[ ووقت الرمي ما بين طلوع الشمس الى غروبها ]
ثم أن النصوص المتضمنة
لاعادة رمي اللاحقة إذا كان ما أتى به من رميات
السابقة أقل من الاربع -
مصرحة بإعادة رميات السابقة أيضا ، فلا يكفي إكمالها مع
ما بعدها كما هو صريح معظم
الفتاوي .
فما عن القواعد والتحرير
والتذكرة والمنتهى من تكميل الناقص وإعادة ما
بعده للاصل ، ضعيف ، فانه
يخرج عن الاصل بالنص .
نعم لو كان الناقص في
الاخيرة أكملها واكتفى به من غير فرق بين الاربع
وغيرها ، لعدم دليل على وجوب
الموالاة بين الرميات يقتضي عدم اعتبارها
ولا ترتيب عليه بعدها .
5 - ( ووقت الرمي ما بين
طلوع الشمس الى غروبها ) كما عن المشهور .
وعن جماعة مخالفتهم في
المبدأ ، وعن آخرين في المنتهى .
فعن الوسيلة والاشارة ووالد
الصدوق : أن مبدأه أول النهار وهو طلوع الفجر .
وعن الخلاف والغنية والاصباح
والجواهر : أن مبدأه الزوال وعن الصدوق أن
منتهاه الزوال .
والنصوص على طوائف :
منها : ما يدل على أن وقته
النهار كصحيح بريد العجلي عن أبي عبد الله عليه
السلام عن رجل نسي رمي
الجمرة الوسطى في اليوم الثاني ، قال عليه السلام : فليرمها
في اليوم الثالث لما فاته ،
ولما يجب عليه في يومه ( 1 ) .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 15 من ابواب
رمي جمرة العقبة حديث 3 .
[ . . . ]
وخبر عبد الله بن سنان عنه
عليه السلام عن رجل أفاض من جمع حتى انتهى
الى منى فعرض له عارض فلم
يرم حتى غابت الشمس قال عليه السلام : يرمي اذا
أصبح مرتين مرة لما فاته
والاخرى ليومه الذي يصبح فيه ( 1 ) . الحديث .
ومقتضي إطلاق هذه النصوص
جواز الرمي ما بين طلوع الفجر الى غروب
الشمس .
ومنها : ما يدل على جواز
الرمي بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس كخبر
علي بن عطية : أفضنا من
المزدلفة بليل أنا وهشام بن عبد الملك الكوفي فكان هشام
خائفا فانتهينا الى جمرة
العقبة طلوع الفجر ، فقال لي هشام : أي شئ أحدثنا في
حجنا ، فنحن كذلك إذ لقينا
أبو الحسن موسى عليه السلام قد رمى الجمار وانصرف
فطابت نفس هشام ( 2 ) .
ومنها : ما يدل على أن وقته
الزوال كصحيح معاوية بن عمار عن الامام الصادق
عليه السلام : أرم في كل يوم
عند زوال الشمس ( 3 ) . وهذا يدل على أن المبدأ والمنتهى
هو الزوال .
ومنها : ما يدل على أن مبدأة
ارتفاع النهار كصحيح جميل عنه عليه السلام في
حديث ، قلت له : الى متى
يكون رمي الجمار ؟ فقال عليه السلام : من ارتفاع النهار الى
غروب الشمس ( 4 ) .
ومنها : ما يدل على أن وقته
ما بين طلوع الشمس الى غروبها كصحيح منصور
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 15 من ابواب
رمي جمرة العقبة حديث 1 .
2 - الوسائل باب 14 من ابواب
رمي جمرة العقبة حديث 3 .
3 - الوسائل باب 12 من ابواب
رمي جمرة العقبة حديث 1 .
4 - الوسائل باب 13 من ابواب
رمي جمرة العقبة حديث 1 .
[ ولا يجوز الرمي ليلا إلا
للمعذور كالخائف والرعاة والمرضى والعبيد ]
عن أبي عبد الله عليه السلام
: رمي الجمار ما بين طلوع الشمس الى غروبها ( 1 ) .
وصحيح زرارة وابن اذينة عن أبي
جعفر عليه السلام في حديث : هو والله ما
بين طلوع الشمس الى غروبها (
2 ) ونحوهما صحيحا صفوان بن مهران ومنصور ( 3 ) .
أما الطائفة الاولى فلو سلم
إطلاقها يقيد بما دل على أن المبدأ طلوع الشمس .
وأما الثانية فهي قضية في واقعة
، فلعله عليه السلام كان خائفا مثل هشام ، أو
مريضا أو له عذر آخر ،
وسيأتي أنه يجوز لهؤلاء التقديم .
وأما الثالثة فهي محمولة على
إرادة الفضل ، لصراحة ما بعدها في أن وقته أوسع
من ذلك سيما صحيح زرارة وابن
اذينة .
وأما الرابعة فهي إما مجملة
أو ظاهرة في إرادة طلوع الشمس من ارتفاع النهار ،
فعلي الثاني يتحد مضمونها مع
الخامسة ، وعلى الاول يبين إجمالها بها ، فالطائفة الخامسة
لا معارض لها .
وبما ذكرناه ظهر مدارك سائر
الاقوال وضعفها ، كما ظهر مدرك القول المشهور
المنصور ، وظهر أيضا أن أفضل
أوقاته : الزوال
( و ) كيف كان ف ( لا يجوز
الرمي ليلا ) لما عرفت ، بل جميع الطوائف الخمس
شاهدة به ( إلا للمعذور
كالخائف والرعاة والمرضي والعبيد ) بلا خلاف ولا إشكال
في غير المريض .
ويشهد به : نصوص كثيرة كصحيح
عبد الله بن سنان عن الامام الصادق عليه
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 13 من ابواب
رمي جمرة العقبة حديث 4 .
2 - الوسائل باب 13 من ابواب
رمي جمرة العقبة حديث 5 .
3 - الوسائل باب 13 من ابواب
رمي جمرة العقبة حديث 2 و 6
[ . . . ]
السلام : لا بأس بأن يرمي
الخائف بالليل ويضحي ويفيض بالليل ( 1 ) .
وموثق سماعة عنه عليه السلام
: رخص للعبد والخائف والراعي في الرمي
ليلا ( 2 ) .
وصحيح محمد بن مسلم عنه عليه
السلام في الخائف : لا بأس بأن يرمي الجمار
بالليل ، ويضحي بالليل ،
ويفيض بالليل ( 3 ) . ونحوها غيرها
وأما المريض فالظاهر تسالمهم
على أنه يجوز له الرمي بالليل ، إنما الكلام في
مدركه ، فقد استدلوا له بخبر
أبي بصير : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الذي
ينبغي له أن يرمي بليل من هو
؟ قال عليه السلام : الحاطبة والمملوك الذي لا يملك
من أمره شيئا والخائف
والمدين والمريض الذي لا يستطيع أن يرمي يحمل الى الجمار
فان قدر على أن يرمي وإلا
فارم عنه وهو حاضر ( 4 ) .
ولكنه ربما يناقش في دلالته
نظرا الى جواز كون قوله : والمريض ، مبتدءا خبره :
يحمل ، ويكون بيانا لحكم
المريض ، ولم يكن معطوفا على سابقه ، وهو حسن فلا دليل
على استثنائه .
ومقتضي إطلاق أكثر النصوص
والفتاوي عدم الفرق بين الليلة السابقة و
اللاحقة وإن كان ما ورد في
جمرة العقبة ظاهرا في الليلة السابقة إلا أنه لا مفهوم له
كي يقيد إطلاق غيره من
النصوص .
وقال سيد المدارك : والظاهر
أن المراد بالرمي ليلا رمي جمرات كل يوم في ليلته ،
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 14 من ابواب
رمي جمرة العقبة حديث 1 .
2 - الوسائل باب 14 من ابواب
رمي جمرة العقبة حديث 2 .
3 - الوسائل باب 14 من ابواب
رمي جمرة العقبة حديث 4 .
4 - الوسائل باب 14 من ابواب
رمي جمرة العقبة حديث 7
[ فان أقام اليوم الثالث رماها
أيضا وإلا دفن حصاه بمنى ]
ولو لم يتمكن من ذلك لم يبعد
جواز رمي الجميع في ليلة واحدة ، لانه أولى من الترك ،
والتأخير ، وربما كان في
إطلاق بعض الروايات المتقدمة دلالة عليه ، انتهى ، واستحسنه
جمع ممن تأخر عنه .
6 - ( فإن أقام اليوم الثالث
) من أيام التشريق ( رماها أيضا ) بلا خلاف ،
والنصوص المتقدمة شاهدة به ،
وسيمر عليك أنه لو نفر في اليوم الثاني سقط عنه
وجوب الرمي ، إنما الكلام
فيما افاده : ( وإلا دفن حصاه بمنى ) وظاهر ذلك وجوبه .
وفي المنتهى : يستحب له أن
يدفن الحصيات المختصة بذلك اليوم بمنى ،
والظاهر أنه لم يفت
بالاستحباب غير المصنف والشهيد ، ومتعهما بعض من تأخر عنهما .
أما القول بالوجوب فهو بديهي
البطلان ، وأما الاستحباب فلم نقف على دليل
يدل عليه .
وربما يقال : إن خبر الدعائم
عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال : من
تعجل النفر في يومين ترك ما
يبقى عنده من الجمار بمنى ( 1 ) . يدل عليه ، لكنه كما ترى
لا يدل على استحباب الدفن .
وفي المستند : ولكن يمكن
إثباته بفتوى الفاضل والشهيد في الدروس ، لان
المقام مقام المسامحة .
وفيه : أن أخبار من بلغ ( 2
) التي هي مدرك القاعدة لا تشمل فتوى الفقيه ،
بل هي مختصة بما يروي عن
المعصوم عليه السلام حسا بلا دخل للحدس فيه ، وعليه
فالافتاء به بلا مدرك إفتاء
بغير ما أنزل الله ، ويكون حراما ، فالمتعين التوقف .
…………………………………………………………………………
1 - المستدرك باب 7 من ابواب
العود الى منى حديث 2 .
2 - الوسائل باب 18 من ابواب
مقدمة العبادات .
[ ولو بات الليلتين بغير منى
وجب عليه عن كل ليلة شاة إلا أن يبيت بمكة
مشتغلا بالعبادة ، ويجوز أن
يخرج بعد نصف الليل ، ويجوز النفر الاول لمن
اتقى الصيد والنساء اذا لم تغرب الشمس في الثاني عشر بمنى ، ولا
يجوز
لغيره . ]
7 - ( و ) قد مر أنه ( لو
بات الليلتين بغير منى وجب عليه من كل ليلة شاة
إلا أن يبيت بمكة مشتغلا
بالعبادة و ) قد مر أيضا في مسألة وجوب المبيت أنه
( يجوز أن يخرج بعد نصف
الليل ) .
( ويجوز النفر الاول لمن
اتقى الصيد والنساء إذا لم تغرب الشمس في الثاني
عشر بمنى ولا يجوز لغيره )
كما هو المشهور ، وتمام الكلام في ضمن مسائل :
الاولى : الحاج مخير بين أن
ينفر من منى بعد الرمي في اليوم الثاني عشر من
ذي الحجة وأن يؤخر الى النفر
الثاني وهو الثالث عشر منه بلا خلاف في أصل الحكم
في الجملة ، بل عليه الاجماع
بقسميه ، ولم يخالف أحد من الفقهاء فيه إلا الحلي ، فانه
نسب اليه عدم جواز النفر
الاول .
ويشهد لجوازه : الآية
الكريمة : ( واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل
في يومين فلا أثم عليه ومن
تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى ) ( 1 ) وقد فسرت الآية
الكريمة في الاخبار بالنفرين
، وستأتي تلك الاخبار في ضمن الفروع الآتية ، وجملة من
النصوص الآتية ، ولم أظفر
بما يمكن أن يستدل به للحلي ، فقوله مخالف للكتاب والسنة
والاجماع .
…………………………………………………………………………
1 - سورة البقرة آية 203
[ . . . ]
الثانية : المقطوع به في
كلام ألاصحاب أنه لا يجوز النفر الاول إلا لمن اتقى
الصيد والنساء في إحرامه ،
فلو جامع في إحرامه أو قتل صيدا وإن كفر عنه لم يجز له
أن ينفر ، ويجب عليه أن يقيم
الى النفر الثاني .
ويشهد به : نصوص كثيرة كخبر
حماد بن عثمان عن الامام الصادق عليه
السلام في قول الله الله عز
وجل : ( فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ) لمن اتقى الصيد يعني
في أحرامه ، فان أصابه لم
يكن له أن ينفر في النفر الاول ( 1 ) .
وخبره الآخر عنه عليه السلام
: اذا أصاب المحرم الصيد فليس له أن ينفر في
النفر الاول ( 2 ) .
وصحيح جميل عنه عليه السلام
في حديث : ومن أصاب الصيد فليس له أن
ينفر في النفر الاول ( 3 ) .
وخبر محمد بن المستنير عن
أبي عبد الله عليه السلام : من أتى النساء في
إحرامه لم يكن له أن ينفر في
النفر الاول ( 4 ) .
والجمع بين هذا الخبر وبين
ما قبله يقتضي البناء على اعتبار الاتقاء من الصيد
ومن النساء في جواز النفر
الاول .
وأورد عليها تارة بضعف
الاسناد ، واخرى بان الآية الكريمة فسرت في
النصوص الاخر بغير ذلك كما
يظهر لمن راجع الروايات ، وثالثة بأن مفهوم خبر ابن
المستنير يعارض منطوق ما
قبله ، وكذا العكس .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 11 من ابواب
العود الى منى حديث 2 .
2 - الوسائل باب 11 من ابواب
العود الى منى حديث 3 .
3 - الوسائل باب 11 من ابواب
العود الى منى حديث 8 .
4 - الوسائل باب 11 من ابواب
العود الى منى حديث 1
[ . . . ]
ولكن يرد الاول : مضافا الى
عدم تماميته في جميع النصوص ، والى ما سيأتي من
نصوص أخر دالة عليه - أن
استناد الاصحاب يوجب جبره لو كان هناك ضعف .
ويرد الثاني : أنه يمكن أن
يكون المراد بالآية الكريمة : المعنى
الجامع ، والنصوص المختلفة
مبينة لمصاديق ذلك المعنى فلا تعارض بينها .
ويرد الثالث : أن منطوق كل
من الطائفتين أخص من مفهوم الاخرى فيقيد
إطلاقه به .
الثالثة : المنسوب الى
الطبرسي أن من اتقى الصيد والنساء في إحرامة لا يجوز
له النفر الاول إلا اذ اتقى
الصيد الى انقضاء النفر الاخير .
وعن الحلي لا يجوز النفر
الاول إلا لمن اتقى عما يوجب الكفارة مطلقا .
وعن ابن سعيد : أنه لا يجوز
إلا لمن اتقى كل ما حرم عليه بإحرامه .
واستدل للاول بخبر معاوية بن
عمار عن مولانا الصادق عليه السلام من نفر
في النفر الاول متى يحل له
الصيد ؟ قال عليه السلام : اذا زالت الشمس من اليوم
الثالث ( 1 ) .
وخبر حماد عنه عليه السلام :
اذا اصاب المحرم الصيد فليس له أن ينفر في
النفر الاول : ومن نفر في
النفر الاول فليس له أن يصيب الصيد حتى ينفر الناس
وهو قول الله عز وجل : ( فمن
تعجل في يومين فلا إثم عليه لمن اتقى ) فقال : اتقى
الصيد ( 2 ) .
وأورد عليهما بانه لو تم
دلالتهما فغايته وجوب إبقاء الصيد وحرمة الصيد لا
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 11 من ابواب
العود الى منى حديث 4 .
2 - الوسائل باب 11 من ابواب
العود الى منى حديث 3
[ . . . ]
دخالته في جواز النفر الاول
، إلا أن الانصاف ظهورهما في شرطيته ، لجواز النفر بقرينة
قوله : وهو قول الله الى
آخره .
وأوضح منهما في ذلك صحيح آخر
لمعاوية عنه عليه السلام في قول الله عز وجل :
( فمن تعجل في يومين فلا إثم
عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى ) فقال : يتقي
الصيد حتى ينفر أهل منى الى
النفر الاخير ( 1 ) . وهو صريح في أن ما جعل شرطا لجواز
النفر الاول في الآية الكريمة
هو ، اتقاء الصيد الى النفر الثاني .
وأما خبره الثالث عنه عليه
السلام : ينبغي لمن تعجل في يومين أن يمسك عن
الصيد حتى ينقضي اليوم
الثالث ( 2 ) . فلا يدل على عدم لزوم ذلك ، فان ينبغي ليس
ظاهرا في عدم اللزوم ، ولا
يعارض هذه النصوص ما تقدم ، فاذا هذا القول بحسب
النصوص قوي إلا أن عدم إفتاء
الاصحاب به يوفقنا عن الافتاء والاحتياط طريق
النجاة .
وأما القول الثاني فلم أظفر
بمدركه إلا دعوى : أنه لا خصوصية للصيد
والنساء ، والمدار على اتقاء
ما يوجب الكفارة ، وهي كما ترى .
وأما القول الثالث فاستدل له
باطلاق الآية الشريفة ، وخبر ابن المستنير عن
أبي جعفر عليه السلام قال :
لمن اتقى الرفث والفسوق والجدال ، وما حرم الله عليه في
إحرامه ( 3 ) .
ولكن الاول يرده : إجمال
الآية الكريمة ، لعدم معلومية متعلق الاتقاء ، ولا مورد
الاتقاء ، وقد فسرت الآية في
النصوص بما لا ينطبق على ما افيد ، وقد تقدم طرف منها .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 11 من ابواب
العود الى منى حديث 6 .
2 - الوسائل باب 11 من ابواب
العود الى منى حديث 5 .
3 - الوسائل باب 11 من ابواب
العود الى منى حديث 7
[ . . . ]
وأما الثاني فيرد عليه أولا
: أنه ضعيف السند : إذ لو كان الراوي هو سلام بن
المستنير كما في غير الوسائل
فهو إمامي مجهول ، وإن كان هو محمد كما في الوسائل
فهو مهمل .
وثانيا : أنه لم يعمل به
الاصحاب .
وثالثا : أنه مجمل أيضا .
والمنساق الى الذهن من اتقاء
الصيد هو عدم قتله وعدم اصطياده كما صرح
به الشهيد الثاني وسيد
المدارك وصاحب الجواهر وغيرهم ، كما ان المنساق الى الذهن
من عدم إتيان النساء عدم
وطئهن .
فهل يلحق به سائر المحرمات
المتعلقة بهن كالقبلة واللمس والنظر وما شاكل ؟
وجهان ، أظهر هما : الثاني ،
لعدم الوجه للتعدي إلا أن الاحتياط حسن .
قال سيد المدارك : قد نص
الاصحاب على أن الاتقاء معتبر في إحرام الحج ،
وقوي الشارح اعتباره في عمرة
التمتع أيضا ، لارتباطها بالحج ودخولها فيه ، والمسألة
قوية الاشكال انتهى .
ولكن إطلاق النصوص الشامل
لها أيضا يرفع الاشكال ، فما أفاده الشهيد
الثاني - ره - قوي .
ثم مقتضى إطلاق النصوص عدم
الفرق بين العامد والناسي والجاهل ، والفرق
بين الصيد وغيره ، لوجوب
الكفارة في الاول بلا فارق فيما هو محل البحث ، لما مر من
أن النصوص ليست ظاهرة في أن
المدار على ما يوجب الكفارة ، وبذلك أجبنا عن
الحلي .
تذييل : ربما اشكل بأن ظاهر
قوله تعالى : ( ومن تأخر فلا إثم عليه ) ( 1 ) يعطي
…………………………………………………………………………
1 - البقرة آية 203
[ . . . ]
أن التأخير ربما كان مظنة
للاثم ، فنفي ذلك بقوله : لا إثم عليه ، مع أن التأخير أ فضل
للاتيان بمناسك اليوم الثالث
.
واجيب عنه بأجوبة أكثرها ذكرها
سيد المدارك ، منها : أن الرخصة قد تكون
عزيمة كما في رفع الحرج
والجناح في التقصير والطواف ، فلمكان هذا الاحتمال رفع
الحرج في الاستعجال والتأخر
دلالة على التخيير بين الامرين .
ومنها : أن أهل الجاهلية
كانوا فريقين ، منهم : من يجعل المتعجل آثما ، ومنهم : من
يجعل المتأخر آثما ، فبين
الله تعالى أن لا إثم على واحد منهما .
ومنها : أن المراد عدم الاثم
على المؤخر لمن زاد على المقام ثلاثة أيام ، فكأنه قيل :
إن أيام منى ثلاثة ، فمن نقص
فلا إثم عليه ، ومن زاد عليها ولم ينفر مع عامة الناس
فلا إثم عليه .
ومنها : أن هذا من باب رعاية
المقابلة والمشاكلة مثل ( وجزاء سيئة سيئة
مثلها ) ( 1 ) .
ومنها : ما في الحدائق : بان
المراد من ذلك رفع ما يتوهم من المفهوم الاول
المقتضي ثبوت الاثم على غير
المعجل ، وأيده بصحيح أبي أيوب عن أبي عبد الله عليه
السلام ، قلت له : إنا نريد
أن نتعجل السير وكانت ليلة النفر حين سألته ، فاي ساعة
ننفر ؟ فقال عليه السلام لي
: أما اليوم الثاني فلا تنفر حتى تزول الشمس ، فأما اليوم
الثالث فإذا ابيضت الشمس
فانفر على كتاب الله ، فان الله عزوجل يقول - الى أن
قال - فلو سكت لم يبق أحد
إلا تعجل ، ولكنه قال : ومن تأخر فلا إثم عليه ( 2 ) .
وهناك وجوه أخر من أراد
الوقوف عليها فليراجع كتب التفسير .
…………………………………………………………………………
1 - سورة الشورى آية 40 .
2 - الوسائل باب 9 من ابواب
العود الى منى حديث 4
[ . . . ]
الشرط
الثاني لجواز النفر الاول
الرابعة : يشترط في جواز
النفر الاول شرط آخر وهو أن لا يغرب الشمس
عليه اليوم الثاني عشر في
منى ، فلو غربت الشمس عليه وهو بمنى لم يجز له النفر ،
بل وجب عليه المبيت بها ليلة
الثالث عشر بلا خلاف فيه ، بل عن جماعة دعوى
الاجماع عليه ، وهو كذلك .
والنصوص شاهدة به ، لاحظ : صحيح
معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه
السلام : اذا نفرت في النفر
الاول فان شئت أن تقيم بمكة وتبيت بها فلا بأس بذلك ،
وقال : اذا جاء الليل بعد
النفر الاول فبت بمنى فليس لك أن تخرج منها حتى
تصبح ( 1 ) .
وخبر أبي بصير عنه عليه
السلام عن الرجل ينفر في النفر الاول ، قال عليه
السلام : له أن ينفر ما بينه
وبين أن تسفر الشمس ، فان هو لم ينفر حتى يكون عند
غروبها فلا ينفر وليبت بمنى
حتى اذا أصبح وطلعت الشمس فلينفر متى شاء ( 2 ) .
وصحيح الحلبي عنه عليه
السلام : من تعجل في يومين فلا ينفر حتى تزول
الشمس ، فان أدركه المساء
بات ولم ينفر ( 3 ) .
ويمكن استفادته من الآية
الكريمة بتقريب : أنها تدل على أن محل التعجيل
النهار ، فاذا مضى ولم يتعجل
فلو تعجل في الليلة الثالثة لزم كون تعجيله ليس في
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 10 من ابواب
العود الى منى حديث 2 .
2 - الوسائل باب 10 من ابواب
العود الى منى حديث 4 .
3 - الوسائل باب 10 من ابواب
العود الى منى حديث 1
[ فان نفر كان عليه شاة ]
اليومين فيكون آثما وهو
المطلوب ، هكذا أفاد الفاضل المقداد .
ولو ارتحل وغربت الشمس قبل
أن يتجاوز حدود منى وجب المبيت ، لانه
يصدق غروب الشمس عليه بمنى ،
ومشقة الحط لا توجب سقوطه نعم لو تجاوز
حدودها وغربت وإن لم يصل
بمكة لا يجب المبيت .
ثم إنه قد تقدم في مسألة
المبيت أن من تجب عليه البيتوتة بمنى لو تركها يجب
عليه دم شاة عن كل ليلة (
فإن نفر ) من لا يجوز له النفر الاول ( كان عليه شاة ) كما
مر حكم تركه الرمي .
وأما من يجوز له النفر فكما
يسقط عنه وجوب المبيت ، لما مر يسقط عنه وجوب
الرمي ، وعن المنتهى : نفي
الخلاف عنه .
وعن الاسكافي : أنه يرمي حصى
اليوم الثالث عشر في الثاني عشر بعد رمي
يومه ، لكنه يحتاج الى دليل
مفقود ، والاصل يقتضي عدمه ، كما أن الاصل يقتضي عدم
وجوب الاستثنابة ، وحيث إن
وجوب العود مجمع على عدمه فيتعين سقوط وجوب الرمي
في اليوم الثالث عشر .
وأيضا ظاهر هم الاتفاق على
عدم وجوب الفدية على من ترك المبيت في الليلة
الثالثة ، وكان يجوز له نفر
الاول ، ولذلك قال الشيخ في محكي الخلاف والمبسوط : من
بات عن منى ليلة كان عليه دم
، ومن بات عنها ليلتين كان عليه دمان ، فان بات ا لليلة
الثالثة لا يلزمه ، لان له
النفر في الاول ، وقد ورد في بعض الاخبار أن من بات ثلاث
ليال عن منى فعليه ثلاث دماء
، وذلك محمول على الاستحباب أو على من لم ينفر في
الاول حتى غابت الشمس انتهى
.
ويمكن أن يستدل له مضافا الى
تسالم الاصحاب ، والى أن الفدية كفارة أو
جبران ، وعلى التقديرين لا
مورد لها مع ترخيص الشارع في ترك المبيت - بأن ما دل
[ والنافر في الاول يخرج بعد
الزوال وفي الثاني يجوز قبله ]
على ثبوت الدم في ترك مبيت
كل ليلة لا إطلاق له يشمل ترك المبيت في الليلة الثالثة ،
فتدبر .
عدم
جواز النفر في الاول قبل الزوال
( والنافر في الاول يخرج بعد
الزوال وفي الثاني يجوز قبله ) بلا خلاف إلا
ما عن المصنف - ره - في
التذكرة حيث قال باستحباب التأخير الى ما بعد الزوال ،
قال : ويمكن حمل كثير من
العبارات عليه .
واستدل للاول بصحيح معاوية
عن الامام الصادق عليه السلام : اذا أردت أن
تنفر في يومين فليس لك أن
تنفر حتى تزول الشمس ، وإن تأخرت الى آخر أيام
التشريق وهو يوم النفر
الاخير فلا شئ X عليك أي ساعة نفرت قبل الزوال أو
بعده ( 1 ) .
وصحيح الحلبي المتقدم : من
تعجل في يومين فلا ينفر حتى تزول الشمس ( 2 ) .
وصحيح الخزار المتقدم : أما
اليوم الثاني فلا تنفر حتى تزول الشمس ( 3 ) .
وصحيح الحلبي عن أبي عبد
الله عليه السلام عن الرجل ينفر في النفر الاول
قبل أن تزول الشمس ، فقال
عليه السلام : لا ولكن يخرج ثقله إن شاء ولا يخرج هو
حتى تزول الشمس ( 4 ) .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 9 من ابواب
العود الى منى حديث 3 .
