بأس ، ولا يحل له النساء حتى يزور البيت
ويطوف طواف النساء ( 3 ) .
الخامسة : ما يدل على جواز
التأخير الى آخر ذي الحجة كصحيح الحلبي عن
الامام الصادق عليه السلام
عن رجل نسي أن يزور البيت حتى أصبح ، قال عليه
السلام : لا بأس أنا ربما
أخرته حتى تذهب ايام التشريق ، ولكن لا تقرب النساء
والطيب ( 4 ) .
وصحيح هشام عنه عليه السلام
: لا بأس ان اخرت زيارة البيت الى أن يذهب
أيام التشريق الا أنك لا
تقرب النساء ولا الطيب ( 5 ) وهما وإن لم يصرحا بجواز
التاخير الى آخر ذي الحجة
الا أنهما بالاطلاق يدلان عليه هذه ، جميع نصوص الباب .
والحق في الجمع بين النصوص
أن يقال : إن الطائفتين الاخيرتين صريحتان في
جواز التأخير عن يوم النحر وغده
، ولاجلهما يحمل الطوائف الثلاث الاولة على
الاستحباب .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 1 من ابواب
زيارة البيت حديث 9 .
2 - الوسائل باب 1 من ابواب
زيارة البيت حديث 10
3 - الوسائل باب 1 من ابواب
زيارة البيت حديث 11
4 - الوسائل باب 1 من ابواب
زيارة البيت حديث 2 .
5 - الوسائل باب 1 من ابواب
زيارة البيت حديث 3
[ . . . ]
فان قيل : متى امكن الجمع
الموضوعي لاتصل النوبة الى الجمع الحكمي ، وفي
المقام يمكن الاول بحمل
الاخيرتين على القارن والمفرد ، لصراحة نصوص الطوائف
الاولة في المتمتع .
قلنا : ان نصوص الطائفة
الاخيرة ظاهرة في المتمتع ، للنهي عن الطيب ، لما
عرفت من أن المفرد والقارن
يحل لهما الطيب بالحلق أو التقصير ، فيتعين الجمع بما
ذكرناه .
وأما الطائفتان الاخيرتان
فالاولى منهما لا تدل على عدم جواز التأخير عن
أيام التشريق الا على القول
بمفهوم الوصف ، ولا يتوهم دلالة الموثق عليه بمفهوم
الشرط ، فان الشرط فيه سيق
لبيان تحقق الموضوع ، وعليه فلا معارض للطائفة
الاخيرة وعلى فرض دلالتها
على عدم جواز التأخير عنها - الجمع بينهما يقتضي البناء
على استحباب التقديم .
ودعوى أنه يمكن الجمع بحمل
الاخيرة على غير العامد ، فيها : أنه لا وجه
له ، ولا يمكن في صحيح
الحلبي ، لقوله عليه السلام : أنا ربما أخرته ، فتحصل : أن
الاظهر جواز تأخيره الى آخر
ذي الحجة .
نعم لا يجوز التأخير عنه ،
لخروج أشهر الحج حينئذ التي يجب ايجاد افعال
الحج فيها .
ثم إن اكثر من افتى بعدم
جواز التأخير - ذهبوا الى أنه لو أخر أثم ويجزيه
طوافه وسعيه اذا أو قعهما في
ذي الحجة .
وعن الغنية والوسيلة عدم
الاجزاء .
واستدل للاجزاء في الحدائق :
بان غاية ثمرة النهي التأثيم ، والنهي إنما توجه
الى أمر خارج عن العبادة وهو
التأخير فلا يوجب بطلانها .
[ . . . ]
وفيه : ان الامر والنهي في
العبادات المركبة الظاهران في الشرطية أو الجزئية
والمانعية أو القاطعية
فالاصح ان يستدل له بأن نصوص التأخير إن لم تصلح لصرف
ما ظاهره حرمة التأخير - لا
ريب في صلاحيتها للدلالة على الاجزاء الذي هو
صريحها .
هذا كله في المتمتع ، وأما
القارن والمفرد فيجوز لهما التأخير ، إذ مضافا الى
اختصاص دليل المنع عن
التأخير بالمتمتع - بعض تلك النصوص مصرح ، بالتوسعة
عليهما .
ومقتضي اطلاقه ، والاصل ،
والاجماع المركب ، وما دل على أن وقت افعال الحج
الى آخر ذي الحجة - جواز
التأخير اليه كما هو المشهور بين الاصحاب .
أضف اليه : أولوية ذلك من
تأخير المتمتع الذي عرفت جوازه .
فما عن صريح الكافي وظاهر
الغنية والاصباح أنه لا يجوز لهما التأخير عن أيام
التشريق ، غير تام ، لعل
وجهه إطلاق نصوص الطائفة الرابعة ، ولكن قد مر عدم
دلالتها على عدم جواز
التأخير عنها ، فراجع .
الثانية ، ومناسكه حينئذ
بمكة طواف البيت للحج وركعتاه والسعي ، وقد مر
كيفية الثلاثة وواجباتها
ومستحباتها وأحكامها في العمرة ، والجمع في الموردين على
السواء فلا نعيد ، كما أنه
قد تقدم وجوب تأخير هذا الطواف والسعي عن الحلق أو
التقصير - في المسألة
الرابعة من مسائل الحلق ، فراجع .
[ . . . ]
الثالثة : يجب بعد طواف
الزيارة والسعي طواف النساء في الحج بانواعه اجماعا
محققا ومحكيا مستيضا جدا كذا
في المستند ، وفي الجواهر : إجماعا بقسميه ، بل المحكي
منهما مستفيض انتهى ، وفي
المنتهى : هذا الطواف المسمى بطواف النساء فرض واجب
على الرجال والنساء والخصيان
من البالغين وغيرهم ، وذهب اليه علماؤنا أجمع ، وأطبق
الجمهور على أنه ليس بواجب ،
انتهى ، ومثله ما في التذكرة .
ويشهد به : أخبار كثيرة
كصحيح معاوية بن عمار عن الامام الصادق عليه
السلام : على المتمتع
بالعمرة الى الحج ثلاثة اطواف بالبيت وسعيان بين الصفا والمروة ،
وعليه اذا قدم مكة طواف
بالبيت ، وركعتان عند مقام إبراهيم عليه السلام ، وسعي بين
الصفا والمروة ، ثم يقصر وقد
أحل هذا للعمرة ، وعليه للحج طوافان وسعي بين الصفا
والمروة ، ويصلي عند كل طواف
بالبيت ركعتين عند مقام ابراهيم ( 1 ) .
وصحيح منصور عنه عليه السلام
: على المتمتع بالعمرة الى الحج ثلاثة اطواف
بالبيت ، ويصلي لكل طواف
ركعتين وسعيان بين الصفا والمروة ( 2 ) .
وصحيح معاوية عنه عليه
السلام : المفرد للحج عليه طواف بالبيت وركعتان
عند مقام إبراهيم وسعي بين
الصفا والمروة وطواف الزيارة وهو طواف النساء ( 3 ) .
وصحيح الحلبي عنه عليه
السلام : إنما نسك الذي يقرن بين الصفا والمروة مثل
……………………………………………
1 - الوسائل باب 2 من ابواب
أقسام الحج حديث 8 .
2 - الوسائل باب 2 من ابواب
اقسام الحج حديث 9 .
3 - الوسائل باب 2 من ابواب
اقسام الحج حديث 13
[ . . . ]
نسك المفرد ليس بأفضل منه
إلا بسياق الهدي ، وعليه طواف بالبيت وصلاة ركعتين
خلف المقام وسعي واحد بين
الصفا والمروة وطواف بالبيت بعد الحج ( 1 ) الى غير ذلك
من النصوص الكثيرة ، وتمام
الكلام في هذه المسألة في طي فروع .
1 - بعد ما عرفت من وجوب
طواف النساء في كل حج ، يقع الكلام في أنه هل
يجب في العمرة أم لا ؟
والكلام فيه في موردين :
الاول : في العمرة المفردة ،
فالمشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة وجوبه فيها ،
بل لم يعرف الخلاف الا عن الجعفي
، بل في التذكرة : هذا الطواف واجب في الحج
والعمرة المبتولة عند
علمائنا أجمع .
ويشهد به : صحيح محمد بن
عيسى كتب أبو القاسم مخلد بن موسى الرازي
الى الرجل يسألة عن العمرة
المبتولة هل على صاحبها طواف النساء والعمرة التي
يتمتع بها الى الحج ؟ فكتب
عليه السلام : أما العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف
النساء ، وأما التي يتمتع
بها الى الحج فليس على صاحبها طواف النساء ( 2 ) .
