[
. . . ]
وأما المورد الثاني فقد ذكر
لتأييد الأخبار المانعة والقول بالمنع وجوه :
الأول الأخبار الآمرة بدفنه
كصحيح ابن أبي عمير عن خلاد السري عن
إمامنا الصادق ( عليه السلام
) في رجل ذبح حمامة من حمام الحرم ، قال ( عليه السلام )
عليه الفداء . قلت : فيأكله
؟ قال ( عليه السلام ) : لا قلت : فيطرحه ؟ قال : اذا طرحه
فعليه فداء آخر قلت : فما
يصنع به ؟ قال ( عليه السلام ) : يدفنه ( 1 ) .
وحسن معاوية بن عمار عنه (
عليه السلام ) : اذا أصاب المحرم الصيد في الحرم
وهو محرم فإنه ينبغي له أن
يدفنه ولا يأكله أحد وإذا أصاب في الحل فإن الحلال يأكله
وعليه الفداء ( 2 ) .
وخبر محمد بن أبي الحكم ،
قال : قلت لغلام لنا : هيى لنا غداءنا . فأخذ لنا
أطيارا فذبحها وطبخها ،
فدخلت على أبي عبد الله ( عليه السلام ) : قال ( عليه السلام ) :
ادفنهن وافد عن كل طير منهن
( 3 ) .
أقول أما خبر ابن أبي عمير
فهو للدلالة أو الإشعار بالجواز اولى ، فلأن قوله :
اذا طرحه فعليه فداء آخر :
معناه : اذا طرحه أو أطعمه الغير يثبت عليه فداء آخر ، فهو
مشعر بجواز الإطعام مع
الالتزام بفداء آخر .
وأما حسن معاوية فقد مر أنه
من نصوص الجواز وعرفت حاله .
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 10 من أبواب
تروك الإحرام حديث 2 .
2 - الوسائل باب 3 من أبواب
تروك الإحرام حديث 2 .
3 - الوسائل باب 55 من أبواب
كفارات الصيد وتوابعها حديث 3
[ . . . ]
وأما خبر محمد فليس فيه ما
يدل على كون الغلام محرما ، بل هو على الظاهر
في طير الحرم .
الثاني : انه لايحل المذبوح
إلا اذا ذكر الله تعالى عليه ، والمحرم لا يتمكن من
ذلك ، إذ مع حرمته عليه كيف
يذكره .
وفيه أولا : النقض بتذكية
المغصوب .
وثانيا : بالحل بأن ذكر الله
- أي ذكر اسمه تعالى حين الذبح - لا ينافي مع كون
الفعل حراما تكليفا .
الثالث : أخبار تعارض الميتة
والصيد للمحرم المضطر كصحيح الحلبي عن
سيدنا الصادق ( عليه السلام
) عن المحرم يضطر فيجد الميتة والصيد أيهما يأكل ؟ قال
( عليه السلام ) يأكل من
الصيد أليس هو بالخيار أن يأكل ؟ قلت : بلى . قال ( عليه السلام ) :
إنما عليه الفداء فليأكل
وليفده ( 1 ) .
وموثق يونس بن يعقوب عنه (
عليه السلام ) عن المضطر الى الميتة وهو يجد
الصيد ، قال ( عليه السلام )
: يأكل الصيد . قلت : إن الله عزوجل قد أحل له الميتة اذا
اضطر اليها ولم يحل له الصيد
. قال ( عليه السلام ) : تأكل من مالك اليك أو ميتة ؟
قلت : من مالي . قال : هو
مالك لأن عليك فداءه . قلت : فإن لم يكن عندي مال ؟ قال :
تقضيه اذا رجعت الى مالك ( 2
) .
ونحوهما أخبار زرارة وابن
بكير وعلي بن جعفر وأبي أيوب ومنصور بن
حازم ( 3 ) .
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 43 من أبواب
كفارات الصيد حديث 1 .
2 - الوسائل باب 43 من أبواب
كفارات الصيد حديث 2 .
3 - الوسائل باب 43 من أبواب
كفارات الصيد حديث 3 - 5 - 6 - 7 .
[ . . . ]
وخبر إسحاق عن جعفر عن أبيه
عليهما السلام أن عليا ( عليه السلام ) كان
يقول : إذا اضطر المحرم الى
الصيد والى الميتة فليأكل الميتة التي أحل الله له ( 1 ) . ومثله
خبر عبد الغفار الجازي ( 2 )
والمرسل ( 3 ) .
أقول : أما الأخبار الأخيرة
المقدمة للميتة فسيأتي أنه لابد من طرحها ، وأما
الطائفة المقدمة للصيد فمن
جهة تضمنها تقديم الصيد والتعليل في بعضها لذلك : بأنه
ماله وليس ميتة تكون في
الدلالة على الجواز أولى ، وعلى أي تقدير لا تصلح تاييدا
للمنع ، فالعمدة في وجه
المنع ما ذكرناه وكفي به دليلا .
ولو اضطر الى أكل الميتة أو
الصيد فقد مر أن طائفة من النصوص تدل على
تقديم الصيد ، وطائفة تدل
على تقديم الميتة ، وقد جمع الصدوق - ره - بينهما بالبناء على
التخيير مع رجحان الصيد
استنادا الى خبر يونس المصرح بكون الصيد أحب .
ويرده : أن صحيح الحلبي أب
عن هذا الحمل ، والفاضل النراقي - ره - قدم
الاولى لموافقتها للاستصحاب
أي : استصحاب حلية الصيد وحرمة الميتة ، ومخالفتها لما
عليه أكثر العامة .
ويرد عليه : أن حلية الصيد
قبل الاضطرار غير ثابتة كي تستصحب ، مع ان
الاستصحاب ليس من المرجحات ،
إذ لامورد له مع الدليل ، ومخالفة العامة من
المرجحات إلا أنه بعد فقد
جملة من المرجحات لامطلقا .
فالحق أن يقال : إن نصوص
تقديم الميتة لابد من طرحها إما لعدم العمل بها
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 43 من أبواب
كفارات الصيد حديث 11 .
2 - الوسائل باب 43 من أبواب
كفارات الصيد حديث 12 .
3 - الوسائل باب 43 من أبواب
كفارات الصيد حديث 8 .
[ . . . ]
إلا من شاذ ، أو لمعارضتها
مع ما هو أشهر منها ، والشهرة أول المرجحات .
ثم لو أكل الصيد لابد من
الاقتصار على ما يسد به الرمق كما هو مقتضى
الاضطرار المجوز له ،
والنصوص لاإطلاق لها من هذه الجهة لتدل على جواز الأكل
بمجرد الاضطرار مطلقا بل
موضوع الجواز الاضطرار ، وفي المنتهى : ولا نعلم فيه
خلافا .
ولو أكل يجب عليه الفداء ،
ويشهد به النصوص المتقدمة ، ولو لم يتمكن من
الفداء يقضيه اذا رجع من
ماله كما صرح به في موثق يونس ، ولو لم يتمكن منه اذا
رجع أيضا يأتي ببدله الآتي
في بحث الكفارات .
ولولم يكن له بدل أو عجز عنه
أيضا ، فعن المبسوط والمهذب والشرائع والنافع
والقواعد ، وفي المستند
وغيرها : يأكل الميتة ، واستدل له : باختصاص أخبار تقديم
الصيد بما اذا تمكن من
الفداء للأمر به فيبقى أخبار تقديم الميتة في هذا المورد خالية
عن المعارض ، فيجب العمل بها
البتة .
وفيه : أن اخبار تقديم
الميتة بعد طرحها للإعراض أو لأرجحية المعارض لا
معنى للرجوع اليها ، ونصوص
تقديم الصيد أيضا غير شاملة للمقام كما افيد ، فالمتعين
هو الرجوع الى القواعد ، وهي
تقتضي التخيير كما هو واضح
[ . . . ]
هل
يترتب سائر أحكام الميتة على صيد المحرم
4 - هل يترتب على صيد المحرم
- الذي لا يجوز أكله حتى للمحل - سائر
أحكام الميتة فلا تجوز
الصلاة في جلده ويحرم بيعه ويوجب نجاسة ملاقيه وما شاكل ،
كما عن المصنف في التحرير ،
أم لا يترتب عليه غير حرمة الأكل كما قواه صاحب
الجواهر - ره - ؟ وجهان :
قد استدل للأول بأنه نزل
الصيد في الخبرين المتقدمين الدالين على حرمة أكله
منزلة الميتة ، ومقتضى عموم
التنزيل جريان جميع أحكام الميتة عليه .
وأورد عليه بوجوه :
الأول أن الظاهر من التنزيل
هو تنزيله منزلتها في أوضح منافعها وأظهر آثارها
وهو في المقام ليس إلا حرمة
الأكل .
وفيه : أن مقتضى الإطلاق كون
تنزيل بلحاظ جميع الآثار .
الثاني : أن في صدر الخبرين
حكم بحرمة أكله وهذا صالح لأن يكون قرينة
على إرادة الحرمة مما في
ذيله من التنزيل فيختص التنزيل بحرمة الأكل .
وفيه أولا : أنه لوسلم إطلاق
الذيل في نفسه لا يصلح ما في الصدر قرينة عليه ،
لعدم التنافي بينهما ، بل
بينهما حينئذ كمال الملائمة ، بل يكون من قبيل الصغرى
والكبري ، فلا وجه لتقييد
إطلاقة .
وثانيا : أنه يلزم على ما
ذكر الالتزام بكون ما في الذيل تأكيدا وهو خلاف
الظاهر .
الثالث : أن موثق يونس وفيه
: تأكل من مالك أحب أليك أو من ميتة ؟ ظاهر
[ . . . ]
في عدم كونه ميتة ، ولأجله يرفع
اليد عن ظهور الخبرين ، ويحملان على إرادة أنه كالميتة
في حرمة الأكل .
وفيه أنه لا إشكال في دلالة
الموثق على أنه ليس ميتة حقيقة ، وما ذكر من أنه
لا مالية للميتة لا يشمل
الصيد ، ولكن هل يجمع بينه وبين الخبرين
على إرادة خصوص الحرمة أو
جميع آثارها ؟ والموثق لا يشهد بشئ منهما ، ومقتضى
الإطلاق هو الثاني .
الرابع : أنه لم يرد تعبدي
على اعتبار كون الذابح محلا حتى يقال بعدم
تحقق هذا الشرط كما ورد ذلك
في اعتبار كونه مسلما وغيره من الشرائط الاخر .
وفيه أولا : أن نفس الخبرين
هو الدليل التعبدي لذلك .