2 - الوسائل باب 10 من ابواب
العود الى منى حديث 1 .
3 - الوسائل باب 9 من ابواب
العود الى منى حديث 4 .
4 - الوسائل باب 9 من ابواب
العود الى منى حديث 6
[ . . . ]
وهذه النصوص وإن كانت ظاهرة
في وجوب التأخير الى ما بعد الزوال ، وبها
يقيد إطلاق خبر أبي بصير
المتقدم : له أن ينفر ما بينه وبين أن تسفر الشمس ( 1 ) . و
يحمل على إرادة ما بين
الزوال والغروب ، كما أن بها يبين إجمال صحيح جميل عن الامام
الصادق عليه السلام : لا بأس
أن ينفر الرجل في النفر الاول - الى أن قال - وكان
أبي عليه السلام يقول : من
شاء رمي الجمار ارتفاع النهار ثم ينفر ( 2 ) . بحمل ارتفاع
النهار على الزوال وإن كان
يرده : أنه خلاف الظاهر جدا ، سيما وأن ارتفاع النهار جعل
ظرفا للرمي ، اللهم إلا أن
يقال : إنه أيضا مطلق حينئذ فيقيد بما مر - إلا أنه يعارضها
خبر زرارة عن أبي جعفر عليه
السلام : لا بأس أن ينفر الرجل في النفر الاول قبل
الزوال ( 3 ) .
والجمع بينه وبين النصوص
المتقدمة يقتضي حملها على إرادة الاستحباب منها ،
ولكن ضعفه في نفسه للجهالة
ولا عراض الاصحاب عنه يمنع عن العمل به .
وأما ما قيل بأن الواجب إنما
هو الرمي والبيتوتة والاقامة في اليوم مستحبة ،
فاذا رمي جاز النفر متى شاء
، فاجتهاد في مقابل النصوص الصحيحة المعمول بها ، فما
افاده المشهور هو المنصور .
وقد ظهر مما مر من النصوص أن
من ينفر في النفر الثاني يجوز له النفر في أي
ساعة من النهار شاء بعد
الرمي .
وعن النهاية والمبسوط
والمهذب والغنية وغيرها اختصاصه بغير الامام وأن عليه
أن يصلي الظهر بمكة .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 10 من ابواب
العود الى منى حديث 4 .
2 - الوسائل باب 9 من ابواب
العود الى منى حديث 1 .
3 - الوسائل باب 9 من ابواب
العود الى منى حديث 11
[ ولو نسي رمي يوم قضاه من
الغد ]
وعن جماعة استحباب ذلك له .
واستدل للاول بصحيح الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام : يصلي الامام
الظهر يوم النفر بمكة ( 1 )
.
ولكن خبر أيوب بن نوح : كتبت
اليه أن أصحابنا قد اختلفوا علينا فقال
بعضهم : إن النفر يوم الاخير
بعد الزوال أفضل ، وقال بعضهم : قبل الزوال ، فكتب
عليه السلام أما علمت أن
رسول الله صلى الله عليه وآله صلى الظهر والعصر بمكة
فلا يكون ذلك إلا وقد نفر
قبل الزوال ( 2 ) ، يدل على مساواة الامام وغيره في هذا
الحكم ، وأن الاضل للجميع
النفر قبل الزوال ، وأنه ليس الحكم لزوميا .
خاتمة : في بيان مسائل :
الاولى ( ولو نسي رمي يوم
قضاة من الغد ) بلا خلاف فيه ، وفي الجواهر : بل
الاجماع بقسميه عليه .
ويشهد به : نصوص كصحيح عبد
الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام
عن رجل أفاض من جمع حتى
انتهى الى منى فعرض له عارض فلم يرم حتى غابت
الشمس ، قال عليه السلام :
يرميى اذا اصبح مرتين مرة لما فاته والاخرى ليومه الذي
يصبح فيه ، وليفرق بينهما
يكون إحداهما بكرة وهي للامس والاخرى عند زوال
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 12 من ابواب
العود الى منى حديث 1 .
2 - الوسائل باب 12 من ابواب
العود الى منى حديث 2
[ مقدما ]
الشمس ( 1 ) .
وصحيح معاوية بن عمار عن
الامام الصادق عليه السلام في حديث ، قال :
قلت : الرجل ينكس في رمي
الجمار فيبدأ بجمرة العقبة ثم الوسطي ثم العظمى ، قال
عليه السلام : يعود فيرمي
الوسطى ثم يرمي جمرة العقبة وإن كان من الغد ( 2 ) .
وتمام الكلاب بالبحث في فروع
:
1 - المشهور بين الاصحاب أنه
يجب أن يكون القضاء ( مقدما ) على الاداء ،
وصحيح ابن سنان يشهد به .
وأورد عليه سيد الرياض بأن
الصحيح آمر بالتقديم مقيدا بقيد وهو كون
إحداهما بكرة والاخرى عند
زوال الشمس ، وهذا القيد استحبابي ، لصحيح آخر
دال على أنه يفرق بينهما
ساعة ( 3 ) ولا تفاق الاصحاب على جواز الجمع بينهما ، فيكون
الامر بالتقديم استحبابيا .
وفيه : أنه قد مر مرارا أن
المولى اذا أمر بامور ورخص في ترك بعضها دون آخر
يكون ما رخص في تركه مستحبا
وغيره واجبا من دون أن يلزم محذور استعمال اللفظ
في أكثر من معنى واحد ، لان
الوجوب والاستحباب خارجان عن حريم الموضوع له
والمستعمل فيه ، فلا مانع من
كون القيد استحبابيا ، وأصل التقديم واجبا ، فالاظهر
وجوب تقديم القضاء على
الاداء .
2 - لا فرق في وجوب القضاء
بين ما لو ترك الرمي نسيانا أو جهلا أو اضطرارا
أو عمدا ، وفي جميع الفروض
يجب القضاء كما هو المعروف بين الاصحاب ، وإطلاق
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 15 من ابواب
رمي جمرة العقبة حديث 1 .
2 - الوسائل باب 5 من ابواب
العود الى منى حديث 4 .
3 - الوسائل باب 3 من ابواب
العود الى منى حديث 3 .
[ . . . ]
الصحيحين شاهد بذلك .
3 - حكم نسيان رمي جمرة
واحدة أو رمي جمرتين حكم نسيان رمي الثلاث ،
لاطلاق صحيح ابن سنان
المتقدم ، وصراحة صحيح معاوية الذي تقدم آنفا في نسيان
رمي جمرتين ، وصراحة صحيح
العجلي عن أبي عبد الله عليه السلام عن رجل نسي
رمي الجمرة الوسطى في اليوم
الثاني ، قال عليه السلام : فليرمها في اليوم الثالث لما
فاته ولما يجب عليه في يومه
قلت : فإن لم يذكر إلا يوم النفر ؟ قال عليه السلام : فليرمها
ولا شئ عليه ( 1 ) - في
نسيان رمي جمرة واحدة .
4 - اذا نسي رمي جمرة من
الجمار وأراد الاتيان به فهل يجب عليه أن يعيد رمي
الجمرة المتأخرة أم لا ؟
قولان ، مقتضي القاعدة هو الاول ، لا لما قيل : من أن الامر
بإتيانه في الغدليس أمرا
قضائيا بل هو توسعة في الوقت فإنه خلاف الظاهر ، بل لا نه
ترك رمي المتقدمة فرمي
المتأخرة باطل ، لفقد الشرط وهو الترتيب فيجب قضاؤه
أيضا .
ولكن ظاهر صحيح العجلي
المقتصر على قضاء رمي الوسطي - عدم وجوب
إتيان رمي المتأخرة .
اللهم إلا أن يقال : إن صحيح
ابن عمار المصرح فيمن نكس بأنه يرمي
الوسطى ثم يرمي جمرة العقبة
وإن كان من الغد ( 2 ) يدل على لزوم الاتيان به ، وبه
يرفع اليد عن ظهور صحيح
العجلي الذي ظهوره ليس إلا من جهة عدم التعرض
لوجوب رمي المتأخرة ،
فالاظهر هو لزوم الاعادة .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 15 من ابواب
رمي جمرة العقبة حديث 3 .
2 - الوسائل باب 5 من ابواب
العود الى منى حديث 4
[ . . . ]
5 - قال سيد المدارك قده :
انه ينبغي إيقاع الفائت بعد طلوع الشمس وإن
كان الظاهر جواز الاتيان به قبل
طلوعها ، لاطلاق الاخبار .
وفيه : أولا : أن ما دل على
لزوم كون رمي الجمار بعد طلوع الشمس عام شامل
للفائت والحاضر ، ولاجله
يحمل قوله : بكرة ، في الخبر على إرادة طلوع الفجر ، كما
اعترف به في محكي كشف اللثام
.
وثانيا : أن الظاهر من الامر
بإتيان شئ له قيود وشروط ثانيا - اعتبار جميع
تلك القيود والشروط في
المأمور به الثاني ، فلو أمر المولى بإعادة صلاة الظهر يفهم
العرف اعتبار جميع ما يعتبر
في الاصل في المعادة ، وكذا في سائر الموارد ، ففي المقام أمر
الشارع بإتيان المأمور به في
الغد ، فظاهره اعتبار جميع ما يعتبر في الرمي الادائي في
المأمور به القضائي كما لا
يخفي ، فالاظهر لزوم كونه بعد طلوع الشمس كما عن
المنتهى التصريح بذلك .
6 - مما ذكرناه ظهر أنه
يستحب أن يكون ما يرميه لامسه غدوة وما يرميه ليومه
عند الزوال كما صرح به
المصنف - ره - وغيره .
ودونه في الفضل : التفريق
بينهما ساعة ، لصحيح ابن عمار عن الامام الصادق
عليه السلام في حديث : فيرمي
متفرقا يفصل بين كل رميتين بساعة ( 2 ) . وحيث إن
الساعة في لسان الاخبار ليست
خصوص ما هو المصطلح في هذه الازمنة فيحصل
الفصل بالمسمي ، ويجوز أن
يأتي بهما مجتمعا لما ادعاه سيد الرياض من الاجماع على
جواز الاتيان بهما في وقت
واحد .
[ ولو نسي جمرة وجهل عينها رمى
الثلاث ]
حكم
من نسي رمي جمرة وجهل عينها
المسألة الثانية : ( ولو نسي
جمرة وجهل عينها رمي الثلاث ) كما صرح به غير
واحد .
واستدل له بوجهين :
أحدهما : ما في الجواهر ،
قال : لامكان كونها الاولى فتبطل الاخيرتان .
وفيه : أنه بناءا على ما
حققناه في كتابنا القواعد الثلاث من أنه لا تختص
قاعدة الفراغ بباب الصلاة ،
وأنها تجري في جميع الابواب ، - تجري القاعدة في رمي
كل من الاولتين ، ويحكم بأنه
رماهما ، ولا تعارضهما قاعدة الفراغ في رمي الثالثة ، للعلم
ببقاء أمره ، إما لكون رميها
متعلقا للنسيان ، أو لان المنسي رمي ما قبلها فرميها باطل ،
لفقد الشرط ، فعلى التقديرين
يكون الامر برميها باقيا ولم يمتثل قطعا فلا تجري فيه
قاعدة الفراغ .
ثانيهما : العلم الاجمالي
بوجوب رمي احداها المقتضي للاتيان بالجميع .
وفيه : أنه ينحل هذا العلم
الاجمالي بالعلم بلزوم رمي الاخيرة على جميع
التقادير كما مر ، والشك في
وجوب رمي ما قبلها من الجمرتين ، فيرجع في مورد الشك
الى الاصول المقتضية لعدم
الوجوب .
فان قيل : إن موضوع وجوب
القضاء عدم الرمي ، وعليه فيستصحب عدم رمي
الاولى ، وكذا عدم رمي
الثانية ويحكم بلزوم الاتيان بهما ، ولا يصح ان يقال : إن العلم
الاجمالي بعدم مطابقة أحد
الاصلين للواقع ، للعلم بأن المتروك واحد يمنع عن
جريانهما ، فانه يتوجه عليه
: أن العلم الاجمالي مانع عن جريان الاصلين إذا لزم منهما
[ . . . ]
المخالفة العملية لتكليف
لزومي وإلا فلا يكون مانعا من غير فرق بين الاصول
التنزيلية وغيرها .
قلنا : إن قاعدة الفراغ
الجارية في رمي كل من العظمى والوسطى توجب البناء
على صحتهما ، فالاظهر
الاكتفاء برمي الاخيرة وهي جمرة العقبة .
ولو فاته دون الاربع من جمرة
وجهل تعينها كرره على الثلاث ، للعلم الاجمالي
من دون أن يكون هناك انحلال
، إذ لو كان الفائت من الاولتين لم تبطل الاخيرة .
وهل يجب الترتيب أم لا ؟
وجهان ، الاظهر هو الثاني ، إذ المفروض أنه لا يجب
إلا رمي واحدة من الجمرات
ووجب الباقي من باب المقدمة .
ولو فاته ثلاث وشك في كونها
من واحدة أو أكثر رمتها عن كل واحدة .
ولو كان الفائت أربعا وشك في
كونها من واحدة فيجب إعادتها ، فعلى المختار
يكفي إعادة الاخيرة ، وعلى
ما ذكره غير واحد في المسألة السابقة يعيد الجميع أو أكثر ،
فلا يجب استئناف شئ منها ،
فلا يبعد القول بأنه يكفي أن يرمي كل واحدة من
الجمرات ثلاثا ، وذلك لما
حقق في محله من أن قاعدة الفراغ المقتضية لعدم وجوب شئ
لا تصلح لمعارضة قاعدة
الفراغ المصححة ، بل الثانية تجري مثلا لو علم بأنه إما ترك
سجدة واحدة ، أو ركوعا ، فان
كان المتروك هو الركوع تبطل الصلاة ، وإن كان هي
السجدة الواحدة يجب قضاؤها
بعد الصلاة ، وقاعدة الفراغ في الركوع مصححة ،
وقاعدة الفراغ في السجدة
نافية لوجوب القضاء ، ولا يصح أن يقال : إن القاعدتين
متعارضتان للعلم الاجمالي
بترك أحدهما ، بل تجري قاعدة الفراغ في الركوع بلا
معارض ، ووجهه إجمالا : أن
قاعدة الفراغ في السجدة يعلم تفصيلا بعدم جريانها فيها
إما لتركها ، أو لبطلان
الصلاة على فرض كون المتروك هو الركوع ، وتمام الكلام في
رسالة فروع العلم الاجمالي
التي صنفها بعض الافاضل تقريرا لابحاثنا .
[ ولو نسي الرمي حتى دخل مكة
رجع ورمى ]
ففي المقام ، قاعدة الفراغ
بالنسبة الى ترك أربع من كل واحدة تجري فانها
مصححة ، إذ لو كان المتروك
أربعا من واحدة تبطل ويجب استئنافها وإعادة ما بعدها ،
ولا يعارضها قاعدة الفراغ عن
ترك ثلاث فما دون من كل واحدة ، وعليه فيرجع في
كل منها الى أصالة العدم ،
وأصالة العدم الجارية في ترك الثلاث من كل واحدة تقتضي
لزوم ثلاث من كل منها ،
فتدبر فانه دقيق جدا .
حكم
من نسي رمي الجمار حتى دخل مكة
الثالثة : ( ولو نسي الرمي
حتى دخل مكة رجع ورمى ) مع بقاء أيام
التشريق التي هي زمان الرمي
بلا خلاف .
ويشهد به : صحيح معاوية عن أبي
عبد الله عليه السلام : قال : قلت : رجل
نسي رمي الجمار حتى أتي مكة
، قال عليه السلام : يرجع فيرمها يفصل بين كل رميتين
بساعة ، قلت : فاته ذلك وخرج
، قال عليه السلام : ليس عليه شئ ( 1 ) . ومثله حسنه ( 2 ) .
ومقتضي إطلاقهما هو وجوب
الرجوع من مكة والرمي وإن كان بعد انقضاء
أيام التشريق .
لكن صرح جماعة منهم : الشيخ
بأنه إنما يجب مع بقاء أيام التشريق وهو
المنصور ، لوجهين :
الاول : قوي عمر بن يزيد عن
أبي عبد الله عليه السلام : من أغفل رمي الجمار
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 3 من ابواب
العود الى منى حديث 2 .
2 - الوسائل باب 3 من ابواب
العود الى منى حديث 3
[ . . . ]
أو بعضها حتى تمضي أيام
التشريق فعليه أن يرميها من قابل فإن لم يحج رمى عنه
وليه ، فإن لم يكن له ولي
استعان برجل من المسلمين يرمي عنه فانه لا يكون رمي
الجمار إلا أيام التشريق ( 1
) .
والايراد عليه بضعف السند ،
لان في طريقه محمد بن عمر بن يزيد ، وهو لم يرد
فيه توثيق ولا مدح يعتد به ،
في غير محله ، لاستناد المشهور اليه حتى قال صاحب
الجواهر : لا أجد فيه خلافا
فينجبر ضعفه بذلك .
الثاني : ما مر من أن الامر
بإتيان الشئ المأمور به المقيد بقيود والمحدود بحدود
ظاهر في اعتبار جميع تلك
القيود فيه ، ويعبر عن ذلك بالاطلاق المقامي فمقتضى
الاطلاق للنصوص في المقام
اعتبار ذلك ، ولعله الى ذلك نظر صاحب الجواهر - ره -
حيث قال : بل يمكن دعوى عدم
تناول الاطلاق لهذه الصورة ، انتهى .
وما ذكرناه يجري في الجاهل
أيضا لورود النص فيه أيضا ، لاحظ : صحيح ابن
عمار عن الامام الصادق عليه
السلام عن امرأة جهلت أن ترمي الجمار حتى نفرت
الى مكة ، قال عليه السلام :
فلترجع فلترم الجمار كما كانت ترمي والرجل كذلك ( 2 ) .
ونحوه حسنه عنه عليه السلام
وفيه : قلت : فانه نسي أو جهل حتى فاته وخرج ، قال
عليه السلام : ليس عليه أن
يعيد ( 3 ) .
والحق الاصحاب بالجاهل
والناسي : العامد والتارك اضطرارا ، وفي المستند : بل
يمكن استفادته من بعض
الاطلاقات
أقول : لم اظفر به ، فالعمدة
فتوى الاصحاب .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 3 من ابواب
العود الى منى حديث 4 -
2 - الوسائل باب 3 من ابواب
العود الى منى حديث 1 .
3 - الوسائل باب 3 من ابواب
العود الى منى حديث 3
[ فان تعذر مضى ورمى في القابل
او استناب مستحبا ]
وأما خبر ابن جبلة عنه عليه
السلام : من ترك رمي الجمار معتمدا لم تحل له
النساء ، وعليه الحج من قابل
( 1 ) . فلعدم إفتاء أحد به وضعفه في نفسه ، لان في طريقه
يحيى بن المبارك وهو إمامي
مجهول - يطرح .
( فإن تعذر ) العود ( مضى
ورمى في القابل أو استناب مستحبا ) بلا خلاف
في رجحان ذلك ، إنما الخلاف
في أنه على الاستحباب كما في المتن ، وظااهر الشرائع ،
وعن النافع والمدارك
والذخيرة ، أو على الوجوب كما عن التهذيبين والخلاف والنهاية
والسرائر والارشاد والقواعد
والدروس والمسالك والروضة والغنية ، بل عن بعضهم
دعوى الاجماع عليه .
ومنشأ الاختلاف : أن خبر عمر
بن يزيد ظاهر في الوجوب ، والنصوص
المتقدمة الاخر ظاهرة في عدم
الوجوب ، وقد تمسك الاولون بتلك النصوص ، ورد
بعضهم خبر أبي يزيد بضعفه ،
وآخرون بحمله على الاستحباب .
ولكن ضعفه منجبر بالعمل ،
وحمله على الاستحباب بلا وجه بعد إمكان الجمع
الموضوعي بين النصوص بحمل
إطلاق نفي الشئ في النصوص على غير ما تضمنه
الخبر المقدم على الجمع
الحكمي ، فالاظهر هو الوجوب .
الرابعة : المعروف بين
الاصحاب أنه يجوز الرمي عن المعذور الذي لا يمكنه
الرمي كالمريض وعن الصبي غير
المميز وعن المغمى عليه والكسير والمبطون ، بل نفي
بعضهم الخلاف فيه ، وظاهر
المنتهى والتذكرة كونه إجماعيا .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 4 من ابواب
العود الى منى حديث 5
[ . . . ]
ويشهد به : صحيح ابن عمار
والبجلي جميعا عن أبي عبد الله عليه السلام
الكسير والمبطون يرمى عنهما
، قال : والصبيان يرمى عنهم ( 1 ) .
وموثق إسحاق بن عمار عن أبي
الحسن موسى عليه السلام عن المريض ترمى
عنه الجمار ؟ قال : نعم ،
يحمل الى الجمرة ويرمى عنه ، قلت : لا يطيق ذلك ، قال عليه
السلام : يترك في منزلة
ويرمى عنه ( 2 ) .
وخبر داود بن علي اليعقوبي
عنه عليه السلام عن المريض لا يستطيع أن يرمي
الجمار ، فقال عليه السلام :
يرمى عنه ( 3 ) .
وصحيح حريز عن أبي عبد الله
عليه السلام : المريض المغلوب والمغمى عليه
يرمى عنه ويطاف به ( 4 ) .
ونحوها غيرها من النصوص وتمام الكلام في ما يستفاد من
هذه النصوص في طي فروع :
1 - المعذور تارة يكون شاعرا
لذلك ، فيجب عليه أن يباشر بنفسه أو يستنيب ،
غاية الامر لا دليل على كون
وقته مضيقا ، فان قوله عليه السلام في قوي عمر بن
يزيد المتقدم : وإن لم يكن
له ولي استعان برجل من المسلمين يرمي عنه ، لم يقيد بسنة
خاصة وإن لم يكن شاعرا ،
فالصبي غير المميز الذي أحرمه الولي لا يبعد القول
بوجوب أن يأتي وليه به ،
وأما غيره من المعذورين فلم يدل دليل على وجوب ذلك عنه
على أحد ، ولذا عبر الفقهاء
عن هذا الحكم بالجواز ، وهو الذي يقتضيه الاصل .
2 - هل يجب حمل المعذور مع
الامكان الى الجمرة ثم يرمى عنه ، أم يستحب
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 17 من ابواب
رمي جمرة العقبة حديث 1 .
2 - الوسائل باب 17 من ابواب
رمي جمرة العقبة حديث 2 .
3 - الوسائل باب 17 من ابواب
رمي جمرة العقبة حديث 6 .
4 - الوسائل باب 17 من ابواب
رمي جمرة العقبة حديث 9
[ ويستجب الاقامة بمنى ايام
التشريق ]
ذلك ؟ نسب الى ظاهر الاصحاب
الثاني ، ولكن مقتضى موثق إسحاق هو الاول
بالنسبة الى المريض ، وأما
في غيره فلا دليل على الاستحباب ايضا .
3 - هل يشترط إذن المرمي عنه
كما عن المبسوط ، أم لا يعتبر ذلك كما عن
المنتهى ؟ وجهان ، أظهرهما :
الثاني ، لاطلاق الادلة ، هذا في المرمي عنه المتوجه المكلف
وإلا فلا ينبغي التوقف في
عدم الاشتراط .
4 - لو رمى عنه النائب فزال
عذره ، فان كان الوقت باقيا يجب عليه الاتيان
به ، لا لما أفاده في
المستند ردا على القائلين بعدم الوجوب المستدلين له بأن الامتثال
يقتضي الاجزاء من أن
الامتثال يقتضي الاجزاء عن الفاعل فيما امر به ، فانه يرد
عليه أنه على فرض توجه الامر
الى النائب إما يكون أمر المنوب عنه ساقطا للعذر
أو على فرض بقائه يكون
الامران تخييريين لا بنحو تكليفين معينين ، كي لا يسقط
أحدهما بامتثال الآخر ، بل من
جهة أن أمر النائب إنما يكون من قبيل الاوامر
الاضطرارية المتوقفة على
الاضطرار في ترك المأمور به في جميع المدة المضروبة له ، فمن
رفع العذر في أثناء الوقت
ينكشف عدم الامر الاضطراري من أول الامر ، وعليه فلا
يكون إتيانه مجزيا .
( و ) الخامسة : ( يستحب
الاقامة بمنى أيام التشريق ) وإن كان يجوز له أن
يأتي الى مكة تلك الايام
لزيارة البيت تطوعا .
ويشهد لعدم وجوب الاقامة بها
: مضافا الى الاصل بعد اختصاص الدليل على
وجوب المبيت بالليل - صحيح
جميل عن أبي عبد الله عليه السلام : لا بأس أن يأتي
الرجل مكة فيطوف بها في أيام
منى ولا يبيت بها ( 1 ) .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 2 من ابواب
العود الى منى حديث 1 .
[ فاذا فرغ من هذه المناسك تم
حجة ]
وصحيح رفاعة عنه عليه السلام
عن الرجل يزور البيت في أيام التشريق ،
فقال عليه السلام : نعم إن
شاء ( 1 ) .
وصحيح يعقوب بن شعيب عنه
عليه السلام عن زيارة البيت أيام التشريق ،
فقال عليه السلام : حسن ( 2
) .
ويدل على أن الافضل المقام
بها أيام التشريق : أن رسول الله صلى الله عليه
وآله أقام بها .
وصحيح عيص بن القاسم قال :
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الزيارة
بعد زيارة الحج في أيام
التشريق ، فقال عليه السلام : لا ( 3 ) ، المحمول على الكراهة
بقرينة ما تقدم من الاخبار .
وخبر الليث المرادي عنه عليه
السلام عن الرجل يأتي مكة أيام منى بعد
فراغه من زيارة البيت فيطوف
بالبيت تطوعا ، فقال عليه السلام : المقام بمنى أحب
إلي ( 4 ) .
ثم إن المراد بالكراهة التي
حملنا الخبر عليها هي الكراهة في العبادة بمعنى
أفضلية المقام لا مرجوحية
زيارة البيت .
( فإذا فرغ من هذه المناسك
تم حجه ) .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 2 من ابواب
العود الى منى حديث 2 .
2 - الوسائل باب 2 من ابواب
العود الى منى حديث 3 .
3 - الوسائل باب 2 من ابواب
العود الى منى حديث 6 .
4 - الوسائل باب 2 من ابواب
العود الى منى حديث 5
[ واستحب له العود الى مكة
لطواف الوداع ]
الفصل السادس : فيما يستحب بعد
الفراغ من العود الى مكة وطواف الوداع
وما شاكل .
( و ) فيه : مسائل :
الاولى : المعروف بين
الاصحاب أنه اذا فرغ من المناسك ( استحب له العود
الى مكة لطواف الوداع ) بل
لا خلاف فيه ، وفي الجواهر : بل الاجماع بقسميه عليه .