وخبر إسماعيل بن رياح ، سألت
أبا الحسن عليه السلام عن مفرد العمرة عليه
طواف النساء ؟ قال عليه
السلام : نعم ( 3 ) ونحوهما غيرهما من النصوص الصحيحة
وغير الصحيحة المنجبرة
بالعمل .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 2 من ابواب
اقسام الحج حديث 6 .
2 - الوسائل باب 82 من ابواب
الطواف حديث 1 .
3 - الوسائل باب 82 من ابواب
الطواف حديث 8
[ . . . ]
واستدل للجعفي بجملة من
النصوص كخبر علي بن يقطين عن أبي الحسن
عليه السلام عن مفرد العمرة
عليه طواف النساء ؟ قال عليه السلام : ليس عليه طواف
النساء ( 1 ) ونحوه غيره من
النصوص الصريحة أو الظاهرة في عدم الوجوب ، لكن
لاعراض الاصحاب عنها ،
ومعارضتها مع النصوص المتقدمة على وجه لا يمكن الجمع
بينهما كما يظهر لمن جمع قوله
عليه السلام في تلك النصوص : في مفرد العمرة على
صاحبها طواف النساء ، مع
قوله في هذه النصوص : ليس على صاحبها طواف النساء ،
فانه يراهما العرف متعارضين
، والترجيح معها ، للشهرة وموافقة هذه للعامة - لابد من
طرحها .
الثاني : في العمرة المتمتع بها
، فالمشهور بين الاصحاب عدم وجوبه فيها
ويشهد به : صحيح محمد بن
عيسى المتقدم في المورد الاول ، وصحيحا معاوية
ومنصور المتقدمان في أول
البحث .
وصحيح صفوان ، سأله أبو حارث
عن رجل تمتع بالعمرة الى الحج فطاف
وسعى وقصر هل عليه طواف
النساء ؟ قال عليه السلام : لا إنما طواف النساء بعد
الرجوع من منى ( 2 ) .
والاخبار الكثيرة الدالة على
حلية كل شئ بالتقصير بعد السعي كصحيح
معاوية بن عمار عن الامام
الصادق عليه السلام : اذا فرغت من سعيك وأنت متمتع
فقصر من شعرك من جوانبه
ولحيتك وخذ من شاربك وقلم أظفارك وابق منها لحجك
فاذا فعلت ذلك فقد أحللت من
كل شئ يحل منه المحرم وأحرمت منه ( 3 ) الحديث ،
……………………………………………
1 - الوسائل باب 82 من ابواب
الطواف حديث 9 .
2 - الوسائل باب 82 من ابواب
الطواف حديث 6 .
3 - الوسائل باب 1 من ابواب
التقصير حديث 4 .
[ . . . ]
ونحوه غيره .
والنصوص الواردة في مجامعة
النساء قبل التقصير الدالة على الاكتفاء في تلك
الحالة ، بقطع شئ من الشعر ،
كحسن الحلبي عن ابي عبد الله عليه السلام ، قال له :
جعلت فداك اني لما قضيت نسكي
للعمرة أتيت أهلي ولم أقصر ، قال : عليك بدنة ، قلت :
اني لما أردت ذلك منها ولم
تكن قصرت امتنعت فلما غلبتها قرضت بعض شعرها
بأسنانها ، قال : رحمها الله
كانت أفقه منك ، عليك بدنة وليس عليها شئ ( 1 ) ونحوه
غيره .
وليس بازاء جميع هذه النصوص
المعمول بها سوى خبر المروزي عن الفقيه
عليه السلام : اذا حج الرجل
فدخل مكة متمتعا فطاف بالبيت وصلى ركعتين خلف
مقام ابراهيم عليه السلام
وسعى بين الصفا والمروة وقصر فقد حل له كل شئ ما خلا
النساء لان عليه لتحله
النساء طوافان وصلاة ( 2 ) .
واورد عليه تارة بانه ضعيف
سندا كما في الجواهر ، ولعل نظره الشريف الى
الراوي عن المروزي وهو محمد بن
عيسى ، الظاهر بقرينة الراوي والمروي عنه في
البغدادي اليونسي ، وقد ضعفه
جمع ، منهم : الشيخ وابن طاوس والشهيد الثاني والمحقق
وكاشف الرموز والمصنف وسيد
المدارك وغيرهم .
واخرى بانه قاصر دلالة ،
لاحتمال ان يكون المراد بالطواف والسعي الذين
ليس له الوطء بعدهما إلا بعد
طواف النساء ما يكون للحج ، على ما أفاده الشيخ ره .
ولكن يدفع الاول : ان جماعة
آخرين وثقوه ، وقد اختار المصنف - ره - اخيرا
……………………………………………
1 - الوسائل باب 3 من ابواب
التقصير حديث 2 .
2 - الوسائل باب 82 من ابواب
الطواف حديث 7
[ . . . ]
قبول روايته ، وهوالحق ، لان
الذين ضعفوه تبعوا الشيخ ره ، وهو - قده - يبتني تضعيفه
على تضعيف الصدوق التابع
لابن الوليد ، وكلام ابن وليد ليس دالا على الجرح في
الرجل ، بل على عدم الاعتماد
على خصوص ما رواه عن يونس ، ولتفصيل القول في
ذلك محل آخر .
ويدفع الثاني : ان ظاهر قوله
: دخل مكة متمتعا فطاف هو الدخول الاول
للعمرة ، فالطواف ظاهر في
طوافه ، فالحق انه لا قصور فيه سندا ودلالة .
نعم حيث لا يمكن الجمع بينه
وبين ما تقدم ، والاصحاب أعرضوا عنه ،
ومعارضه مشهور بين الاصحاب
وسنده أصح فيقدم عليه .
2 - لا يختص وجوب طواف
النساء بالرجال ، بل يجب على النساء والخناثى
والخصيان بلا خلاف ، وعن غير
واحد دعوى الاجماع عليه .
ويشهد به : صحيح علي بن
يقطين عن أبي الحسن عليه السلام عن الخصيان
والمرأة الكبيرة أعليهم طواف
النساء ؟ قال عليه السلام : نعم عليهم الطواف كلهم ( 1 ) .
وقد تقدم في المواطن الثالث
ثبوته على الصبيان ايضا كما تقدم تنقيح القول في توقف
حلية الرجال للنساء عليه .
3 - طواف النساء كطواف
العمرة والحج كيفية وشرطا وصلاة واحكاما الاما
ياتي ، لوحدة الادلة في
الجميع .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 2 من ابواب
الطواف حديث 1
[ . . . ]
وجوب
تقديم السعي على طواف النساء
4 - المعروف من مذهب الاصحاب
: أن الطواف النساء بعد السعي في الحج و
العمرة ، ولا يجوز تقديمه
عليه اختيارا ، ويجوز مع الضرورة ، أو خوف الحيض ، فهاهنا
أحكام :
يشهد للحكم الاول وهو : عدم
جواز التقديم اختيارا : صحيح معاوية بن عمار
عن الامام الصادق عليه
السلام في حديث في زيارة البيت يوم النحر : ثم طف بالبيت
سبعة أشواط كما وصفت لك يوم
قدمت مكة ثم صل عند مقام إبراهيم عليه السلام
ركعتين تقرأ فيهما - الى أن
قال - ثم ائت المروة فاصعد عليها وطف بينهما سبعة أشواط
تبدأ بالصفا وتختم بالمروة
فاذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شئ احرمت منه الا
النساء ، ثم ارجع الى البيت
وطف به اسبوعا آخر ، ثم تصلي ركعتين عند مقام ابراهيم
عليه السلام : الحديث ( 1 )
.
ومرسل أحمد بن محمد عمن ذكره
، قلت لابي الحسن عليه السلام : جعلت
فداك متمتع زار البيت فطاف
طواف الحج ثم طاف طواف النساء ثم سعى ، قال عليه
السلام : لا يكون السعي الا
من قبل طواف النساء ، فقلت : أفعليه شئ ؟ فقال عليه
السلام : لا يكون السعي إلا
قبل طواف النساء ( 2 ) ونحوهما في ذلك صحيح الفضلاء
المتقدم ( 3 ) .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 4 من ابواب زيارة البيت حديث 1 .
2 - الوسائل باب 65 من ابواب
الطواف حديث 1 .