وثانيا : أنه لامنافاة بين
صيروته مذكي بذبح المحرم ، ولا يجوز الصلاة في جلده
مثلا للدليل الخاص ، وكم
حيوان مذكي لا يجوز الصلاة في جلده كما إذا كان غير
مأكول اللحم .
الخامس : أنه ورد رواية خاصة
في جواز استعمال جلود الصيد التي جعل فيها
الماء وهو خبر علي بن مهزيار
، قال : سألت الرجل ( عليه السلام ) عن المحرم يشرب
الماء من قربة أو سقاء اتخذ
من جلود الصيد هل يجوز ذلك أم لا ؟ فقال : يشرب من
جلودها ( 1 ) .
وفيه : أولا : أنه لم يظهر
كون المسؤول عنه صيد المحرم ، ولعل وجه السؤال أنه
كما يكون قتل الصيد والدلالة
عليه والإشارة اليه وإمساكه حراما يمكن أن يكون
استعمال جلده حراما للمحرم ،
وعليه فالخبر أجنبي عن المقام بالكلية .
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 9 من أبواب
تروك الإحرام
[ . . . ]
وثانيا : أنه لعله من باب
عدم تنجس الماء القليل ، فالمتحصل : أن ما أفاده
المصنف - ره - من إجراء
أحكام الميتة عليه مطلقا هو الأظهر ، نعم الظاهر قبوله
التذكية وثبوت المالية له .
هذا كله فيما اذا ذبح المحرم
للصيد ، وأما اذا ذبحه المحل فله صورتان :
الاولى : ما لو ذبحه في
الحرم . الثانية : ما لو ذبحه في الحل .
أما لو ذبحه في الحرم ففي
الجواهر : قد صرح غير واحد بحرمته أيضا وأنه
كالميتة . انتهى .
وفي الحدائق : استفاضت
الروايات مضافا الى اتفاق الأصحاب بتحريم ما
ذبحه المحل في الحرم ، وأنه
في حكم الميتة لا يحل لمحل ولا لمحرم . انتهى . ويشهد
بذلك ما تقدم من الخبرين في
ذبح المحرم المصرحين بحرمة ما ذبحه المحل في الحرم ،
وأنه ميتة ، ومقتضى إطلاقهما
ترتب جميع أحكام الميتة عليه .
ويؤيدهما جملة من النصوص
كصحيح منصور بن حازم عن الإمام الصادق
( عليه السلام ) في حمام ذبح
في الحل ، قال لايأكله محرم ، وإذا ادخل مكة المحل
بمكة ، واذا أدخل الحرم حيا
ثم ذبح في الحرم فلا يأكله لأنه ذبح بعد ما دخل مأمنه ( 1 ) .
وصحيح الحلبي : سئل أبو عبد
الله ( عليه السلام ) عن صيد رمى في الحل ثم
ادخل الحرم وهو حي ، فقال (
عليه السلام ) اذا أدخله المحرم وهو حي فقد حرم لحمه
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 5 من أبواب
تروك الإحرام حديث 4 .
[ . . . ]
وإمساكه ، وقال : لاتشتره في
الحرم إلا مذبوحا قد ذبح في الحل ثم دخل الحرم فلا
بأس به ( 1 ) .
وصحيح شهاب بن عبد ربه عنه (
عليه السلام ) أما علمت أن ما دخلت به الحرم
حيا فقد حرم عليك ذبحه
وإمساكه ( 2 ) . ونحوها غيرها .
وأما الصورة الثانية فلا
إشكال في أنه يجوز للمحل أكله في الحل والحرم .
ويشهد به مضافا الى الأصل :
جملة من النصوص .
منها : صحيحا منصور والحلبي
المتقدمان .
ومنها : صحيح ابن أبي يعفور
، قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : الصيد يصاد
في الحل ويذبح في الحل يدخل
الحرم ويؤكل ؟ قال ( عليه السلام ) : نعم لا بأس به ( 3 ) .
ومنها : صحيح الحلبي عنه (
عليه السلام ) لا تشترين في الحرم إلا مذبوحا قد
ذبح في الحل ثم جئ به الى
الحرم مذبوحا فلا بأس به للحلال ( 4 ) .
ومنها : غير ذلك من النصوص ،
ومقتضى إطلاقها عدم الفرق بين كون الصيد
بدلالة المحرم أو إشارته أو
إعانته بدفع سلاح ونحوه وعدمها كما أفتى بعدم الفرق
صاحب الجواهر ره .
ومقتضى إطلاق بعض هذه النصوص
حليته للمحرم أيضا ، لكنه يجب تقييد
إطلاقها بما دل من الأخبار
على حرمته عليه كصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 5 من أبواب
تروك الإحرام حديث 1 .
2 - الوسائل باب 12 من أبواب
كفارات الصيد وتوابعها حديث 4 .
3 - الوسائل باب 5 من أبواب
تروك الإحرام الحديث 2 .
4 - الوسائل باب 5 من أبواب
تروك الإحرام حديث 7 .
[ . . . ]
( عليه السلام ) : لا تأكل
شيئا من الصيد وأنت محرم وإن صاده حلال ( 1 ) . ونحوه غيره .
5 - كما يحرم الصيد يحرم
فرخه وبيضه .
وفي المستند : بلا خلاف يعلم
كما في الذخيرة ، بل عن التذكرة وفي شرح
المفاتيح الإجماع ليه .
انتهى .
وفى الجواهر في شرح كلام
الماتن : وكذا يحرم بيضه وفرخه . قال : أكلا وإتلافا
مباشرة ودلالة وإعانة بلا
خلاف ، بل الإجماع بقسمية عليه ، بل في المنتهى ، إنه قول
كل من يحفظ عنه العلم .
انتهى . ولم يذكروا لذلك دليلا سوى الأخبار المستفيضة
الآتية الدالة على ثبوت الكفارة
فيهما كصحيح حفص بن البخترى عن الإمام
الصادق ( عليه السلام ) : في
الحمام درهم وفي الفرخ نصف درهم ، وفي البيضة ربع
درهم ( 2 ) . ونحوه غيره .
وتماميه هذا الوجه تتوقف على
تلازم ثبوت الكفارة مع الحرمة أي كل ما ثبت
فيه الكفارة كان حراما ،
والظاهر أن ذلك متسالم عليه بينهم ، ولعله بضميمة الإجماعات
المحكية في المقام يكفي في
الحكم .
وفي الجواهر : نعم لا يحرم
البيض الذي أخذه المحرم أو كسره على المحل في
الحل ، للأصل وعدم اشتراط
حله بنحو تذكيته أو بشئ فقد هنا خلافا للمحكي عن
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 2 من أبواب
تروك الإحرام حديث 2 .
2 - الوسائل باب 10 من أبواب
كفارات الصيد وتوابعها حديث 4 .
[ . . . ]
المبسوط . انتهى .
6 - الجراد عندنا من صيد
البر يحرم قتله ويضمنه المحرم في الحل والحرم والمحل
في الحرم ، ذهب اليه علماؤنا
انتهى ما في المنتهى .
وفي التذكرة : عند علمائنا .
انتهى .
وفي المستند : اتفاقا محققا
ومحكيا له . انتهى .
والشاهد به : نصوص كثيرة
كصحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ( عليه
السلام ) عن محرم قتل جرادا
كثيرا ، قال : كف من طعام وإن كان أكثر فعليه شاة ( 1 ) .
وصحيحه الآخر عن أبي جعفر (
عليه السلام ) : مر علي صلوات الله عليه على
قوم يأكلون جرادا فقال :
سبحان الله وأنتم محرمون فقالوا إنما هو من صيد البحر .
فقال له ارمسوه في الماء إذا
( 2 ) .
وصحيح معاوية بن عمار عن
الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ليس للمحرم أن
يأكل جرادا ولايقتله ( 3 ) .
ونحوها غيرها .
نعم ما يقتل في حال الاضطرار
من غير تعمد لانتشارهم في الطريق لاكفارة
فيه ولابأس به ، والنصوص تدل
عليه كصحيح معاوية بن عمار عنه ( عليه السلام ) قلت
له : الجراد يكون في ظهر
الطريق والقوم محرمون فكيف يصنعون ؟ قال ( عليه السلام )
يتنكبونه ما استطاعوا . قلت
: فإن قتلوا منه شيئا فما عليهم ؟ قال ( عليه السلام ) لا
شئ عليهم ( 4 ) . ونحوه غيره
من الأخبار الكثيرة .
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 37 من أبواب
كفارات الصيد وتوابعها حديث 3 .
2 - الوسائل باب 7 من أبواب
تروك الإحرام حديث 1 .
3 - الوسائل باب 37 من أبواب
كفارات الصيد حديث 1 .
4 - الوسائل باب 38 من أبواب
كفارات الصيد وتوابعها حديث 2 .
[ . . . ]
7 - لا يحرم على المحرم صيد
البحر بلا خلاف ، وفي الجواهر : بل الإجماع
بقسميه عليه وفي المستند :
وأما البحري فلا يحرم به بالإجماعين . انتهى . وفي المنتهى :
دعوى اجماع المسلمين كافة
على تحليل مصيد البحر صيدا وأكلا وبيعا وشراء مما يحل
أكله ، وأنه لا خلاف فيه
بينهم .
ويشهد به : الآية الشريفة :
( احل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم
وللسيارة وحرم عليكم صيد
البر ما دمتم حرما ) ( 1 ) .
والنصوص الكثيرة كصحيح
معاوية عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) في
حديث قال : والسمك لا بأس
بأكله طريه ومالحه ويتزود قال الله تعالى : ( أحل . . . )
الى آخره ، قال : فليختر
الذين يأكلون . وقال فصل ما بينهما كل طير يكون في الآجام
يبيض في البر ويفرخ في البر
فهو من صيد البر ، وما يكون من الطير يكون في البحر
ويفرخ في البحر فهو من صيد
البحر ( 2 ) . وصحيح حريز عمن أخبره عن أبي عبد الله
( عليه السلام ) : لا بأس
بأن يصيد المحرم السمك ويأكل مالحه
وطريه ويتزود ، قال الله تعالى :
( احل . . . ) الى أن قال : وفصل ما بينها كل طير يكون في الآجام يبيض في البر
ويفرخ في
البر فهو من صيد البر ، وما كان من صيد البر
يكون في البر ويبيض في البحر فهو من صيد البحر ( 3 ) .
…………………………………………….
1 - سورة المائدة : آية 96 .
2 - الوسائل باب 6 من أبواب
تروك الإحرام حديث 1 .
3 - الوسائل باب 6 من أبواب
تروك الإحرام حديث 3 .
[ . . . ]
ونحوهما غيرهما .