يشهد لرجحان الوداع : صحيح
معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام :
اذا أردت أن تخرج من مكة
فتأتي أهلك فودع البيت وطف اسبوعا ، وإن استطعت أن
تستلم الحجر الأسود والركن
اليماني في كل شوط فافعل ، وإلا فافتح به واختم ، وإن
لم تستطع ذلك فموسع عليك ثم
تأتي المستجار فتصنع عنده مثل ما صنعت يوم قدمت
مكة ، ثم تخير لنفسك من
الدعاء ثم استلم الحجر الاسود ثم ألصق بطنك بالبيت
واحمد الله وأثن عليه وصل
على محمد وآله ، ثم قل : اللهم صل على محمد عبدك
ورسولك وأمينك وحبيبك ونجيك
وخيرتك من خلقك ، اللهم كما بلغ رسالتك وجاهد في
سبيلك وصدع بأمرك وأوذي فيك
وفي جنبك حتى أتاه اليقين ، اللهم اقلبني مفلحا
منجحا مستجابا لي بأفضل ما
يرجع به أحد من وفدك من المغفرة والبركة والرضوان
والعافية مما يسعني أن أطلب
أن تعطيني مثل الذي أعطيته أفضل من عبدك وتزيدني
عليه ، اللهم إن أمتني فاغفر
لي ، وإن أحييتني فارزقنيه من قابل ، اللهم لا تجعله آخر
العهد من بيتك ، اللهم إني
عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على دابتك وسيرتني
في بلادك حتى أدخلتني حرمك
وأمنك وقد كان في حسن ظني بك أن تغفر لي ذنوبي ،
فان كنت قد غفرت لي ذنوبي
فازدد عني رضا وقربني اليك زلفى ، ولا تباعدني ، وإن
[ . . . ]
كنت لم تغفر لي فمن الان
فاغفر لي قبل أن تناي عن بيتك دارى ، وهذا أوان انصرافي
إن كنت أذنت لي فغير راغب
عنك ولا عن بيتك ولا مستبدل بك ولا به ، اللهم
احفظني من بين يدي ومن خلفي
وعن يميني وعن شمالي حتى تبلغني أهلي واكفني
مؤونة عبادك وعيالي فانك ولي
ذلك من خلقك ومني ، ثم ائت زمزم فاشرب منها ، ثم
اخرج فقل : آئبون تائبون
عابدون لربنا حامدون الى ربنا راغبون الى ربنا راجعون .
فإن أبا عبد الله لما أن
ودعها وأراد ان يخرج من المسجد خر ساجدا عند باب المسجد
طويلا ثم قام فخرج ( 1 ) .
ونحوه غيره ، المحمول ما فيها من الامر على الاستحباب ،
للاجماع .
ولخبر هشام بن سالم : سألت
أبا عبد الله عليه السلام عمن نسي زيارة البيت
حتى رجع الى أهله ، فقال :
لا يضره اذا كان قد قضي مناسكه ( 2 ) . ونحوه غيره ، وهي
وإن وردت في الناسي إلا أن
قوله : ولا يضره اذا كان قد قضى مناسكه ، إشارة الى عدم
كونه من الواجبات ، وان
الواجبات غيره كما لا يخفى .
والمستحب هو وداع البيت لا
العود الى مكة ، فلو كان ودع البيت قبله لا دليل
على استحباب العود الى مكة ،
إلا العمومات الدالة على استحباب زيارة البيت و
الطواف فيه مطلقا .
ثم إن الصحيح مشتمل على جملة
من المستحبات التي لم يذكرها المصنف ، مثل :
استحباب إتيان المستجار ،
والتزامه ، واستلام الحجر الاسود والركن اليماني في كل
شوط ، وإلا ففي الافتتاح
والاختتام وإلصاق البطن بالبيت بعد الطواف ، والشرب
من ماء زمزم بعد الطواف ،
وغير ذلك مما يظهر لمن لاحظه .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 18 من ابواب
العود الى منى حديث 1 .
2 - الوسائل باب 19 من ابواب
العود الى منى حديث 1
[ ودخول الكعبة خصوصا للصرورة
]
الثانية : ( و ) يستحب أيضا
( دخول الكعبة خصوصا للصرورة ) بلا خلاف ، و
النصوص فيه طوائف :
الاولى : ما ظاهره رجحان
دخول الكعبة لكل شخص كموثق ابن القداح عن
جعفر عن أبيه عليهما السلام
عن دخول الكعبة ، قال عليه السلام : الدخول فيها
دخول في رحمة الله والخروج
منها خروج من الذنوب معصوم فيما بقي من عمره ، ومغفور
له ما سلف من ذنوبه ( 1 ) .
ونحوه غيره .
الثانية : ما ظاهره رجحانه
للصرورة ، وعدمه لغيره كصحيح حماد بن عثمان عن
الامام الصادق عليه السلام
عن دخول البيت ، فقال عليه السلام : أما الصرورة
فيدخله ، وأما من قد حج فلا
( 2 ) .
وخبر سليمان بن مهران عن
جعفر بن محمد عليهما السلام في حديث ، قال :
قلت : له : وكيف صار الصرورة
يستحب له دخول الكعبة دون من قد حج ؟ قال عليه
السلام : لان الصرورة ( 3 )
. . . الى آخره ، ونحوهما غيرهما .
الثالثة : ما ظاهره وجوبه
على الصرورة كصحيح سعيد الاعرج عن أبي عبد
الله عليه السلام : لا بد
للصرورة أن يدخل البيت قبل أن يرجع ( 4 ) .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 34 من ابواب
مقدمات الطواف وما يتبعها حديث 1 .
2 - الوسائل باب 35 من ابواب
مقدمات الطواف حديث 3 .
3 - الوسائل باب 35 من ابواب
مقدمات الطواف حديث 4 .
4 - الوسائل باب 35 من ابواب
مقدمات الطواف حديث 1 .
[ . . . ]
وخبر علي بن جعفر عن أخيه
عليه السلام عن دخول الكعبة أواجب هو على
كل من حج ؟ قال : هو واجب
أول حجة ، ثم إن شاء فعل وإن شاء ترك ( 1 ) .
الرابعة : ما ظاهره تأكد
الاستحباب للصرورة واستحبابه لغيره ، كمرسل المفيد
عن الامام الصادق عليه
السلام : احب للصروره أن يدخل الكعبة وأن يطأ المشعر
الحرام ، ومن ليس بصرورة فإن
وجد الى ذلك سبيلا وأحب ذلك فعل وكان مأجورا ،
وإن كان على باب الكعبة زحام
فلا يزاحم الناس ( 2 ) .
أقول : أما نصوص الوجوب على
الصرورة فتحمل على إرادة تأكد
الاستحباب ، للاجماع على عدم
الوجوب ، ولمرسل المفيد ، وأما النصوص الظاهرة في
نفي الاستحباب على غير
الصرورة فتحمل على نفي تاكد الاستحباب ، بقرينة
المرسل والاجماع على
استحبابه له .
ويمكن الاستدلال له بخبر على
بن جعفر نظرا الى أنه فعل عبادي لا معنى
لاباحته فتدبر ، فالاظهر استحبابه
لكل أحد ، وتأكده للصرورة .
ثم إن ظاهر جملة من النصوص
عدم استحبابه للنساء كصحيح الخزاز عن أبي
بصير عن الصادق عليه السلام
في حديث : ليس على النساء جهر بالتلبية ولا دخول
البيت ( 3 ) .
ونحوه خبر أبي سعيد المكاري
( 4 ) ، ومرسل فضالة بن أيوب ( 5 ) ، ومرسل
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 35 من ابواب
مقدمات الطواف حديث 5 .
2 - الوسائل باب 35 من ابواب
مقدمات الطواف حديث 6 .
3 - الوسائل باب 41 من ابواب
مقدمات الطواف وما يتبعها حديث 3 .
4 - الوسائل باب 41 من ابواب
مقدمات الطواف حديث 4 .
5 - الوسائل باب 41 من ابواب
مقدمات الطواف وما يتبعها حديث 2
[ والصلاة في زواياها وبين
الاسطوانتين وعلى الرخامة الحمراء ]
الصدوق ( 1 ) ، ولكنها تحمل
على نفي التأكد ، لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد
الله عليه السلام عن دخول
النساء الكعبة ، فقال عليه السلام : ليس عليهن وإن فعلن
فهو أفضل ( 2 ) .
ولا يهمنا النزاع في أن
المرأة الصرورة هل يتأكد الاستحباب لها ، لنصوص
الصرورة أم لا ، لهذه النصوص
؟ اللتين بينهما عموم من وجه ، كما لا يخفي .
الثالثة : يستحب لمن دخل
الكعبة أن يكون دخوله بغير حذاء ( والصلاة في
زواياها وبين الاسطوانتين
وعلى الرخامة الحمراء ) ركعتين يقرأ في الاولى : الحمد وحم
السجدة ، وفي الثانية :
الحمد ، وعدد آياتها من القرآن بلا خلاف ولا إشكال في شئ
من ذلك ، ففي صحيح معاوية عن
الامام الصادق عليه السلام : اذا أردت دخول
الكعبة فاغتسل قبل أن تدخلها
ولا تدخلها بحذاء وتقول اذا دخلت : اللهم إنك قلت :
ومن دخله كان آمنا ، فآمني
من عذاب النار ، ثم تصلي ركعتين بين الاسطوانتين على
الرخامة ( 3 ) الحمراء تقرأ
في الركعة الاولى : حم السجدة وفي الثانية عدد آياتها من
القرآن وتصلي في زواياها
وتقول : اللهم من تهيأ ، الى آخره ( 4 ) الى غير ذلك من الأخبار
الكثيرة
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 41 من ابواب
مقدمات الطواف حديث 5 .
2 - الوسائل باب 41 من ابواب
مقدمات الطواف حديث 1 .
3 - الوسائل باب 36 من ابواب
مقدمات الطواف حديث 1 .
4 - المراد بها الكعبة
المشرفة كما في المجمع .
[ ودخول مسجد الحصبة والصلاة
فيه والاستلقاء على قفاه ]
( و ) الرابعة : يستحب لمن
نفر من منى الى مكة التحصيب تأسيا برسول الله
صلى الله عليه وآله وهو على
ما في الكتاب ، وعن الدروس : ( دخول مسجد الحصبة )
بالابطح وهو ما بين العقبة وبين
مكة ، وقيل : هو ما بين الجبل الذي عند مقابر مكة
والجبل الذي يقابله مصعدا في
الشق الايمن لقاصد مكة وليست المقبرة فيه .
( والصلاة فيه والاستلقاء
فيه على قفاه ) .
والنص الوارد في المسألة
قاصر عن إفادة استحباب كل ذلك ، لا حظ : خبر
معاوية بن عمار عن أبي عبد
الله عليه السلام : فاذا نفرت وانتهيت الى الحصباء . وهي
البطحاء - فشئت أن تنزل
قليلا فان أبا عبد الله عليه السلام قال : كان أبي ينزلها ثم
يحمل فيدخل مكة من غير أن
ينام بها ( 1 ) .
وخبر أبي مريم عنه عليه
السلام عن الحصبة ، فقال عليه السلام : كان أبي ينزل
الأبطح قليلا ثم يجئ فيدخل
البيوت من غير أن ينام بالابطح . فقلت له : أرأيت أن
تعجل في يومين إن كان من أهل
اليمن عليه أن يحصب ؟ قال عليه السلام : لا ( 2 ) .
ونحوهما خبر دعائم ( 3 ) .
وليس في هذه النصوص - كما
ترى - استحباب الصلاة ولا الاستلقاء على
قفاه ، نعم في ما روي عن
الفقه المنسوب الى مولانا الرضا عليه السلام ( 4 ) الاخير ،
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 15 من ابواب
العود الى منى حديث 1 .
2 - الوسائل باب 15 من ابواب
العود الى منى حديث 3 .
3 - المستدرك باب 13 من
ابواب العود الى منى حديث 2 .
4 - فقه الرضا ( ع ) ص 29
[ وكذلك مسجد الخيف ويخرج من
المسجد من باب الحناطين ]
لكنه لم يثبت لنا كونه كتاب
رواية كما أنه ليس فيها دخول المسجد .
وعن ابن إدريس : ليس للمسجد
أثر الان فتتأدى هذه السنة بالنزول في
المحصب ، وقد اعترف بذلك غير
واحد ، ولكن ظاهر كلام الصدوقين والشيخين
والمصنف وجوده في زمانهم ،
وكيف كان فالامر سهل .
ثم إن المستفاد من خبر أبي
مريم : اختصاص هذه السنة بالنافر في النفر
الاخير كما صرح به جمع من
الفقهاء .
الخامسة : قال المصنف ره : (
وكذلك بمسجد الخيف ) ظاهره : استحباب دخوله
والصلاة فيه ، بل والاستلقاء
فيه على قفاه ، ففي خبر أبي بصير عن مولانا الصادق
عليه السلام : صل ست ركعات
في مسجد منى في أصل الصومعة ( 1 ) .
وفي خبر الثمالي عن مولانا
الباقر عليه السلام : من صلى في مسجد الخيف
بمنى مائة ركعة قبل أن يخرج
منه عدلت عبادة سبعين عاما ( 2 ) .
ولكن لا ربط لذلك بالحج
ودخول مكة ، بل الصلاة فيه بنفسها من
المستحبات ، لشرف المكان ،
كما أنه ليس في الاخبار ما يشهد باستحباب الاستلقاء
فيه .
السادسة : قيل : ( و ) يستحب
أيضا أن ( يخرج من المسجد ) أي من المسجد
الحرام ( من باب الحناطين )
تأسيا بما في خبر الحسن بن علي الكوفي من خروج أبي
جعفر الثاني عليه السلام منه
( 3 ) .
وفي دلالته على الاستحباب
نظر ، إلا أن الذي يهون الخطب ما عن المحقق
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 51 من ابواب
احكام المساجد حديث 2 من كتاب الصلاة .
2 - الوسائل باب 51 من ابواب
احكام المساجد حديث 1 .
3 - الوسائل باب 18 من ابواب
العود الى منى حديث 3
[ ويسجد عند باب المسجد ويدعو
ويشتري بدرهم تمرا يتصدق به ، ]
الكركي ره ، قال : لم أجد
أحدا يعرف موضع الباب ، فان المسجد قد زيد فيه ، ومع ذلك
الافتاء به مشكل .
السابعة : ( و ) قد ظهر من
صحيح ابن عمار - الطويل - المتقدم ( 1 ) ، وخبر
إبراهيم بن أبي محمود ( 2 )
: أنه يستحب قبل أن يخرج من المسجد أن ( يسجد عند باب
المسجد ويدعو ) بالمأثور .
الثامنة : ( و ) يستحب أن (
يشتري بدرهم تمرا ويتصدق به وينصرف ) احتياطا
لما وقع منه في إحرامه وحرم
الله عز وجل ، ففي صحيح معاوية بن عمار عن الامام
الصادق عليه السلام : يستحب
للرجل والمرأة أن لا يخرجا من مكة حتى يشتريا
بدرهم تمرا فيتصدقا به لما
كان من إحرامهما ولو كان منهما في حرم الله عز وجل ( 3 ) .
ونحوه صحيحه وحفص بن البختري
عنه عليه السلام ( 4 ) وخبر أبي بصير ( 5 ) .
وعن الجعفي : الصدقة بدرهم .
ومستنده غير ظاهر .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 18 من ابواب
العود الى منى حديث 1 .
2 - الوسائل باب 18 من ابواب
العود الى منى حديث 2 .
3 - الوسائل باب 20 من ابواب
العود الى منى حديث 1 .
4 - الوسائل باب 20 من ابواب
العود الى منى حديث 2 .
5 - الوسائل باب 20 من ابواب
العود الى منى حديث 3
[ ويكره أن يجاور مكة ]
خاتمة : في نبذة مما يتعلق
بمكة المكرمة ، والمدينة المنورة ، وزيارة النبي صلى الله
عليه وآله والمعصومين عليهم السلام
.
( و ) فيها : مسائل :
1 - المعروف من مذهب الاصحاب
أنه ( يكره أن يجاور بمكة ) وعللوه بخوف
الملالة وقلة الاحترام
وبالخوف من ملابسة الذنب ، فان الذنب فيها أعظم ، وبان المقام
فيها يقسي القلب ، وبأن من
سارع الى الخروج منها يدوم شوقة اليها وذلك المطلوب
لله عز وجل .
قال سيد المدارك : هذه
التعليلات كلها مروية ، ولكن أكثرها غير واضحة
الاسناد ، وعن الشهيد - قده
- استحباب المجاورة لمن يثق من نفسه بعدم ترتب شئ
من تلك المحذورات ، وحكى
قولا باستحباب المجاورة للعبادة وكراهتها للتجارة .
والنصوص فيها مختلفة ، فمنها
: ما ظاهره مرجوحيتها كخبر أبي بصير عن أبي
عبد الله عليه السلام : اذا
فرغت من نسكك فارجع فانه أشوق لك الى الرجوع ( 1 ) .
ومرسل الفقيه قال : وروي عن
النبي صلى الله عليه وآله والائمة عليهم
السلام : أنه يكره المقام
بمكة لان رسول الله صلى الله عليه وآله خرج عنها ، والمقيم
بها يقسو قلبه حتى يأتي فيها
ما يأتي في غيرها ( 2 ) .
ومرسل المفيد ، قال الصادق
عليه السلام : لا احب للرجل أن يقيم بمكة سنة .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 16 من ابواب
مقدمات الطواف حديث 7 .
2 - الوسائل باب 16 من ابواب
مقدمات الطواف وما يتبعها حديث 8
[ . . . ]
وكره المجاورة بها ، وقال :
ذلك يقسي القلب ( 1 ) .
وصحيح محمد بن مسلم عن
الامام الباقر عليه السلام : لا ينبغي للرجل أن
يقيم بمكة سنة . قلت : كيف
يصنع ؟ قال عليه السلام : يتحول عنها ( 2 ) .
وصحيح الحلبي عن مولانا الصادق
عليه السلام عن قول الله عز وجل : ( ومن يرد
فيه بالحاد بظلم نذقة من
عذاب اليم ) فقال : كل الظلم فيه إلحاد حتى لو ضربت
خادمك ظلما خشيت أن يكون
الحادا فلذلك كان الفقهاء يكرهون سكنى مكة ( 3 ) .
ونحوها غيرها .
ومنها : ما يدل على رجحان
المقام بها كصحيح علي بن مهزيار عن أبي الحسن
عليه السلام عن المقام بمكة
أفضل أو الخروج الى بعض الامصار ؟ فكتب عليه
السلام : المقام عند بيت
الله أفضل ( 4 ) .
ومرسل الصدوق ، قال علي بن
الحسين عليه السلام : الطاعم بمكة كالصائم
فيما سواها ، والماشي بمكة
في عبادة الله عز وجل ، قال : وقال أبو جعفر عليه السلام :
من جاور سنة غفر له ذنوبه
ولاهل بيته ولكل من استغفر له ولعشيرته - الى أن قال
- والانصراف والرجوع أفضل من
المجاورة والنائم بمكة كالمتهجد في البلدان ،
والساجد بمكة كالمتشحط بدمه
في سبيل الله ( 5 ) .
وقد يجمع بين النصوص بحمل
الثانية على فضيلة المقام من حيث هو ، والاولى
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 16 من ابواب
مقدمات الطواف حديث 11 .
2 - الوسائل باب 16 من ابواب
مقدمات الطواف حديث 5 .
3 - الوسائل باب 16 من ابواب
مقدمات الطواف وما يتبعها حديث 1 .
4 - الوسائل باب 16 من ابواب
مقدمات الطواف حديث 2 .
5 - الوسائل باب 15 من ابواب
مقدمات الطواف حديث 1 - 2
[ . . . ]
على مرجوحيته ، لا نطباق
عنوان ثانوي عليه ، ولذلك أفتى الشهيد بما أفتى .
وقد يجمع بحمل الثانية على
العنوان الثانوي أي أفضلية العبادة فيها ، وحمل
الاولى على مجرد المقام أو
المقام للتجارة .
وقد يجمع بحمل الاولى على
المجاورة وهو المقام بقصد الدوام ، والثانية على
المقام مدة لا تتجاوز عن سنة
، ولا يبعد أرجحية الاول خصوصا بعد طرح جملة من
النصوص المانعة لضعف أسنادها
، فالمتحصل : أن من يثق من نفسه بعدم ترتب شئ
من المحذورات المذكورة يستحب
له المقام بمكة .
2 - المشهور بين الاصحاب أن
من أحدث ما يوجب حدا أو تعزيرا أو قصاصا
في غير الحرم ولجأ الى الحرم
ضيق عليه في المطعم والمشرب ، ولا يدخل السوق وما
شاكل حتى يخرج فيؤخذ ويجري
عليه الحد أو القصاص . وظاهر التذكرة والمنتهى : أن
الحكم لا خلاف فيه .
والاصل فيه : الكتاب والسنة
، لا حظ : قوله تعالى : ( ومن دخله كان آمنا ) ( 1 ) .
وصحيح الحلبي عن أبي عبد
الله عليه السلام عن قول الله عز وجل : ( ومن
دخله كان آمنا ) قال عليه
السلام : أذا أحدث العبد في غير الحرم جناية ثم فر الى
الحرم لم يسع لاحد أن يأخذه
في الحرم ولكن يمنع من السوق ولا يبايع ولا يطعم ولا
يسقى ولا يكلم فإن اذا فعل
ذلك يوشك أن يخرج فيؤخذ ، فإذا جنى في الحرم جناية
…………………………………………………………………………
1 - آل عمران آية 97
اقيم عليه الحد في الحرم لانه
لم يرع للحرم حرمة ( 1 ) .
وصحيح ابن عمار عنه عليه
السلام عن رجل قتل رجلا في الحل ثم دخل
الحرم ، قال عليه السلام :
لا يقتل ولا يطعم ولا يسقى ولا يباع ولا يؤوى حتى يخرج
من الحرم فيقام عليه الحد ،
قلت : فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق ؟ قال عليه
السلام : يقام عليه الحد في
الحرم صاغرا لانه لم ير للحرم حرمة ( 2 ) الحديث .
وخبر علي بن أبي حمزة عن أبي
عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل :
( ومن دخله كان آمنا ) إن
سرق سارق بغير مكة أو جنى جناية على نفسه ففر الى
مكة لم يؤخذ ما دام في الحرم
حتى يخرج عنه ولكن يمنع من السوق فلا يبايع ولا
يجالس حتى يخرج منه فيؤخذ ،
وإن احدث في الحرم ذلك الحدث أخذ فيه ( 3 ) ونحوها
غيرها .
ومفاد هذه النصوص : ترك
الاطعام والاسقاء والايواء والتكلم والمجالسة ، وفي
متون الفتاوي : يضيق عليه من
هذه الامور ، وفسره بعضهم بأن لا يطعم ولا يسقى إلا
بما يسد به الرمق ، أو بما
لا يحتمله مثله عادة ، وفسره بعض آخر بأن لا يمكن من ما له
إلا بما يطعم ويسقى ما لا
يحتمله مثله ، أو يسد به الرمق .
والذي ألجأهم الى ذلك مع
كونه خلاف النصوص : أن العمل بالنصوص قد
يؤدي الى تلف النفس المحترمة
حيث لا تكون جنايته لنفسه مستغرقة ، بل ولو كانت
مستغرقة فإن إمساك الطعام
منه والشراب إتلاف له من هذا الوجه ، فقد حصل في
الحرم ما اريد الهرب منه .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 14 من أبواب
مقدمات الطواف وما يتبعها حديث 2 .
2 - الوسائل باب 14 من ابواب
مقدمات الطواف حديث 1 .
3 - الوسائل باب 14 من ابواب
مقدمات الطواف حديث 3
[ . . . ]
ولكن يرد على ذلك : أن التلف
حينئذ مستند الى نفسه ، فان له أن يخرج من
الحرم فلا يتلف .
ثم إن فيما افاده جمع من
الفقهاء من أنه لا يمكن من ماله إلا بما يسد به الرمق
إشكالا من وجه آخر وهو : أن
النصوص ناهية عن الاطعام والاسقاء والايواء ، فلو
كان له مأوى أو ما يكفيه من
الطعام والماء لا دليل على منعه منه لا كلا ولا بعضا ،
ومقتضي الاصل جوازه .
ولو أحدث الحدث في الحرم
قوبل بما يقتضية جنايته من حد أو تعزير أو
قصاص بلا خلاف ، للنصوص
المتقدمة وغيرها .
وبعض الاصحاب ألحق بالحرم
مسجد النبي صلي الله عليه وآله ومشاهد الائمة
عليهم السلام محتجا بإطلاق
اسم الحرم عليها في بعض الاخبار .
ولا ريب في ضعفه ، ولكن سيرة
المتشرعة عليه ، بل كان بناء المسلمين على
إجراء ذلك في منازل علماء
الاسلام الى . . .
وقد ورد في كثير من الاخبار
( 1 ) في حق كربلاء أن الله تعالى اتخذه حرما آمنا ،
وأن لموضع قبر الحسين عليه
السلام حرمة معلومة من عرفها واستجار بها اجير ، وأنها
أعظم حرمة من الحرم ، ومن جميع
بقاع الارض ، وفي بعض تلك الاخبار أن حرمة
موضع القبر من فرسخ الى فرسخ
من أربع جوانب القبر ، ومقتضى ذلك كله إجارة
من استجاره .
أضف الى ذلك كله : أن التعرض
لمن لجأ بأحد المشاهد المشرفة نوع استخفاف
وإهانة لمن شرفه عرفا ، فان
شئت فاختبر ذلك من حال من التجأ بأحد كبار العصر
…………………………………………………………………………
1 - لا حظ : الوسائل باب 69
و 70 من أبواب المزار وما يناسبه
[ . . . ]
هل لا يعد التعرض له
استخفافا وإهانة بمن التجأ به ؟ .
3 - قد مر حكم من قتل صيد في
الحرم في مبحث الكفارات ، كما مر أنه يحرم
من الصيد على المحل في الحرم
ما يحرم منه على المحرم في الحل .
4 - قد تقدم في الجزء السادس
من هذا الشرح أن المسافر مخير في أن يتم صلاته
في الحرم وأن يقصر ، وأن
الافضل له أن يتم .
5 - يكره لاهل مكة منع الحاج
من دورها ومنازلها .
ويشهد به : صحيح الحسين بن
أبي العلا ، قال أبو عبد الله عليه السلام : إن
معاوية أول من علق على بابه
مصراعين بمكة فمنع حاج بيت الله ما قال الله عز وجل :
( سواء العاكف فيه والباد )
وكان الناس اذا قدموا مكة نزل البادي على الحاضر
حتى يقضي حجه ( 1 ) .
ومرسل الصدوق عن الامام
الصادق عليه السلام لم يكن ينبغي أن يصنع على
دور مكة أبواب لان للحاج أن
ينزلوا معهم في دورهم في ساحة الدار حتى يقضوا
مناسكهم وأن أول من جعل لدور
مكة أبوابا معاوية ( 2 ) ، ونحوهما غيرهما .
وظاهر الجميع الكراهة ، ولكن
عن الاسكافي والشيخ تحريمه ، ولنعم ما افاده
الفاضل النراقي من أنه لا
فائدة مهمة لنا مكن تحقيق هذه المسألة ، ولا بعض ما تقدم
عليها ، إذ قلما يتفق لنا
التمكن والاحتياج الى العمل بمقتضاها .
6 - للقطة الحرم أحكام خاصة
سيأتي تحقيق القول فيها في كتاب اللقطة .
7 - المشهور بين الاصحاب أنه
يكره أن يرفع أحد بناءا فوق الكعبة .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 32 من ابواب
مقدمات الطواف وما يتبعها حديث 1 .
2 - الوسائل باب 32 من ابواب
مقدمات الطواف حديث 3
[ . . . ]
وعن الشيخ والقاضي والحلي :
أنه يحرم .