3 - الوسائل باب 84 من ابواب
الطواف حديث 1
[ . . . ]
ولا يعارضها : موثق سماعة عن
أبي الحسن الماضي عليه السلام عن رجل طاف
طواف الحج وطواف النساء قبل ان
يسعي بين الصفا والمروة ، قال عليه السلام : لا
يضره ، يطوف بين الصفا
والمروة وقد فرغ من حجه ( 1 ) لا من جهة حمله على الناسي كما
أفاده الشيخ ره ، وتبعه صاحب
الحدائق ره ، فانه لا وجه له ، ولا من جهة حمله على
إرادة الاجزاء وحمل ما تقدمه
على الحكم التكليفي ، فان نصوص عدم الجواز ايضا ظاهرة
في الحكم الوضعي ، ولازمه
عدم الاجزاء لو قدم ، بل من جهة كونه شاذا ومخالفا لاجماع
الامة .
وأما الحكمان الآخران فقد
استدل لهما بوجوه :
الاول : ادلة نفي الحرج .
وفيه : أنها لا تصلح لالغاء
شرطية الشرط وجزئية الجزء ، بل هي أن شملت
موردا يلزم منها نفي الحكم ،
والامر بالمركب كما حقق في محله .
الثاني : ما في الحدائق ،
وهو : أن المستفاد من العمومات أن الضرورات مبيحة
للمحظورات .
وفيه : أنها مبيحة بلا كلام
، وهذا لا ربط له بما هو محل الكلام من سقوط اعتبار
تقديم السعي ، بل سبيلها
سبيل أدلة نفي الحرج .
الثالث : ما في المستند ،
وهو : إطلاق خبر الحسن بن علي عن أبيه عن أبي
الحسن الاول عليه السلام :
لا بأس بتعجيل طواف الحج وطواف النساء قبل الحج
يوم التروية قبل خروجه الى
منى وكذلك من خاف امرا لا يتهيأ له الانصراف الى
مكة أن يطوف ويودع البيت ثم يمر
كما هو من منى اذا كان خائفا ( 2 ) .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 65 من ابواب الطواف حديث 2 .
2 - الوسائل باب 64 من ابواب
الطواف حديث 1
[ . . . ]
وفيه : أنه في تقديم
الطوافين معا على الوقوفين ، ولا يدل على تقديم طواف
النساء على السعي الذي بعد
طواف الحج ، فتدبر .
الرابع : ما في الجواهر ،
وهو : موثق سماعة المتقدم ( 2 ) بدعوي : أن الجمع بينه
وبين غيره يقتضي الحمل على
صورة الضرورة ، وقد عرفت ما فيه ، فاذا لا دليل عليه
سوى تسالم الاصحاب .
وأيده بعضهم بصحيح أبي أيوب
الخزاز ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه
السلام : فدخل عليه رجل ليلا
فقال له : أصلحك الله امرأة معنا حاضت ولم تطف
طواف النساء ، فقال : لقد
سألت عن هذه المسألة اليوم ، فقال : اصلحك الله أنا زوجها
وقد أحببت أن أسمع ذلك منك
فأطرق كأنه يناجي نفسه وهو يقول : لا يقيم عليها
جمالها ولا تستطيع أن تتخلف
عن أصحابها تمضي وقد تم حجها ( 3 ) اذ لو جاز ترك
الطواف من أصله للضرورة جاز
تقديمه بطريق أولى ، وسيأتي الكلام في الصحيح .
5 - لو قدم الطواف على السعي
نسيانا أجزأه على المشهور بين الاصحاب .
ومدركه : موثق سماعة المتقدم
( 1 ) ، وحديث رفع القلم عن الناسي ( 2 ) .
والاول قد مر ما فيه ،
والثاني لا يدل على سقوط الشرطية سيما مع التذكر
والوقت باق .
وبذلك يظهر حال الجاهل ، إذ
مدرك الاجزاء بالنسبة اليه الموثق ، وحديث
الرفع .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 65 من ابواب الطواف حديث 2 .
2 - الوسائل باب 59 من ابواب
الطواف حديث 1 .
3 - الوسائل 65 من ابواب
الطواف حديث 2 .
4 - الوسائل باب 56 من ابواب
جهاد النفس من كتاب الجهاد
[ فاذا فرغ من هذه المناسك رجع
الى منى وبات بها
ليلتي الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة واجبا ]
وقد يستدل له فيه بعموم ما
دل على معذورية الجاهل في أفعال الحج ، ومال اليه
في الجواهر .
وفيه : أنا لم نعثر على عموم
يدل على ذلك ، وإنما دل الدليل على عدم الكفارة
عليه لا على سقوط الجزئية أو
الشرطية ، وطريق الاحتياط معلوم .
6 - لو ترك طواف النساء
فتارة يكون ذلك عن علم وعمد ، واخرى يكون
عن نسيان ، وثالثة يكون عن
جهل ، وقد تقدم الكلام في جميع الفروض في أحكام
الطواف ، وقد بينا هناك أن
ترك طواف النساء عمدا لا يوجب بطلان الحج ، لكونه
واجبا خارجا عن الحج ، فراجع
.
وجوب
العود الى منى للمبيت بها ليالي التشريق
( فاذا فرغ ) الحاج ( من هذه المناسك ) الخمسة بمكة من الطواف
وركعتيه
والسعي وطواف النساء وركعتيه
( رجع الى منى ) إجماعا ، لبقاء مناسك عليه كما ستمر
عليك ( وبات بها ليلتي
الحادى عشر والثاني عشر من ذي الحجة ) مطلقا والثالث
عشر على تفصيل ستسمعه إن شاء
الله تعالى ( واجبا ) بلا خلاف أجده فيه ، بل
الاجماع بقسميه عليه ، كذا
في الجواهر .
وفي المنتهى : قاله علماؤنا
أجمع ، وفي التذكرة : عند علمائنا ووافقنا أكثر من
خالفنا ، كما نقله عنهم في
المنتهى والتذكرة .
وعن الشيخ في التبيان القول
باستحباب المبيت .
وعن الطبرسي استحباب مناسك
منى جميعها السابقة واللاحقة .
وأما ما عن بعض الكتب من جعل
المبيت من السنة أو حصر واجبات الحج
[ . . . ]
في غيره ، أو أنه اذا طاف
النساء تمت مناسكه أو حجه او نحو ذلك ، فليس خلافا في
المسألة ، لجواز ان يكون
المراد بالسنة ما ثبت وجوبه بغير الكتاب ، وحصر واجبات
الحج في غيره لا ينافي وجوبه
كما في طواف النساء على المختار ، ومثله تمامية مناسك
الحج والحج نفسه .
وكيف كان فينبغي اولا نقل
النصوص الواردة في المقام ، ثم بيان ما يستفاد منها .
لاحظ : صحيح معاوية بن عمار
عن أبي عبد الله عليه السلام : اذا فرغت من
طوافك للحج وطواف النساء فلا
تبيت إلا بمنى إلا أن يكون شغلك في نسكك ، وإن
خرجت بعد نصف الليل فلا يضرك
أن تبيت في غير منى ( 1 ) .
وصحيح آخر له عنه عليه
السلام : لا تبت ليالي التشريق إلا في منى فإن بت
في غيرها فعليك دم ، فان
خرجت أول الليل فلا ينتصف الليل الا وأنت بمنى إلا أن
يكون شغلك نسكك أو قد خرجت
من مكة ، وان خرجت بعد ما انتصف الليل فلا
يضرك أن تصبح في غيرها ( 2 )
.
وصحيح صفوان ، قال أبو الحسن
: سألني بعضهم عن رجل بات ليلة من ليالي
منى بمكة فقلت : لا أدري
فقلت له : جعلت فداك ما تقول فيها ؟ فقال عليه السلام :
عليه دم شاة إذا بات ، فقلت
: إن كان إنما حبسه شأنه الذي كان فيه من طوافه وسعيه
لم يكن لنوم ولا لذة أعليه
مثل ما على هذه ؟ قال عليه السلام : ما هذا بمنزلة هذا وما
أحب أن ينشق له الفجر إلا
وهو بمنى ( 3 ) .
وخبر جعفر بن ناجية عن أبي عبد
الله عليه السلام عمن بات ليالي منى
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 1 من ابواب العود الى منى حديث 1 .
2 - الوسائل باب 1 من ابواب
العود الى منى حديث 8 .
3 - الوسائل باب 1 من ابواب
العود الى منى حديث 5 .
[ . . . ]
بمكة ، فقال عليه السلام :
عليه ثلاثة من الغنم يذبحهن ( 1 ) .
وصحيح علي بن جعفر عن أخيه
الامام موسى عليه السلام عن رجل بات
بمكة في ليالي منى حتى أصبح
، قال عليه السلام : إن كان أتاها نهارا فبات حتى اصبح
فعليه دم شاة يهريقه ( 2 ) .