والمراد بالبحر : ما يعم
النهر بلا خلاف كما عن التبيان ، قال
: لأن العرب تسمي النهر بحرا
. ومنه قوله تعالى : ( ظهر الفساد في البر
والبحر ) ( 2 ) والاغلب في
البحر هو الذي يكون ماؤه مالحا لكن اذا اطلق دخل فيه
الأنهار بلا خلاف .
وتمييز صيد البر عن البحر
إنما هو بالتعيش ، فما يعيش في البر فهو بري وإن
كان أصله من البحر فهو بحري
، لصدق الاسم .
ولصحيح محمد المتقدم في
الجراد : مر علي ( عليه السلام ) على قوم يأكلون
جرادا فقال : سبحان الله
وأنتم محرمون . فقالوا : إنما هو من صيد البحر . فقال لهم :
ارمسوه في الماء إذا فإن
قوله ارمسوه في الماء . إنكار عليهم فيما ادعوه من كونه من
البحر ، ومعناه أنه لو كان
بحريا كان يعيش في البحر .
وإن كان يعيش في البر والبحر
معا فالفصل المميز هو أنه إن كان يبيض في
الماء ويفرخ فيه فهو بحري ،
وأن كان يبيض ويفرخ في البر فهو بري باتفاق العلماء
ويشهد به الصحيحان المتقدمان
: صحيح معاوية وصحيح حريز .
وبذلك ظهر أنه لاتنافي بين
الضابتين فإن مورد الاولى هو ما يعيش في
أحدهما ومورد الثانيه ما
يعيش فيهما معا .
وفي المستند : وفي حكم البيض
والأفراخ التوالد .
وفي الجواهر : ثم إن الظاهر
إلحاق حكم البيض والفرخ ، بل لعله
أولى . انتهى .
…………………………………………….
1 - سورة الروم آية 41 .
[ . . . ]
واستدلوا لذلك تارة بما عن
القاموس من أن الفرخ يشمل التوالد ، ولا يكون
مختصا بما يتكون في البيض ، واخرى
بما في الجواهر من الأولوية .
ويرد على الأول : عدم حجية
قول اللغوى سيما مع مخالفته لما هو المنساق الى
الذهن ، كما في المقام ، إذ
المتبادر الى الذهن من الفرخ ما يتكون في البيض ، واليه يرجع
مافي المجمع : الفرخ ولد
الطائر ، مع أنه يعارض قوله قول غيره .
ويرد على الثاني : منع
الأولوية ، لعدم العلم بالمناطات ، فالأظهر عدم الإلحاق .
بقي في المقام إشكال أورده
بعض وهو : أن ظاهر النصوص والفتاوى أن
الصيد البحري هو ما يبيض
ويفرخ في الماء نفسه ، فلو باض وفرخ في الآجام وحوالي
الماء فهو صيد بري ، ولذا
قال المصنف - ره - في المنتهى : وأما طير الماء كالبط ونحوه
فإنه من صيد البر ، لأنه
يبيض ويفرح فيه ، وهو قول عامة أهل العلم . انتهى .
وعليه فحيث إن هذه الضابطة
واردة في الطيور وإسرائها في غيرها إنما هو
لتنقيح المناط ، ولم يوجد
طير يبيض ويفرح في الماء ، بل كل طير من طيور الماء يبيض
ويفرخ في نواحيه ، فيلزم
لغوية هذه الضابطة .
والجواب عن ذلك أولا : أنه
لم يظهر مدرك قوله : كل طير الماء يبيض ويفرخ
في نواحي الماء . ولا أدري
من أين علم بذلك ؟ .
وثانيا : أن الضابطة إنما هي
للطيور وغيرها فلا اشكال .
[ . . . ]
8 - لا كلام في أنه اذا كان
لنوع من الحيوان صنفان : بحري وبري
كالسلحفاة كان لكل صنف حكم
نفسه ، كما لاإشكال فيما لو شك في حيوان أنه بري
أو بحري وانطبق عليه أحد
الضابطين المتقدمين .
إنما الكلام فيما لو شك في
ذلك ولم يرتفع الشك بشئ من الضابطين ، ففي
الجواهر : المتجه هو الحرمة
وقد استدل لذلك بوجوه :
الأول أن مقتضى إطلاق الآية
الكريمة : ( لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم )
وجملة من النصوص كصحيح
الحلبي المتقدم : لاتستحلن شيئا من الصيد وأنت حرام
وغيره : حرمة كل صيد خرج عن
ذلك صيد البحر ، فإن أحرز كون الصيد بحريا يحل
وإلا فمقتضى الإطلاق حرمته .
وفي الجواهر : فائدة العموم
دخول الفرد المشتبه ، وما في الآية الكريمة : ( حرم
عليكم صيد البر ) وما يشبهها
من النصوص في ذلك لا يصلح مقيدا للإطلاق ، كي
يكون موضوع الحرمة صيد البر
خاصة المشكوك صدقه على المورد ، فلا يجوز التمسك
بالإطلاق لعدم التنافي ،
وعدم حمل المطلق على المقيد في المتوافقين .
أقول هذا الوجه يتم فيما إذا
كانت الشبهة مفهومية بأن شك في مفهوم صيد
البحر أنه هل يكون موسعا
شاملا لحيوان قد يبيض ويفرخ في الماء ، وقد يبيض
ويفرخ في خارج الماء ، أم
مضيقا لا يشمل ذلك بناءا على ما حققناه في الاصول من
جواز التمسك بالعام في
الشبهة المفهومية للخاص ، ولا يتم إذا كان الشك من ناحية
الامور الخارجية ، كما لو شك
في أنه يبيض ويفرخ في الماء أو في خارجه ، لعدم جواز
[ . . . ]
التمسك بالعام في الشبهة
المصداقية .
الثاني : أن الصيدية مقتضية
للحرمة ، والبحرية مانعة عنه ، فلو أحرز المقتضي
وشك في المانع يبني على تحقق
المقتضي وهو الحرمة .
وفيه أولا : منع الكبرى ،
لعدم تمامية قاعدة المقتضي والمانع ، إذ ليس ذلك مما
عليه بناء العقلاء ، ولم يدل
دليل تعبدي عليه .
وثانيا : منع الصغرى ، إذ
المراد بالمقتضي إن كان هو المقتضي في مقام الاثبات
وهو إطلاق الدليل ، والمانع
هو الخاص والمقيد فليس ذلك من مصاديق تلك القاعدة ،
بل هو حينئذ من قبيل التمسك
بالعام في الشبهة المصداقية ، وقد مر الإشكال فيه .
وإن كان المراد هو المقتضي
والمانع في مقام الثبوت فأولا : أن باب التشريعيات
ليس من قبيل العلل
والمعلولات ، بل المقتضيات كلها من قبيل العلل المعدة وأما العلة
التامة فهي إرادة المولى
وجعله .
وثانيا : لعدم العلم بمناطات
الاحكام لا يعلم أن الصيدية مقتضية فلعله لا
اقتضاء في صيد البحر أصلا .
الثالث : ما عن المحقق
النائيني - ره - وهو : أن تعليق الحكم التخيصي على
أمر وجودي يكون دالا
بالدلالة الالتزامية على أن الموضوع هو إحراز ذلك الامر ،
وأنه ما لم يحرز يترتب عليه
ضد ذلك الحكم ، مثلا : لو قال المولى : يجوز لك أن تدخل
بيتي في هذا اليوم أصدقائي .
يفهم العرف من ذلك أن من ذلك أن من علم كونه صديقا للمولى
يجوز إدخاله ، وإلا فلا يجوز
وفي المقام بما أن الجواز علق على الامر الوجودي وهو كونه
بحريا فمع الشك في ذلك لابد
من البناء على عدم الجواز .
ولا يرد عليه : أن عدم
الجواز أيضا علق على أمر وجودي وهو كونه بريا ، كما
عن بعض الاعاظم ، فان هذه
الكبرى تدعى في خصوص الحكم الترخيصي ، مع أنه
[ . . . ]
قد تقدم منا ومنه أن موضوع
الحرمة ليس خصوص ما كان بريا ، بل كل ما لم يكن
بحريا لايجوز صيده . فالحق
في الجواب : منع الكبرى ، إذ لا فرق بين تعليق الحكم
الترخيصي على أمر وجودي أو
الحكم الإلزامي عليه في أن الموضوع بنظر العرف واقع
ذلك الموضوع لاإحرازه ،
وإنما يلتزم في بعض موارد الشك بثبوت ضد ذلك الحكم
فيما لم يكن موردا للأصل
النافي للتكليف من باب قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ،
ولعله من هذا الباب الأحكام
العرفية ، وعلى أي حال الدلالة الالتزامية المشار اليها
غير تامة لايساعد عليها
قاعدة باب المحاورة .
الرابع : التمسك باستصحاب
العدم الأزلي ، بتقريب : أن مقتضى إطلاق الأدلة
- كما مر - حرمة كل صيد ،
خرج عن ذلك صيد البحر ، فالباقي تحته ليس كل حيوان
معنون بعنوان عدم كونه بحريا
، فضلا عن تعنونه بكونه بريا ، بل الباقي كل حيوان
غير معنون بعنوان البحرية ،
أي : كل عنوان لم يكن ذاك بعنوان الخاص ، فالموضوع
مركب من الصيد ، وعدم
الاتصاف بالبحرية ، لا الاتصاف بعدم البحرية ، وعليه فحيث
إنه قبل وجود الحيوان لم يكن
الصيد ولا اتصافه بالبحرية موجودا ، وبعد وجوده يشك
في تبدل عدم الاتصاف
بالاتصاف ، فيستصحب ذلك العدم ، وبانضمام هذا الأصل الى
ما هو محرز بالوجدان وهو
الصيدية يحرز الموضوع ، وهو الصيد غير المتصف بكونه
بحريا ، فيترتب عليه حكمه
وهو الحرمة ، وتمام الكلام موكول الى محله .
فإن قيل : إنه يعارض هذا الأصل
اصالة عدم وجود المجموع الذي هو
الموضوع .
قلنا : إن المجموع بما هو
مجموع لايكون موضوعا ، بل الموضوع هو ذوات
الأجزاء التوأمة ، وهي محرزة
بالوجدان والأصل ، فالمتحصل مما ذكرناه : تمامية هذا
الوجه ، فكل حيوان شك في أنه
بري أو بحري ولم يمكن تشخيصه بشئ من
[ . . . ]
والنساء وطيا وتقبيلا ولمسا
ونظرا بشهوة وعقدا له ولغيره وشهادة عليه
الضابطين يبنى على أن صيده
حرام ، ولامجرى مع ذلك لأصالة البراءة كما لا يخفى .