ومدرك الحكم : مع قطع النظر
عما قيل من استلزامه الاهانة لها ، الذي هو كما
ترى - صحيح محمد بن مسلم عن
مولانا الباقر عليه السلام : ولا ينبغي لاحد أن
يرفع بناءا فوق الكعبة ( 1 )
. ومثله مرسل المفيد ( 2 ) .
والظاهر أن نظر المفيد - ره
- الى هذا الصحيح فالعمدة ذلك ، وهو مجمل من
ناحيتين .
إحداهما : أنه كما يحتمل أن
يكون المراد به مرجوحية أن يبني بناءا أرفع من
سطح الكعبة كذلك يحتمل أن
يكون المراد به النهي عن بناء فوق سطح الكعبة .
ثانيتهما : أنه قابل للحمل
على الكراهة وعلى الحرمة ، لان لفظ لا ينبغي ليس
ظاهرا في شئ منهما .
ثم على فرض إرادة المعنى
الاول من الناحية الاولى الظاهر منه إرادة البناء
المتجاوز عن سطح الكعبة بحيث
يكون مشرفا عليها سواء أكان في الجبل أو غيره
قريبا من الكعبة ، أو في
مكان يرى الكعبة ، نعم لا يشمل سائر الامصار ، والاجمال من
الناحية الاولى لا دافع له ،
ومن الناحية الثانية يبنى على الكراهة بضميمة الاصل .
ثم إن للكعبة أحكاما اخر
تقدم بعضها ، ويأتي بعض في سائر الكتب .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 17 من ابواب
مقدمات الطواف وما يتبعها حديث 1 .
2 - الوسائل باب 17 من ابواب
مقدمات الطواف حديث 3
[ . . . ]
8 - قد مر أن لمكة حرما ، وبينا
حده ، والمشهور بين الاصحاب أن للمدينة أيضا
حرما بل لم يعرف الخلاف فيه
.
وفي الجواهر : بلا خلاف بين
المسلمين فضلا عن المؤمنين . انتهى .
والنصوص متفقة عليه ، إنما
الكلام في موارد :
الاول : في حده ، الثاني :
في حكم قطع الشجر فيه ، الثالث : في حكم صيده .
أما الاول فقد صرح غير واحد
بأن حده من ظل عائر الى ظل وعير .
والاخبار شاهدة به ، لا حظ :
صحيح معاوية عن الامام الصادق عليه السلام :
أن رسول الله صلى الله عليه
وآله قال : إن مكة حرم الله حرمها إبراهيم عليه السلام
وأن المدينة حرمي ما بين لا
بتيها حرمي لا يعضد شجرها وهو ما بين ظل عائر الى ظل
وعير ، وليس صيدها كصيد مكة
يؤكل هذا ولا يؤكل ذاك وهو بريد ( 1 ) .
وخبر الحسن الصيقل عن أبي
عبد الله عليه السلام : حرم رسول الله من المدينة
ما بين لا بتيها . قال : وما
بين لا بتيها . قلت : ما أحاطت به الحرتان ، قال : وما حرم من
الشجر . قلت : من عاير الى
وعير . وقال ابن مسكان : قال الحسن : فسأله رجل وأنا
جالس فقال له : وما بين لا
بتيها ، قال : ما بين الصورين الى الثنية ( 2 ) .
توضيح : وعير ، ضبطه الشهيد
الاول بفتح الواو ، والمحقق الثاني بضمها وفتح
العين المهملة ، وذكر الشهيد
الثاني أن وعير وعائر جبلان يكتنفان المدينة شرقا
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 17 من ابواب
المزار وما يناسبه حديث 1 .
2 - الوسائل باب 17 من ابواب
المزار وما يناسبه حديث 2 .
[ . . . ]
وغربا - والمراد بظل وعير فيؤه
كما في مرسل الصدوق والتعبير بالظل ، للتنبيه على أن
الحرم داخلهما بل بعضه ، فلا
تنافي بين الخبرين حيث إن في الثاني منهما من عير الى
وعير ، كما لا منافاة بين ما
حدد الحرم بذلك وبين ما حدده ببريد في بريد ، لانه على ما
قيل : إن ما بين الجبلين هذا
المقدار ، وأما ما بين لابتيها - اللابة : الحرة كما عن الجوهري
- فقد فسر في صحيح معاوية
بما بين ظل عائر الى ظل وعير ، وفي خبر الحسن فسر
أولا بما أحاطت به الحرتان -
وهما حرة واقم وهي شرقية مدينة وحرة ليلي وهي غربيتها
- والحرة بالفتح والتشديد :
أرض ذات أحجار سود . وفي ذيله بما بين الصورين الى
الثنية ، والظاهر اتحاد
الجميع كما أن الظاهر اتحاد ما تضمنه الخبران من التحديد ، مع
ما في خبر أبي بصير عن أبي
عبد الله عليه السلام : حد ما حرم رسول الله صلى الله
عليه وآله من المدينة من
زباب الى واقم والعريض والنقب من قبل مكة ( 1 ) .
وذباب ككتاب : جبل بشامي
المدينة ، وواقم : حصن من حصون مدينة ،
والعريض بالتصغير واد في
نثرتي الحرة قرب قناة وهي أيضا واد بالمدينة ، والنقب :
الطريق في الجبل .
وأما الثاني فالمشهور بين
الاصحاب حرمة قطع شجرها على ما قيل .
ويشهد به : قوله في صحيح
معاوية : لا يعضد شجرها أي لا يقطع ، وصحيح
الصيقل ، ولم يرد رواية
بجواز القطع ، ومع ذلك ذهب جماعة الى الكراهة منهم المصنف
- ره - في محكي القواعد
والمحقق في النافع على ما حكي ، بل عن المسالك أنه المشهور .
وهل يختص الحكم بالشجر ، أم
يعم كل نبات ؟ وجهان .
ويشهد للثاني : موثق زرارة
عن أبي جعفر عليه السلام حرم رسول الله صلى
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 17 من أبواب
المزار ، ما يناسبه حديث 3
[ . . . ]
الله عليه وآله المدينة ما
بين لا بتيها صيدها وحرم ما حولها بريدا في بريد أن يختلي
خلاها أو يعضد شجرها الاعودي
الناضح ( 1 ) .
والخلا بضم الخاء وفتح اللام
: النبت الرقيق الذي اذا يبس صار حشيشا ، ولا
يختلي أي : لا يجز ، فمفاد
الخبر حرمة جز النبت الرقيق ما دام رطبا ، واذا يبس لا مانع
من جزه ، للاصل .
وأما الثالث فالمنسوب الى
أكثر علمائنا هو التفصيل في الصيد بين ما صيد بين
الحرتين حرة واقم وهي شرقية
المدينة ، وحرة ليلي وهي غربيتها ، وهي حرة العقيق ،
فيحرم ، وبين ما صيد في غيره
فلا يحرم ، بل عن ظاهر المنتهى وصريح الخلاف دعوى
الاجماع عليه ، وعن جماعة من
الاساطين منهم المصنف في القواعد : القول بالكراهة ،
وعن المسالك ادعاء كونه
مشهورا بين الاصحاب .
واستدل للاول بما تضمن من
النصوص أنه يحرم من صيد المدينة ما صيد بين
الحرتين كصحيح عبد الله بن
سنان عن الامام الصادق عليه السلام : يحرم من صيد
المدينة ما صيد بين الحرتين
( 2 ) ونحوه غيره .
ولكن يرد عليه : أنه لا بد
من حملها على الكراهة ، لصحيح ابن عمار المتقدم :
ليس صيدها كصيد مكة يؤكل هذا
ولا يؤكل ذاك ( 3 ) ونحوه غيره .
ودعوى : احتمال خبر ابن عمار
نفي حرمة الاكل لا الاصطياد كما في الجواهر .
مندفعة بان صحيح ابن سنان
وما شاكله أيضا ظاهرة في حرمة الاكل ، لان الحرمة لم
تستند فيها الى الاصطياد ولا
الصيد حتى يحمل على معناه المصدري ، بل استندت
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 17 من ابواب
المزار وما يناسبه حديث 5 .
2 - الوسائل باب 17 من ابواب
المزار حديث 9 .
3 - الوسائل باب 17 من ابواب
المزار حديث 1
[ . . . ]
الى ما صيد فهو ظاهر في
الاكل ، فالجمع يقتضي البناء على الكراهة .
وما في الجواهر من قصور خبر
ابن عمار عن معارضة تلك النصوص سندا
وعملا يرد عليه : أن سنده
صحيح ، وجمع من الاصحاب عملوا به كما مر ، ولا تعارض
بين الطائفتين بعد وجود
الجمع العرفي ، كي يرجح تلك النصوص بالاصحية .
ويؤيد عدم الحرمة : خبر أبي
العباس عن أبي عبد الله عليه السلام عن حرمة
صيد المدينة لا ، يكذب الناس
( 1 ) .
وموثق يونس ، قال لابي عبد
الله عليه السلام : يحرم علي في حرم رسول الله
صلى الله عليه وآله ما يحرم
علي في حرم الله ؟ قال عليه السلام : لا ( 2 ) . فالاظهر عدم
الحرمة .
ثم إن الحكم حرمة أو كراهة
يختص بالصيد بين الحرتين ولا يشمل غيره .
ثم اعلم أنه لا كفارة في صيد
المدينة على القولين ، ولا في قطع شجرها ، ولا يجب
إحرام في دخولها ، كل ذلك
للاصل .
الاجبار
علي زيارة النبي صلي الله عليه وآله
8 - ذهب جماعة الى أنه لو
ترك الناس زيارة النبي صلي الله عليه وآله اجبروا
عليها ، وقد يقال : إنه تكون
زيارته حينئذ من الواجبات الكفائية ، لعدم مشروعية
الاجبار على غير الواجب .
وفيه نظر .
وكيف كان فيشهد له : صحيح
الفضلاء عن الامام الصادق عليه السلام : لو
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 17 من ابواب
المزار حديث 4 .
2 - الوسائل باب 17 من ابواب
المزار حديث 8
[ ويستحب بالمدينة ]
أن الناس تركوا الحج لكان
على الوالي أن يجبرهم على ذلك ، وعلى المقام عنده ، ولو
تركوا زيارة النبي صلى الله
عليه وآله لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام
عنده ، فإن لم يكن لهم أموال
أنفق عليهم من بيت مال المسلمين ( 1 ) ، وظاهره لزوم
الاجبار ، وبعده تصير
الزيارة أيضا واجبة ، بل يمكن أن يقال : إن نفس الامر بالاجبار
كالامر بالامر بشئ ظاهر في
الامر بذلك الشئ في أمثال المقام ، فالقول بكونها من
الواجبات الكفائية قوي جدا .
وعن النافع : أنه يجبر الحاج
عليها لو تركها ، ومدركه : أن ترك الحاج زيارته
جفاء له صلى الله عليه وآله
بحكم العرف والعادة ، ولخبر الاسلمي عن أبي عبد الله
عليه السلام ، قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : من أتى مكة حاجا ولم يزرني الى
المدينة جفوته يوم القيامة (
2 ) . الحديث ، حيث إنه صلى الله عليه وآله لا يجفو غير الجافي ،
وعلى الوالي أن يجبر الناس
على ترك الجفاء ، فالحكم استحبابي ، والله العالم .
( ويستحب ) المجاورة (
بالمدينة ) بلا خلاف ، وعن الدروس : الاجماع عليه .
ويشهد به : مضافا الى ما ورد
في مدحها ودعاء النبي صلى الله عليه وآله لها ( 3 ) .
- جملة من النصوص ، لا حظ :
خبر الزيات عن الامام الصادق عليه السلام : من مات
في المدينة بعثه الله في
الامنين يوم القيامة ( 4 ) .
وخبر مرازم ، قال : دخلت أنا
وعمار وجماعة على أبي عبد الله عليه السلام
بالمدينة ، فقال : ما مقامكم
؟ فقال : عمار قد سرحنا ظهرنا وأمرنا أن نؤتى به الى خمسة
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 5 من ابواب
وجوب الحج وشرائطه حديث 2 .
2 - الوسائل باب 3 من ابواب
المزار وما يناسبه حديث 3 .
3 - الوسائل باب 9 من أبواب
المزار .
4 - الوسائل باب 9 من ابواب
المزار حديث 3 .
[ ثم يأتي المدينة لزيارة
النبي ( ص ) استحبابا مؤكدا ]
عشر يوما . فقال عليه السلام
: أصبتم المقام في بلد رسول الله صلى الله عليه وآله
والصلاة في مسجده واحملوا
لاخرتكم وأكثروا لانفسكم ( 1 ) . الحديث ونحوهما غيرهما .
وفي الحدائق : أنه يستفاد
مما دل على كراهة سكنى مكة معللا بالخوف من
ملابسة الذنب ، فإن الذنب
فيها عظيم ، وبأن المقام فيها يقسي القلب ، وبأن من سارع
الى الخروج منها يدوم شوقه
اليها وذلك مراد الله تعالى ، كراهة المقام في سائر الاماكن
المشرفة والمشاهد المعظمة ،
ولكن ذلك كما ترى استنباط علة بعيد عن مقام فقيه مثله .
استحباب
زيارة النبي صلى الله عليه وآله
10 - ( ثم ) إنه يستحب أن (
يأتي ) الحاج ب ( المدينة لزيارة النبي صلى الله
عليه وآله استحبابا مؤكدا )
إجماعا وضرورة من الدين .
والنصوص المتضمنة لفضل
زيارته فوق حد التواتر ، لا حظ : خبر فضيل بن
يسار عن أبي عبد الله عليه
السلام أن زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وزيارة
قبور الشهداء وزيارة قبر
الحسين عليه السلام تعدل حجة مع رسول الله صلى الله
عليه وآله ( 2 ) وخبر المعلى
بن أبي شهاب ، قال الحسين عليه السلام لرسول الله صلى الله
عليه وآله يا أبتاه ما لمن
زارك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : من زارني حيا أو
ميتا أو زار أباك أو زار
أخاك أو زارك كان حقا على أن ازوره يوم القيامة واخلصه من
ذنوبه ( 3 ) .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 9 من ابواب
المزار حديث 2 .
2 - الوسائل باب 2 من ابواب
المزار حديث 13 .
3 - الوسائل باب 2 من ابواب
المزار حديث 14
[ . . . ]
وخبر محمد بن علي ، قال رسول
الله صلى الله عليه وآله : يا علي من زارني في
حياتي أو بعد موتي أو زارك
في حياتك أو بعد موتك أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد
موتهما ضمنت له يوم القيامة
أن اخلصه من أهوالها وشدائدها حتى اصيره معي في
درجتي ( 1 ) .
وخبر علي بن شعيب عن الصادق
عليه السلام في حديث قال رسول الله صلى
الله عليه وآله : من أتاني
بعد وفاتي زائرا لا يريد إلا زيارتي فله الجنة ( 2 ) .
وخبر زيد الشحام عن أبي عبد
الله عليه السلام قلت له : ما لمن زار رسول الله
صلى الله عليه وآله قال :
كمن زار الله فوق عرشه ( 3 ) .
وفي خبر جميل بن صالح عنه
عليه السلام أن زيارة قبر رسول الله صلى الله
عليه وآله تعدل حجة مع رسول
الله مبرورة ( 4 ) الى غير ذلك من النصوص التي لا تعد
ولا تحصى ، وقد مر ان
استحباب زيارته لمن حج آكد حتى أن تركها عد جفاء .
ثم إنه قد اختلفت الاخبار في
أن الافضل البدأة بمكة والختم بالمدينة ، أو
العكس ، أو هما سواء ، لا حظ
: صحيح العيص عن أبي عبد الله عن الحاج من الكوفة
يبدأ بالمدينة أفضل أو بمكة
قال عليه السلام : بالمدينة ( 5 ) .
وخبر غياث بن إبراهيم عن
جعفر عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام سأله
أبدأ بالمدينة أو بمكة ؟ قال
عليه السلام : ابدأ بمكة واختم بالمدينة فانه أفضل ( 6 ) .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 2 من ابواب
المزار حديث 16 .
2 - الوسائل باب 2 من ابواب
المزار حديث 18 .
3 - الوسائل باب 3 من ابواب
المزار حديث 6 .
4 - الوسائل باب 3 من ابواب
المزار حديث 7 .
5 - الوسائل باب 1 من ابواب
المزار حديث 1 .
6 - الوسائل باب 1 من ابواب المزار
حديث 3
[ وزيارة فاطمة عليها السلام
من الروضة ]
وصحيح علي بن يقطين عن أبي
الحسن عليه السلام عن الممر بالمدينة في
البدأة أفضل أو في الرجعة ؟
قال لا بأس بذلك أية كانت ( 1 ) .
وربما يحمل نصوص البدأة بمكة
على ضيق الوقت ، ونصوص التساوي على
عدم اللزوم ، فالافضل
للمختار أن يبدأ بالمدينة ، وهو الموافق للاعتبار ، فانه مقتضى
ترتيب الصعود ( واتوا البيوت
من أبوابها ) والجمع أفضل .
استحباب
زيارة فاطمة عليها السلام عند الروضة
11 - ( و ) يستحب ( زيارة
فاطمة الزهراء عليها السلام ) بنت رسول الله صلى
الله عليه وآله زوجة أمير
المؤمنين عليه السلام أم الحسنين عليهما السلام استحبابا
مؤكدا إجماعا ، بل هو من
ضروريات المذهب .
روي عن يزيد بن عبد الملك عن
أبيه عن جده قال : دخلت على فاطمة عليها
السلام فبدأتني بالسلام ، ثم
قالت : ما غدا بك ؟ قلت : طلب البركة ، قالت : أخبرني أبي
وهو ذا أنه من سلم عليه وعلى
ثلاثة أيام أوجب الله له الجنة . قلت : في حياته وحياتك ؟
قالت : نعم وبعد موتنا ( 2 )
.
واختلفت كلمات الاصحاب
كالروايات في موضع قبرها ، ظاهر المصنف - ره -
حيث قيد استحباب زيارتها
بقوله : ( من الروضة ) واقتصر عليه ، وكذا المحقق في
الشرائع : كونه في الروضة ،
وهو الظاهر من الشيخ في محكي النهاية .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 1 من ابواب
المزار حديث 2 .
2 - الوسائل باب 18 من ابواب
المزار حديث 1
[ . . . ]
ويشهد به : نصوص كثيرة
متضمنة لقوله صلى الله عليه وآله : ما بين قبري
ومنبري روضة من رياض الجنة ،
ففي مرسل ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن
أبي عبد الله عليه السلام :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما بين قبري ومنبري
روضة من رياض الجنة ، ومنبري
على ترعة من ترع الجنة لان قبر فاطمة عليها السلام
بين قبره ومنبره وقبرها روضة
من رياض الجنة واليه ترعة من ترع الجنة ( 1 ) .
وعن المفيد والصدوق : أنها
دفنت في بيتها ، فلما زادت بنو امية في المسجد
صارت في المسجد .
ويشهد به : صحيح البزنطي عن
أبي الحسن عليه السلام عن قبر فاطمة ، فقال
عليه السلام : دفنت في بيتها
فلما زادت بنو امية في المسجد صارت في المسجد ( 2 ) .
وقيل : إنه في البقيع . قال
الصدوق . اختلفت الروايات في موضع قبر فاطمة
عليها السلام ، فمنهم من روى
أنها دفنت في البقيع ( 3 ) الى آخره .
واستبعده جماعة منهم : الشيخ
في التهذيب وابن إدريس وابن سعيد ، والمصنف
في محكي التحرير .
وعن الشيخ في التهذيب بعد
ذكر الاختلاف في ذلك ونقل الخبرين الاولين :
وهاتان الروايتان
كالمتقاربتين ، والافضل أن يزور الانسان في الموضعين جميعا ، فانه لا
يضره ذلك ، ويجوز به اجرا
عظيما .
وعن المسالك : أبعد
الاحتمالات كونها : في الروضة ، والاولى زيارتها في المواضع .
الثلاثة .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 18 من ابواب
المزار حديث 5 .
2 - الوسائل باب 18 من ابواب
المزار حديث 3 .
3 - الوسائل باب 18 من ابواب
المزار حديث 4
[ وزيارة الائمة عليهم السلام
بالبقيع وزيارة الشهداء خصوصا حمزة باحد ،
والاعتكاف ثلاثة أيام بها . ]
وعن المدارك : أن الروضة جزء
من مسجد النبي صلى الله عليه وآله وهي ما بين
قبره ومنبره الى طرف الظل ،
وجعل بعضهم ذلك وجه جمع بين الاخبار .
ويؤيد ما أفاده السيد : ما
في ذيل خبر مرازم عن الامام الصادق عليه السلام ،
قلت : ما حد الروضة ؟ قال
عليه السلام : أربع أساطين من المنبر الى الظلال ( 1 ) .
وحيث إن النصوص متعارضة ،
أضف اليه : أن ذلك من الامور الواقعية لا يثبت
بغير الخبر القطعي ، فالاولى
زيارتها في المواضع الثلاثة .
( و ) يستحب أيضا ( زيارة
الائمة ) الاربعة ( عليهم السلام بالبقيع ) إجماعا
وضرورة من المذهب والنصوص
الدالة عليه كثيرة ، منها : ما تقدم .
( و ) أيضا يستحب ( زيارة
الشهداء خصوصا قبر حمزة بأحد ) بلا خلاف ، راجع
الوسائل أبواب المزار .
ثم إنه قد وردت نصوص فوق حد
الاحصاء في فضل زيارة كل واحد من
المعصومين عليهم السلام سيما
سيد الشهداء عليه السلام ، وقد ورد في فضل زيارته ما
يحير العقول ، راجع الوسائل
.
( و ) من المستحبات : (
الاعتكاف ثلاثة أيام بها ) أي بالمدينة ، وقد تقدم في
مبحث الاعتكاف تمام الكلام
فيه .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 7 من ابواب
المزار حديث 3 .
[ الباب التاسع : في العمرة ،
وهي فريضة مثل الحج بشرائطه وأسبابه ]
( الباب التاسع : في العمرة
، وهي فريضة مثل الحج بشرائطة وأسبابه ) بلا
خلاف .
وفي الجواهر : بل الاجماع
بقسميه عليه .
وفي الرياض والمستند والحدائق
وغيرها دعوى الاجماع عليه أو نفي الخلاف
عنه .
وفي المنتهى : العمرة واجبة
مثل الحج على كل مكلف حاصل فيه شرائط الحج
بأصل الشرع ، ذهب اليه
علماؤنا أجمع . انتهى .
ويشهد به : قوله تعالى : (
وأتموا الحج والعمرة لله ) ( 1 ) : والامر بإتمام العمرة
والحج ظاهر في إرادة لزوم
إتيانها تأمين بإجزائهما وشرائطهما ، ويكون من قبيل ( إنا
لا نضيع أجر من أحسن - عملا
) ( 2 ) .
أي أو جده حسنا ، وقد صرح
بذلك في النصوص الكثيرة الدالة على وجوب
العمرة .
لا حظ : صحيح زرارة عن أبي
جعفر عليه السلام : العمرة واجبة على الخلق
بمنزلة الحج لان الله تعالى
يقول : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) وإنما نزلت العمرة
بالمدينة ( 3 ) .
…………………………………………………………………………
1 - البقرة آية 196
2 - الكهف آية 30
3 - الوسائل باب 1 من أبواب
العمرة حديث 2
[ . . . ]
ومثله صحيح معاوية بن عمار ،
وزاد : قلت : فمن تمتع بالعمرة الى الحج أيجزي
عنه ؟ قال عليه السلام : نعم
( 1 ) .
وخبره الاخر عن أبي عبد الله
عليه السلام : العمرة واجبة على الخلق بمنزلة
الحج على من استطاع اليه
سبيلا لان الله عز وجل يقول : ( وأتموا الحج والعمرة
لله ) ( 2 ) .
وصحيح الفضل عنه عليه السلام
في قول الله عز وجل : ( وأتموا الحج والعمرة
لله ) قال عليه السلام : هما
مفروضان ( 3 ) . الى غير ذلك من النصوص ، وتمام الكلام
بالاشارة الى أمور :
1 - المشهور بين الاصحاب :
وجوب العمرة عند تحقق استطاعتها ، وعدم توقفه
على تحقق الاستطاعة للحج ، كما
أنه لو استطاع للحج وجب من غير توقف على تحقق
الاستطاعة للعمرة .
وعن الشهيد في الدروس : أنه
يجب الحج عند استطاعته خاصة وإن لم يستطع
للعمرة ، وليس كذلك العكس .
وقيل : إن وجوب كل منهما كما
يتوقف على استطاعته يتوقف على استطاعة
الاخر .
والاول أظهر ، لاطلاق الادلة
وعدم وجود ما يدل على ارتباط أحدهما بالاخر .
هذا في العمرة المفردة ،
وأما العمرة المتمتع بها الى الحج فلا ريب في توقف
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 1 من ابواب
العمرة حديث 3 .
2 - الوسائل باب 1 من ابواب
العمرة حديث 8 .
3 - الوسائل باب 1 من ابواب
العمرة حديث 1
[ . . . ]
وجوبها على استطاعة الحج
كالعكس ، لانها عمل واحد ، وذلك موضع اتفاق الفتاوي
والنصوص .
2 - كما أن الحج ربما يجب
بالعارض كذلك العمرة غير الواجبة بالاصل -
لفقد شرط وجوبها - قد تجب
بنذر أو عهد أو يمين أو استيجار أو افساد بأن أفسد
عمرته المندوبة وبفوات الحج
فانه يجب التحلل منه بعمرة كما تقدم في مواضع من
الكتاب ، منها : في المسألة
الثانية من الفصل الثالث في الوقوف بالمشعر ، كما تقدم أيضا
الكلام في أن من دخل مكة
معتمرا فخرج عن الحرم قبل أن يهل بالحج هل تجب عليه
الاحرام بالعمرة أم لا ؟
فراجع .
3 - اذا أحرم بالعمرة
المفردة في أشهر الحج ، ودخل مكة جاز أن ينوي بها
عمرة التمتع ويحج بعدها
ويلزم الهدي كما تقدم .
العمرة
المفردة واجبة على حاضري المسجد الحرام
4 - العمرة المتمتع بها الى
الحج فرض من نأى عن مكة ، والمفردة فرض
حاضري المسجد الحرام ومن
بحكمهم من الذين يعدلون الى الافراد بلا خلاف فيهما
بين الاصحاب كما عن المدارك
وظاهر المنتهى الاجماع عليهما .
ويظهر من الشهيد الثاني
المفروغية عن ذلك ، قال في شرح قول المحقق :
وتنقسم العمرة الى متمتع بها
ومفردة : فالاولى تجب على من ليس من حاضري المسجد
الحرام ، ولا تصح إلا في
أشهر الحج وتسقط المفردة معها بعد الايراد عليه بانه يفهم
من لفظ السقوط أن العمرة
المفردة واجبة بأصل الشرع على كل مكلف وأنها تسقط
عن المتمتع تخفيفا ، ومن
قوله : والمفردة تلزم حاضري المسجد الحرام ، عدم وجوبها على
[ . . . ]
النائي من رأس ، وبين
المفهومين تدافع ظاهر ، موجها لذلك بأنه في أصل الشرع
كانت المفردة واجبة على كل
أحد قبل نزول التمتع ، وعمرة التمتع بعد تشريعها قائمة
مقام الاصلية مجزية عنها وهي
منها بمنزلة الرخصة عن الغريمة ، فقوله الاول اشارة
الى ابتداء التشريع ،
والثاني الى استقراره . انتهى ملخصا .