وصحيح العيص بن القاسم عن
أبي عبد الله عليه السلام عن الزيارة من منى ،
قال عليه السلام : إن زار
بالنهار أو عشاء فلا ينفجر الصبح إلا وهو بمنى ، وإن زار
بعد أن انتصف الليل أو السحر
فلا بأس عليه أن ينفجر الصبح وهو بمكة ( 3 ) .
وصحيح محمد بن مسلم عن
أحدهما عليهما السلام أنه قال في الزيارة : اذا
خرجت من منى قبل غروب الشمس
فلا تصبح إلا بمنى ( 4 ) .
وصحيح جميل عن الامام الصادق
عليه السلام : من زار فنام في الطريق فان
بات بمكة فعليه دم ، وإن كان
قد خرج منها فليس عليه شئ ، وإن أصبح دون منى ( 5 ) .
وصحيح محمد بن إسماعيل عن
أبي الحسن عليه السلام في الرجل يزور فينام
دون منى ، فقال عليه السلام
: اذا جاز عقبة المدينين فلا بأس أن ينام ( 6 ) .
وصحيح هشام بن الحكم عن أبي
عبد الله عليه السلام : اذا زار الحاج من منى
فخرج من مكة فجاوز بيوت مكة
فنام ثم أصبح قبل أن يأتي منى فلا شئ عليه ( 7 ) .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 1 من ابواب العود الى منى حديث 6 .
2 - الوسائل باب 1 من ابواب
العود الى منى حديث 23 .
3 - الوسائل باب 1 من ابواب
العود الى منى حديث 4 .
4 - الوسائل باب 1 من ابواب
العود الى منى حديث 3 .
5 - الوسائل باب 1 من ابواب
العود الى منى حديث 16 .
6 - الوسائل باب 1 من ابواب العود
الى منى حديث 15 .
7 - الوسائل باب 1 من ابواب
العود الى منى حديث 17 .
[ . . . ]
وخبر أبي الصباح الكناني ،
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الدلجة الى مكة
أيام منى وأنا أريد أن أزور
البيت ، فقال عليه السلام : لا ، حتى ينشق الفجر كراهية
أن يبيت الرجل بغير منى ( 1
) .
وصحيح العيص ، سألت ابا عبد
الله عليه السلام عن رجل فاتته ليلة من ليالي
منى ، قال عليه السلام : ليس
عليه شئ وقد أساء ( 2 ) .
وصحيح سعيد بن يسار ، قلت
لابي عبد الله عليه السلام : فاتتني ليلة المبيت
بمنى من شغل ، فقال عليه السلام
: لا بأس ( 3 ) .
وخبر علي - والظاهر أنه ابن
أبي حمزة - عن أبي أبراهيم عليه السلام عن
رجل زار البيت فطاف بالبيت
وبالصفا والمروة ثم رجع فغلبته عينه في الطريق فنام
حتى أصبح ، قال عليه السلام
: عليه شاة ( 4 ) .
وخبر ليث المرادي عن أبي عبد
الله عليه السلام عن الرجل يأتي مكة أيام
منى بعد فراغه من زيارة
البيت فيطوف بالبيت تطوعا ، فقال عليه السلام : المقام بمنى
أحب إلي ( 5 ) .
وصحيح جميل عنه عليه السلام
: لا بأس أن يأتي الرجل مكة فيطوف بها في
أيام منى ولا يبيت بها ( 6 )
.
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 1 من ابواب العود الى منى حديث 11 .
2 - الوسائل باب 1 من ابواب
العود الى منى حديث 7 .
3 - الوسائل باب 1 من ابواب
العود الى منى حديث 12 .
4 - الوسائل باب 1 من ابواب
العود الى منى حديث 10
5 - الوسائل باب 2 من ابواب
العود الى منى حديث 5 .
6 - الوسائل باب 2 من ابواب
العود الى منى حديث 1
[ . . . ]
وصحيح رفاعة عنه عليه السلام
عن الرجل يزور البيت في أيام التشريق ،
فقال عليه السلام : نعم إن
شاء ( 1 ) .
وموثق إسحاق بن عمار ، قلت
لابي إبراهيم عليه السلام رجل زار فقضى طواف
حجه كله أيطوف بالبيت أحب اليك
أم يمضي على وجهه الى منى ؟ قال عليه السلام :
أي ذلك شاء فعل ما لم يبت (
2 ) .
وخبر أبي البختري عن جعفر عن
أبيه عن علي عليه السلام في الرجل أفاض
الى البيت فغلبت عيناه حتى
أصبح ، قال عليه السلام : لا بأس عليه ويستغفر الله ولا
يعود ( 3 ) .
وصحيح عيص عن أبي عبد الله
عليه السلام عن الزيارة بعد زيارة الحج في
أيام التشريق ، فقال عليه
السلام : لا ( 4 ) .
وصحيح يعقوب بن شعيب عنه
عليه السلام عن زيارة البيت أيام التشريق ،
فقال عليه السلام : حسن ( 5
) .
وخبر مالك بن أعين عن أبي
جعفر عليه السلام أن العباس استأذن رسول
الله صلى الله عليه وآله أن
يبيت بمكة ليالي منى فأذن له رسول الله صلى الله عليه وآله
من أجل سقاية الحاج ( 6 ) .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 2 من ابواب العود الى منى حديث 2 .
2 - الوسائل باب 2 من ابواب
العود الى منى حديث 4 .
3 - الوسائل باب 1 من ابواب
العود الى منى حديث 22 .
4 - الوسائل باب 2 من ابواب
العود الى منى حديث 6 .
5 - الوسائل باب 2 من ابواب
العود الى منى حديث 3 .
6 - الوسائل باب 1 من ابواب
العود الى منى حديث 21
[ . . . ]
وتمام الكلام فيما يستفاد من
هذه النصوص في ضمن فروع :
1 - يجب البيتوتة بمنى ،
ويستفاد ذلك من أكثر النصوص المتقدمة ، فان جملة
منها ناهية عن المبيت الا
بمنى ، وهي ظاهرة في الوجوب ، وجملة منها بمفهومها تدل
على ثبوت الضرر أو البأس مع
الترك ، وهو ملازم للوجوب ، وبعضها متضمن
للترخيص في عدم المبيت لاجل
السقاية ، وطائفة منها متضمنة لثبوت الدم على من لم
يبت بها ، وقد مر غير مرة
الملازمة بينه وبين الوجوب ، وما يظهر من بعضها من جواز
الترك فهو في خصوص الصور
التي ستمر عليك التي يجوز ترك المبيت فيها أو محمول
عليها بقرينة غيره ، فالوجوب
خال عن الاشكال .
2 - يجب أن تكون البيتوتة
المذكورة في ليلتي الحادي عشر والثاني عشر من
ذي الحجة مطلقا ، والثالث
عشر في بعض الصور الذي سيمر عليك ، بلا خلاف .
ويشهد به : صحيح ابن عمار
الثاني ، وما تضمن حج رسول الله صلى الله عليه
وآله المتضمن أنه بات بها
ليالي التشريق ( 5 ) فقد أمر صلى الله عليه وآله بأخذ المناسك
منه ( 6 ) .
3 - لا إشكال في اعتبار
النية بمعنى قصد الفعل المقوم لاختياريته لان المأمور
به هو الفعل الاختياري ، فما
صدر بغير اختيار خارج عن المأمور به ولا ينطبق عليه .
وأما النية بمعنى القربة
فظاهر الدروس والجواهر والمستند المفروغية عن
اعتبارها ، فإن كان هناك
إجماع وإلا فمقتضى الاصل - أي أصالة التوصلية في كل
واجب إلا ما خرج على ما حقق
في محله - عدم اعتبارها .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 2 من ابواب اقسام الحج .
2 - تيسير الوصول ج 1 ص 312
[ . . . ]
ويظهر من الجواهر حيث نقل عن
اللمعة الحلبية أنها لا تجب ، واستدل له
بأصالة التعبدية - عدم كون
المسألة إجماعية ، وعليه فالاظهر عدم اعتبارها ، فلو بات
بغير قصد القربة لا إثم عليه
ولا كفارة .
ولو بات بغير اختيار فهل
عليه الفدية نظرا الى عدم تحقق البيتوتة المأمور بها ،
أم لا تثبت عليه من جهة
انصراف الدليل الى ترك البيتوتة الحقيقي لا الحكمي ؟
وجهان ، وطريق الاحتياط واضح
.
عدم
لزوم المبيت بمنى لو بات بمكة مشتغلا بالعبادة
4 - الظاهر من جملة من
النصوص أن المبيت بمنى إنما يجب على غير من بات
بمكة مشتغلا بالعبادة لاحظ :
صحيحي ابن عمار المتقدمين وغيرهما ، فيكون مخيرا
بينهما وإن كان البيات بمنى
أفضل ، لصحيح صفوان .