( و ) منها : ( النساء وطيا
وتقبيلا ولمسا ونظرا بشهوة وعقدا له ولغيره
وشهادة عليه ) بلا خلاف في
كثير منها ، بل في جميعها ، فهاهنا مسائل :
الأولى : لايجوز على المحرم
وطء النساء قبلا أو دبرا بلا خلاف . وفي الجواهر :
بل الإجماع بقسميه عليه ،
وقد استفاض نقل الإجماع عليه .
ويشهد به مضافا الى ذلك ،
الآية الكريمة : ( فلا رفث ولافسوق ولاجدال
في الحج ) ( 1 ) . والرفث
وإن لم يكن صريحا في الجماع ، ولذا قيل في معناه : الفحش من
الكلام ، إلا أن المراد به
في الآية الشريفة هو المراد منه في آية الصوم ( احل لكم ليلة
الصيام الرفث الى نسائكم )
وذلك ، للنصوص المفسره إياها كصحيح معاوية بن
عمر : قال : أبو عبد الله (
عليه السلام ) : اذا أحرمت فعليك بتقوى الله وذكر الله وقلة
الكلام إلا بخير ، فإن من
تمام الحج والعمرة أن يحفظ المرء لسانه إلا من خير ، كما قال
الله تعالى ( فمن فرض فيهن
الحج فلا رفث ولافسوق ولا جدال في الحج )
فالرفث : الجماع ، والفسوق :
الكذب والسباب ، والجدال قول الرجل : لا والله وبلى
والله ( 2 ) .
وصحيح علي بن جعفر عن أخيه (
عليه السلام ) الرفث : جماع النساء ،
…………………………………………….
1 - سورة البقرة : آية 193 .
2 - الوسائل باب 32 من أبواب
تروك الإحرام حديث 1 .
[ . . . ]
والفسوق الكذب . الحديث ( 1
) .
وخبر زيد الشحام عن الإمام
الصادق ( عليه السلام ) أما الرفث فالجماع
الخبر ( 2 ) . ونحوها غيرها
.
فالآية الشريفة من جهة النهي
عن الرفث هو الجماع تدل على حرمة
ذلك ، ومقتضى إطلاقها عدم
الفرق بين الرجل والمرأة في هذا الحكم .
والنصوص : المتواترة الواردة
بالسنة مختلفة ، وقد ذكرها صاحب الوسائل - ره
- تحت أبواب : باب جواز
الجماع والطيب وجميع التروك قبل عقد الإحرام لابعد ذلك ،
باب تحريم الرفث والفسوق
والجدال على المحرم والمحرمة
الجماع ، والتمكن منه الى
آخره ، باب أن المحرم اذا جامع ناسيا أو جاهلا لايجب عليه
شئ ، باب فساد حج الرجل
والمرأة بتعمد الجماع مع العلم بالتحريم ، الى غير ذلك
من الأبواب ، وتلك النصوص ما
بين ما هو صريح في الحرمة ، وما هو يدل عليها
بالمفهوم ، وما يدل عليها من
جهة دلالته على لزوم الكفارة ، أو فساد الحج ، أووجوبه
من قابل ، وما شابه ، أذكر
رواية منها تيمنا ، لاحظ : خبر علي بن أبي حمزة قال : سألت
ابا الحسن ( عليه السلام )
عن محرم وقع على أهله ، قال ( عليه السلام ) : قد أتى عظيما .
قلت أفتنى . فقال : استكرهها
أو لم يستكرهها ؟ قلت : افتني فيها جميعا . قال ( عليه
السلام ) : إن كان استكرهها
فعليه بدنتان ، وإن لم يمكن استكرهها فعليه بدنة وعليها
بدنة ويفترقان من المكان
الذي كان فيه ما كان حتى ينتهيا الى مكة وعليهما الحج من
قابل لابد منه . قلت : فإذا
انتهيا الى مكة فهي امرأته كما كانت ؟ فقال ( عليه السلام ) :
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 32 من أبواب
تروك الإحرام حديث 4 .
2 - الوسائل باب 32 من أبواب
تروك الإحرام حديث 8
[ . . . ]
نعم هي امرأته كما هي فإذا
انتهيا الى المكان الذي كان منهما ما كان افترقا حتى يحلا .
فإذا أحلا فقد انقضى عنهما
فإن أبي كان يقول ذلك ( 1 ) . ونحوه غيره .
ومقتضى أكثر النصوص عدم
الفرق في ذلك بين الرجل والمرأة ، فكما يحرم
النساء على الرجل يحرم
الرجال على النساء ، ولنعم ما عنون المسألة الفاضل النراقي
- ره - قال : من المحرمات
على الرجل والنساء : النساء والرجال جماعا ولمسا بشهوة
- الى أن قال - بلا خلاف في
شئ منها كما قيل . انتهى .
وينبغي التنبيه على امور :
1 - أنه لا فرق في الحكم بين
وطئها قبلا أو دبرا ، لإطلاق الآية ، فإن الرفث
هو الجماع ، أو جماع النساء
، النصوص إذ لم يقيد الحكم فيها بإتيانها قبلا .
2 - هل الحكم مختص برفث
امرأته أم يعم رفث الأجنبية ؟ وجهان ، قد استدل
للأول بوجهين :
الأول : أن مجامعة الأجنبية
بنفسها حرام في حال الإحرام وغيره ، وما هو محرم
لا يمكن أن يحكم عليه
بالحرمة ثانيا ، وإلا لزم اجتماع المثلين .
وفيه أولا : أن الحرمة قابلة
للتأكد فيحكم بحرمته ثانيا ، ويلتزم بالتأكد ولامحذور
فيه .
وثانيا : أن الحكم في المقام
ليس خصوص الحرمة التكليفية ، بل الثابت الكفارة
وغيرها ، ولامحذور في شمول
أدلتها لها أيضأ ، ويحكم بثبوتها أي ثبوت تلك الأحكام .
الثاني : ان ظاهر قوله تعالى
: ( لارفث . . . في الحج ) أن المنفي ما هو ثابت
قبل الحج وهو رفث امرأته ،
وأما الرفث مع الأجنبية فهو منفي قبل الحج أيضا .
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 4 من أبواب
كفارات الإستمتاع في الإحرام حديث 2
[ . . . ]
وفيه : أن الظهور المذكور
ممنوع ، فإن النفي ليس نفيا تكوينيا ، بل هو
تشريعي ولا مانع من التشريع ثانيا
من جهة انطباق عنوان آخر عليه ، مع أن
النصوص عامة لا يجري فيها
ذلك ، وبالجملة في مقابل إطلاق الآية والنصوص ليس
شئ يستند اليه في البناء على
عدم الشمول .
3 - هل الحكم مختص بإتيان
النساء والجماع ، أم يعم اللواط والمساحقة ووطء
البهائم الظاهر هو الفرق بين
الأول والأخيرين ، كما لعله كذلك في الكفارة ، لشمول
الآية الشريفة وبعض النصوص
له ، فإن الرفث فسر بالجماع الشامل له .
وما في صحيح علي بن جعفر من
تفسيره بجماع النساء لعدم كونه في مقام
التحديد لايصلح مقيدا فتأمل
، وتوضيح الكلام في ذلك في مبحث الكفارات ، إذ
البحث في المقام متمحض في
الحرمة ، وحرمة هذه الامور من الضروريات فلا فائدة
في إطالة البحث في ذلك .
4 - لا فرق في الحكم بين
الزوجة الدائمة والمنقطعة ، لإطلاق الأدلة .
المسألة الثانية : يحرم على المحرم
تقبيل امرأته بلا خلاف فيه في الجملة ، بل
عن المفاتيح وشرحها الإجماع
عليه .
ويشهد به : ما رواه الكليني
عن الحسين بن حماد : سألت أبا عبد الله ( عليه
السلام ) عن المحرم يقبل أمه
، قال ( عليه السلام ) لا بأس هذه قبلة رحمة إنما تكره قبلة
الشهوة ( 1 ) . والكراهة
مضافا الى استعمالها في الحرمة في الأخبار كثيرا يراد بها في المقام
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 18 من أبواب
كفارات الإستمتاع في الإحرام حديث 5
[ . . . ]
الحرمة بقرينة المقابلة بنفي
البأس .
ثم إن المستفاد من الخبر أن
الذي يكون حراما هو القبلة التي تكون محل
الشهوة لا ما ليس محلها ولا
داعيا الى الجماع ، فمقتضى إطلاقه حرمة تقبيل المرأة
مطلقا كان عن شهوة أم لم يكن
، لأنها محل الشهوة ، بخلاف الام ومن شابهها
كالاخت .
وحسن مسمع أبي سيار : قال لي
أبو عبد الله ( عليه السلام ) : يا أبا سيار إن
حال المحرم ضيقة فمن قبل
امرأته على غير شهوة وهو محرم فعليه دم شاة ومن قبل
امرأته على شهوة فأمني فعليه
جزور ، ويستغفر الله ، ومن مس امرأته وهو محرم على
شهوة فعليه دم شاة ، ومن نظر
الى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور ، ومن مس
امرأته أو لازمها من غير
شهوة فلا شئ عليه ( 1 ) .
ودلالة هذا الخبر على الحرمة
كالنصوص الآتية متوقفة على اقتضاء ثبوت
الكفارة للحرمة .
ثم إن الخبر مصرح بعدم الفرق
بين كون التقبيل بشهوة أو بغير شهوة .
وخبر العلاء بن فضيل عن
الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن رجل وامرأة
تمتعا جميعا فقصرت امرأته
ولم يقصر فقبلها ، قال ( عليه السلام ) يهريق دما وإن كانا
لم يقصرا جميعا فعلى كل واحد
منها أن يهريق دما ( 2 ) .
وصحيح الحلبي عنه ( عليه
السلام ) في حديث : قلت فإن قبل ؟ قال : هذا أشد
…………………………………………….
1 - ذكر صدره في الوسائل باب
18 أبواب كفارات الإستمتاع
في الإحرام حديث 3 ، وذيله
في باب 17 منها .
2 - الوسائل باب 18 من أبواب
كفارات الإستمتاع في الإحرام حديث . 6
[ . . . ]
ينحر بدنة ( 1 ) .
وخبر علي بن أبي حمزة عن أبي
الحسن ( عليه السلام ) عن رجل قبل امرأته
وهو محرم ، قال ( عليه
السلام ) عليه بدنة وإن لم ينزل وليس له أن يأكل منها ( 2 ) . ونحوها
غيرها .
فروع :
1 - هل الحكم مختص بالتقبيل
عن شهوة كما عن الذخيرة وفي الرياض ونقله
عن جماعة ، وفي الحدائق ، أم
يعم ما إذا كان التقبيل لا بالشهوة كما هو صريح بعض ،
وظاهر جمل العلم والعمل
والسرائر والكافي وغيرها ؟ وجهان :
قد استدل للثاني بإطلاق بعض
ما تقدم ، وصريح آخر .