وهذا كما ترى صريح في
المفروغية عن عدم وجوب العمرة المفردة على النائي .
وكيف كان فيشهد به : مضافا
الى السيرة القطعية من المتدينين والمتشرعة في
جملة من الموارد ، منها :
أنه من استطاع للعمرة في المحرم مثلا لا يقدم على السفر
للاعتمار مع احتمال الموت
وفورية وجوبها ، ومنها : ما لو مات هذا الشخص قبل أشهر
الحج لا تستأجر عنه من
التركة ، ولم يذكر ذلك في كتاب ، ومنها : أن الاجير للحج عن
البلاد النائية بعد الحج لا
يأتي بعمرة مفردة ، فلو كانت واجبة على النائي كان يجب
الاتيان بها لتحقق الاستطاعة
بناءا على ما اخترناه من عدم ارتباط العمرة المفردة
بالحج ، الى غير ذلك من
الموارد ، والى خلو النصوص الدالة على مشروعية النيابة
والاستئجار عن التعرض لاتيان
العمرة المفردة مع تعرضها لان من وجب عليه الحج
لا يجوز له أن ينوب عن غيره
- صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام : دخلت
العمرة في الحج الى يوم
القيامة لان الله تعالى يقول : ( فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما
استيسر من الهدي ) فليس
الاحد إلا أن يتمتع لان الله قد أنزل ذلك في كتابه وجرت
به السنة من رسول الله صلى
الله عليه وآله ( 1 ) ونحوه غيره ، فانها تدل على دخول
العمرة في الحج لكل أحد خرج
ما خرج وبقي الباقي .
وإن شئت قلت : إنها كما تدل
على أن الحج المأمور به لكل أحد هو التمتع
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 3 من ابواب
اقسام الحج حديث 2
[ وافعالها النية والاحرام
والطواف وركعتاه والسعي وطواف النساء وركعتاه
والتقصير او الحلق ]
كذلك تدل على أن العمرة
المأمور بها هي العمرة المتمتع بها الى الحج فخرج عن ذلك
حاضر والمسجد الحرام وبقي
غيرهم .
وبعبارة ثالثة : أن العمرة
التي دخلت في الحج ليست هي المندوبة ، لانها كما
سيجئ مستحبة بانفرادها في
تمام السنة ، ولا العمرة الواجبة للحاضر ، كما هو واضح ،
ولا العمرة غير المأمور بها
، فيتعين أن يكون الداخلة العمرة الواجبة للنائي التي هي
واجبة في العمر مرة واحدة ،
فالحق أنها فريضة على حاضري المسجد الحرام دون
النائي ، وبذلك يظهر الحكم
في الفروع المشار اليها .
( و ) كيف كان ف ( أفعالها )
ثمانية : ( النية ، والاحرام ، والطواف ، وركعتاه ،
والسعي ، وطواف النساء ،
وركعتاه ، والتقصير أو الحلق ) .
أما السبعة الاولى فقد مر
الكلام فيها ، والكلام في المقام إنما هو في خصوص
الاخير .
لا خلاف بين الاصحاب في أنه
يحصل التحلل من العمرة المفردة بالحلق ، أو
التقصير .
ويشهد به : صحيح ابن سنان عن
الصادق عليه السلام في الرجل يجئ معتمرا
عمرة مبتولة ، قال عليه
السلام : يجزيه إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وحلق
أن يطوف طوافا واحدا بالبيت ،
ومن شاء أن يقصر قصر ( 1 ) .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 9 من ابواب
العمرة حديث 1
[ . . . ]
وصحيح معاوية بن عمار عنه
عليه السلام : المعتمر عمرة مفردة اذا فرغ من
طواف الفريضة وصلاة الركعتين
خلف المقام والسعي بين الصفا والمروة حلق أو قصر .
وسألته عن العمرة المبتولة
فيها الحلق ، قال : نعم ، وقال : إن رسول الله صلى الله عليه
وآله قال في العمرة المبتولة
: اللهم اغفر للمحلقين ، قيل : يا رسول الله وللمقصرين ؟
فقال : وللمقصرين ( 1 ) .
ولكن الحلق أفضل ، ويشهد به
: ذيل صحيح معاوية ، وحسن سالم أبي الفضل ،
قال ، قلت لابي عبد الله
عليه السلام : دخلنا بعمرة نقصر أو نحلق ؟ فقال : احلق فإن
رسول الله صلى الله عليه
وآله ترحم على المحلقين ثلاث مرات ، وعلى المقصرين مرة
واحدة ( 2 ) ، المحمول ما
فيه من الامر على الفضل ، لما تقدم .
كما أن إطلاقه الشامل للعمرة
المتمتع بها الى الحج يقيد بما دل على تعين
التقصير في العمرة المتمتع
بها .
هذا للرجال ، وأما النساء
فيتعين عليهن التقصير ، كما تقدم .
ويشهد به : صحيح الحلبي عن
الامام الصادق عليه السلام : ليس على النساء
حلق وعليهن التقصير ( 3 ) .
ومرسل الصدوق ، قال الصادق عليه
السلام : ليس على النساء أذان - الى أن
قال - ولا الحلق وإنما يقصرن
من شعورهن ( 4 ) .
وقد تقدم عند ذكر أفعال الحج
حكم حلق رأسهن وأنه حرام ذاتا أم لا ؟ وعدم
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 5 من ابواب
التقصير حديث 1 .
2 - الوسائل باب 7 من ابواب
الحلق والتقصير حديث 13 .
3 - الوسائل باب 5 من ابواب
التقصير حديث 2 .
4 - الوسائل باب 5 من ابواب
التقصير حديث 3 .
[ وليس في المتمتع بها طواف
النساء ويجوز المفردة في جميع ايام السنة وافضلها
رجب ]
إجزائه عن التقصير .
( و ) أيضا قد مر أنه ( ليس في
) العمرة ( المتمتع بها طواف النساء ) راجع
بحث وجوب طواف النساء .
صحة
العمرة المفردة في جميع أيام السنة
6 - وقد عرفت أن وقت العمرة
المتمتع بها الى الحج : أشهر الحج ، ولا تجوز
قبلها ولا بعدها .
( و ) أما العمرة المفردة
فلا وقت لها ، وقد طفحت كلماتهم أنه ( يجوز المفردة في
جميع أيام السنة ) .
ويشهد به صحيح معاوية عن
الامام الصادق عليه السلام : المعتمر يعتمر في
أي شهور السنة شاء وأفضل
العمرة عمرة رجب ( 1 ) .
والنصوص المستفيضة بل
المتواترة الدالة على أن لكل شهر عمرة ( 2 ) ، فلا
إشكال في أن العمرة المفردة
تصح في جميع أيام السنة ، ( و ) إن كان ( أفضلها ) ما وقع
في ( رجب ) بلا خلاف فيه .
ويشهد به : صحيح ابن عمار
المتقدم ، وصحيح آخر له عن أبي عبد الله عليه
السلام أنه سئل أي العمرة
أفضل ، عمرة في رجب أو عمرة في شهر رمضان ؟ فقال
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 3 من ابواب
العمرة حديث 13 .
2 - الوسائل باب 6 من ابواب
العمرة
[ . . . ]
عليه السلام : لا ، بل عمرة
في رجب أفضل ( 1 ) .
وصحيح زرارة عن أبي جعفر
عليه السلام في حديث ، قال : وأفضل العمرة
عمرة رجب ، وقال : المفرد للعمرة
إن اعتمر ثم أقام للحج بمكة كانت عمرته تامة
وحجته ناقصة مكية ( 2 )
ونحوها غيرها .
وأما خبر علي بن حديد : كنت
مقيما بالمدينة في شهر رمضان سنة ثلاث عشرة
ومأتين فلما قرب الفطر كتبت
الى أبي جعفر عليه السلام أساله عن الخروج في شهر
رمضان أفضل أو أقيم حتى ينقضى
الشهر وأتم صومي ؟ فكتب عليه السلام إلى كتابا
قرأته بخطه : سألت رحمك الله
عن أي العمرة أفضل ، عمرة شهر رمضان أفضل
يرحمك الله ( 3 ) . فهو
بقرينة السؤال اريد به أفضلية عمرة رمضان عن صومه ، والعمرة
في شوال .
وأما خبر حماد بن عثمان :
كان أبو عبد الله عليه السلام إذا أراد العمرة انتظر
الى صبيحة ثلاث وعشرين من
شهر رمضان ثم يخرج مهلا في ذلك اليوم ، ( 4 ) فهو لا يدل
على أفضلية عمرة رمضان عن
عمرة رجب ، وإنما يدل على أفضلية عمرة آخر رمضان
عن عمرة أوله ، وسره كراهة
السفر في شهر رمضان الى ثلاث وعشرين من الشهر
ثم إن الظاهر تأدي السنة
بالاحرام في رجب وإن وقع باقي أفعالها في شعبان ،
لصحيح أبي أيوب الخزاز عن
الامام الصادق عليه السلام : أني كنت أخرج ليلة أو
ليلتين تبقيان من رجب فتقول
أم فروة : أي أبه إن عمر ثنا شعبانية فأقول لها : أي بينة
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 3 من ابواب
العمرة حديث 3 .
2 - الوسائل باب 3 من ابواب
العمرة حديث 2 .
3 - الوسائل باب 4 من ابواب
العمرة حديث 2 .
4 - الوسائل باب 4 من ابواب
العمرة حديث 3
[ والقارن والمفرد يأتي بها
بعد الحج والمتمتع بها يجزي عنها ]
إنها فيما اهللت وليس فيما
أحللت ( 1 ) .
وصحيح ابن سنان عن أبي عبد
الله عليه السلام : اذا أحرمت وعليك من رجب
يوم وليلة فعمرتك رجبية ( 2
) .
وأيضا الظاهر تأديها
بالاهلال في غير رجب ، والطواف في رجب ، لخبر عيسى
الفراء عن أبي عبد الله عليه
السلام : اذا أهل بالعمرة في رجب وأحل في غيره كانت
عمرته لرجب ، وإذا أحل في
غير رجب وطاف في رجب فعمرته لرجب ( 3 ) .
بل وبالاحلال فيه ، لصحيح
البجلي عنه عليه السلام في رجل أحرم في شهر
وأحل في آخر ، فقال عليه
السلام : يكتب في الذي قد نوى أو يكتب له في أفضلهما ( 4 ) .
7 - ( و ) قد تقدم في الباب
الثاني عند بيان صور التمتع والافراد والقران ، أن
( القارن والمفرد يأتي بها )
أي بالعمرة ( بعد الحج ) فراجع .
إجزاء
العمرة المتمتع بها ندبا عن المفردة المندوبة
8 - ( و ) قد طفحت كلماتهم
بأن ( المتمتع بها يجزي عنها ) أي عن المفردة .
وفي الرياض : إجماعا وفتوى
ورواية وهي صحاح مستفيضة وغيرها من
المعتبرة ، انتهى .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 3 من ابواب
العمرة حديث 1 .
2 - الوسائل باب 3 من ابواب
العمرة حديث 4 .
3 - الوسائل باب 3 من ابواب
العمرة حديث 11 .
4 - الوسائل باب 3 من ابواب
العمرة حديث 12
[ ولو اعتمر في أشهر الحج جاز
أن ينقلها الي التمتع ]
ونظره الشريف الى صحيح
الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام : اذا تمتع
الرجل فقد قضى ما عليه من
فريضة العمرة ( 1 ) .
وصحيح ابن عمار عنه عليه
السلام ، قلت : فمن تمتع بالعمرة الى الحج أيجزي
عنه ذلك ؟ قال عليه السلام :
نعم ( 2 ) .
وخبر يعقوب بن شعيب ، قلت
لأبي عبد الله عليه السلام : قول الله عزوجل :
( وأتموا الحج والعمرة لله )
يكفي الرجل اذا تمتع بالعمرة الى الحج مكان تلك العمرة
المفردة ؟ قال : كذلك أمر
رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه ( 3 ) ونحوها غير ها
ولكن بناءا على ما تقدم من
أن العمرة المفردة وظيفة حاضري المسجد ، و
المتمتع بها وظيفة النائي لا
معنى لاجزاء إحداهما عن الاخرى ، إلا بارادة أحد معنيين .
إما ما أفاده ثاني الشهيدين
في توجيه كلام المحقق وهو أن المراد أن الواجب ابتداء ا .
على كل أحد هو العمرة
المفردة كحج الافراد ثم في حجة الوداع كما شرع حج التمتع
شرعت عمرة التمتع ايضا وأدخل
إحداهما في الاخرى وهما بالنسبة الى النائي فرض
ثان بالاعتبار المذكور مجز
عن الفرض الأول - ولعل في هذه النصوص إشارة الى
ذلك ، لاحظ : قوله في خبر
يعقوب : كذلك أمر رسول الله ، وفي صحيح الحلبي : فقد
قضى ما عليه من العمرة ،
وليس مفاده أن ما عليه غير ما أتى به أو إرادة إجزاء العمرة
المتمتع بها ندبا عن المفردة
المندوبة التي هي مستحبة لكل أحد كما هو مقتضي الأدلة .
8 - ( ولو اعتمر في أشهر
الحج ) عمرة مفردة ( جاز أن ينقلها الى التمتع ) بلا
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 5 من ابواب
العمرة حديث 1 .
2 - الوسائل باب 5 من ابواب
العمرة حديث 2 .
3 - الوسائل باب 5 من ابواب
العمرة حديث 4 .
[ . . . ]
خلاف وقد مر الكلام فيه
مستوفي .
9 - ظاهر الكتاب كصريح ما
يحكي عن أبي الصلاح : هو تقديم طواف النساء
على الحلق أو التقصير ، ولكن
المشهور بين الأصحاب لزوم تأخيره عنه ، وأن بالحلق أو
التقصير يحل من كل شئ سوى
النساء فاذا طاف طواف النساء حل له النساء ،
بل في الجواهر : بلا خلاف
أجده فيه ، إلا ما يحكي عن أبي الصلاح .
ويشهد للمشهور : خبر إبراهيم
بن عبد الحميد عن عمر بن يزيد أو غيره عن
أبي عبد الله : المعتمر يطوف
ويسعي ويحلق ولا بد له بعد الحلق من طواف آخر ( 1 ) .
وصحيح عبد الله بن سنان عن
أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يجيئ
معتمرا عمرة مبتولة ، قال
عليه السلام : يجزيه اذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة
وحلق أن يطوف طوافا واحدا
بالبيت ، وإن شاء أن يقصر قصر ( 2 ) .
قوله : طوافا واحدا ، أي من
غير ضم سعي اليه ، فان طواف النساء لا سعي
فيه .
بل وصحيح ابن عمار عنه عليه
السلام : المعتمر عمرة مفردة اذا فرغ من
طواف الفريضة وصلاة الركعتين
خلف المقام والسعي بين الصفا والمروة حلق أو
قصر ( 3 ) فأنه رتب فيه
الحلق أو التقصير على الفراغ من هذه الأشياء خاصة ، فهو
يدل على متابعته لها وأنه
بعدها بلا فصل ، فالأظهر ان طواف النساء بعد الحلق أو
التقصير كما هو المشهور .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 82 من ابواب
الطواف حديث 2 .
2 - الوسائل باب 9 من ابواب
العمرة حديث 1 .
3 - الوسائل باب 5 من ابواب
التقصير حديث 1
[ ويجوز في كل شهر واقله في كل
عشرة أيام ولا حد لها عند السيد المرتضى قده ]
10 - اختلف الأصحاب في توالي
العمرتين ( و ) ما يجب من الفصل بينهما و
عدمه على أقوال :
أحدها : ما عن العماني من
اعتبار السنة بين العمرتين .
ثانيها : أنه ( يجوز في كل
شهر ) ولا يجوز مع كون الفصل أقل من الشهر ،
نسب ذلك الى الشيخ في أحد
قوليه والحلي وابن زهرة والاسكافي ( و ) المصنف في
المختلف والمحقق في النافع
والشهيد في الدروس .
ثالثها : أن ( أقله في كل
عشرة أيام ) ولا يجوز إلا مع كون الفصل بهذا المقدار ،
وهو الذي اختاره المصنف في
المتن والتذكرة وعن التحرير ، والشيخ في النهاية
والمبسوط ، وابني الجنيد
والبراج .
رابعها : ما في المتن قال :
( ولا حد لها عند السيد المرتضي ره ) واختاره هو -
قده - في المنتهى ، والمحقق
في الشرائع ، وعن كشف اللثام : بل اليه يرجع ما عن ا لجمل
والناصريات والسرائر
والمراسم والتلخيص واللمعة من جواز التوالي بين العمرتين ،
بل نسب الى كثير من المتأخرين
، بل عن الناصريات نسبته الى أصحابنا مؤذنا
بدعوى الاجماع عليه ، غاية
الأمر ذكروا أنه يكره أن يأتي بعمرتين وبينهما أقل من
عشرة أيام كراهة عبادة .
وأما النصوص فهي على طوائف :
الاولى : ما استدل به على
القول الأول كصحيح حريز وزرارة عن السيدين
[ . . . . . . . ]
الصادقين عليهما السلام : لا
يكون عمرتان في سنة ( 1 ) .
وصحيح الحلبي عن الصادق عليه
السلام : العمرة في كل سنة مرة ( 2 ) .
الثانية : ما يدل على أن لكل
شهر عمرة كصحيح البجلي عن أبي عبد الله
عليه السلام : في كتاب علي
في كل شهر عمرة ( 3 ) .
وموثق إسحاق بن عمار ، قال
أبو عبد الله عليه السلام : السنة اثنا عشر شهرا
يعتمر لكل شهر عمرة ( 4 ) .
وموثق يونس بن يعقوب ، سمعت
أبا عبد الله عليه السلام أن عليا عليه السلام
كان يقول : في كل شهر عمرة (
5 ) .
وصحيح معاوية بن عمار عن أبي
عبد الله عليه السلام كان علي عليه السلام
يقول : لكل شهر عمرة ( 6 )
ونحوها غيرها .
الثالثة : ما تضمن أن لكل
عشرة عمرة كخبر الصدوق باسناده عن علي بن
أبي حمزة عن أبي الحسن موسى
عليه السلام : لكل شهر عمرة ، قال : وقلت له : يكون
أقل من ذلك ؟ قال : لكل عشرة
أيام عمرة ( 7 ) .
وما رواه الكليني عن علي بن
إبراهيم عن أبيه عن ابن مراد عن يونس عن
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 6 من ابواب
العمرة حديث 7 .
2 - الوسائل باب 6 من ابواب
العمرة حديث 6 .
3 - الوسائل باب 6 من ابواب
العمرة حديث 1 .
4 - الوسائل باب 6 من ابواب
العمرة حديث 8 .
5 - الوسائل باب 6 من ابواب
العمرة حديث 2 .
6 - الوسائل باب 6 من ابواب
العمرة حديث 4 .
7 - الوسائل باب 6 من ابواب
العمرة حديث 9
[ . . . . . . . ]
علي ابن أبي حمزة عن أبي
الحسن عليه السلام في حديث : لكل شهر عمرة ، فقلت :
يكون أقل ؟ فقال : في كل
عشرة أيام عمرة ( 1 ) .
الرابعة : المطلقات الدالة
على مطلوبية العمرة كمرسل الصدوق ، قال الرضا
عليه السلام : العمرة الى
العمرة كفارة لما بينهما ( 2 ) .
قال : وروي عن النبي صلى
الله عليه وآله : الحجة ثوابها الجنة والعمرة كفارة
لكل ذنب ( 3 ) .
وخبر زرارة عن الامام الصادق
عليه السلام : والحج الأصغر : العمرة ( 4 ) ومثله
خبر عبد الرحمان ( 5 ) الى
غير ذلك من المطلقات التي مقتضاها مطلوبية العمرة في
كل يوم .
وأورد على الأخيرة سيد
الرياض بإيرادين : أحدهما : أنها ضعيفة الاسناد ، وكذا
الطائفة الثالثة ، ولا يجوز
المسامحة هنا في الفتوي باستحبابها ، لوجود القول بالتحريم
والمنع .
وفيه : أن ضعف السند بعد
شمول أخبار من بلغ المثبتة للاستحباب لا يضر .
ودعوى : مانعية القول
بالتحريم ، غريبة ، فان من يقول بالتحريم لا يقول
بالتحريم الذاتي ، بل
بالتشريعي منه ، وهو في كل أمر استحبابي لم يقم دليل معتبر
عليه ، فهو لا يصلح مانعا عن
البناء على الاستحباب لقاعدة التسامح .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 6 من ابواب
العمرة حديث 3 .
2 - الوسائل باب 3 من ابواب
العمرة حديث 6 .
3 - الوسائل باب 3 من ابواب
العمرة حديث 7 .
4 - الوسائل باب 1 من ابواب العمرة
حديث 11 .
5 - الوسائل باب 1 من ابواب
العمرة حديث 12
[ . . . . . . ]
ثانيهما : أنها مجملة غير
واضحه الدلالة فان إطلاقها مسوق لبيان الفضيلة لا
لتحديد المدة .
وفيه : أن بيان الحكم
الاستحبابي في النصوص تارة يكون بالأمر وبالدلالة
المطابقية ، وأخرى يكون
ببيان الفضيلة المترتبة عليه ، فكما أن الأصل في الأول البناء
على الأطلاق ما لم يثبت
الاجمال كذلك في الثاني بلا تفاوت .
فالمتحصل : أن الطائفة
الأخيرة لا إشكال فيها سندا ودلالة ، ولا ينافيها الطائفة
الثانية والثالثة ، لأنهما
لا تتضمنان عدم لمشروعيتها في أقل من تلك المدة ،
ومشروعيتها في تينك المدتين
غير منافية لمشروعيتها في أقل من تلك ، والشاهد على
ذلك : مضافا الى وضوحه - أن
السائل في أخبار الطائفة الثالثة بعد حكمه عليه السلا م
بان لكل شهر عمرة ، يقول :
فقلت : يكون أقل ؟ قال : لكل عشرة أيام ، وهذا دليل
على أنه لم يفهم من الأول
التحديد ، كما يستكشف منه أن المعصوم عليه السلام أيضا
لم يكن مريدا للتحديد .
وأما الطائفة الاولى فهي تدل
على عدم مشروعية العمرة في أقل من سنة ولكن
لاعراض الأصحاب عنها
ومعارضتها مع النصوص الاخر المصرحة بالمشروعية في كل
شهر لابد من طرحها أو حملها
على إرادة العمرة المتمتع بها .
بل مقتضي حمل المطلق على
المقيد هو الثاني لا الطرح ، فانها أعم من
القسمين ، ونصوص جواز العمرة
فيما دون السنة وفي كل شهر وما شاكل مختصة
بالمفردة ، فيقيد إطلاقها
بها فلا تطرح ولا تحمل على التقية ولا على غير ذلك من
المحامل التي لا وجه لها ،
فالمتحصل مما ذكرناه : جواز توالي العمرتين مطلقا ، والله العالم . ( * )
[ الباب العاشر : في المصدود ، والمحصور ، المصدود هو الممنوع
بالعدو ]
( الباب العاشر : في المصدود والمحصور ) .
وفيه : مقدمة ومقامان .
أما المقدمة ففي بيان
الإحصار والصد ، فالمعروف بين الأصحاب أن ( المصدود
هو : الممنوع بالعدو )
والمحصور هو : الممنوع بالمرض .
وفي المنتهى : الحصر عندنا
هو المنع عن تتمة أفعال الحج على ما يأتي بالمرض
خاصة ، والصد بالعدو ، انتهى
، ومثله في التذكرة .
وفي كنز العرفان : وعند
أصحابنا الامامية أن الاحصار يختص بالمرض والصد
بالعدو ، انتهى ، هذا ما
أفاده الفقهاء
وأما اللغويون ، فعن المسالك
: أن كلماتهم موافقة لكلمات الفقهاء ، واستشهد
بما نقله الجوهري عن ابن
السكيت ، أنه قال : أحصره المرض : إذا منعه من السفر أ و
من حاجة يريدها ، ونقله عنه
الفيومي أيضا ، وعن الفراء : أن هذا هو كلام العرب ،
وعليه اللغة .
وفي الرياض : بعد نقل ذلك عن
المسالك : ولكن المحكي عن أكثرهم اتحاد
الحصر والصد ، وأنهما بمعنى
المنع من عدو كان أو مرض .
وفيه : أن الحصر غير الاحصار
، وقد صرح أكثر اللغويين بأن الاحصار هو
الحبس للمرض ، ونقل عن أهل
العراق عن كلام العرب ، وأن الحصر هو الحبس للعدو ،
وصرح بهذه التفرقة في محكي
الكشاف والمجلسي ، فالحصر مرادف في اللغة للصد لا
الاحصار ، وموضوع الحكم هو
الثاني ، ففيما هو محل الكلام يتحد كلمات اللغويين مع
[ . . . . . ]
فتاوي الفقهاء .
ويشهد لذلك : مضافا الى ما
عرفت - جملة من النصوص كصحيح ابن عمار
عن أبي عبد الله عليه السلام
: المحصور غير المصدود المحصور هو المريض ، والمصدود
هو الذي يرده المشركون كما
ردوا رسول الله صلى الله عليه وآله ليس من مرض ،
والمصدود تحل له النساء
والمحصور لا تحل له النساء ( 1 ) .
وصحيحه الآخر عنه عليه
السلام ، وفيه بعد ذكر مرض أبي عبد الله الحسين
بن علي عليهما السلام في
الطريق : فقلت : فما بال النبي حين رجع الى المدينة حل له
النساء ولم يطف بالبيت ،
فقال : ليس هذا مثل هذا النبي صلي الله عليه وآله كان
مصدودا والحسين محصورا ( 2 )
ونحوهما غيرهما ، فلا اشكال في التغاير والاختلاف .
وثمرة ذلك تظهر في موارد ،
فانهما بعد اشتراكهما في جملة من الاحكام التي
ستمر عليك يختلفان في أحكام
، قيل : جملتها ستة :
1 - عموم تحلل المصدود
بمحلله في كل ما حرم عليه بالاحرام حتى النساء
بخلاف المحصر الذي يحل له ما
عدا النساء المتوقف حلهن على طوافهن .
2 - الاجماع على اشتراط
الهدي في المحصور بخلاف المصدود ، فان فيه خلافا .
3 - المصدود يذبح هديه في
مكان وجود المانع ، والمحصور متعين عليه ذبح هديه
بمكة في إحرام العمرة وبمنى
في إحرام الحج .
4 - افتقار المحصور الى
الحلق أو التقصير مع الهدي ، بخلاف المصدود ، فان
فيه قولين .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 1 من ابواب الاحصار والصد حديث 1 .
2 - الوسائل باب 1 من ابواب
الاحصار والصد حديث 3
[ فإن تلبس بالاحرام نحر هديه
من وأحل من كل شئ أحرم منه ]
5 - تعين تحلل المصدود
بمحلله في مكانه ، بخلاف المحصور الذي هو بالمواعدة
التي قد تتخلف .
6 - كون فائدة الشرط في عقد
الاحرام للمحصور تعين تعجيل التحلل
بخلاف المصدود ، فان فيه
الخلاف في أنه هل يفيد الشرط سقوط الهدي أو كون
التحلل عزيمة لا رخصة أو
مجرد التعبد ، وستمر عليك هذه الأحكام .