ثم إن صحيحي ابن عمار مختصان
بالاشتغال بالطواف والسعي والدعاء ، وكذا
صحيح صفوان إلا أن عموم
التعليل في صحيح ثالث لابن عمار : ليس عليه شئ كان
في طاعة الله يقتضي شمول الحكم
لكل عبادة واجبة أو مندوبة ، ويمكن أن يقال : إن
النسك يعم كل طاعة ، وعليه
فالنصوص أكثرها تشمل كل عبادة .
فهل يعتبر استيعاب الليل إلا
ما يضطر اليه من غذاء أو شرب أو نوم يغلب
عليه كما نص عليه الشهيدان
أم لا ؟ الظاهر ذلك ، لانه المتيقن من مورد النصوص
فيقتصر في الخروج عن إطلاق
ما دل على وجوب البيات بمنى على المتيقن ، وعليه
فقد يشكل استثناء المذكورات
سيما الاخير منها ، لعدم الدليل عليه .
وفي الجواهر : ولعل وجه
استثناء الاولين حملا لاطلاق النص على الغالب ، بل
[ . . . ]
لعل الثالث أيضا ، كذلك ، انتهى
.
ويرد عليه : منع الغلبة ،
ومنع منشئيته للانصراف الموجب للتضييق خصوصا في
الاخير منها .
نعم يمكن أن يقال في الاولين
: بعدم منافاة هذا القدر من الاشتغال للاستيعاب
العرفي ، ولو نوى بالاكل
والشرب والتقوي على العبادة يرتفع الاشكال رأسا .
واحتمل الشهيد ره كون القدر
الواجب ما كان يجب عليه بمنى وهو أن
يتجاوز نصف الليل .
وفيه : أنه لا دليل عليه ،
والتزام بما يخالف الاصل بلا وجه .
نعم صرح غير واحد بأنه إن
مضى الى منى بعد الفراغ من العبادة وإن علم
أنه لا يدركها قبل انتصاف
الليل سقط عنه الدم الملازم لعدم البأس عليه .
واستدل له بصحاح جميل وهشام
وعيص المتقدمة .
وأورد عليه الفاضل النراقي
بأنه يعارضها رواية علي المتقدمة ، فيرجع الى
عمومات وجوب الدم .
أقول : أما صحيح جميل فهو
يدل على أن الدم على من بات بمكة ، ولو خرج
عنها ليس عليه دم ، وهو فرع
آخر سيأتي الكلام فيه ، وكذا صحيح هشام .
وأما صحيح العيص فهو مطلق
يقيد إطلاقه بما دل على مقدار المبيت بمنى ،
وبعبارة أخرى : يدل على أن
من لم يكن أول الليل بمنى يجب أن يكون آخره بها ، ولا
يدل على عدم اعتبار شئ آخر .
وأما خبر علي فلم أفهم وجه
معارضته معها ، فإنه يدل على أن من نام في
الطريق قهرا وبغير اختيار
وبات فيه يجب عليه الدم .
5 - ربما يقال : إن صحيح
سعيد بن يسار المتقدم يدل على أن الاشتغال بشغل
[ . . . ]
آخر غير الطاعة في مكة أو
غيرها أيضا مسقط لوجوب البيات بمنى ، فما المانع من
الالتزام به ؟ .
ولكن يرد عليه : أن ظاهر
الصحيح عدم وجوب البيات بمنى فيتعين طرحه ،
لمخالفته للنصوص المتواثرة
وفتوى الاصحاب ، وعلى أي تقدير لم يفت أحد بمضمونه
فيطرح أو يحمل على صورة
النسيان والاضطرار .
6 - يظهر من الصحاح الثلاثة
لجميل وهشام ومحمد بن إسماعيل - أن البيات
في طريق منى بعد ما خرج عن مكة
وحدودها ومن حدودها عقبة المدينين - بمنزلة
البيات بمنى ، فالواجب هو
البيات فيها أو في طريقها من ناحية مكة بعد الخروج عن
حدودها ، وبها يحمل خبر علي
المتقدم الدال على ثبوت الدم لو نام في الطريق - على
ما اذا لم يخرج من حدود مكة
، ولا بأس بالالتزام به وإن لم يصرح به إلا بعض
متأخري المتأخرين .
ويؤيده ما عن الدروس ، قال :
وروى الحسن فيمن زار وقضى نسكه ثم رجع
الى منى فنام في الطريق حتى
يصبح : إن كان قد خرج من مكة وجاز عقبة المدينين
فلا شئ عليه ، وإن لم يجز
العقبة فعليه دم ، انتهى ، وإن لم نقف على هذا الخبر فيما ما
بأيدينا من الكتب
7 - لا اشكال ولا خلاف في
عدم وجوب استيعاب الليل بالبيات بمنى ، كما
لاخلاف بين الاصحاب ظاهرا في
عدم الاكتفاء بالمسمى ، وأنه يجب المبيت بها نصف
الليل ، ويشهد بجميع ذلك
النصوص المتقدمة .
[ . . . ]
إنما الخلاف في موردين :
أحدهما : أنه هل يتعين النصف
الاول كما هو المنسوب الى ظاهر الاصحاب ،
أم يتخير بينه وبين النصف
الثاني كما عن جمع من متأخري المتأخرين ؟ .
ثانيهما : في أنه إذا خرج
بعد انتصاف الليل من منى فهل له أن يدخل مكة
قبل الفجر كما هو المشهور ، أم
لا يجوز له ذلك كما عن النهاية والمبسوط والوسيلة
والسرائر والجامع ؟ .
أما الاول فالصحاح الثلاثة
لابن عمار والعيص وخبر جعفر المتقدمة تدل على
الاكتفاء بالنصف الاول ،
وأنه لا مانع من الخروج بعد انتصاف الليل ، وصحيح ابن
عمار الثاني ، وصحيح العيص
الاول ، يدلان على كفاية النصف الثاني ، ولا تعارض بين
الطائفتين ، فالعمل بهما معا
متعين .
نعم الافضل الكون بها الى
الفجر كما صرح به غير واحد ، لصحيح الكناني
المتقدم .
ولا ينافيه خبر عبد الغفار
الجازي عن الامام الصادق عليه السلام : فإن خرج
من منى بعد نصف الليل لم
يضره شئ ( 1 ) كما عن المختلف ، فان الجمع بينه وبين
صحيح الكناني يقتضي الحمل
على إرادة عدم المنع من الخروج وعدم ثبوت الفدية
عليه .
وأما الثاني فمقتضى إطلاق ما
تقدم من النصوص وصريح صحيح العيص
المتقدم ، وخبر علي بن جعفر
عن أخيه موسى عليه السلام عن رجل بات بمكة حتى
أصبح في ليالي منى ، فقال
عليه السلام : إن كان أتاها نهارا فبات حتى أصبح فعليه دم
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 1 من ابواب العود الى منى حديث 14 .
[ . . . ]
شاة يهريقه ، وإن كان خرج من
منى بعد نصف الليل فأصبح بمكة فليس عليه
شئ ( 1 ) - جواز الخروج بعد
انتصاف الليل ولو دخل مكة .
وأما القول الآخر فقد اعترف
غير واحد منهم : الشهيد بعدم العثور على
ماخذه .
وقد استدل بعضهم له : بان
مقتضى إطلاق بعض النصوص وجوب المبيت
بمنى تمام الليل ، وقد دل
الدليل على جواز الخروج منها بعد انتصاف الليل ، والمتيقن
منه ما لو خرج عنها ولم
يتجاوز حدود منى ولم يدخل في حدود مكة التي هي بحكم
منى بمقتضى بعض النصوص .
وفيه : أنه اجتهاد في مقابل
النصوص المطلقة والصريحة ، فالاعتراف بعدم
العثور على مأخذهم أليق
بشأنهم من هذا الوجه السخيف .
8 - لا خلاف ولا إشكال في
ثبوت الفدية على من ترك البيتوتة بمنى ، وأسنده
في المنتهى الى علماؤنا
موذنا بدعوى الاجماع عليه .
ويشهد به : صحيح ابن عمار
الثاني ، وصحيح صفوان ، وخبر علي ، ورواية جعفر
بن ناجية وصحيح جميل
المتقدمة .
وما يظهر من صحيح العيص
الثاني من عدم وجوبها ، لمعارضته مع النصوص
المتقدمة وعدم فتوى الاصحاب
به يطرح أو يحمل على بعض الصور .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 1 من ابواب العود الى منى حديث 23 .