واستدل للأول بالأصل :
وبالتعليل في خبر الحسين بن حماد : إنما يكره قبلة
الشهوة ، وبأن المنساق من
إطلاق تقبيل الامرأة كونه على وجه الاستمتاع والالتذاذ .
واجيب عن التصريح في خبر
مسمع بقوله : من غير شهوة ، بانه محمول على
إرادة عدم الإمناء بقرينة
المقابلة لكونه تقبيل رحمة ونحوه مما لم يكن استمتاعا
والتذاذا بالامرأة ، ولكن
الأصل مقطوع بما عرفت ، والتعليل في خبر ابن حماد قد
عرفت حاله ، وكون ما ذكر هو
المنساق من إطلاق تقبيل المرأة ممنوع ، وحمل من
غير شهوة على إرادة عدم
الإمناء وإن كان لا يبعد بقرينة المقابلة ، لكنه لا يصلح
مقيدا لإطلاق الأدلة ،
فالأظهر هو التعميم .
2 - النصوص مختصة بتقبيل
امرأته فإسراء الحكم الى تقبيل الأجنبية والغلام
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 18 من أبواب
كفارات الإستمتاع في الإحرام حديث 1 .
2 - الوسائل باب 18 من أبواب
كفارات الإستمتاع في الإحرام حديث 4 .
[ . . . ]
إنما هو بالأولوية ، أو
لعموم العلة في خبر ابن حماد .
3 - لا إشكال في تقبيل الام
والاخت والبنت ومن ضاههن .
قال المصنف - ره - في
المنتهى : لا يحرم للمحرم أن يقبل امه لأنه ليس محلا
للشهوة ولا داعيا الى الجماع
فكان سائغا . روى الشيخ عن حسين بن حماد ثم ساق
الخبر - ثم قال : اذا ثبت
هذا فالتعليل الذي علل الإمام ( عليه السلام ) ينسحب في
غير الام كالبنت والاخت
والعمة والخالة وبنت الأخ وغيرهن من المحرمات . انتهى .
4 - هل يحرم تقبيل المرأة
للرجل أيضا أم لا ؟ وجهان .
استدل الفاضل النراقي للأول
بالإجماع المركب ، وبالتصريح بحكم المرأة في
رواية العلاء أيضا .
ولكن الأول غير ثابت ، وعلى
فرض ثبوته كونه تعبديا غير ظاهر .
ويرد على الثاني : ان الظاهر
من الخبر بيان حكم مطاوعة المرأة وتسليمها
لتقبيل الرجل لها لا تقبيلها
للرجل ، ولا أقل من الاحتمال .
وربما يستدل له بتنقيح
المناط ، وقاعدة الاشتراك وهما كما ترى ، فإذا لا دليل
على حرمته ، ولكن الاحتياط
لا يترك ، وسيأتي في المس ماله نفع بالمقام .
الثالثة : يحرم على الرجل
لمس امرأته بلا خلاف فيه في الجملة .
ويشهد به النصوص كصحيح محمد
بن مسلم عن أبي عبد الله ( عليه السلام )
عن رجل حمل امرأته وهو محرم
فأمنى أو أمذى ، قال : إن كان حملها أو مسها بشئ
من الشهوة فأمنى أو لم يمن ،
أمذى أو لم يمذ فعليه دم شاة ، فإن حملها أو مسها لغير
[ . . . ]
شهوة فأمنى أو أمذى فليس
عليه شئ ( 1 ) .
وما رواه الحلبي عنه ( عليه
السلام ) قلت : المحرم يضع يده على امرأته ، قال :
لا بأس . قلت : فينزلها من
المحمل ويضمها إليه . قال : لا بأس . قلت : فإنه أراد أن ينزلها
من المحمل فلما ضمها إليه
أدركته الشهوة قال ( عليه السلام ) ليس عليه شئ إلا أن
يكون طلب ذلك ( 2 ) .
وحسن مسمع أبي سيار المتقدم
ونحوها غيرها .
وبهذه النصوص يقيد إطلاق
غيرها مما تضمن ثبوت الكفارة على اللمس
مطلقا ، كما أن بها يقيد
إطلاق صحيح الحلبي في المحرم قلت : افيمسها وهي محرمة ؟
قال ( عليه السلام ) نعم ( 3
) .
وكذا يحمل ما اطلق فيه من
الفتاوي المحكية عن جمل العلم والعمل والسرائر
والكافي ، ويحتمله الكتاب .
ثم إن دلالة هذه النصوص على
الحرمة إنما هي بواسطة دلالتها على ثبوت
الكفارة بناءا على اقتضائه
ذلك كما هو الظاهر ، قال في المستند : للإجماع ظاهرا على
استلزام وجوب الكفارة ، لعدم
الجواز في هذا المقام . انتهى .
ويشهد بالحرمة مضافا الى ذلك
خبر الأعرج عن الإمام الصادق ( عليه
السلام ) عن الرجل ينزل
المرأة من المحمل فيضمها اليه وهو محرم ، قال ( عليه
السلام ) لا بأس إلا أن
يتعمد ذلك ( 4 ) . فان ثبوت الباس في صورة التعمد المستفاد من
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 17 من أبواب
كفارات الإستمتاع في الاحرام حديث 6 .
2 - الوسائل باب 17 من أبواب
كفارات الإستمتاع في الإحرام حديث 5 .
3 - الوسائل باب 17 من أبواب
كفارات الإستمتاع في الإحرام حديث 2 .
4 - الوسائل باب 13 من أبواب
تروك الإحرام حديث 2 .
[ . . . ]
الاستثناء ملازم للمحرمة كما
مر فتدبر ، فلا إشكال في الحكم ، كما لاريب في
الاختصاص بما اذا كان عن
شهوة .
والروايات مختصة بالرجل -
وثبوت الحرمة للمرأة اذا مست الرجل بشهوة مما
ادعى عليه الفاضل النراقي
الإجماع المركب ، وهو بضميمة قاعدة الاشتراك وتنقيح
المناط إن لم توجب الإفتاء
بالثبوت لاريب في صيرورتها منشئا للاحتياط اللزومي ،
بل الظاهر المستفاد من نظائر
المقام في الجماع والملاعبة وما شاكل ثبوت الحكم في
المرأة أيضا ، وكذا في
التقبيل .
وهل يختص الحكم بالزوجة أم
يشمل الأجنبية ؟ وجهان : قد يقال : إن أدلة
الباب مختصة بالزوجة والتعدي
عنها يتوقف على إلغاء الخصوصية أو تنقيح المناط .
ولكن : يمكن أن يستدل
للمشمول للأجنبية بالنصوص الواردة في الدعاء عند
التهيؤ للإحرام المشتملة على
تحريم الاستمتاع بالنساء على المحرم ، كقول : " احرم لك
شعري وبشري من النساء "
فإنه يدل على تحريم الاستمتاع بهن مطلقا ، وعليه فيحرم
النظر عن شهوة بالأجنبية من
جهة الإحرام أيضا ، وبذلك يظهر حكم تقبيلها .
الرابعة : في نظر المحرم الى
زوجته قولان : الأول أنه يحرم أذا كان عن شهوة
وهو المشهور بين الأصحاب
الثاني : ما استظهر من خلو كتب الشيخ والأكثر عن
تحريمه وهو عدم حرمته مطلقا
.
نعم اذا نظر فأمنى يحرم من
ناحية الإمناء .
وعن الصدوق التصريح بأنه
لاشئ عليه ، واختاره سيد الرياض لو لا
[ . . . ]
الإجماع ، والفاضل النراقي
في المستند .
وأما النصوص فهي على طوائف :
الاولى : ما يدل على أن
النظر بشهوة حرام وهي النصوص الدالة على تحريم
الاستمتاع بالنساء مطلقا
التي تقدمت الإشارة اليها الواردة في الدعاء للإحرام ، تمسك
بها صاحب الجواهر - ره - في
المقام .
الثانية : ما يدل على أن
النظر ولو كان بشهوة لا يكون حراما كموثق إسحاق
عن الإمام الصادق ( عليه
السلام ) في محرم نظر الى امرأة بشهوة فأمنى ، قال ( عليه
السلام ) ليس عليه شئ ( 1 )
. وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في
المحرم ينظر الى امرأته وهي محرمة ، قال ( عليه السلام ) لا بأس ( 2 ) .
الثالثة : ما يدل على حرمة
النظر بشهوة إذا أمنى كصحيح معاوية بن عمار عن
إمامنا الصادق ( عليه السلام
) عن محرم نظر الى إمرأته فامنى أو أمذى وهو محرم ، قال
( عليه السلام ) : لاشئ عليه
ولكن ليغتسل ويستغفر ربه - الى أن قال - وقال في
المحرم ينظر الى امرأته أو
ينزلها بشهوة حتى ينزل ، قال ( عليه السلام ) عليه بدنة ( 3 ) .
ومورد الاستدلال ذيل الخبر ،
اما صدره فغير خال عن الاشكال ، فإنه إن كان
المراد به النظر بشهوة
فيعارض مع ذيله فإنه في الصدر يصرح بانه لاشئ عليه ، وفي
الذيل يقول بأن عليه بدنة ،
وإن اريد به النظر بغير شهوة فهو ليس بحرام فلا معنى
لقوله : ويستغفر ربه : ثم
قوله : ليغتسل . مع أن السؤال إنما هو عن الامناء أو الامذاء
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 17 من أبواب
كفارات الاستمتاع في الاحرام - حديث 7 ، .
2 - الوسائل باب 13 من أبواب
تروك الإحرام حديث 2 .
3 - الوسائل باب 17 من أبواب
كفارات الاستمتاع في الإحرام حديث 1 .
[ . . . ]
على إطلاقه لم يعمل به ،
وخبرمسمع المتقدم من نظر الى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه
جزور . ونحوهما غيرهما .
الرابعة : ما يدل على حرمة النظر
بشهوة وإن لم يمن كموثق أبي بصير عن أبي
عبد الله ( عليه السلام ) :
قال : قلت له : رجل محرم نظر الى ساق إمرأة أو إلى فرجها
فأمنى ، قال ( عليه السلام )
: إن كان موسرا فعليه بدنة ، وإن كان وسطا فعليه بقرة ،
وإن كان فقيرا فعليه شاة ،
ثم قال : اما إني لم أجعل عليه هذا لانه أمنى ، إنما جعلته
عليه لانه نظر الى ما لا يحل
له ( 1 ) ، فانه صريح في أن الحرمة لغير الامناء وأن المحرم
هو النظر وإن لم يمن .