ولو اجتمع العنوانان كما لو
مرض وصده العدو ، فهل يتخير في أخذ حكم أيهما
شاء أو يأخذ الأخف فالأخف من
أحكامهما ، أو يتعين عليه الأخذ بحكم الصمدود ام
يرجح السابق منهما لو كان ؟
وجوه وأقوال ، أظهرها : الثاني ، لصدق اسم كل واحد عند
الأخذ بحكمه ، وسيأتي لذلك
زيادة توضيح إن شاء الله تعالى .
المصدود
لا يتحلل إلا بعد الذبح أو النحر
أما المقام الأول ففي أحكام
المصدود وفيه مسائل :
الاولى : قد عرفت سابقا أن من
أحرم بالحج أو العمرة يجب عليه الاكمال
إجماعا ، ولكن المصدود متى
صد بعد إحرامه ولم يكن له طريق سوى ما صد عنه أو
كان له طريق ولم يكن متمكنا
من المسير منه - يكون مستنثى من هذا الحكم .
( فان تلبس بالأحرام نحر
هديه وأحل من كل شئ أحرم منه ) بلا خلاف
يعرف كما عن الذخيرة ، وفي
التذكرة : تحلل بالأجماع .
يشهد لأصل التحلل وحلية كل
شئ عليه : جملة من النصوص ، منها : صحيحا
ابن عمار المتقدمان ( 1 ) .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 1
من ابواب الاحصار والصد حديث 1 و 3 .
[ . . . . . . ]
ومنها : موثق زرارة عن أبي
جعفر عليه السلام : المصدود يذبح حيث صد ويرجع
صاحبه فيأتي النساء ،
والمحصور يبعث بهديه ( 1 ) الحديث .
ومنها : خبر حمران عن أبي
جعفر عليه السلام : أن رسول الله صلى الله عليه
وآله حين صد بالحديبية قصر
وأحل ونحر ثم انصرف منها ولم يجب عليه الحلق حتى
يقضي النسك فأما المحصور
فانما يكون عليه التقصير ( 2 ) ونحوها غيرها .
وهل يتوقف التحلل على ذبح
الهدي أو نحره كما عن الأكثر بل المشهور بل
عن المنتهى : قد أجمع عليه
أكثر العلماء ، أم لا كما عن علي بن بابويه والحلي وجما عة
وفي المستند ؟ وجهان ، قد
استدل للأول بوجوه :
الأول : الآية الكريمة ( فان
أحصرتم فما استيسر من الهدي ) ( 3 ) بناءا على
أن المراد بالاحصار فيها ما
يشمل الصد من جهة ما قيل : اتفق المفسرون على ان
هذه الآية نزلت في حصر
الحديبية .
وفيه : أن الاستدلال تارة
يكون بالآية مع قطع النظر عن فعله صلى الله عليه
وآله ، واخرى بلحاظه ، أما
على الأول فقول هؤلاء المفسرين لا يصلح قرينة على
صرف اللفظ عن معناه اللغوي
العرفي الشرعي ، وقد عرفت أن الاحصار يغاير الصد
شرعا وعرفا ولغة ، ومجرد
نزولها في ذلك الوقت لا يكون دليلا على أنها متضمنة لذلك
الحكم ، وأما قوله تعالى في
ذيل الآية : ( فاذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة ) فلا يوجب
تخصيصها به ولا شمولها له ،
فان الأمن يتحقق من المرض أيضا ، وان كان الاستدلال
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 1 من ابواب الاحصار والصد حديث 5 .
2 - الوسائل باب 6 من ابواب
الاحصار والصد حديث 1 .
3 - البقرة آية 196 .
[ . . . . . ]
بلحاظ فعله صلى الله عليه
وآله ففي الحقيقة هو الوجه الثاني لذلك ، وهو أنه لا ريب
في أن النبي صلى الله عليه
وآله حين ما صده المشركون يوم الحديبية نحر وأحل فيجب
لنا للتأسي ، ولقوله صلى
الله عليه وآله : خذوا عني مناسككم ( 1 ) .
وفيه أولا : أن فعله صلى
الله عليه وآله أعم من الندب والوجوب .
وثانيا : أنه لو ثبت به
الوجوب فهو أعم من النفسي والشرطي للأحلال .
الثالث : استصحاب حكم
الاحرام ، فانه يشك في انه بالتقصير هل يخرج عن
الاحرام أم يتوقف خروجه عنه
وحلية ما حرم عليه على النحر أو الذبح فيستصحب
بقاء حكم الاحرام بعد
التقصير المجرد ؟
وفيه أولا : ما ذكرناه في
هذا الشرح غير مرة من أن الاستصحاب في الأحكام
الكلية لا يجري لكونه محكوما
لاستصحاب عدم الجعل .
وثانيا : أنه يخرج عن
الاستصحاب باطلاق الأدلة .
الرابع : مرسل الصدوق قال
الصادق عليه السلام : المحصور والمضطر ينحران
في المكان الذي يضطران فيه (
2 ) .
ولا يرد عليه بانه ضعيف ،
للارسال ، لما تقدم من أن المرسل الذي ينسبه المرسل
الى المعصوم جزما حجة ، إذا
كان المرسل ثقة .
ولكن يرد عليه : أنه في مقام
بيان مكان الذبح أو النحر ، وأنه لا يجب أن يكون
بمكة أو بمنى بل ينحر في ذلك
المكان .
الخامس : موثق زرارة عن
الامام الباقر عليه السلام : المصدود يذبح حيث صد
…………………………………………………………………………
1 - تيسير الوصول ج 1 ص 312 .
2 - الوسائل باب 6 من أبواب
الاحصار والصد حديث 3
[ . . . . . . . ]
ويرجع صاحبه فيأتي النساء (
1 ) .
والمناقشة فيه : بعدم ظهوره
في اللزوم إما من جهة تضمنه للجملة الخبرية ، أو
لكونه في مقام بيان محل
الذبح ، في غير محلها ، إذ الجملة الخبرية دلالتها على الو جوب
آكد من دلالة الأمر عليه ،
ومحل الاستدلال به قوله : يذبح فيأتي النساء ، الظاهر في
ترتب إتيان النساء على الذبح
.
وبه يقيد إطلاق صحيح ابن
عمار عن الامام الصادق عليه السلام في حديث :
والمصدود تحل له النساء ( 2
) فالأظهر هو اعتبار الذبح أو النحر في الحلية .
عدم
توقف التحلل على التقصير او الحلق
ثم إنه وقع الخلاف بينهم في
توقف الحلية على الحلق أو التقصير ، وفيه أقوال :
1 - ما عن المقنعة والمراسم
والقواعد وهو : توقفها على التقصير .
2 - ما عن الغنية والكافي
وهو توقفها على الحلق .
3 - ما عن الشهيدين وهو :
توقفها على أحدهما بنحو التخيير .
4 - ما هو ظاهر الكتاب
والشرائع وعن الشيخ وهو : عدم التوقف على شئ
منهما ، بل نسب ذلك الى
الأكثر .
واستدل للأول : بثبوت
التقصير أصالة ولم يظهر أن الصد أسقطه ، فالاحرام
مستصحب اليه .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 1 من ابواب الاحصار والصد حديث 5 .
2 - الوسائل باب 1 من ابواب
الاحصار والصد حديث 1 .
[ . . . . . ]
وبخبر حمران عن أبي جعفر
عليه السلام : أن رسول الله صلى الله عليه وآله
حين صد بالحديبية قصر وأحل
ونحر ثم انصرف منها ولم يجب عليه الحلق حتى يقضي
النسك ( 1 ) .
وبمرسل المفيد ، قال : قال
عليه السلام : المصدود بالعدو ينحر هديه الذي ساقه
بمكانه ، ويقصر من شعر رأسه
ويحل وليس عليه اجتناب النساء ( 2 ) .
ولكن الاستصحاب يرده : أولا
: عدم جريان الاستصحاب في الأحكام ، وثانيا :
أنه محكوم ، لاطلاق الأدلة .
وخبر حمران ضعيف السند ، لأن
في طريقه عبد الله بن فرقد وهو مجهول
وأما المرسل فحيث إن المفيد
نسب ما ذكره الى المعصوم ، فيكون حجة كما مر
ولا يضر كونه بالجملة
الخبرية كما تقدم ، ولكنه لا يدل على توقف الحلية على التقصير ،
وإنما يدل على وجوبه في نفسه
وإن كان في ذكر الحلية بعد التقصير إشعار بذلك ، وعليه
فالاحتياط طريق النجاة .
واستدل للثاني : بموثق الفضل
بن يونس عن أبي الحسن عليه السلام في رجل
أخذه سلطان : هذا مصدود عن
الحج إن كان دخل متمتعا بالعمرة الى الحج فليطف
بالبيت أسبوعا ثم يسعى
اسبوعا ويحلق رأسه ويذبح شاة ( 3 ) .
ولكن ليس فيه ما يدل على
توقف الحلية على الحلق ، مضافا الى أن الحلق فيه
لعله لعمرته لا للحج ، بل
ليس فيه أنه أخذ بعد الاحرام .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 6 من ابواب الاحصار والصد حديث 1 .
2 - الوسائل باب 1 من ابواب
الاحصار والصد حديث 6 .
3 - الوسائل باب 3 من ابواب
الاحصار والصد حديث 2 .
[ . . . . . . . ]
واستدل للثالث : بأنه مقتضي
الجمع بين نصوص الحلق والتقصير ، ويظهر
ضعفه مما مر .
ويشهد للرابع : الأصل وإطلاق
الأدلة السابقة ، فالأظهر عدم توقف الحلية
على التقصير أو الحلق ، نعم
التقصير أحوط بل لا يترك
عدم
توقف الحلية على نية التحلل
وبعد ما عرفت من توقف الحلية
على الذبح أو النحر - يقع الكلام في أنه هل
تتوقف الحلية على نية التحلل
عند ذبح الهدي كما صرح به الشيخ وابن حمزة والحلي
ويحيى بن سعيد والمصنف في
المتن كما سيأتي ، وغيرهم على ما حكى عن بعضهم أم لا ؟ .
وقد استدل للأول بوجوه :
1 - أن الاعمال بالنيات .
وفيه : أنه يعتبر نية الفعل
، لما ذكر ، ولكنه لا يدل على اعتبار نية التحلل ولذا
لا يقتضي ذلك في غيره .
2 - أنه عن إحرام ، فيفتقر
الى نيته كمن يدخل فيه .
وفيه : أنه مصادرة محضة .
3 - أن الذبح يقع على وجوه
فلا يتخصص إلا بالنية .
وفيه : أنه لو ذبح بما أنه
نسكه يكون متعينا ولا وجوه له حينئذ فيحصل التحلل
منه ، فالأظهر عدم اعتبارها
في التحلل ، نعم هو أحوط
والمشهور بين الأصحاب : أن
محل الذبح أو النحر هو محل الصد وإن كان
خارج الحرم ولا يجب عليه
البعث
[ . . . . . ]
وعن أبي الصلاح : وجوب إنفاذه
كالمحصور ويبقى على إحرامه حتى يبلغ
الهدي محله ، ويذبح يوم
النحر .
وعن الاسكافي : التفصيل في
البدنة بين إمكان إرسالها فيجب ، وعدمه فينحرها
في محله .
وعن الأحمدي نحو ما عن أبي
الصلاح فيمن ساق هديا وأمكنه البعث ، ولم
يعين يوم النحر ، بل ما يقع
فيه الوعد ، ونحوه عن الغنية ، لكن نص على العموم
للسائق وغيره ، وللحاج
والمعتمر
يشهد لما هو المشهور :
النصوص المتقدمة المصرحة بذلك ، ولم يجد صاحب
الجواهر - ره - دليلا على شئ
من الأقوال الأخر سوى ما استدل به بعضهم وهو :
عموم الآية الكريمة ( ولا
تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله ) ( 1 ) .
وفيه : مضافا الى ما تقدم من
اختصاص الآية بالمحصور - أن النصوص
المخصصة لهذا الحكم به
المتقدم بعضها مانعة عن الاستدلال بها ، فما هو المشهور
أظهر .
نعم لا يبعد القول بالتخيير
بين البعث والذبح عنده كما في المنتهى والتذكرة
والمستند والجواهر والرياض
وغيرها ، بل في المنتهى : الأولى البعث .
والوجه في التخيير : أن
الأوامر المتعلقة بالذبح في محل الصد لورودها مورد
توهم الحظر ووجوب البعث كما
في الحصور - لا يستفاد منها أزيد من الجواز .
وظاهر النصوص لو لم يكن
صريحها : أن له الذبح أو النحر من حين الصد ،
ولا يجب عليه التأخير الى أن
يتضيق الوقت عن الحج .
…………………………………………………………………………
1 - البقرة آية 196 .
[ وإنما يتحقق الصد بالمنع عن
مكة أو عن الموقفين ]
وعن الخلاف والمبسوط والغنية
توقيته بيوم النحر ، وفسروا الآية الكريمة به ،
واستدلوا له : مضافا اليه -
بمضمر سماعة ( 1 ) .
ولكن الآية الكريمة - مضافا
الى كونها في المحصور - لا دلالة فيها على تعيين
الوقت ، والمضمر إنما هو في
المحصور ، مع أنه لا يصلح أن يقاوم في قبال النصوص
الاخر .
تحقق
الصد عن الحج بالمنع عن الموقفين .
المسألة الثانية : لا خلاف ولا
إشكال في أنه إنما يتحقق الصد عن العمرة بالمنع
عن الوصول الى مكة ، كما لا
خلاف في أنه يتحقق الصد عن الحج بالمنع عن الموقفين ،
وانما الخلاف في موارد منها
: أنه هل يتحقق الصد عن الحج بالمنع عن مكة أيضا كما
هو ظاهر الكتاب ؟ حيث قال :
( وإنما يتحقق الصد بالمنع عن مكة أو عن الموقفين ) .
ومنها : غير ذلك مما سيمر
عليك ، وتفصيل القول في المقام بالبحث في فروع :
1 - تحقق الصد عن الحج
بالمنع عن الموقفين متفق عليه .
ويشهد به : موثق الفضل عن
أبي الحسن عليه السلام عن رجل عرض له
سلطان فأخذه ظالما له يوم
عرفة قبل أن يعرف فبعث الى مكة فحبسه فلما كان يوم
النحر خلي سبيله كيف يصنع ؟
فقال عليه السلام : يلحق فيقف بجمع ثم ينصرف الى
منى فيرمي ويذبح ويحلق ولا
شئ عليه قلت : فان خلي عنه يوم النفر كيف يصنع ؟
قال عليه السلام : هذا مصدود
عن الحج ( 2 ) الحديث .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 2 من ابواب الاحصار والصد حديث 2 .
2 - الوسائل باب 3 من ابواب
الاحصار والصد حديث 2 .
[ . . . . . . . ]
بل يتحقق الصد بالمنع عن أحد
الموقفين إن كان مما يفوت بفواته الحج - وقد
تقدم بيان ما يفوت بفواته
الحج في الفصل الثالث - فان المستفاد من الموثق أن
موضوع الحكم هو عنوان
المصدود من الحج ، ولازم ذلك صدقه اذا بقي من أفعال الحج
ما لا يتم بدونه .
وهل يجب عليه الصبر حينئذ
حتى يفوت الحج نظرا الى أن الصد عن الوقوف
إنما يكون بالصد عنه الى
فوات وقته إذ لا صد عن الشئ قبل وقته ، ولا عن الجميع
بالصد عن بعضه ، أم لا يجب ،
لاطلاق النصوص ، والفتاوي ؟ الأظهر هو : الثاني ، إذ
الأول يشبه الاجتهاد في
مقابل النص .
والمحكي عن المسالك : أن من
هذا الباب ما لو وقف العامة الموقفين قبل وقتهما
لثبوت الهلال عنهم لا عندنا ،
ولم يمكن التأخير عنهم لخوف العدو منهم أو من غيرهم ،
بدعوى : أن التقية هنا لم
تثبت .
ولكن قد عرفت في الوقوف
بعرفات في الفصل الثاني - أن الأظهر إجزاء
الوقوف مع العامة فراجع ،
وعليه فلا يهمنا البحث في أنه على فرض عدم الاجزاء هل
المورد من قبيل من فاته الحج
أو المصدود ؟ .
2 - لو صد بعد إدراك
الموقفين عن نزول منى خاصة وإتيان مناسكها دون مكة ،
فان أمكنه الاستنابة استناب
في الرمي والذبح كما في المريض ثم حلق وتحلل وأتى
ببقية مناسكها ، والظاهر أنه
لا خلاف فيه .
ويشهد به : بعد عدم صدق الصد
عن الحج ولا الرد المذكور في صحيح ابن
عمار عن الامام الصادق عليه
السلام في حديث والمصدود هو الذي يرده المشركون ( 1 ) .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 1 من ابواب الاحصار والصد حديث 1
[ . . . . . . ]
ما دل على جواز الاستنابة
فيهما .
وإن لم يمكن الاستنابة فعن
الشيخ وفي الجواهر وغيرها أنه يتحلل ، واستدل
له بصدق الصد ، وبقاعدة نفي
الحرج ، وبأولوية البعض بالاحلال من الجميع .
ولكن يرد على الأخير : منع
الأولوية ، لاحتمال خصوصية في الصد عن الجميع .
ويرد على ما قبله : أن غاية
ما يمكن استفادته منها هو جواز الاحلال اذا
استلزم الحرج ، وأما قبله
فلا .
ويرد ما قبله : أن مطلق الصد
لم يؤخذ في دليل موضوعا ، بل الصد عن الحج
غير الصادق على الصد عن
أبعاضه ، فالأظهر : أنه لا وجه لأجراء حكم المصدود عليه .
ولو صد بعد إدراك الموقفين
من منى ومكة فان أمكن الاستنابة تعينت بناءا
على جواز الاستنابة في
الطواف والسعي لمثله وقد مر ، وإلا ففي المنتهى : أنه يتحلل
بالهدي في مكانة ، وحكاه عن
الشيخ أيضا ، وتبعهما جماعة .
واستدل له مضافا الى ما تقدم
- الذي عرفت ما فيه بانه يستلزم ترك الطواف
والسعي الموجب لفوات الحج ،
ولكنه يتوقف على القول بالبطلان مع الاضطرار الى
الترك ، وفيه كلام قد تقدم .
وبما ذكرناه يظهر حكم الصد
عن العود الى منى بعد قضاء مناسك مكة ، وقد
ادعي الاجماع على عدم تحقق
الصد به .
3 - المعتمر اذا منع من دخول
مكة فتحقق الصد مورد وفاق ، والنصوص تدل
عليه ، وإن منع من أفعالها بعد
الدخول ، فإن قلنا بعدم جواز الاستنابة في تلك الأفعال
لمثله صدق الصد ، وإلا فلا .
[ ولا يسقط الواجب ويسقط
المندوب ]
المصدود
يجب عليه الحج في القابل إن كان واجبا
المسألة الثالثة : اذا تحلل
المصدود يجب عليه الحج في القابل إن كان الحج واجبا
عليه سابقا وجوبا مستقرا أو
كان مستطيعا في السنة القابلة .
( ولا يسقط الواجب ) لعموم
دليل وجوبه بعد عدم جعل الشارع ما أتي به
بدلا عنه مسقطا لوجوبه وهو
واضح .
وألحق به الشهيد الثاني من
قصر في السفر بحيث لولاه لما فاته الحج ، كما لو
ترك السفر مع القافلة الاولى
فصد .
ويرد عليه : ما أورده سيد
المدارك بأنه إنما يتم لو أوجبنا الخروج مع الاولى ،
وإن جوزنا التأخير سقط وجوب
القضاء ، لعدم ثبوت الاستقرار وانتفاء التقصير ، وقد
تقدم الكلام في المبنى في
محله .
( ويسقط المندوب ) بمعنى أنه
لا يجب إتمامه كما أوجبه أبو حنيفة ، للأصل
والاجماع .
الرابعة : لو كان هناك طريق
آخر غير ما سلكه وفيه الصد ولو كان أطول و
أمكن الوصول اليه فلا صد
قطعا فان الموضوع هو الصد عن الحج لا عن طريق
خاص فلا يجوز له التحلل ،
وإن كان ذلك الطريق يحتاج الى نفقة لا يتمكن منها
جاز له التحلل لصدق المصدود
عليه ، وكذا لو علم بانه لو سلكه يفوته ، الحج فان هذ ا
الشخص ينحصر حجه في هذا
العام من هذا الطريق فيصدق الصد عن الحج .
فما عن قواعد المصنف من
الترديد فيه في غير محله .
وإن خشي الفوت فيشك في صدق
المصدود فليس له أن يتحلل وهو واضح .
[ ولا يصح التحلل إلا بالهدي
ونية التحلل ويجزي هدي السياق عنه ]
الخامسة : المعروف بين
الأصحاب أنه لا يجب على المصدود التحلل بالهدي ، بل
له أن يبقى على إحرامه الى
أن يتحقق الفوات فيتحلل بالعمرة ، والوجه في ذلك : أ نه
في النصوص وإن امر بالاحلال
إلا أنه لوروده مورد توهم الحظر لا يستفاد منه اللزوم .
كفاية
الهدي الذي ساقه المصدود عن هدي آخر .
السادسة : ( و ) قد عرفت أنه
( لا يصح التحلل إلا بالهدي و ) عرفت أنه لا
يعتبر ( نية التحلل ، و )
الكلام هنا إنما هو في أنه هل ( يجزي هدي السياق عنه ) كما
هو المشهور ، بل عن الغنية
دعوى الاجماع عليه ، أم لا يجزي ، بل يحتاج مع سياق
الهدي الى هدي التحلل كما عن
الصدوقين ، وابن الجنيد والمصنف في المختلف والشهيد
الثاني وغيرهم ؟ .
وجه الأول : أصل البراءة
فانه يشك في لزوم هدي آخر غير ما ساقه ، والأصل
يقتضي عدمه .
وإطلاق دليل لزوم الهدي
بتقريب : أنه لم يدل دليل على إيجاب الصد هديا
مستقلا وإنما المستفاد من
الأدلة لزوم ذبح هدية أو نحره وهو يصدق على ما ساقه .
وخبر رفاعة عن أبي عبد الله
عليه السلام في حديث ، قلت : رجل ساق الهدي
ثم احصر ، قال عليه السلام :
يبعث بهديه ، قلت : هل يتمتع من قابل ؟ فقال عليه
السلام : لا ، ولكن يدخل في
مثل ما خرج منه ( 1 ) .
وصحيحه عنه أيضا ( 2 ) .
…………………………………………………………………………
1 و 2 الوسائل باب 4 من ابواب الاحصار والصد حديث 2 - 1
[ . . . . . . ]
وصحيح محمد بن مسلم عن ابي
جعفر عليه السلام إنهما قالا : القارن يحصر .
وقد قال واشترط فحلني حيث
حبستني ، قال : يبعث بهديه ، قلنا : هل يتمتع في قابل ؟
قال عليه السلام : لا ، ولكن
يدخل في مثل ما خرج منه ( 1 ) .
وتقريب الاستدلال بالخبرين
هو : أن المتبادر من هديه في الخبرين هو هدي
السياق ، والاضافة كاللام
العهدية في إفادة الهدي كما صرحوا به في محله ، فالمعنى هديه
الذي ساقه ، وقد استدل
بالخبرين صاحب الحدائق وإن استشكل بعده فيه ، وبما قبلهما
سيد المدارك .
أقول : أما الخبران فيرد على
الاستدلال بهما : أولا : أنهما في المحصور دون
المصدود ، والاتفاق ظاهرا على
عدم الفرق بينهما في هذا الحكم غير ثابت ، وعلى فرض
الثبوت يحتمل أن يكون مدركهم
في المقام ما تقدم ، فلا يكون اتفاقا تعبديا .
وثانيا : أنه يحتمل أن يكون
الاكتفاء لما فيهما من الاشتراط أي قوله : فحلني
الى آخره .
ثم لو صح الاستدلال بالخبرين
كان الأولى الاستدلال أيضا بصحيح آخر
لرفاعة عن الامام الصادق
عليه السلام : خرج الحسين عليه السلام معمترا وقد ساق
بدنة حتى انتهى الى السقيا
فبرسم فحلق شعر رأسه ونحرها مكانه ، ثم أقبل حتى
جاء فضرب ( 2 ) الى آخره .
والمناقشة فيه باحتمال عدم
إحرامه عليه السلام ، يدفعه : قوله : حتى انتهى الى
السقيا - وهي على ما قيل على
يومين من المدينة من طريق مكة فتكون بعد الميقات
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 4 من ابواب الاحصار والصد حديث 1 .
2 - الوسائل باب 6 من ابواب
الاحصار والصد حديث 2 .
[ . . . . . . . ]
- وقوله : فحلق شعر رأسه .
هذا ، مضافا الى النصوص
الاخر المتضمنة للقضية المصرحة بأنه مرض بعدما
أحرم - وأما أصل البراءة
فانما يرجع اليه مع فقد الدليل العام والخاص .
نعم الاستدلال باطلاق الأدلة
لا بأس به ، فانه ليس في شئ من النصوص
ما يدل على أن الصد يقتضي
لزوم الهدي ، بل هي متضمنة لأنه يذبح هديه فيحل من
كل شئ .
وبذلك يظهر الجواب عن
الاستدلال للقول الآخر بأصالة تعدد المسبب بتعدد
السبب ، مضافا الى ما حقق في
محله من أن مقتضي الأصل هو التداخل لا التعدد .
وأما المحكي من فقه الرضا
عليه السلام : وإن صد رجل عن الحج وقد أحرم
فعليه الحج من قابل ولا بأس
بمواقعة النساء لأن هذا مصدود وليس كالمحصور ( 1 ) .
الذي استدل به لذلك القول ،
فحيث لم يثبت لنا كونه كتاب رواية فضلا عن اعتباره
فلا يصح الاستناد اليه ، فما
هو المشهور أظهر .
وعن الشهيد في الدروس قول بعدم
التداخل إن وجب بنذر أو كفارة أو شبههما
يعني دون ما وجب بالاشعار أو
التقليد .
واستدل له : بان ما وجب
بالاشعار أو التقليد واجب بالاحرام فيتحد السبب ،
بخلاف ما وجب بغيره .
وبظهور فتاوي الأصحاب ببعث
هديه أو ذبحه فيه ، وفيما يجب للصد لا
الواجب بكفارة ونحوها .
ولكن يرد عليه : أنه بعد صدق
اسم الهدي عليه المستلزم لشمول الأدلة له كما
…………………………………………………………………………
1 - المستدرك باب 1 من ابواب الاحصار والصد حديث 3 .
[ . . . . . . ]
عرفت لا مجال لذلك ، مضافا
الى أصالة التداخل .
وأما ما عن المصنف من احتمال
الاكتفاء بهدي السياق ، ولكن يستحب هدي
آخر للتحلل ، فيرده : أنه إن
حصل الاحلال بما ساقه فلا مورد لذبح هدي آخر .
للتحلل ، وإلا وجب ، مع أنه
لا دليل على الاستحباب .
السابعة : المعروف بين
الأصحاب أنه لو لم يكن للمصدود هدي وعجز عن ثمنه
ليشتري به الهدي بقي على
إحرامه ولم يتحلل .
وعن الاسكافي : أنه يتحلل
بالنية ، وعن المصنف في المختلف والقواعد احتماله .
وقيل : يتحلل ببدله وهو
الصوم .
يشهد للأول : الأصل ،
والاجماع ، وإطلاق ما دل على أنه لا يخرج عن الاحرام
إلا بمحلل .