[ . . . ]
ثم إن أكثر النصوص المتقدمة
وإن تضمنت ثبوت الدم ولا تصريح فيها بالشاة
إلا أنه في خبري علي وجعفر
صرح بالشاة والغنم ، وبهما يقيد إطلاق سائر النصوص ،
فالواجب خصوص الشاة كما عليه
الاصحاب .
ثم إن مقتضى إطلاق النصوص
ثبوت الدم على الجاهل والناسي والمضطر .
وعن الشهيد استثناء الجاهل .
وفي المستند : وجهه غير
معلوم .
ولكن الظاهر أن وجهه ما دل
على عدم وجوب الفدية على الجاهل في باب
الحج كحسن ابن عمار عن
الامام الصادق عليه السلام : وليس عليك فداء ما آتيته
بجهالة إلا الصيد ( 1 ) وإن
كان يرد عليه أنه في الكفارة المترتبة على إتيان شئ من
المحرمات ، ولا يشمل الفداء
المترتب على ترك الواجب .
اللهم إلا أن يستدل بعدم
القول بالفصل ، أو تنقيح المناط ، أو يقال إن
النصوص تدل على ترتب الدم
على المبيت بغير منى ، فيشمله النص ولا بأس به ،
وأما المضطر والناسي فيمكن
أن يستدل لعدم وجوب الفدية عليهما بوجهين :
أحدهما : أن الفدية كفارة
ولا كفارة على من لم يخالف الحكم اللزومي ، فتأمل ،
ثانيهما : حديث رفع القلم عن
الناسي والمضطر ( 2 ) ، بناءا على ما هو المختار من
عمومه لكل حكم تكليفي أو
وضعي ، اللهم إلا أن يقال : إنه يختص بما في رفعه منة
على الامة ، ورفع الفدية ليس
فيه منة على الامة وإن كان فيه منة على الشخص ، وحمل
بعض الفقهاء صحيحي عيص وسعيد
المتقدمين المتضمنين : أنه لا شئ على من فاته
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 31 من ابواب كفارات الصيد وتوابعها حديث 1 .
2 - الوسائل باب 56 من ابواب
جهاد النفس من كتاب الجهاد
[ . . . ]
المبيت بمنى ، على هذه الصور
، ولعل ذلك كله بضميمة عدم الفصل بينهما وبين الجاهل
يكفي في الحكم بعدم وجوبها
عليهما .
ثم إنه لم أر من تعرض لمحل
هذا الفداء ، وأنه هل يجب أن يكون الذبح بمنى
أو مكة ، أو يجوز في كل مكان
؟ مقتضى إطلاق النصوص أنه مخير في ذبحه في أي مكان
شاء ، وما تقدم من الكبرى
الكلية من أن الموجب للفداء إن تحقق في العمرة فمحل
الذبح هو مكة ، وإن كان
الموجب له متحققا في الحج فمحل الذبح منى ، إنما يختص
بالمحرمات حال الاحرام ولا
يشمل المقام .
ويدل عليه أيضا : خبر إسحاق
بن عمار عن الامام الصادق عليه السلام عن
الرجل يجترح من حجته شيئا
يلزمه منه دم يجزيه أن يذبحه اذا رجع الى أهله ، فقال
عليه السلام : نعم ، وقال
فيما أعلم : يتصدق به ( 1 ) وقريب منه خبره الآخر ( 2 ) .
والاجتراح بمعنى الافساد ،
أي ينقص من حجته شيئا ، وعليه فلا يبعد
اختصاصهما بغير ما يلزم من
تروك الاحرام فتدبر ، ولا يتوهم أن المبيت خارج عن
الحج ، فانه ان لم يكن من
أجزائه لا ريب في كونه من توابعه المحقق ، لصدق هذا
العنوان .
…………………………………………………………………………
1 - 2 - الوسائل باب 5 من ابواب الذبح حديث 1 .
[ . . . ]
لزوم
ثلاث شياة لو بات الليالي الثلاث بغير منى
والمحكي عن المقنعة والهداية
والمراسم والكافي وجمل العلم والعمل - التعبير -
بان من بات ليالي منى بغيرها
وجب عليه الدم - وحيث - ان هذه العبارة قابلة للحمل
على معنيين ، احدهما التسوية
بين المبيت ليلة - اوليلتين - او ثلاث - في وجوب دم واحد ،
ثانيهما أنه لا يجب الدم الا
بالمبيت في جميع الليالي فلو بات واحدة من الليالي في منى
- لا يجب عليه الدم - فلذا
وقع كل من الحكمين محل الخلاف .
اقول اما الاول ، فربما يقال
ان مقتضى أطلاق صحيح ابن عمار الثاني و
صحيح على بن جعفر الواردين
في بيتوتة ليالي منى بمكة - ثبوت دم واحد في بيتوتة
الليالي الثلاث - ومقتضى
صحيح صفوان وخبر علي ثبوت الدم في المبيت ليلة واحدة ،
وهما ليستا متعرضتين لحكم
المبيت ليلتين لكن يمكن استفادة حكمه ايضا من صحيح
جميل - فنتيجة هذه النصوص هي
ثبوت دم واحد بات ليلة او ليلتين او ثلاثا ولكن
خبر جعفر يدل على ثبوت ثلاث
شياة في مبيت ليال ثلاث - وبه يقيد اطلاق
النصوص المتقدمة ويحمل قوله
عليه دم - او عليه شاة - على ارادة الجنس الملائم مع
المتعدد من الافراد وعلى هذا
فقد يتوهم ان الجمع بين جميع النصوص يقتضي البناء
على وجوب الثلاث في المبيت
جميع الليالي - وشاة واحدة في غير الثلاث كما هو احد
محتملات قول الاسكافي والحلي
ومن قال بمقالتهما واختاره في المستند اقول أن قوله
عليه السلام بات ليلة من
ليالي منى بمكة - ان قلنا انه ظاهر في بيتوتة ليلة واحدة
بقيد الوحدة كان ما افيد
تاما واما ان قلنا ان المراد به ان كل ليلة من ليالي منى
حكمها ذلك - فيلزم القول
بثبوت دمين في المبيت ليلتين ، فتامل ، فانه قابل للمناقشة
[ . . . ]
من وجوه - فالانصاف عدم خلوه
عن قوة بحسب الدليل لو لم يكن خلاف الاجماع .
وأما الحكم الثاني فقد يقال
: إن أكثر نصوص الدم في المبيت في جميع الليالي ،
يبقى صحيح جميل ، وخبر علي ،
وصحيح صفوان .
أما الاخير فهو مروي في
الوسائل هكذا : سألني بعضهم عن رجل بات ليالي
منى ، وعليه فهو أيضا في
المبيت في جميع الليالي ، وخبر علي ضعيف السند .
وأما صحيح جميل فهو في مقام
بيان الفرق بين المبيت بمكة والمبيت خارج
مكة الذي هو بحكم منى كما مر
، فلا إطلاق له من هذه الجهة ، فاذا لا دليل على
وجوب الدم في المبيت ليلة أو
ليلتين ، بل صحيح العيص الثاني يدل على عدم وجوبه
في المبيت ليلة واحدة ، بل
وكذلك صحيح سعيد .
ويتوجه عليه أولا : أن انكار
إطلاق صحيح جميل من هذه الجهة في غير محله ،
فان مورد هذا الاطلاق قوله :
من زار فنام في الطريق ، والدال على الحكم الذي افيد
هي الجملة الثانية .
وثانيا : أن صحيح صفوان مروي
في المنتهى والحدائق والرياض والجواهر
والمستند وغيرها مما رأيناه
من الكتب بالنحو الذي ذكرناه ، فهو صريح في المبيت ليلة
واحدة ، والجمع بينه وبين
صحيح العيص لا يصح بما قيل من حمل صحيح صفوان على
الاستحباب كما في المستند ،
فان أهل العرف يرونهما متعارضين ، إذ قوله : عليه دم شاة .
يهافت قوله : ليس عليه شئ
والترجيح مع صحيح صفوان ، فالمتحصل : أنه يجب الدم
في ليلة ، ودمان في ليلتين ،
وثلاث في جميع الليالي .
[ . . . ]
جواز
المبيت بغير منى لذوي الاعذار
9 - لا خلاف في أنه يجوز
المبيت بغير منى لاشخاص ، ووقع الخلاف في جوازه
لآخرين ، والقسم الاول أصناف
.
1 - ذوو الاعذار بالعذر
المانع عن التكليف في سائر الاحكام كما لو كان
المبيت بها حرجيا او ضرريا ،
فان أدلة نفي الضرر والحرج كما ترفع سائر الاحكام
الحرجية كذلك ترفع هذا الحكم
، ومن الاعذار : الخوف على النفس أو البضع أو المال
المحترم ، ومنها : تمريض
المريض الذي يخاف عليه ، ومنها : وجود مانع عام أو خاص
يمنع منه كنفر الحجيج وغيره
، وعن المنتهى الاجماع على ذلك .