أقول أما الطائفة الثالثة
فهي مختصة بصورة الإمناء فلعل الكفارة لأجله لا
للنظر .
وأما الرابعة فهي وإن كانت
صريحة في أن الكفارة لأجل النظر لا للإمناء إلا
أنه قد يقال باختصاصها
بالأجنبية للتعليل ، ولتنكير المرأة .
ولكن يمكن دفع ذلك بأنه يمكن
أن تجري العلة في الزوجة من جهة عدم
الحلية لأجل الإحرام فلا
مقيد للصدر ، وتنكير المرأة إنما هو لإفادة الإطلاق ، إلا أنه
يعارضها صحيح معاوية في محرم
نظر الى غير أهله ، فأنزل . قال ( عليه السلام ) : عليه
دم لأنه نظر الى غير ما يحل
له ، وإن لم يكن أنزل فليتق الله ولا يعد وليس عليه
شئ ( 2 ) . والجمع بينهما
يقتضي البناء على أن الموجب للكفارة النظر المؤدي الى الإمناء
لا مطلقا كما هو واضح .
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 16 من أبواب
كفارات الاستمتاع في الإحرام حديث 2 .
2 - الوسائل باب 16 من أبواب
كفارات الاستمتاع في الإحرام حديث 5 .
[ . . . ]
وأما الطائفة الثانية فلمعا
رضتها مع هاتين الطائفتين وإعراض الأصحاب عنها
تطرح إما ابتداء أو بعد
ملاحظة المعارضة ، أو تحمل على خال السهو كما حمله عليها
الشيخ قده .
وأما ما في الجواهر من أن
نفي الشئ عليه لا يدل نفي الحرمة ، فغير تام ،
إذ النكرة الواقعة في حيز
النفي تدل على المعلوم .
وأما الطائفة الاولى فهي
معارض لها ، وتدل على حرمة الاستمتاع بالنساء ،
ومن الاستمتاع بهن النظر
بشهوة ولو لم يمن أو لم يمذ . ،
فالاظهر : حرمة النظر بشهوة
مطلقا ، ويؤيده ما ذكره صاحب الجواهر - ره -
دليلا له ، وهو فحوى ما دل
من النصوص على حرمة المس والحمل إذا كان بشهوة لا
بدونها وقد تقدمت وجه كون
ذلك مؤيدا لا دليلا : أنه يحتمل خصوصية في المس والحمل
لا تكون في النظر .
هذا كله في النظر بشهوة ،
وأما النظر بدونها فهو جائز بلا خلاف ، ويشهد له
إطلاق ما دل على النظر الى
المرأة حتى النظر الى فرجها ، والاصل .
وحسن علي بن يقطين عن أبي
الحسن ( عليه السلام ) عن رجل قال لامرأته
أو لجاريته بعد ما خلق ولم
يطف ولم يسمع بين الصفا والمروة : اطرحي ثوبك . ونظر الى
فرجها ، قال ( عليه السلام )
: لا شئ عليه اذا لم يكن غير النظر ( 1 ) .
وهذه النصوص وان اختص بعضها
بالزوجة إلا أن جملة منها مطلقة شاملة
للاجنبية ، وبعضها في خصوص
الاجنبية ، فلا وجه لاختصاص الحكم بالزوجة .
فما عن المسالك : لا فرق في
ذلك بين الزوجة والاجنبية بالنسبة الى النظرة
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 17 من
كفارات الاستمتاع في الإحرام حديث 4
[ . . . ]
الاولى إن جوزناها والنظر
الى المخطوبة وإلا فالحكم مخصوص بالزوجة . انتهى .
غير تام .
ويرد عليه ما أورده سبطه في
محكي المدارك ، قال بعد نقل ذلك من جده : وكان
وجه الاختصاص عموم تحريم
النظر الى الاجنبية على هذا التقدير ، وعدم اختصاصه
بحال الشهوة . وهو جيد إلا
أن ذلك لا ينافي اختصاص التحريم الإحرامي بما اذا
كان بالشهوة . انتهى .
ومحصله : أن في المقام
عنوانين : أحدهما النظر في حال الاحرام ، الثاني النظر
الى الاجنبية ، وحرمة الثاني
مطلقة ، والاول مقيدة بما اذا كان عن شهوة ، وإذا انطبقا
على مورد تتأكد الحرمة .
فما افاده صاحب الحدائق - ره
- بانه متى قيل بتحريم النظر الى الاجنبية
مطلقا في أول نظرة أو غيرها
من محل كان أو محرم فالتفصيل بالنسبة الى
المحرم بين ما اذا كان نظره
بشهوه فيحرم أولا بشهوة فيحل ، لا معنى له ، لان المدعى
عموم التحريم للمحرم وغيره
فكيف يتم ما ادعاه من اختصاص التحريم الاحرامي
بما اذا كان بشهوة . انتهى ،
في غير محله ، كما عرفت .
وهل يحرم النظر الى الغلام
بشهوة أم لا ؟ وجهان ، الادلة مختصة بالنظر الى النساء ،
والاولوية غير ثابتة ، إذ
المناط غير معلوم ، كي يدعى الاولوية ، والاحتياط سبيل
النجاة .
وهل يحرم نظر المرأة الى
الرجل اذا كان عن شهوة أم لا ؟ وجهان ، ويجرى في
المقام ما ذكرناه في التقبيل
والمس ، وعليه فالاحتياط لايترك .
[ . . . ]
الخامسة : لا يجوز للمحرم أن
يعقد لنفسه ولغيره بلا خلاف .
وفي الجواهر : بل الاجماع
بقسميه عليه ، بل المحكي منه مستفيض إن لم يكن
متواترا . انتهى .
وفي التذكرة : يحرم على
المحرم أن يتزوج أو يزوج فيكون وكيلا لغيره أو وليا
سواء كان رجلا ، أو امراة ،
ذهب اليه علماؤنا أجمع . انتهى .
ويشهد به نصوص كثيرة كصحيح
ابن سنان عن الامام الصادق ( عليه
السلام ) : ليس للمحرم أن
يتزوج ولا يزوج ، وإن تزوج أو زوج محلا فتزويجه باطل ( 1 ) .
وحسن معاوية بن عمار :
المحرم لا يتزوج ولا يزوج ، فأن فعل فنكاحه باطل ( 2 ) .
وموثق سماعة بن مهران عن أبي
عبد الله ( عليه السلام ) : لاينبغي للرجل
الحلال ان يزوج محرما وهو
يعلم أنه لايحل له . قلت : فإن فعل فدخل بها المحرم .
فقال : إن كانا عالمين فان على
كل واحد منهما بدنة ، وعلى المراة ، إن كانت محرمة بدنة ،
وإن لم تكن محرمة فلا شئ
عليها إلا أن تكون هي قد علمت أن الذي تزوجها محرم ،
فإن كانت علمت ثم تزوجت
فعليها بدنة ( 3 ) .
وخبر أبي بصير عنه ( عليه
السلام ) : المحرم يطلق ولا يتزوج ( 4 ) .
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 14 من أبواب
تروك الإحرام حديث 1 .
2 - الوسائل باب 14 من أبواب
تروك الإحرام حديث 9 .
3 - الوسائل باب 14 من أبواب
تروك الإحرام حديث 10 .
4 - الوسائل باب 17 من أبواب
تروك الإحرام حديث 1
[ . . . ]
وخبر عاصم بن حميد : للمحرم
أن يطلق ولا يتزوج ( 1 ) . ونحوها غيرها ، وتمام
الكلام في هذه المسألة
بالبحث في جهات :
الاولى : كما يحرم التزويج
وضعا كذلك يحرم تكليفا ، ويشهد بها صحيح ابن
سنان وحسن معاوية وخبر سماعة
وغيرها .
الثانية : كما يحرم التزويج
لنفسه كذلك يحرم تكليفا ووضعا أن يزوج
غيره ، للنصوص المتقدمة ،
وتزويج الغير قد يكون بصيرورته وكيلا عنه في العقد ، وقد
يكون بكونه وكيلا في إجراء
الصيغة خاصة ، وقد يكون وليا على من يتزوج له ، ثم إنه
قد يجري الصيغة الولي بنفسه
وقد يوكل غيره في أن يجري الصيغة ، وتزويج الغير
يشمل جميع ذلك .
ودعوى : أن ذلك لا يصدق على
مجرى الصيغة خاصة نظير ما ذكروه فيما اذا
كان الصبي مجريا لصيغة البيع
، قالوا : أنه لايستند البيع والشراء اليه ، ولذلك بنوا على
عدم ثبوت خيار المجلس لمجري
الصيغة لعدم صدق البيع عليه ، فالبيع إنما يكون بيع
الولي والموكل لامجري الصيغة
فكذلك في المقام . مندفعة : بالفرق بين البابين ، فإن
الموضوع لخيار المجلس البيع
، وهو لايصدق على مجري الصيغة ، وأيضا موضع البطلان
في عقد الصبي أمر الصبي في
والشراء ، وأما في المقام فالموضوع هوالتزويج للغير
أى إيجاد علقة الزوجية ،
وهذا إنما يكون بفعل مجري الصيغة ، بالموضوع في المقام
يشمله .
فإن قيل : إنه لو وكل الولى
المحرم للعقد على المولي عليه لا يكون فعل
الوكيل مشمولا لهذه النصوص ،
والتوكيل ليس تزويجا محرما بالاجماع والنص ، ولعله
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 17 من أبواب
تروك الإحرام حديث 1 .
[ . . . ]
لذا قال في القواعد : الاقرب
جواز توكيل الجد المحرم محلا : أي في تزويج المولي عليه ،
قلنا : أولا : أن الوكيل
نائب الموكل ولا نيابة فيما ليس له فعله .
وثانيا : أن التزويج المنهي
عنه في النصوص يشمل التوكيل ، ولذاقطع
الاصحاب بحرمة توكيل المحرم
على التزويج لنفسه وبطلان العقد ، ويرد على المصنف
زائدا على ذلك : أنه لا وجه
لتخصيص الجد بالذكر .
ولو عقد الفضولي للمحرم في
حال كونه محلا وأجازه في حال الاحرام يكون
باطلا من غير فرق بين القول
بالنقل أو الكشف ، إذ على القولين إنما يستند عقد
النكاح والتزويج اليه في حال
الاجازة والفرض أنه محرم في تلك الحالة فيشمله
النصوص .
ولو عقد الفضولي في حال كونه
محرما ، أو عقد الفضولي له في تلك الحالة وأجاز
من له العقد في حال كونه
محلا فالظاهر عدم جوازه ، لان عقد الفضولي تزويج من
غير فرق بين القول بالكشف
والنقل ، فان ذلك في حصول الزوجية لا في صدق
التزويج والانكاح .