واستدل للقول الآخر : بالآية
الكريمة ( فما استيسر من الهدي ) ( 1 ) بتقريب :
أنه ممن لم يتيسر له الهدي ،
وبقاعدة نفي الحرج .
وبجملة من النصوص كصحيح ابن
عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في
المحصور ولم يسق الهدي قال
عليه السلام : ينسك ويرجع قيل : فان لم يجد هديا ؟ قال
عليه السلام : يصوم ( 2 )
ونحوه غيره .
…………………………………………………………………………
1 - البقرة آية 196
2 - الوسائل باب 7 من ابواب
الاحصار والصد حديث 1
[ والمعتمر المصدود كالحاج ]
ولكن يرد على الأول : أن
الآية لا تدل على أن من لم يتيسر له الهدي يحل
بغيره ، وقاعدة نفي الحرج لا
تصلح لاثبات الاحلال سيما ما لم يصل الى حد الحرج .
وأما النصوص فهي مختصة
بالمحصور ، والتعدي يحتاج الى دليل مفقود .
وأما ما عن المسالك من أنه
روي أن له بدلا وهو صوم ثمانية عشر يوما ، فهو
مرسل غير حجة ، مع أن
الأصحاب لم يعملوا بها في موردها ، فهي ساقطة عن الحجية
بالاعراض .
وما في الحدائق من أن الظاهر
أنهم لم يقفوا على الروايات المذكورة وإلا
فإطراحها مع صراحتها ولا
معارض لها ليس من قواعدهم ، فيه : أن احتمال عدم
الوقوف عليها بعيد جدا ، مع
كونها في كتب الأحاديث وهي بمرئي منهم ، وحيث إن
دلالتها واضحة ، ولا معارض لها
واسنادها صحيحة ، يعني فيها ما هو صحيح السند ،
فهذا الاعراض موهن قطعا ،
وقد اشتهر بينهم أنه كلما ازداد الخبر صحة ازداد
بالاعراض ضعفا .
والغريب أن صاحب الجواهر -
ره - تبعه في ذلك قال : مع احتمال عدم عثور
الأصحاب على مجموع هذه
الروايات كما يظهر من بعضهم ، فلم يتحقق إعراض عنها
حينئذ ، انتهى .
فالأظهر أنه يبقى حينئذ على
إحرامه الى أن يتحقق الفوات فيتحلل حينئذ
بعمرة ان أمكن ، وإلا بقي
على إحرامه الى أن يجد الهدي أو يقدر على العمرة لانحصار
التحلل فيهما .
ثم لو اشترط في إحرامه بأن
يحله حيث حبسه ، فهل يسقط عنه الدم ويحل
بدونه أم لا ؟ وجهان ، وقد
تقدم الكلام فيه مفصلا .
الثامنة : ( والمعتمر
المصدود كالحاج ) اذا صد كما مر ، ولا يخفي أنه - قده - لم
[ . . . ]
يذكر في ابتداء البحث ما
يظهر منه اختصاص الاحكام السابقة بإحرام الحج حتى
يلحق به العمرة .
التاسعة من صد عن الحج
بالحبس ، فتارة يكون محبوسا بالدين وما شاكل ،
واخرى يكون محبوسا ظلما .
أما الاول فان كان قادرا على
أداء الدين أو غيره مما حبس لاجله لم يتحلل
بهدي ، بل عليه أن يدفع دينه
بلا خلاف ولا إشكال ، لعدم صدق المصدود عن الحج
عليه ، وإن لم يكن قادرا
عليه ، فقد يقال : إنه أيضا لا يصدق عليه المصدود من جهة ما
ذكروه في تعريف المصدود من
أنه من منعه العدو ، وذكر ذلك في بعض الاخبار .
ولكن يرده : أنه لا يعتبر في
صدقه العداوة ، كما يشهد به موثق الفضل المتقدم
المتضمن لاطلاق المصدود على
من حبسه السلطان من غير استفصال ، بل المصدود
وهو من منعه الغير عن الحج ،
ولو كان المانع هو أبوه في مقابل المحصور الذي منعه
المرض ، وعليه فيصدق المصدود
عليه ، فله أن يتحلل بالهدي .
وأما الثاني - وهو المحبوس
ظلما - فان لم يتمكن من دفع ما يراد منه لا إشكال
في صدق المصدود عليه كما مر
فيتحلل بالهدي ، وإن تمكن منه فهل يجب عليه الدفع
أم لا ؟ فيه كلام قد مر في
شرائط وجوب الحج ، والكلام في المقام إنما هو في صدق
المصدود عليه وعدمه ،
والظاهر عدم الصدق ، لانه يتمكن من دفع ما يراد ويحج ، وعدم
وجوب الدفع لا يصلح قرينة لصدقة
كما لا يخفي .
وقد عد الشهيد الثاني - ره -
من أسباب الصد فناء النفقة وفوات الوقت ،
[ . . . ]
وضيقه ، والضلال عن الطريق
مع الشرط قطعا ولا معه في وجه ، ثم قال : وفي الحاق
أحكام هؤلاء بالمصدود أو
المحصر أو استقلالهم نظر من مشابهة كل منهما ، والشك في
حصر السبب فيها ، وعدم
التعرض لحكم غيرهما .
ويمكن ترجيح جانب الحصر ،
لانه أشق وبه يتيقن البراءة انتهى .
وفيه : ما عرفت من عدم صدق
الصد والاحصار على شئ منها ، والاصحاب
تعرضوا لحكم من فات وقته
وضاق عن الحج ، ودلت عليه النصوص ، فالحق ما أفاده
في الجواهر : أن ذلك من
غرائب الكلام .
العاشرة : لو أفسد حجه فصد
يجب عليه الاتيان بوظيفة المفسد وهو أن يحج
من قابل وينحر بدنة ، وأما
إتمام حجه الواجب عليه فيرفع وجوبه بدليل الصد ، فان
مقتضى إطلاق دليله حينئذ عدم
وجوب الاتمام والتحلل بالهدي ، واحتمال اختصاص
الصد بالحج الصحيح مرفوع
بالاطلاق ، وعلى هذا فان كانت الحجة حجه الاسلام .
وكان استقر عليه وجوبها أو
استمر الى قابل ، فان قلنا بانه في صورة الافساد الاولى
حجة الاسلام ، والثانية
عقوبة يجب عليه في الفرض حجتان : إحداهما عقوبة لما
أفسده غير الساقط وجوبها
بالصد بعد ذلك .
واحتمال عدم شمول القضاء
لمثل هذا الفاسد كما عن المحقق الاردبيلي ره -
مدفوع بإطلاق الدليل وعمومه
.
ثانيتهما : حجة الاسلام
ويقدم الثانية لا لتقدم وجوبها ، فانه لا يصلح دليلا
للتقديم ، بل لما عن الايضاح
من الاجماع عليه .
[ . . . ]
وإن قلنا بأن الاولى عقوبة
والثانية حجة الاسلام لم يجب عليه إلا حجة
الاسلام ، وذلك لان وجوب
إتمام الاولى يرتفع بدليل الصد ، ولا يجب قضاء مثل ذلك إذ
لا دليل على وجوب قضاء الحج
العقوبي سيما مع إذن الشارع في التحلل .
الحادية عشرة لو تحلل
المصدود قبل الفوات وانكشف العدو في وقت يتسع
لاستئناف القضاء ، فهل يجب
عليه القضاء في عامه إن كان واجبا من أصله كما لعله
المشهور أم لا كما عن
القواعد وكشف اللثام احتماله .
أقول : قبل بيان حكم المسألة
ينبغي التنبية على أمر وهو : أن المصدود إن علم
بانكشاف العدو قبل فوات الحج
لا يجوز له التحلل ، وذلك لان الظاهر من أدلته
كسائر موارد الاعذار - أن
الموضوع هو الصد عن الحج في جميع وقته المضروب له ،
فكما أن الصد عن طريق خاص لا
يكون مشمولا للادلة كذلك الصد في زمان
مخصوص ، وعليه فان علم بعدم
الانكشاف أو احتمله واستصحب بقاء المنع الى آخر
الوقت بناءا على ما هو الحق
من جريانه في الامور الاستقبالية وإن جاز له التحلل
لكنه لو انكشف الخلاف يظهر
أنه لم يكن يجوز له واقعا التحلل - فهو على إحرامه
الاول .
اذا عرفت هذا تعرف سقوط كثير
مما قيل في المقام ، فإنه حينئذ يجري حكم
الافساد في حقه من وجوب
إتمام ما بيده ، والحج من قابل .
نعم إن قلنا بشمول ادلة الصد
له واقعا فتحلله في محله ، وحيث إن الوقت باق
فله ان يأتي بحجة الاسلام .
ودعوى : أن العام بمقتضى
أدلة الافساد صار عام العقوبة لا عام حجة
الاسلام بل عامها العام القابل
مندفعة : بأن كونه عام العقوبة ليس إلا بمعنى لزوم
اتمام ما بيده المرتفع ذلك
بالصد ، وكان هو مانعا عن الاتيان بحجة الاسلام ، ولم يدل
[ ولامحصر هو الممنوع بالمرض ]
دليل على عدم صلاحية العام
لوقوع حجة الاسلام فيه ، فيأتي بها ويأتي بالحج العقوبي
في العام القابل إن قلنا بان
الثانية عقوبة ، وأما إن قلنا بان الاولى عقوبة فلا شئ
عليه في العام القابل ، لان
حجته الاسلامية قد أتى بها ، وحجته العقوبية سقط وجوبها
بالصد ، ولم يدل دليل على
وجوب قضائها .
( و ) المقام الثاني : في ( المحصر ) و ( هو ) كما عرفت ( الممنوع
بالمرض ) وفيه أيضا
مسائل :
الاولى : لا خلاف بينهم في
وجوب الهدي على المحصر ، وتوقف تحلله عليه كما
في المصدود ، وعن جماعة دعوى
الاجماع عليه .
ويشهد لوجوبه : الآية
الكريمة ( فان احصرتم فما استيسر من الهدي ) ( 1 ) .
بمعنى يسر وتيسر مثل استصعب
بمعنى صعب وتصعب ، إما بدنة أو بقرة أو شاة ،
وموضع ما استيسر إما رفع ،
أي : فعليكم ، أو نصب ، أي : فاهدوا ، أو فاذبحوا وما
شاكل ، وعلى التقديرين يدل
على الوجوب .
ومضمر زرعة عن رجل احصر في
الحج ، قال عليه السلام : فليبعث بهديه اذا
كان مع أصحابه ، ومحله أن
يبلغ الهدي محله ، ومحله منى يوم النحر اذا كان في الحج ،
وإن كان في عمرة نحر بمكة
فانما عليه أن يعدهم لذلك يوما فإذا كان ذلك اليوم فقد
وفي وإن اختلفوا في الميعاد
لم يضره إن شاء الله تعالى ( 2 ) ورواه الصدوق في محكي المقنع
…………………………………………………………………………
1 - البقرة آية 196
2 - الوسائل باب 2 من ابواب
الاحصار والصد حديث 2
[ فيبعث هديه إن لم يكن قد ساق
وإلا اقتصر على هدي السياق ، فاذا بلغ
محله ]
عن سماعة .
ويشهد لتوقف الحلية عليه :
موثق زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث :
والمحصور يبعث بهديه فيعدهم يوما
، فإذا بلغ الهدي أحل هذا في مكانة ، قلت : أرأيت
إن ردوا عليه دراهمه ولم
يذبحوا عنه وقد أحل فأتي النساء قال عليه السلام : فليعد
وليس عليه شئ وليمسك الآن عن
النساء اذا بعث ( 1 ) .
وصحيح ابن عمار عن أبي عبد
الله عليه السلام عن رجل احصر فبعث
بالهدي ، فقال عليه السلام :
يواعد اصحابه ميعادا فان كان في حج فمحل الهدى يوم
النحر ، وإذا كان يوم النحر
فليقصر من رأسه ، ولا يجب عليه الحلق حتى يقضي
مناسكه ، وإن كان في عمرة
فلينتظر مقدار دخول أصحابه مكة والساعة التي بعدهم
فيها ، فاذا كان تلك الساعة
قصر وأحل ( 2 ) الحديث .
ثم إن الكلام في أنه هل
تتوقف الحلية على نية التحلل ؟ هو الكلام فيه في
المصدود ، وقد عرفت عدم
اعتبارها ، كما أن البحث في الاجتزاء في التحلل بالهدي
المسوق في المصدود يجري هنا
.
إنما الكلام في المقام في
البعث ، ( ف ) عن ابن بابويه والشيخ وأبي الصلاح وبني
حمزة والبراج وإدريس ،
والمحقق ، وفي المتن : أن عليه أن ( يبعث هديه إن لم يكن قد
ساق وإلا اقتصر على هدي
السياق ) ولا يحل حتى يبلغ الهدي محله ( فاذا بلغ محله )
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 1 من ابواب الاحصار والصد حديث 5 .
2 - الوسائل باب 2 من ابواب
الاحصار والصد حديث 1
[ . . . ]
تحلل .
وفي الجواهر : بل حكى غير
واحد عليه الشهرة وهو كذلك ، نعم عن الاكثر
تقييد مكة بفناء الكعبة ،
وابن حمزة بالخرورة ، وعن الرواندي في فقه القرآن تخصيص
مكة بالعمرة المفردة ، وجعل منى
محل المتمتع بها كالحج انتهى .
وعن المقنع : أن المحصور
ينحر بدنته في المكان الذي يضطر فيه أي مكان
الحصر .
وعن الاسكافي : التخيير بين
البعث والذبح حيث احصر ، مع أولوية الاول ،
وقواه سيد المدارك ، واستقر
به في محكي الذخيرة .
وعن المفيد والديلمي :
التفصيل فيبعث في الحج الواجب ويذبح في محل الحصر
في التطوع .
وعن الجعفي : التفصيل بين
سائق الهدي فيبعث ، وغيره فيذبح مكانه .
وقيل : يذبح مكانه اذا أضربه
التأخير ، هذه تمام الاقوال .
وأما المدرك فالكلام تارة
فيما يستفاد من الآية الشريفة ، واخرى فيما يستفاد
من النصوص .
أما الآية ، فقد قال الله عز
وجل : ( ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي
محله ) ( 1 ) أي : لا تحلوا
، كني بالحلق عنه لكونه من لوازمه : والمحل بالكسر من الحل .
أي : لا تحلوا حتى يذبح حيث
يحل ذبحه فيه ولو كان من الحلول لقال : محله - بفتح
الحاء - نعم قد فسرت الآية
في النصوص بان محل الهدي مكة أن كان معتمرا ، ومنى
أن كان حاجا ، فهي بضميمة
النصوص المفسرة دليل المشهور .
…………………………………………………………………………
1 - سورة البقرة آية 192
[ . . . ]
وأما الاخبار ، فمنها : ما
يدل على القول المشهور كموثق زرارة ومضمر زرعة
وصحيح ابن عمار المتقدمة
آنفا .
وصحيح زرارة عن الامام
الباقر عليه السلام : اذا احصر الرجل بعث بهديه
الحديث ( 1 ) .
ومنها : ما استدل به لما ذهب
اليه في المقنع ، لاحظ : صحيح معاوية بن عمار عن
أبي عبد الله عليه السلام في
حديث : إن الحسين بن علي عليهما السلام خرج معتمرا
فمرض في الطريق فبلغ عليا
ذلك وهو بالمدينة فخرج في طلبة فأدركه في السقيا وهو
مريض بها فقال عليه السلام :
يا بني ما تشتكي ؟ فقال : اشتكي رأسي فدعا علي ببدنة
فنحرها وحلق رأسه ورده الى
المدينة فلما برأ من وجعه اعتمر فقلت : أرأيت حين برأ
من وجعه أحل له النساء ؟
فقال عليه السلام : لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت
ويسعى بين الصفا والمروة
فقلت : فما بال النبي صلى الله عليه وآله حين رجع الى
المدينة حل له النساء ولم
يطف بالبيت ؟ فقال عليه السلام : ليس هذا مثل هذا ، النبي
صلى الله عليه وآله كان مصدودا
والحسين عليه السلام محصورا ( 2 ) .
ومرسل الفقيه ، قال الصادق
عليه السلام : المحصور والمضطر ينحران بدنتهما
في المكان الذي يضطران فيه (
3 ) .
وصحيح رفاعة عن الامام
الصادق عليه السلام خرج الحسين عليه السلام
معتمرا وقد ساق بدنة حتى
انتهى الى السقيا فبرسم فحلق شعر رأسه ونحرها مكانه ،
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 3 من ابواب الاحصار والصد حديث 1 .
2 - الوسائل باب 1 من ابواب
الاحصار والصد حديث 3 .
3 - الوسائل باب 6 من ابواب
الاحصار والصد حديث 3 - 2 .
[ . . . ]
ثم أقبل حتى جاء فضرب الباب
فقال علي عليه السلام ابني ورب الكعبة افتحوا له
الباب ( 1 ) الحديث .
ومنها : ما استدل به لما ذهب
اليه الجعفي وهو : صيح ابن عمار عن الصادق
عليه السلام في المحصور ولم
يسق الهدي ، قال عليه السلام : ينسك ويرجع ، فان لم يجد
ثمن هدي صام ( 2 ) ، بتقريب
: أن منطوقه : تعين الذبح في مكانه اذا لم يسق الهدي ،
ومفهومه : عدم جوازه إذا
ساقه .
ومنها : ما استدل به للقول
الاخير وهو خبر زرارة عن أبي جعفر عليه السلام :
اذا احصر الرجل فبعث بهديه
ثم آذاه رأسه قبل أن ينحر فحلق رأسه فانه يذبح في
المكان الذي احصر فيه أو
يصوم أو يطعم ستة مساكين ( 3 ) ونحوه خبر الآخر عن أبي
عبد الله عليه السلام ( 4 )
هذه نصوص الباب .
وقد استدل المشهور بالطائفة
الاولى ، والصدوق بالثانية ، والاسكافي ومن تبعه
بانه مقتضي الجمع بين
الطائفتين ، والمفيد والديلمي بأن أكثر نصوص الذبح في مكانه
في التطوع فيجمع بذلك بين
الطائفتين ، والجعفي استدل بالطائفة الثالثة ، والقائل
بالقول الاخير بالطائفة
الاخيرة
أقول : أما نصوص المشهور
فدلالتها عليه واضحة لا تنكر .
وأما الطائفة الثانية فهي
روايات ثلاث ، ثنتان منها مشتملتان لقضية الحسين
عليه السلام ، وهي غير معلومة
لنا ، فلعله كان يتضرر بالتأخير كما هو ظاهر شكايته
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 6 من ابواب الاحصار والصد حديث 2 .
2 - الوسائل باب 7 من ابواب
الاحصار والصد حديث 2 .
3 - الوسائل باب 5 من ابواب
الاحصار والصد حديث 1 .
4 - الوسائل باب 5 من ابواب
الاحصار والصد حديث 2
[ . . . ]
عن رأسه المقدسة ، أو لم
يمكن البعث ، أو غير ذلك ، فلا يصح الاستدلال بهما .
وأما ما في الجواهر : بل قد
يحتملان عدم إحرام الحسين عليه السلام وإنما
نحر هو أو علي تطوعا وخصوصا
إذا كان قد ساق ، فمضافا الى ما تقدم في المصدود من
القرائن التي ذكرناها
لاحرامه عليه السلام - ذيل الصحيح الاول صريح في ذلك :
فقلت : أرأيت حين برأ من
وجعه أحل له النساء ؟ فقال عليه السلام : لا تحل له النساء
الى آخره .
وأما مرسل الصدوق فهو وإن
كان لا إشكال فيه من حيث السند ، ولكن قد
تقدم في أول هذا المبحث أن
الاحصار غير الحصر ، والثاني مطلق المنع الشامل للمنع
بالعدو ، والاول مختص بالمنع
بالمرض ، وحيث إن الخبر متضمن للمحصور فهو عام
قابل للتقييد بغير المحصر ،
فيقيد بالاخبار الاول بغيره ، وعلى هذا فالقول الثاني
والثالث يسقطان .
وأما مدرك الجعفي فيرد عليه
أولا : أن قوله : ينسك ويرجع ، ليس صريحا ولا
ظاهرا في الذبح مكانه ،
لجواز إرادة البعث منه .
وبعبارة أخرى : أنه يدل على
أنه يعمل بوظيفته المجعولة ويرجع ، وأما كون
الوظيفة هو البعث أو الذبح
في المكان فهو لا يدل عليه .
وثانيا : أنه لا مفهوم له ،
فان القيد مذكور في السؤال لا الجواب .
وأما الطائفة الاخيرة فقد
حملها الشهيد - ره - على أنه يبعث هديه ، وإذا آذاه
رأسه قبل النحر يذبح هديا
آخر ويحل من خصوص حلق الرأس لا من كل شئ ،
والمصنف - ره - في محكي
المنتهى حملها على إرادة أن المحصر قبل بلوغ الهدي محله
اذا احتاج الى حلق رأسه لاذي
به ساغ له ذلك ، ووجب عليه الفداء ، فيكون الذبح
كفارة لا للتحلل ، وكل محتمل
، وعلى التقديرين لا تنافي القول المشهور ، فما هو
[ وهو منى وان كان حاجا ومكة إن كان معتمرا قصر ]
المشهور بين الاصحاب من توقف
الحلية على بعث الهدي هو الاظهر
وأما مكان الذبح فقد صرح به
في موثق زرعة ( وهو ) ما ذكره المشهور من أنه
( منى إن كان حاجا ، ومكة إن
كان معتمرا )
وأما زمانه فظاهر النصوص
المتقدمة وفتاوي الاصحاب أن في الحج هو : يوم
النحر .
وعن القواعد : أنه أيام
التشريق ، وقواه صاحب الجواهر نظرا الى أن ايام
التشريق أيام ذبح الهدي ، بل
يمكن إرادة ذلك من يوم النحر .
وما أفاداه خلاف ظاهر النص ،
فالاظهر الاحوط الاقتصار على يوم النحر .
وأما في العمرة فكل يوم قابل
له ، ولذا صرح في النصوص بانه يواعد مع
المبعوث معه يوما للنحر أو
الذبح ، لاحظ : النصوص المتقدمة .
لا
يحل المحصر من النساء حتى يحج .
المسألة الثانية : اذا بعث
المحصر الهدي وبلغ الهدي محله وعرفت أن المراد به
حضور الوقت الذي واعد أصحابه
للذبح أو النحر في المكان المعين ( قصر ) لصحيح
ابن عمار المتقدم عن الامام
الصادق عليه السلام : واذا كان يوم النحر فليقصر من
رأسه ، ولا يجب عليه الحلق (
1 ) .
وخبر حمران المتقدم عن
الامام الباقر عليه السلام في المصدود : فأما
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 2 من ابواب الاحصار والصد حديث 1
[ وأحل إلا من النساء حتى يحج
في القابل ان كان واجبا أو يطاف طواف
النساء عنه إن كان ندبا ]
المحصور فإنما يكون عليه
التقصير ( 1 ) .
( وأحل ) من كل شئ احرم منه
( إلا من النساء ) بلا خلاف ، بل عن المنتهى
نسبته الى علمائنا .
أما المستثنى منه فلا إشكال
فيه وقد دلت النصوص المتقدمة عليه .
وفي توقف الحلية من كل شئ
على التقصير أو أنه واجب وإن لم يتوقف الحلية
عليه كلام قد مر في المصدود
، نعم لا إشكال في تعينه وليس عليه الحلق .
إنما الكلام في المستثني ،
فالمشهور بين الاصحاب أنه لا يحل من النساء ( حتى
يحج في القابل إن كان واجبا
أو يطاف طواف النساء عنه إن كان ندبا )
وما ذكروه ينحل الى أحكام .
أحدها : توقف حلية النساء
للمحصر على الحج من قابل أو أن يطوف عنه
مطلقا ، وخالفهم في ذلك
المفيد - ره - والشهيد في محكي الدروس ، فذهب الاول إلى
عدم توقف الحلية في المندوب
على شئ حتى الاستنابة ، والثاني الى أن المحصر في
عمرة التمتع لا يتوقف حليتهن
له على الطواف ، وتبع كلا منهما جمع .
ثانيها : أن المحصور فيه إن
كان حجا واجبا لا تحل له النساء حتى يحج من
قابل ، وخالفهم في ذلك جماعة
، فان المحكي عن الخلاف والغنية وغيرهما أنه تحل
النساء للمحصر بان يطوف
بنفسه في القابل أو يطاف عنه .
وعن الجامع : ذلك مع عدم
التقييد بالقابل ، وتقييد الطواف بالنساء
وعن الكافي : لا يحل له حتى
يحج أو يحج عنه .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 6 من ابواب الاحصار والصد حديث 1 .
[ . . . ]
وعن السرائر : لا تحل له
النساء حتى يحج في القابل أو يأمر من يطوف عنه
النساء .
ثالثها : أن المحصر فيه إن
كان مندوبا تحللن له لوطيف عنه طواف النساء ،
وخالفهم في ذلك جماعة وذهبوا
الى توقف الحلية على أن يطوف بنفسه ، ومنهم : الفاضل
النراقي ، وقواه سيد الرياض
لو لا الاجماع على خلافه .
أقول : يشهد لعدم حصول
الحلية من النساء بمجرد ذبح الهدي أو نحرة : قوله
عليه السلام في صحيح ابن
عمار المتقدم المشتمل على إحصار الحسين عليه السلام :
لا تحل له النساء حتى يطوف
بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ( 1 ) .
وقوله عليه السلام في صحيحه
: الآخر المتقدم أيضا : والمصدود تحل له النساء
والمحصور لا تحل له النساء (
2 ) .
ويشهد لحليتهن له اذا حج في
القابل وعدمها قبله : صحيح معاوية بن عمار
عن أبي عبد الله عليه السلام
في حديث بعد ما نقل قضية إحصار الحسين بن علي
عليهما السلام ، فقلت : أرأيت
حين برأ من وجعه أحل له النساء ؟ فقال عليه السلام :
لا تحل له النساء حتى يطوف
بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ( 3 ) فإن الطواف
والسعي كناية عن الحج كما هو
واضح .
ومرسل المفيد قال عليه
السلام : المحصور بالمرض - الى أن قال - ولا يقرب
النساء حتى يقضي المناسك من
قابل ( 4 ) .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 1 من ابواب الاحصار والصد حديث 3 .
2 - الوسائل باب 1 من ابواب
الاحصار والصد حديث 1 .
3 - الوسائل باب 1 من ابواب
الاحصار والصد حديث 3 .
4 - الوسائل باب 1 من ابواب
الاحصار والصد حديث 6 .
[ . . . ]
واستدل لما ذهب اليه المفيد
: بالمرسل الذي ذكره في المقنعة ، وفي ذيله : فأما
حجة التطوع فانه ينحر هديه
وقد أحل مما كان أحرم فان شاء حج من قابل ، وإن
شاء لا يجب عليه الحج .
والايراد عليه بضعفه ،
للارسال ، في غير محله ، لما مر من أن المرسل إن كان
ثقة وكان إرساله بالاستناد
الى المعصوم جزما يكون حجة .