وهل يسقط الفداء أيضا كما عن
الغنية أم لا كما في المستند ؟ وجهان تقدما في
الفرع السابق .
2 - الجاهل غير المقصر
والناسي .
ومدرك استثنائهما : حديث
الرفع ( 1 ) الدال على رفع الحكم ظاهرا في الاول ،
وواقعا في الثاني .
وأما الجاهل المقصر فحديث
الرفع لا يشمله ، وقد ادعوا الاجماع على أنه
بحكم العامد ، وما قيل من
معذورية الجاهل في أفعال الحج لم يثبت لنا بنحو الكبرى
الكلية ، وقد تقدم حكم
فدائهما .
3 - الرعاة ، وفي المنتهى :
لا نعلم خلافا في الترخص ، واستدل له في المنتهى :
بان المبيت بمنى لمثلهم يشق
عليهم فيكون منفيا بدليل نفي الحرج ، وعليه فالحكم
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 56 من ابواب جهاد النفس
[ . . . ]
يدور مدار اضطرار الراعي
وعدمه ، ولا يصح الحكم بهذه الكلية ، اللهم إلا أن يقال :
إن ما أفاده من قبيل حكمة
التشريع وإلا فدليل الحكم : اتفاق الاصحاب ، وعليه
فيبتني الحكم على وجوده .
وفصل بعضهم كالمنصف في
المنتهى والشهيد - بين ما اذا غربت الشمس عليه
بمنى فيجب عليه المبيت بها ،
وغيره فلا يجب ، واستحسنه في محكي كشف اللثام .
وفي الجواهر : قلت : المدار
على ارتفاع العذر وعدمه ، وإلا فلو فرض احتياج
الرعاة الى الرعي ليلا كان
لهم ذلك وإن غربت الشمس لهم بمنى ، انتهى .
وهو حسن إن كان مدرك الحكم
أدلة نفي الحرج ، وإن كان المدرك الاجماع
فالمتيقن منه ما لو لم تغرب
الشمس عليهم بمنى .
القسم الثااني : أهل سقاية
الحاج وخص في المنتهى وعن غيره ، استثناء أهل
السقاية بأولاد عباس بن عبد
المطلب .
ومدرك الحكم : خبر مالك بن
أعين المتقدم وهو مختص بالعباس نفسه ، فإن بنى
على التعدي لا بد من التعدي
الى كل ساق وإن لم يكن من أولاده ووجه التعدي :
حمل قوله عليه السلام في
الخبر : من أجل سقاية الحاج ، على التعليل فيتعدى عنه ،
وإن بني على عدم التعدي فلا
وجه لثبوت الحكم لاولاده ، مع أن الخبر ضعيف .
[ ويرمي في اليومين الجمار الثلاث كل جمرة في كل يوم بسبع حصيات ]
وجوب
رمي الجمار الثلاث أيام التشريق
( و ) يجب أن ( يرمي في ) كل من ( اليومين ) أي الحادي عشر والثاني
عشر
( الجمار الثلاث كل جمرة في
كل يوم بسبع حصيات ) بلا خلاف محقق أجده ، فيه ،
كما اعترف به بعضهم ، كذا في
الجواهر .
وفي المنتهى : ولا نعلم
خلافا في وجوب الرمي .
وتفصيل القول بالبحث في
موارد :
1 - يترجح أن يرمي كل يوم من
أيام التشريق كل جمرة من الجمار الثلاث
إجماعا محققا .
ويشهد له : نصوص متواترة ،
منها : صحيح ابن عمار عن أبي عبد الله عليه
السلام : ارم في كل يوم عند
زوال الشمس ، وقل كما قلت حين رميت جمرة العقبة ، وابدأ
بالجمرة الاولى فارمها عن
يسارها من بطن المسيل وقل كما قلت يوم النحر ، ثم قم
عن يسار الطريق فاستقبل
القبلة واحمد الله وأثن عليه وصل على النبي وآله ، ثم تقدم
قليلا فتدعو وتسأله أن يتقبل
منك ثم تقدم أيضا ثم افعل ذلك عند الثالثة واصنع كما
صنعت بالاولى ، وتقف وتدعو
والله كما دعوت ، ثم تمضي الى الثالثة وعليك السكينة
والوقار فارم ولا تقف عندها
( 1 ) .
وحسن ابن اذينة عنه عليه
السلام عن قول الله تعالى : ( الحج الاكبر ) قال
عليه السلام : الحج الاكبر :
الوقوف بعرفة ورمي الجمار ( 2 ) ونحوهما غيرهما مما سيمر
…………………………………………………………………………
1 - ذكر صدره في الوسائل في باب 12 من ابواب رمي جمرة العقبة
حديث 1 ، وذكر ذيله
في باب 10 من تلك الابواب حديث 2 .
2 - الوسائل باب 4 من ابواب
العود الى منى حديث 1 .
[ . . . ]
عليك .
إنما الخلاف في أن ذلك واجب
كما هو المشهور بين الاصحاب والمعروف بينهم
كما عن المدارك والذخيرة ، ولا
نعلم فيه خلافا كما في المنتهى ، بل بالاجماع كما عن
المفاتيح ، أم يكون مستحبا ؟
كما عن التبيان والجمل والجمل والعقود والتهذيبين
والاسكافي وابن البراج حيث
عدوه من السنة وإن كان المصنف في المنتهى - ره - حمل
كلام الشيخ على إرادة ما ثبت
وجوبه بغير الكتاب ، وحمله بعضهم على رمي جمرة
العقبة ، واستظهره الفاضل
النراقي من الجمل والعقود ، وقد مر أن المنسوب الى
الطبرسي استحباب مناسك منى
كلها ، وعن المفيد أن فرض الحج ، الاحرام والتلبية
والطواف والسعي والموقفان ،
وما بعد ذلك سنن بعضها أوكد من بعض .
يشهد للاول : صحيح ابن عمار
المتقدم ، بل وحسن ابن اذينة ، وصحيح آخر
لابن عمار عن الامام الصادق
عليه السلام في رجل أخذ إحدى وعشرين حصاة فرمى
بها وزادت واحدة فلم يدر
أيهن نقص ، قال عليه السلام : فليرجع وليرم كل واحدة
بحصاة ( 1 ) . الحديث .
وصحيحه الثالث عنه عليه
السلام في امرأة جهلت أن ترمي الجمار حتى نفرت
الى مكة ، قال عليه السلام :
فلترجع فلترم الجمار كما كانت ترمي والرجل كذلك ( 2 ) .
وقوي عمر بن يزيد عنه عليه
السلام : من أغفل رمي الجمار أو بعضها حتى
تمضي أيام التشريق فعليه أن يرميها
من قابل ، فان لم يحج رمي عنه وليه ، فان لم يكن
له ولي استعان برجل من
المسلمين يرمي عنه ، فانه لا يكون رمي الجمار إلا أيام
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 7 من ابواب العود الى منى حديث 1 .
2 - الوسائل باب 3 من ابواب
العود الى منى حديث 1
[ يبدأ بالجمرة الاولى ويرميها
]
التشريق ( 1 ) . الى غير ذلك
من النصوص الواردة المذكورة في الابواب المختلفة من
الوسائل وغيرها مكتب الحديث
، وليس بإزائها ما يصلح ان يوجب صرفها عن
ظاهرها ، فوجوبه خال عن
الاشكال .
2 - يجب أن يرمي كل جمرة في
كل يوم بسبع حصيات بالاجماع .
ويشهد به : صحيح ابن عمار
المتقدم ، وصحيحة أيضا عن أبي عبد الله عليه
السلام في حديث في رجل رمي
الجمار فرمى الاولى باربع والاخيرتين بسبع سبع ، قال
عليه السلام : يعود فيرمي
الاولى بثلاث وقد فرغ ، وإن كان رمى الاولى بثلاث ورمى
الاخيرتين بسبع سبع فليعد
وليرمهن جميعا بسبع سبع ، وإن كان رمى الوسطى
بثلاث ثم رمى الاخرى فليرم
الوسطى بسبع ، وإن كان رمى الوسطي بأربع رجع
فرمى بثلاث ( 2 ) . ونحوهما
غيرهما مما مر ويأتي .
3 - أن القيود المعتبرة في
رمي جمرة العقبة المتقدمة معتبرة في المقام أيضا بلا
خلاف ، والنصوص شاهدة به .