فما في الجواهر من تخصيص
المنع أولا بالقول بالكشف ، وتبعه بعض الاعاظم .
غير تام .
[ . . . ]
التزويج
في حال الاحرام يوجب الحرمة الابدية
الثالثة : التزويج في حال
الاحرام يوجب الحرمة الابدية بلا خلاف فيه في
الجملة ، إنما الخلاف في أنه
يوجب الحرمة مطلقا علم الزوج المحرم بالحرمة أولا ، تحقق
الايلاج أم لا ، أو أنه لا
يوجب الحرمة إلا مع العلم وإن لم يدخل بها ، أو مع الدخول
وإن لم بعلم بالحرمة .
ومنشأ الاختلاف : اختلاف
النصوص ، فانها على طوائف :
الاولى : ما يدل على أنه
يوجب الحرمة الابدية مطلقا كخبر أديم بن الحر
الخزاعي عن أبي عبد الله (
عليه السلام ) : ان المحرم إذا تزوج وهو محرم فرق بينهما ولا
يتعاودان أبدا ( 1 ) .
وموثق ابن بكير عن إبراهيم
بن الحسن عنه ( عليه السلام ) : إن المحرم اذا
تزوج وهو محرم فرق بينهما ثم
لا يتعاودان أبدا ( 2 ) . ونحوهما غيرهما .
الثانية : ما يدل على ان
العقد فاسد ولا يوجب الحرمة الابدية مطلقا كما رواه
صفوان وابن أفي عمير عن عاصم
بن حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه
السلام ) ، قال : قضى أمير
المؤمنين ( عليه السلام ) في رجل ملك بضع امرأة وهو محرم
قبل أن يحل ، فقضى ( عليه
السلام ) أن يخلي سبيلها ولم يجعل نكاحه شيئا حتى يحل ،
فإذا أحل خطبها إن شاء ، فإن
شاء أهلها زوجوه ولان شاؤوا لم يزوجوه ( 3 ) .
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 15 من أبواب
تروك الإحرام حديث 2 .
2 - الوسائل باب 15 من أبواب
تروك الإحرام حديث 1 .
3 - الوسائل باب 15 من أبواب
تروك الإحرام حديث 3 .
[ . . . ]
الثالثة ما دل على أنه يوجب
الحرمة مع العلم كخبر زرارة وداود بن سرحان
عن أبي عبد الله ، وخبر أديم
بياع الهروي عنه ( عليه السلام ) قال : والمحرم اذا تزوج
وهو يعلم أنه حرام عليه لم
تحل له أبدا ( 1 ) .
وللاصحاب في مقام الجمع بين
النصوص مسالك :
أحدها : أن الظاهر من
الطائفة الاولى بقرينة قوله ( عليه السلام ) : فرق بينهما .
هو الحرمة مع الدخول ، ضرورة
ان المراد بالتفريق ليس هو التفريق الاعتباري بمعنى
ارتفاع الزوجية ، لانه حاصل
بنفس فساد العقد فلا يصح أمر الحاكم أو العدول من
المؤمنين به ، بل المراد هو
التفريق الخارجي ، وهو لا يتحقق إلا بعد الاجتماع في
الفراش الذي لا ينفك غالبا
عن الدخول ، وعليه فهذه الطائفة أخص من الطائفة
الثانية ، فتقيدها بصورة عدم
الدخول ، والنسبة بينها وبين الطائفة الثالثة وإن كانت
عموما من وجه ، لانها تدل
على حرمة المدخول بها علم بالحرمة أم لا .
ومفهوم الطائفة الثالثة أنها
مع الجهل لا تحرم أبدا دخل بها أم لا إلا أن المفهوم
لا يصلح لمعارضة المنطوق ،
ضرورة أن دلالة الشرط على المفهوم إنما هي من جهة
ظهور التعليق عليه في كونه
علة منحصرة ، وظهوره في ذلك ليس بمثابة يعارض مع
ظهور المنطوق ، فيقدم عليه ،
فتكون النتيجة هي الحرمة مع الدخول ولو كان جاهلا .
وفيه أولا : أن الظاهر من
التفريق سيما بقرينة ولا يتعاودان أبدا هو التفريق
الاعتباري وليس هو أمرا
تكليفييا بالتفريق ، بل هو إرشادي الى بطلان النكاح ، ولذا
يفهم من ذلك في المقام وفي
نظائره بطلان العقد .
وثانيا : أن منطوق الطائفة
الثالثة إنما هو دخالة العلم في الحرمة فالجمع بينه
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 31 من أبواب
ما يحرم بالمصاهرة ونحوها حديث 1 .
[ . . . ]
وبين هذه الطائفة على ما
افيد هو اعتبار الامرين في الحرمة أي الدخول والعلم .
وثالثا : أن ما افيد من أن
المفهوم لا يصلح لمعارضة المنطوق غير تام ، فان
المفهوم إنما يستفاد من
خصوصية في المنطوق وهي ما اشير اليه من دلالة الشرط على
الانحصار ، وهذه الدلالة
دلالة منطوقية ، وطرف التعارض هي تلك ، فلا وجه لتقديم
الطائفة الاولى على مفهوم
الطائفة الثالثة .
ثانيها : أن الطائفة الثالثة
أخص من الثانية فتقيدها بصورة الجهل ، فتصير
الثانية أخص من الاولى فتقيد
إطلاقها ، فالنتيجة هي الحرمة مع العلم لا بدونه .
وفيه : أنه يتوقف على القول
بانقلاب النسبة ولا نقول به .
ثالثها : أن الطائفة الثالثة
بمنطوقها تقيد الثانية ، وبمفهومها تقيد الاولى ،
فالنتيجة هي الحرمة لو علم
أنه حرام عليه .
وفيه : أنه يتوقف على كون
إذا شرطية ، أو القول بمفهوم الوصف ، والاول
غير ظاهر ، والثاني فاسد ، مع
أنه يلزم حمل الطائفة الاولى على الفرد النادر ، إذ إقدام
المحرم الذي في مقام إتيان
العبادة على النكاح مع علمه بالحرمة والفساد نادر .
والحق : أنه يقع التعارض بين
الطائفة الاولى والثانية ، أما الثالثة فلاخصيتها
من الثانية تقدم عليها ،
ومنطوقها لا ينافي الطائفة الاولى ، فهي يعمل بها على كل تقدير ،
فبالنسبة الى صورة الجهل يقع
التعارض بين الطائفتين الاولتين ، ولا يمكن الجمع
الدلالي بينهما ، فلابد وأن
يرجع فيهما الى المرجحات السندية ، والطائفة الاولى أرجح
لاجل الشهرة فتقدم ،
فالنتيجة هي الحرمة الابدية مطلقا .
ولكن الظاهر كون كلمة اذا في
الطائفة الثالثة شرطية ، لعدم ملائمتها مع
الجمله بمعناها الآخر ،
وعليه فمفهومها تقيد الاولى ، بصورة العلم .
ودعوى : لزوم الحمل على
الفرد النادر . على فرض صحتها ، يلزم منها التعارض
[ . . . ]
بين الطائفتين ، والترجيح مع
الثالثة للشهرة وموافقة الكتاب ، فالمتحصل : أن الاظهر
هو الحرمة معم العلم مطلقا
وعدمها مع الجهل كذلك .
الرابعة : في إلحاق المحرمة
بالمحرم في حرمة العقد الصادر منه وبطلانه ، وكونه
موجبا للحرمة الابدية -
أقوال ، ثالثها : التفصيل بين الأخير والاولين بعدم الالحاق في
الأخير خاصة .
فالكلام في موردين :
1 - في حرمة العقد وبطلانه ،
قال في المنتهى : ولا يجوز للمحرم أن يتزوج ولا
يزوج ولا يكون وليا في
النكاح ولا وكيلا فيه سواء كان رجلا أو امرأة ، ذهب اليه
علماؤنا أجمع . انتهى . ونحوه
في التذكرة .
قال في الجواهر : وفي
القواعد وكشفها : ولو كانت المرأة محرمة والرجل محلا
فالحكم كما تقدم من حرمة
نكاحها وتلذذها بزوجها تقبيلا أو لمسا أو نظرا أو تمكينا له
من وطئها ، وكراهة خطبتها ،
وجواز رجعتها ، وشرائها ، ومفارقتها ، بل في الاخير :
الاتفاق عليذلك . انتهى .
وهذه الاجماعات المنقولة
بضميمة ما قيل من عدم كون هذا الحكم من خواص
الرجل ، وعدم اختصاص الاحكام
المتقدمة من الاستمتاعات به - لعلها كافيه في إرادة
الجنس من قوله ( عليه السلام
) : ليس للمحرم أن يتزوج ولايزوج وإن تزوج أو زوج
محلا فتزويجه باطل ، وما
شابهه .
وأما المورد الثاني فقد صرح
غير واحد بعدم الالحاق ، وأنه اذا عقد على
[ . . . ]
المحرمة وهو محل لم تحرم
عليه ، وذهب جمع الى الالحاق ، وظاهر المصنف - ره - في
المنتهى . هو الاختصاص وعدم
الالحاق فانه عند عنوان بطلان العقد وحرمته يصرح
بالمرأة أيضا كما تقدم ،
ولكن في مسألة الحرمة الابدية يقول : لو عقد المحرم حال
إحرامه على امرأة فان كان
عالما الى آخره ، ولا يتعرض لحكم المرأة .
وكيف كان فمقتضى العمومات
والاصل عدم الحرمة ، وقد استدل للحرمة
بوجوه :
الاول : الاجماع . وهو كما
ترى .
الثاني : قاعدة الاشتراك .
وفيه : أن القاعدة تامة في
الاحكام الثابتة للاشياء بما هي من غير نظر الى
صنف خاص ، كوجوب السورة في
الصلاة ، فانه في أمثال ذلك اذا خوطب الرجل به
أو كان الكلام المبين للحكم
بنحو له ظهور في الرجال ، أو قلنا باختصاص الخطاب
بالحاضرين مجلس التخاطب وكان
الحاضرون هم الرجال تتم القاعدة .
وأما الاحكام المترتبة على
صنف خاص مع احتمال الدخل في الحكم فالقاعده
غير تامة ، فان كان هذا
الحكم من أحكام الاحرام بما هو وكان لسان الدليل بنحو
استفيد منه ذلك كان هذا
الوجه متينا ، ولكن بما أنه يحتمل كونه من مختصات الرجال
وكونه من احكام المحرم بما
هو محرم ، فلا يكون موردا لقاعدة الاشتراك .
الثالث : أن المراد بقوله :
المحرم اذا تزوج وهو محرم - هو الجنس لظهور الالف
واللام في ذلك فيشمل المحرمة
أيضا .