ولكن يرد عليه : أنه يدل على
عدم وجوب الحج عليه من قابل ، وهذا لا كلام
فيه كما سيأتي ، ولا يدل على
حلية النساء له بنحر الهدي ، إلا بإطلاق قوله : وقد أحل
مما كان أحرم ، فيقيد بما
يأتي ،
واستدل لما ذهب اليه الشهيد
بأنه لا طواف لاجل النساء فيها : بصحيح
البزنطي عن أبي الحسن عليه
السلام عن محرم انكسرت ساقه أي شئ يكون حاله ؟
وأي شئ عليه ؟ قال عليه
السلام : هو حلال من كل شئ قلت : من النساء والثياب
والطيب ؟ فقال : نعم من جميع
ما يحرم على المحرم ( 1 ) بتقريب : أن غير عمرة التمتع
يخرج عنه بالاجماع وهي باقية
تحته .
ولكن يرد على الاول منهما :
أنه ليس في الروايات تقييد الطواف بالنساء ، وعلى
الثاني : أنه مخالف للاجماع
، ومعارض مع الآية والنصوص ، فانه يدل على حليته من كل
شئ من دون توقفها على شئ .
وأما الحكم الثاني فصحيح ابن
عمار ومرسل المفيد شاهدان بما هو المشهور ، ولم
نظفر بما يمكن أن يستشهد
للمخالفين ، ولذلك حمل صاحب الجواهر - ره - إطلاق
كلماتهم على إرادة التنويع -
بان القادر لا يحل منهن إلا أن يحج من قابل ، والعاجز
عن الحج يحصل له الحلية
بالاستنابة .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 1 من ابواب الاحصار والصد حديث 4
[ . . . ]
إن كان حجه تطوعا
وأما الحكم الثالث فقد استدل
لما هو المعروف بين الاصحاب بالاجماع ، وبأن
الحج المندوب لا يجب العود
لتداركه والبقاء على تحريم النساء ضرر عظيم منفي
فاكتفي في الحل بالاستنابة ،
والاول ليس بحجة ، والثاني يرده : إطلاق صحيح ابن عمار
الشامل للواجب والمندوب لو
لم نقل بظهوره في المندوب ، لان الظاهر كون إحرام
الحسين عليه السلام تطوعا .
وقد ذكر سيد الرياض تأييدا
للمشهور وردا على ما ذكرناه : أن دلالة الصحيح
على حكم الحج المندوب ضعيفة
، لو روده لبيان حكم آخر .
وأفاد في الجواهر في تأييدهم
أن مقتضى الجمع بين إطلاق الصحيح وما دل على
جواز الاستنابة في الطواف
مطلقا هو ما أفادوه .
أقول : يرد على السيد - قده
- أنه لو أنكرنا دلالة الصحيح على حكم المحصر
إذا كان إحرامه للمندوب لزم
منه البناء على توقف حليتهن له على طواف النائب
أيضا ، للاصل ومرسل المفيد
المتقدم ، كما التزم صاحب الحدائق - ره - به لذلك ، مع أنه
لا وجه لانكار الدلالة ، بل
قد عرفت أنه لا يبعد القول بو روده في المندوب .
ويرد على صاحب الجواهر ره :
أن الطواف في الصحيح كما مر اريد به مناسك
الحج بأجمعها ، وقلنا : إنه
كناية عن وجوب الحج في القابل وتوقف حليتهن له عليه ،
وجواز الاستنابة في الطواف
غير مربوط بالمقام ، ولا مانع من الالتزام بانه لو أحصر
في المندوب بعد ما أحرم لا
تحل له النساء حتى يحج أو يعتمر في القابل .
[ . . . ]
ويشهد لوجوبه عليه في القابل
، ويؤيد توقف حليتهن له عليه : صحيح آخر
لمعاوية بن عمار عن أبي عبد
الله عليه السلام - على ما عن التهذيب - في حديث :
وإن كان مرض في الطريق بعد
ما أحرم فأراد الرجوع الى أهله رجع ونحر بدنة إن
أقام مكانه ، وإن كان في
عمرة فاذا برأ فعليه العمرة واجبة ، وإن كان عليه الحج فرجع
الى أهله وأقام ففاته الحج
كان عليه الحج من قابل ( 1 ) الحديث .
وإن كان بناءا على ما رواه
الصدوق بدل بعد ما أحرم : بعد ما يخرج خارجا
عن محل الكلام .
ومقتضى إطلاق قوله : وإن كان
في عمرة إرادة الاعم من الواجبة والمندوبة .
إلا أن يقال : إن قوله : وإن
كان عليه الحج ، قرينة على الاختصاص بالواجبة .
ولكن في الرياض الظاهر عدم
قائل به ، فان الاصحاب ما بين مفصل بين
الواجب وغيره بما مر فيه
جواز الاستنابة في الندب ، ومطلق لجوازها فيه ، وفي الفرض
كما مر عن الخلاف وغيره ،
وقائل بالتحلل في الندب من غير توقف على شئ حتى
الاستنابة كما عن المفيد
وغيره - الى أن قال - فالقول في الندب بمساواته مع الواجب
في عدم الاحلال من النساء
إلا بأداء المناسك خلاف ما اتفقت عليه الاقوال انتهى .
فان تم ذلك واحرز أن اجماعهم
عليه ليس من جهة الجمع بين الروايات يقيد
به إطلاق ما دل على توقف
حليتهن له على الحج من قابل ، ويختص بالواجب ، ففي
المندوب يرجع الى ما أرسله
المفيد الموافق لاصالة البراءة عن حرمة النساء له بعد
خروجه عن الاحرام .
وأما استصحاب حرمتهن له الى
أن يطوف بنفسه أو يطوف عنه نائبه - الذي
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 2 من ابواب الاحصار والصد حديث 1 .
[ . . . ]
استدل به سيد الرياض لتوقف
حلهن له عليه ، ففيه محاذير :
1 - أن مرسل المفيد حجة كما
مر ، ومعه لا تصل النوبة الى الاصل .
2 - ما ذكرناه غير مرة من
عدم جريان الاستصحاب في الاحكام الكلية ،
لكونه محكوما لاستصحاب عدم
الجعل .
3 - أن المقام داخل في كبرى
كلية ذكروها وهي : أنه اذا ورد عام أو مطلق
زماني وخرج عنه فرد في زمان
شك بعده في كونه محكوما بحكم الخاص ، أو العام ، وقد
اخترنا في محله أنه محكوم بحكم
العام ، ففي المقام دلت النصوص والكتاب على حلية
النساء لكل فرد في جميع
الازمنة ، خرج عنه المحرم ، فبعد ما خرج عن إحرامه يشك
في أنه محكوم بالحكم الخاص
أو العام فيرجع الى المعمومات ، فالاظهر على ذلك حلية
النساء له ببعث الهدي وبلوغه
محله .
فرع : هل توقف حل النساء على
حجه من قابل مطلق في صورة العجز عنه
ولا يكفي الاستنابة عنه كما
عن ظاهر النهاية والمبسوط والمهذب والوسيلة والمراسم
والاصباح ، والمصنف في جملة
من كتبه والمحقق كذلك ، أم يختص بصورة الامكان
وبدونه تحل له بالاتيان
نيابة عنه كما عن ظاهر الخلاف والغنية والكافي والجامع
وصريح القواعد ؟ وجهان .
يشهد للاول : إطلاق صحيح ابن
عمار المتقدم ، ومرسل المفيد ، والمراد من
إطلاق الصحيح عدم استفصال
الامام بين التمكن وعدمه ، فلا ينافي مع تمكن الحسين
عليه السلام خارجا .
واستدل للثاني بوجوه :
الاول : ما في الجواهر وهو ضعف
دلالة الصحيح المزبور على شمول الحكم
لحال العجز ، لعدم كونه في
مقام البيان من هذه الجهة .
[ . . . ]
وفيه : أنه في مقام بيان
توقف حلية النساء على الحج من قابل من دون نظر الى
صورة الامكان أو العجز
فاطلاقه بمعنى رفض القيود ظاهر ، ولو لا ذلك أمكن
المناقشة في ثبوت الحكم
لكثير من الموارد .
الثاني : ما في المستند وهو
ظهور التمكن للحسين عليه السلام ، وقد مر جوابه ،
مضافا الى إطلاق المرسل .
الثالث : أنه لا معنى لاطلاق
النص لصورة العجز فهل هو إلا التكليف بما لا
يطاق ؟ .
وفيه : أن مقتضى إطلاقه عدم
حلية النساء ما لم يحج ، لا وجوب الحج .
الرابع : أصالة البراءة .
وفيه : أنه لا يرجع اليها مع
الاطلاق .
الخامس : لزوم الحرج لولاه
بضميمة عدم قائل بالاحلال بدون الحج أو
الطواف بنفسه أو نائبة .
وفيه أولا : النقض بما لو
لزم الحرج في صورة الامكان أيضا من عدم حليتهن
له الى العام القابل .
وثانيا بالحل ، وهو : أن
المنفي بالقاعدة الحرج الشخصي لا النوعي ، فلا يصح
الحكم بالحلية مطلقا من جهة
لزوم الحرج في بعض الموارد لبعض الاشخاص ،
فالاظهر عموم الحكم لصورة
العجز .
نعم اذا كان العجز بنحو يسوغ
الاستنابة في الحج في نفسه يمكن أن يقال
بالحلية بعد حج النائب ،
لعموم دليل النيابة ، والله العالم .
[ ولو زال الحصر التحق فان أدرك أحد الموقفين صح حجه وإلا فلا ]
حكم
ما لو بعث المحصر هديه ثم زال المانع
المسألة الثالثة : ( ولو )
أحصر فبعث بهديه ثم ( زال الحصر التحق ) بأصحابه
في العمرة المفردة مطلقا ،
وفي الحج اذا لم يفت بلا خلاف ، لان ظاهر الادلة كسائر أدلة
الاعذار : أن وظيفته منحصرة
بصورة عدم التمكن من الوظيفة الاصلية ، والفرض
تمكنه منها في المقام ،
ولانه محرم وزال العذر فينحصر جهة الاحلال بالاتيان بالمناسك .
ولصحيح زرارة عن الامام
الباقر عليه السلام : اذا احصر الرجل بعث بهديه
فإذا أفاق ووجد في نفسه خفة
فليمض إن ظن أنه يدرك الناس ، فإن قدم مكة قبل
أن ينحر الهدي فليقم على
إحرامه حتى يفرغ من جميع المناسك ولينحر هديه ولا شئ
عليه ، وإن قدم مكة وقد نحر
هديه فان عليه الحج من قابل والعمرة قلت : فان مات
وهو محرم قبل أن ينتهى الى
مكة ، قال عليه السلام : يحج عنه إن كان حجة الاسلام ،
ويعتمر إنما هو شئ عليه ( 1
) .
( فإن ) كان حاجا و ( ادرك
أحد الموقفين ) في وقته على وجه يصح حجه كما
عرفته سابقا ( صح حجه وإلا
فلا ) بل يجب عليه القضاء إن كان واجبا بلا خلاف ،
ولا إشكال في شئ من ذلك .
ويشهد بها : القواعد ، وصحيح
زرارة المتقدم آنفا .
إنما الكلام في أنه اذا لم
يدرك الحج وفاته فهل يتحلل بالعمرة مطلقا كما هو
المشهور ، أو أنه اذا تبين
وقوع الذبح عنه يحصل التحلل به ، ولا يحتاج الى التحلل
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 3 من ابواب الاحصار والصد حديث 1
[ . . . ]
بالعمرة كما احتمله الشهيدان
وغيرهما .
واستدل للاول بوجهين :
أحدهما : أن أدلة وجوب التحلل بالعمرة لمن أحرم ولم
يدرك الحج تدل على تعين التحلل
بالعمرة ، وادلة حصول التحلل ببلوغ الهدي محله
تدل على حصوله ببلوغ الهدي ،
والنسبة بين الطائفتين عموم من وجه فيرجح الطائفة
الاولى ، للشهرة بين الاصحاب
.
ولكن الحق أنه لا تعارض بين
الطائفتين ، فان الاولى تدل على أن المحرم
يتحلل بالعمرة ، والثانية
تدل على خروجه عن كونه محرما ببلوغ الهدي محله .
وما في الرياض والجواهر من
أن أدلة التحلل ببلوغ الهدي محله لا تشمل
الفرض ، إذ غايته الاطلاق
المنساق بحكم التبادر الى غيره ، فيبقى حينئذ عموم حكم
من فاته الحج وهو التحلل
بالعمرة بحاله
يرد عليه : أولا : أن ذلك
بعينه يجري في أدلة التحلل بالعمرة .
وثانيا : أن التبادر
والانصراف ممنوعان .
الثاني : صحيح زرارة المتقدم
بناءا على أنه في بعض النسخ بعد قوله : فان عليه
الحج من قابل ، بدل قوله :
والعمرة : أو العمرة بدعوى : أن المراد بها حينئذ هو
عمرة التحلل ، بعد جعل في
القابل قيدا لخصوص الحج .
وفيه : نظر واضح ، مضافا الى
اختلاف النسخ وعدم ثبوت الثانية ، فما احتمله
الشهيدان - ره - واختاره
غيرهما من انه لا يجب التحلل بالعمرة اذا تبين وقوع الذبح
عنه ، بل يحصل التحلل به هو
الاظهر .
وبما ذكرناه يظهر أنه لو علم
الفوات أو فات بعد البعث وزوال العذر قبل
التقصير لا يجب المضي الى
مكة للتحلل بعمرة كما عن القواعد ، هذا حكم الحج
وأما العمرة فلا خلاف ولا
إشكال في مساواتها للحج في الاحكام المتقدمة ، بل
[ . . . ]
مر النص ، المشتمل على
العمرة
إنما الكلام في أنه إذا أراد
أن يقضي العمرة المفردة الواجبة عليه أو المستحبة
هل يجب عليه التربص الى أن
يدخل الشهر اللاحق كما عن الشيخ في النهاية
والمبسوط وبني حمزة والبراج
وإدريس ، أم له الاتيان بها لو زال العذر من غير تربص
زمان كما عن جماعة ؟ أظهرهما
: الثاني ، لوجهين :
أحدهما : ما تقدم من جواز
توالي العمرتين ، وأنه لا يعتبر الفصل بينهما بشهر
أو أقل أو أكثر .
ثانيهما : أنه على فرض
اعتبار الفصل بزمان خاص ، إنما هو في الفصل بين
العمرتين لا الاحرامين ،
والمفروض رفع اليد عن ، الاولى ، فالاظهر عدم لزوم التربص .
حكم
ما لو بان أن هدي المحصر لم يذبح
المسألة الرابعة : اذا بعث
هديه أو ثمنه وتحلل في يوم الوعد ثم بان أن هديه لم
يذبح ، لاخلاف بينهم في أن
تحلله لم يبطل بمعنى أنه لا إثم عليه ولا كفارة فيما فعله
من منافيات الاحرام ، وعليه
ذبح هدي في القابل ، لقوله عليه السلام في صحيح ابن
عمار المتقدم : يواعد أصحابه
ميعادا - الى أن قال - فإذا كان تلك الساعة قصر وأحل
- الى أن قال - فان ردوا
الدراهم عليه ولم يجدوا هديا ينحرونه وقد أحل لم يكن عليه
شئ ولكن يبعث من قابل ويمسك
أيضا ( 1 ) .
وموثق زرارة عن الامام
الباقر عليه السلام في حديث : قلت : أرأيت إن ردوا
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 2 من ابواب الاحصار والصد حديث 1 .
[ . . . ]
عليه دراهمه ولم يذبحوا عنه
وقد أحل فأتي النساء ، قال عليه السلام : فليعد وليس
عليه شئ وليمسك الآن عن
النساء اذا بعث ( 1 ) .
وموثق زرعة عن رجل احصر في
الحج ، قال عليه السلام : فليبعث بهديه اذا
كان مع أصحابه ومحله أن يبلغ
الهدي محله - الى أن قال - فانما عليه أن يعدهم لذلك
يوما فاذا كان ذلك اليوم فقد
وفي ، وإن اختلفوا في الميعاد لم يضره إن شاء الله تعالى ( 2 ) .
وهل يجب عليه الامساك ثانيا
الى يوم الوعد الثاني كما هو المشهور ، أم لا كما
عن الحلي وظاهر الشرائع
والنافع والمختلف وغيرها ؟ وجهان ، أظهرهما : الاول ،
لوجهين :
أحدهما : أنه مقتضي القاعدة
، فان الظاهر من النصوص سيما بعد ضم الآية
الكريمة ( ولا تحلقوا رؤسكم
حتى يبلغ الهدي محله ) ( 3 ) كونها في مقام جعل طريق
الى ما هو الموضوع للحكم ،
وإلا فالموضوع هو ذبح الهدي في المكان المخصوص وهو
الموجب للتقصير والاحلال ،
والخروج عن الاحرام ، وعليه ، فاذا انكشف الخلاف وأنه
لم يذبح تبين بقاؤه على
إحرامه ، غاية الامر لا إثم عليه ولا كفارة ، لكون الاحلال
بإذن الشارع .
ثانيهما : الامر به في صحيح
ابن عمار وموثق زرارة .
واستدل للقول الآخر بأنه ليس
بمحرم ولا في حرم ، ولا وجه للزومه ، والاصل
يقتضي عدم اللزوم ، ولذلك
يحمل الامر بالامساك في الخبرين على الندب ، مضافا إلى
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 1 من ابواب الاحصار والصد حديث 5 .
2 - الوسائل باب 2 من ابواب
الاحصار والصد حديث 2 .
3 - البقرة آية 196 .
[ . . . ]
عموم قوله عليه السلام في
الموثق الاخير : لم يضره .
ويرد عليه أولا : ما تقدم من
أنه محرم .
وثانيا : ما المانع من عدم
كونه محرما ومع ذلك يجب عليه الامساك ، للنص ؟
ويؤيده ما يدل على بعث الهدي
من الآفاق والامساك كما سيجئ
وأما قوله : فلم يضره ، في
الموثق فلا عموم له يشمل الامساك أولا ، فانه يدل
على أن ما فعله من عدم
اجتناب المحرمات لا يكون مستلزما لتوابع وأن الخلف لم
يضره ، وأما الامساك فهو ناش
من الامساك السابق لا من الخلف ، فتدبر ويقيد
إطلاقه على فرض ثبوته بما
تقدم ثانيا .
ثم أنه هل يجب الامساك عن كل
شئ أو عن خصوص النساء ؟ الاظهر هو :
الاول ، لبقاء إحرامه ،
ولاطلاق الصحيح ، فان حذف المتعلق يفيد العموم ، وموثق زرارة
وإن اختص بالامساك عن النساء
لكنه لا مفهوم له ، كي يقيد به إطلاق الصحيح ،
ومنطوقه لا ينافيه .
وهل يجب الامساك من حين
الانكشاف ، أو من حين البعث ؟ مقتضى القاعدة
وإطلاق الصحيح هو الاول ،
كما أفتى به جمع منهم المحقق الاردبيلي ره ، ولكن موثق
زرارة بمفهومه يدل على عدم
وجوب الامساك قبل البعث ، إلا أنه مختص بالامساك
عن النساء ، ولا مانع من
الالتزام به بخصوصه من جهة لزوم الحرج من عدم حلهن
له الى العام القابل ، والله
العالم .
[ . . . ]
الخامسة : لا إشكال ولا خلاف
في أنه اذا احصر القارن وكان يجب عليه حج
القران تعيينا لنذر أو شبهه ،
لم يحج في القابل إلا قارنا ، فان القاعدة تقتضي ذلك ،
مضافا الى نصوص خاصة كصحيح
رفاعة عن الامام الصادق عليه السلام وابن مسلم
عن الباقر عليه السلام :
القارن يحصر وقد قال واشترط فحلني حيث حبستني ، قال -
عليه السلام - : يبعث بهديه
، قلنا : هل يتمتع في قابل ؟ قال عليه السلام : لا ، ولكن
يدخل في مثل ما خرج منه ( 1
) .
وخبر رفاعة عن أبي عبد الله
عليه السلام عن رجل ساق الهدي ثم أحصر ،
قال : يبعث بهديه قلت : هل
يتمتع من قابل ؟ فقال عليه السلام : لا ، ولكن يدخل في
مثل ما خرج منه ( 2 ) .
إنما الخلاف في موردين :
الاول : فيما اذا لم يكن القران متعينا عليه ، الثاني : فيما
اذا احصر المتمتع .
أما الاول فالمشهور بين
الاصحاب أنه يجب عليه أن يحج قارنا .
وعن المصنف في جملة من كتبه
والمحقق في بعضها وكشف اللثام وغيرها ، أن
الافضل حينئذ القران ، ويجوز
أن يتمتع
يشهد للاول : إطلاق الاخبار
المتقدمة .
واستدل للثاني باحتمال أن
يكون فرضه القران ، وبأنه يتعين حمل الاخبار على
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 4 من ابواب الاحصار والصد حديث 1 .
2 - الوسائل باب 4 من ابواب
الاحصار والصد حديث 2 .
[ . . . ]
إرادة الاستحباب ، إذ مع عدم
وجوب قضاء الاصل كيف تجب الكيفية .
ولكن الاول خلاف الاطلاق ولا
قرينة عليه ، والثاني استبعاد في غير محله ، إذ
ما المانع من عدم وجوب الاصل
نفسا ووجوب الكيفية شرطا ؟ وكم له من نظير ، مثلا :
صلاة الليل مستحبة ، ووقوعها
مع الطهارة لازم ، وكذا غيرها من الموارد ، مع أنه لا يتم
في الواجب التخييرى .
وأما المورد الثاني فان كان
الذي احصر فيه واجبا معينا لزم قضاؤه في القابل
كذلك وهو واضح ، وإن كان غير
معين فمقتضى القاعدة عدم تعين التمتع عليه في
القابل ، ولكن قد يدعي
الاجماع عليه ، فان تم وإلا فالاظهر عدم التعين .
السادسة : من أراد أن يدرك
ثواب الحج في كل سنة فليعمل بما تضمنه مرسل
الشيخ ، قال الصادق عليه
السلام : ما يمنع أحدكم من أن يحج كل سنة ؟ فقيل له : لا
يبلغ ذلك أموالنا ، فقال
عليه السلام : أما يقدر أحدكم اذا خرج أخوه أن يبعث معه
بثمن أضحية ويأمره أن يطوف
عنه أسبوعا بالبيت ويذبح عنه فإذا كان يوم عرفة
لبس ثيابه وتهيأ وأتي المسجد
فلا يزال في الدعاء حتى تغرب الشمس ( 1 ) .
والظاهر أن المراد بثيابه
ثياب الزينة كما أريدت بها في الخروج يوم الجمعة
والعيد ، ولا يضر إرساله ،
لكونه حجة في نفسه من جهة إسناد الشيخ ذلك الى الامام
عليه السلام جزما ، ولاخبار
من بلغ ( 2 ) .
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 9 من ابواب الاحصار والصد حديث 6 .
2 - الوسائل باب 18 من ابواب
مقدمة العبادات
[ . . . ]
وقد ورد ذلك بطريق آخر ،
لاحظ : صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله
عليه السلام أن ابن عباس
وعليا كانا يبعثان هديهما من المدينة ثم يتجردان وإن بعثا
بهما من أفق من الآفاق واعدا
أصحابهما بتقليدهما وإشعارهما يوما معلوما ثم يمسكان
يومئذ الى يوم النحر عن كل
ما يمسك عنه المحرم ، ويجتنبان كل ما يجتنب عنه المحرم
إلا أنه لا يلبي إلا من كان
حاجا او معتمرا ( 1 ) .
وخبر سلمة عنه عليه السلام
أن عليا عليه السلام كان يبعث بهديه ثم يمسك
عما يمسك عنه المحرم غير أنه
لا يلبي ويواعد هم يوم ينحر بدنة فيحل ( 2 ) .
وصحيح ابن عمار عنه عليه السلام
عن الرجل يرسل بالهدي تطوعا ، قال
عليه السلام : يواعد أصحابه
يوما يقلدون فيه فاذا كان تلك الساعة من ذلك اليوم
اجتنب ما تجتنبه المحرم الى
يوم النحر ، فاذا كان يوم النحر أجزأ عنه ( 3 ) .
وصحيح هارون بن خارجة : أن
أبا مراد بعث بدنة وأمر الذي بعثها معه أن
يقلد ويشعر في يوم كذا وكذا
، فقلت له : إنه لا ينبغي لك أن تلبس الثياب ، فبعثني الى
أبي عبد الله عليه السلام
وهو بالحيرة ، فقلت له : إن أبا مراد فعل كذا وكذا وأنه لا
يستطيع أن يدع الثياب لمكان
أبي جعفر ، فقال عليه السلام : مره فليلبس الثياب
ولينحره بقرة يوم النحر عن
لبسه الثياب ( 4 ) ونحوها غيرها .
والمناقشة فيها : بأنها
أخبار آحاد لا يلتفت اليها والامور الشرعية يحتاج مثبتها
ومدعيها الى أدلة شرعية كما
عن الحلي ، مندفعة : بحجية الخبر الواحد أولا ، وهذه
…………………………………………………………………………
1 - الوسائل باب 9 من ابواب الاحصار والصد حديث 3 .
2 - الوسائل باب 9 من ابواب
الاحصار والصد حديث 2 .
3 - الوسائل باب 9 من ابواب
الاحصار والصد حديث 5 .
4 - الوسائل باب 10 من ابواب
الاحصار والصد حديث 1
[ . . . ]
النصوص كثيرة بالغة حد
الاستفاضة بل التواتر ثانيا والحكم الذي يراد إثباته
استحبابي يكفي فيه خبر ضعيف
ثالثا .
والايراد عليها : بانها في
المصدود والمحصور ولا تدل على استحباب بعث الهدي ،
بين الضعف كما يظهر لمن
تأملها سيما صحيح ابن سنان وخبر ابن خارجة .
ثم ان الكيفيتين مختلفتان
وأحكامهما أيضا مختلفة ، فلا وجه للتسوية بينهما في
الاحكام كما عن الشهيد
وظاهر هذه النصوص لزوم
اجتناب الباعث للهدي من اليوم الذي يواعد
أصحابه للتقليد والاشعار الى
يوم النحر عن كل ما يحرم على المحرم ولبس ثياب
الاحرام ، ولا مانع من
الالتزام به بمعنى أن من يريد العمل بهذا المستحب يجب عليه
ذلك .
وهل تجب عليه الكفارة لو فعل
ما يحرم على المحرم فعله كما عن الشيخ
والقاضي ، أم تستحب كما عن
المصنف وفي الشرائع ، أم لا كفارة عليه ؟ وجوه مقتضى
القاعدة هو الاخير ، لعدم
كونه محرما حقيقة ، كي تشمله نصوص الكفارة ، وخبر
هارون مختص باللبس ومتضمن
للتكفير ببقرة ولا يقولون به كما صرح به غير واحد ،
فلا وجه للوجوب ، وقاعدة
التسامح في أدلة السنن لا تصلح لاثبات الاستحباب ، لانها
مختصة بما اذا ورد خبر ضعيف
دال على حكم استحبابي ولا تشمل فتوى الفقية ،
فالاظهر عدم الاستحباب .
هذا تمام الكلام فيما يتعلق بمهمات
مسائل الحج ، وقد وقع الفراغ منه في
السادس والعشرين من شهر محرم
الحرام سنة 1388 الهجرية في بلدة يزد ، وهذا هو
الشهر الخامس عشر من زمان
إخراجي من دياري بغير حق . . . . . . .
[ . . . ]
حفظ الله المسلمين من يد
الاجانب ومن عبثهم في عقول المسلمين ، وأهلك الله كل
من تسول له نفسه العبث في
بلاد المسلمين ، ولنختم الكلام قائلين : ربنا ولا تحملنا ما
لا طاقة لنا به واعف عنا
واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الظالمين .