( و ) يجب هنا زيادة على ما تقدم : الترتيب بأن ( يبدأ بالجمرة
الاولى ) وهي أبعد
الجمرات من مكة وهي التي تلي
المشعر ( ويرميها ) ثم يرمي الثانية وهي الوسطى ، ثم
جمرة العقبة التي مر بيانها
في أعمال يوم النحر بلا خلاف .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 3 من ابواب العود الى منى حديث 4 .
2 - الوسائل باب 6 من ابواب
العود الى منى حديث 1
[ عن يسارها مكبرا داعيا ، ثم
الثانية كذلك ثم الثالثة كذلك ولو نكس أعاد
على ما يحصل معه الترتيب ]
وفي الجواهر : بل الاجماع
بقسميه عليه ، بل المحكي منه صريحا وظاهرا
مستفيض ، انتهى .
ويشهد به : نصوص كثيرة كصحيح
معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه
السلام في حديث : وابدأ
بالجمرة الاولى فارمها عن يسارها من بطن المسيل ، وقل كما
قلت يوم النحر ، ثم قم عن
يسار الطريق فاستقبل القبله واحمد الله وأثن عليه وصل
على النبي وآله ، ثم تقدم
قليلا فتدعو وتسأله أن يتقبل منك ثم تقدم أيضا ، ثم افعل
ذلك عند الثانية واصنع كما
صنعت بالاولى ، وتقف وتدعو الله كما دعوت ، ثم تمضي الى
الثالثة وعليك السكينة
والوقار فارم ولا تقف عندها ( 1 ) ونحوه غيره الآتي طرف من
تلك الاخبار .
والمعروف بين الاصحاب :
استحباب أن يرمي جمرة العقبة ( عن يسارها مكبرا
داعيا ثم الثانية ثم الثالثة
كذلك ) وصحيح ابن عمار شاهد بذلك كله .
وعن القواعد : يستحب رمي
الاولى عن يساره ، ونحوه عن بعض نسخ
الشرائع .
ويرده ظاهر الصحيح ، فان
المراد من يسارها في الحديث جانبها اليسار بالنسبة
الى المتوجه الى القبلة
فيجعلها حينئذ عن يمينه ، فيكون ببطن المسيل ، لانه عن
يسارها كما صرح به المحقق في
محكي النافع .
وقد تقدم في رمي جمرة العقبة
يوم النحر أنه يستحب أن يستقبل جمرة العقبة
ويستدبر القبلة ، وفي
الاولتين يستقبل الجمرة ، فراجع ما ذكرناه .
4 - ( ولو نكس أعاد على ما
يحصل معه الترتيب ) عمديا كان النكس أو
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 10 من ابواب رمي جمرة العقبة حديث 2
[ . . . ]
غير عمدي بلا خلاف ، وفي
التذكرة : عند علمائنا ، وفي الجواهر : بل الاجماع بقسميه
عليه .
ويشهد به : نصوص كصحيح ابن
عمار عن الامام الصادق عليه السلام في
حديث في رجل رمى الجمار فرمى
الاولى بأربع والاخيرتين بسبع سبع ، قال عليه
السلام : يعود فيرمي الاولى
بثلاث وقد فرغ ( 1 ) الحديث .
وصحيح آخر لابن عمار عن أبي عبد
الله عليه السلام قال : قلت له : الرجل
يرمي الجمار منكوسة ، قال
عليه السلام : يعيدها على الوسطي وجمرة العقبة ( 2 ) .
وحسن مسمع عنه عليه السلام
في رجل نسي رمي الجمار يوم الثاني فبدأ بجمرة
العقبة ثم الوسطى ثم الاولى
: يؤخر ما رمى بما رمى فيرمي الوسطي ثم جمرة العقبة ( 3 ) .
وصحيح الحلبي عنه عليه
السلام في رجل رمى الجمار منكوسة ، قال عليه
السلام : يعيد على الوسطى
وجمرة العقبة ( 4 ) .
ومقتضي إطلاق النصوص : عدم
الفرق بين العامد والناسي والجاهل ، ومقتضى
القاعدة ايضا ذلك .
هذا إذا قدم المتأخرة على
جميع رميات المتقدمة ، ولو قدمها على بعضها فان
كان ما قدمه أربعا فما فوق
أتم الباقية من المتقدمة من غير إعادة المتأخرة ، وإن كان
أقل منها أعاد المتقدمة
بجميع رمياتها ثم اتى بالمتأخرة ، بلا خلاف في ذلك إلا عن علي
بن بابويه .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 6 من ابواب العود الى منى حديث 1 .
2 - الوسائل باب 5 من أبواب
العود الى منى حديث 1 .
3 - الوسائل باب 5 من ابواب
العود الى منى حديث 2 .
4 - الوسائل باب 5 من ابواب
العود الى منى حديث 3
[ . . . ]
ويشهد به : خبر علي بن أسباط
، قال أبو الحسن عليه السلام : اذا رمى الرجل
الجمار أقل من أربع لم يجزئة
، أعاد عليها وعلى ما بعدها ، وإن كان قد اتم ما بعد ها ،
وإذا رمى شيئا منها اربعا
بنى عليها ولم يعد على ما بعدها إن كان قد أتم رميه ( 1 ) .
وصحيح معاوية بن عمار عن أبي
عبد الله عليه السلام في رجل رمى الجمرة
الاولى بثلاث والثانية بسبع
والثالثة بسبع ، قال عليه السلام : يعيد يرميهن جميعا بسبع
سبع . قلت : فان رمى الاولى
بأربع والثانية بثلاث والثالثة بسبع ؟ قال عليه السلام :
يرمي الجمرة الاولى بثلاث
والثانية بسبع ويرمي جمرة العقبة بسبع قلت : فانه رمى
الجمرة الاولى بأربع والثانية
بأربع والثالثة بسبع . قال عليه السلام : يعيد فيرمي الاولى
بثلاث والثانية بثلاث ولا
يعيد على الثالثة ( 2 ) . ونحوهما غيرهما .
وحاصل هذه النصوص : أنه يحصل
الترتيب المأمور به برمي المتأخرة بعد ما
رمى أربع حصيات على المتقدمة
.
ومقتضي إطلاقها : أن الناسي والجاهل
والعامد متساوون في البناء على الاربع ،
كما أفتى به في محكي المبسوط
والخلاف والجامع والتحرير والتلخيص واللمعة .
وعن المصنف في جملة من كتبه
، والشهيدين التخصيص بالناسي .
وعن سيد المدارك نسبة
التخصيص به ، وبالجاهل الى أكثر الاصحاب ، بل
نسب الى المشهور .
وقد استدل له بوجوه .
الاول : ما عن المصنف وهو :
أن الاكثر إنما يقوم مقام الكل مع النسيان .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 6 من ابواب العود الى منى حديث 3 .
2 - الوسائل باب 6 من ابواب
العود الى منى حديث 2
[ . . . ]
وأورد عليه بانه إعادة
للمدعي ووجهه صاحب الجواهر - ره - بان المراد أن
الاصل عدم قيام غير ذلك
مقامه بالنسبة الى الترتيب .
وفيه : أن هذا يتم مع عدم
الاطلاق للنصوص المتقدمة ، فان مقتضي إطلاق أدلة
الترتيب لزوم إيقاع رميات
المتأخرة بعد تمام رميات المتقدمة ، ولكن عرفت دلالة
الدليل على ذلك ، وبه يخرج
عن الاصل المشار اليه .
الثاني : ما عن الروضة بأنه
منهي عن رمي اللاحقة قبل إكمال السابقة ، والنهي
يوجب الفساد .
وفيه : أنه على فرض الاطلاق
لتلك النصوص لا تكون اللاحقة بعد إكمال
الاربع منهيا عنها ، مع أنه
اجتهاد في مقابل النص .
الثالث : ما في الجواهر ،
قال : ضرورة عدم شموله - أي النص - للعامد ، لندرته ،
فلا ينصرف اليه السؤال
المعلق عليه الجواب .
وفيه : أن ندرة فرد وغلبة
آخر لا تصلح منشئا للانصراف المقيد للاطلاق .
الرابع : ما في الجواهر أيضا
قال : مضافا الى حمل فعل المسلم على الصحة .
والظاهر أن مراده انصراف
النص عن العامد لاجل ذلك .
وهو أيضا كما ترى غير صالح
لان يكون منشئا للانصراف .
الخامس : ما في الجواهر أيضا
وهو : إطلاق ما دل على وجوب الترتيب المقتضي
لفساد السابق المعتضد بما
سمعته من فتوى الاصحاب .
وفيه : أن نصوص الباب حاكمة على
أدلة الترتيب ، وإن شئت قلت : إنها مقيدة
لاطلاقه .
فالمتحصل : أن الاظهر هو الشمول للعامد أيضا .