وفيه : انه لا ريب في ظهور
الالف واللام في الجنس ، ولكن ليس لازم ذلك
شمول المدخول لغير من يصلح
أن يشمل له ، بل لازمه كونه ظاهرا في إرادة فعلية
جميع ما يصلح أن ينطبق عليه
المدخول ، وعلى ذلك فان كان المراد بالمحرم الشخص
[ . . . ]
المتصف بالاحرام كان شاملا
للرجال والنساء ، وإن كان المراد معناه الظاهر وهو
الرجل المتصف بالاحرام فلا
يشمل المرأة ، والكلام إن لم يكن ظاهرا في الثاني فلا
أقل من الاجمال فيكون مرددا
بين الاقل والاكثر ، فلا بد من الاقتصار على الاقل
المتيقن وهو الرجل ، فإذا لا
دليل على الالحاق ، ولكن بما أن كثيرا من الاحكام
المشتركة بين الصنفين بينت
بصيغة المذكر وهذا شائع ، وأفتى بالالحاق ، فالاحتياط
لا يترك إن لم يكن الالحاق
أظهر .
فروع :
الاول : لو اختلف الزوجان في
العقد ففيه صورتان :
الاولى : ما اذا اختلفا في
وقوع العقد الحال الاحرام أو الاحلال .
الثانية : أن يتوافقا على
وقوعه حال الاحرام ولكن اختلفا في العلم والجهل .
أما الصورة الاولى فقد يقال
: إنه يقدم قول مدعي الصحة ، واستدل له بوجوه :
1 - أن مقتضى إطلاق الأدلة
صحة كل عقد خرج عنه العقد الوقع حال
الاحرام ، فباستحباب عدم
مقارنة العقد لحال الاحرام يثبت صحته من غير حاجة
الى إثبات كونه في حال الاحلال
، ذكره صاحب الجوهر - ره - .
وفيه : أن العقد حال وقوعه
كان مقارنا لحال الاحرام أو لم يكن فلا حالة سابقة
لعدم المقارنة كي يستصحب .
2 - أنه يستصحب عدم الاحرام
الى حال وقوع العقد ، فالعقد محرز
بالوجدان ، وعدم كون العاقد
محرما في حالة محرز بالاصل ، فيتم الموضوع .
[ . . . ]
ولا يعارض ذلك استصحاب عدم
العقد الى حال الاحرام ، فانه لا يثبت به
وقوع العقد في حال الاحرام
لكونه مثبتا ، كما لا يعارضه استحباب عدم وقوع العقد
في حال الاحلال أي غير حال
الاحرام الذي هو موضوع الصحة ، إذ الاصل الاول
حاكم على ذلك ، فإن الشك في
وقوع المجمع المقيد مسبب عن الشك في القيد ،
فالاصل الجاري في القيد حاكم
عليه .
وإن شئت قلت : إن الاثر لا
يترتب على المركب بما هو مركب بل على ذوات
الاجزاء التوأمة المحرزة
بالوجدان والاصل .
ولا يفرق فيما ذكرناه بين
العلم بتاريخ الاحرام والجهل به بناءا على ما
هو المختار من جريان
الاستصحاب في كل من معلوم التاريخ ومجهوله .
ولكن يرد عليه : أنه يتم
فيما اذا كان الشك في تقديم العقد على الاحرام أو وقوعه
حاله ، وأما لو علم بعدم
التقديم وشك في التأخير فيجري استصحاب بقاء الاحرام
حال العقد ، وبه يحرز موضوع
البطلان .
3 - أصالة الصحة الجارية في
جميع العقود والايقاعات الحاكمة بصحة كل عقد
واقع شك في صحته وفساده ،
التي عليها بناء العقلاء وإجماع العلماء ولكن حيث يكون
عمدة مدركها بناء القعلاء
والاجماع ، وثبوت ذلك فيما اذا احتمل التصادف الواقعي
من دون أن يكون المتعاقدان
ناظرين اليه محل تأمل ، فلو اعترفا بالجهل بفساد العقد
في حال الاحرام لا مورد
لاصالة الصحة ، بل يمكن أن يقال : إنها لا تجزي في الفرض
حتى مع تسليم ثبوتها بالادلة
اللفظية بناء على أنها من الامارات لا الاصول التعبدية .
فإنه في الفرض لا ملاك للطريقية
، وعلى هذا فما هذا فما أورده سيد المدارك - ره - على هذا
الوجه الذي ذكره الكركي -
قده - وثاني الشهيدين وتبعهما غيرهما بأنه إنما يتم اذا
كان المدعي لوقوع الفعل في
حال الاحرام عالما بفساد ذلك ، اما مع اعترافهما بالجهل
[ . . . ]
فلاوجه للحمل على الصحة .
أنتهى - في غاية المتانة .
ولا يرد عليه ما في الجواهر
بأن أصل الصحة في العقد ونحوه لا يعتبر فيه العلم ،
لاطلاق دليلة ، نعم أصل عدم
وقوع المعصية من المسلم يعتبر فيه العلم وهو غير أصل
الصحة التي هي بمعنى ترتب
الاثر كما هو واضح . أنتهى .
وعليه فإذا لم يعلم جهلها
بالفساد يكون مقتضى أصالة المقدمة على
جميع الاصول هو البناء على
الصحة وتقديم قول مدعيها ، وإن علم بذلك فإن كان
يحتمل تقدم العقد على
الاحرام يحكم بالصحة للاستصحاب المتقدم ، وإن لم يحتمل
ذلك فمقتضى الاصل - اي أصالة
بقاء الاحرام حال العقد ، وأصالة عدم تحقق
الزوجية - هو البناء على
الفساد وتقديم قول مدعيه .
وأما الصورة الثانية فأثر
اختلافهما في الحرمة الابدية وعدمها ، وفي هذه
الصورة لاتجري أصالة الصحة
ولاغيرها مما تقدم من الاصول ، إذ الفساد محرز ، فإن
بنينا على أن المحرمة غير
ملحقة بالمحرم في هذا الحكم كما قويناه بحسب الدليل لابد
من تقديم قول الزوج ادعى
الجهل أو العلم ، لما دل على أن قول الشخص فيما لا
يعلم إلا من قبله حجة ومعتبر
، كما يستفاد ذلك مما ذكره الفقهاء تبعا للنص في باب
الحيض في مسالة إخبار المرأة
بالحيض أو الطهر من حجية قولها فيه من باب حجية
إخبار الشخص عما في نفسه ،
إذ عليه يكون الاخبار بعلمه أو جهله إخبارا عما في
نفسه فيقدم ذلك .
ويعارضه ظهور حال المسلم في
العلم بما يبتلي به من الاحكام ، فإن هذا الظهور
ساقط قطعا إذ العالم بالفساد
لا يقدم على العقد .
وإن بنينا على إلحاق المحرمة
بالمحرم فان كان الخلاف في علم أحدهما المعين
وجهله مع الاعتراف بجهل
الاخر فالحكم ما تقدم من تقديم قوله ، وإلا فيقدم قول
[ . . . ]
مدعي العلم ، فإن ادعاء جهل
الاخر لا أثر له مع علم صاحبه على الفرض .
ومع جريان أصالة الصحة
والحكم بها فحيث إن ذلك حكم ظاهري لا واقعي
فيختص بصورة الجهل ، فالمدعي
للفساد العالم به ليس له ترتيب آثار الصحة فيما
يختص به ، فلو كان هي المرأة
ليس لها المطالبة بالمهر ولا بشئ من حقوق الزوجية
ولا بالمهر قبل الدخول ، أما
بعده فتطالب بأقل الامرين من المسمي ومهر المثل ، ولها
أن تخلص نفسها منه ولو
بالهرب واستدعاء الفراق ، ولو كان هو الرجل ليس له
الاستمساع بها ، ولكن يجب
عليه أن ينفق عليها ويعطيها مهرها وما شاكل من الاثار
التي عليه لا له .
فهل له تزوج اختها ؟ الظاهر
لا ، فان من آثار صحة العقد الواقع حرمة تزويج اختها
فهي تثبت عليه ، فما في محكي المسالك من أنه يجوز له التزويج
باختها
وخامسة ونحو ذلك من لوازم
الفساد . انتهى ، غير صحيح ، لحكم الشارع بصحة العقد
ظاهرا فيترتب عليها جميع
آثارها إلا ما هو له ، فإنه لا يترتب واقعا وهو واضح ، وظاهرا
للاقرار ، كما أن ما عن سيد
المدارك من أنه متى حكم بصحة العقد شرعا ترتب عليه
لوازمه فيجوز لها المطالبة
بحقوق الزوجية ظآهرا وإن ادعت الفساد . انتهى ، لايتم ،
لكونه منافيا لاقرارها الذي
هو ماض عليها بالنسبة الى حقها ، وغير ماض في حق
الغير ، كما أفاده صاحب
الجواهر ره .
الثاني : اذا كان المنكر
للصحة الرجل ، فإن كان دخل بها تستحق تمام بلا
كلام ، وموثق سماعة يشهد به
.
وإن لم يدخل بها ففيه خلاف ،
فعن ظاهر الشيخ - قده - انفساخ العقد حينئذ
، ووجوب نصف المهر ، وعن غير
واحد : أن العقد يكون باقيا فإن طلقها استحقت
نصف المهر وإلا فتمامه ، وقد
حمل صاحب الجواهر - ره - كلام الشيخ على ذلك
[ . . . ]
وعن كشف اللثام : أنه إن
طلقها باستدعائها تستحق نصف المهر ، وإن لم
يطلقها أو طلقها باستدعائها
فتستحق تمام المهر .
واستدل للاول بالنيبة الى
استحقها نصف المهر وإن لم يطلق : بوجهين :
أحدهما : أن الرجل معترف بما
يمنع من الوطء فيكون كالطلاق قبل الدخول .
ثانيهما : أن العقد إنما
تملك نصف ومملك النصف الاخر هو الوطء
أو الموت .
ولكن يرد على الاول : أنه
قياس باطل .
وعلى الثاني ما حقق في محله
من العقد مملك لتمام المهر ، وأن بالطلاق قبل
الدخول يرجع النصف ، وبما
ذكرناه يظهر وجه القول الثاني .
واستدل للقول الثالث بان
العقد ملك لتمام المهر ، والطلاق بزعم الزوج لغو
فلا يوجب إرجاع النصف ، إلا
اذا كان باستدعائها ، فإنه حينئذ يحكم بالرجوع إلزاما
لها فيكون طلاقا شرعيا صحيحا
باعترافها .
وفيه : انه لم تستدع الزوجه
الطلاق وطلقها يكون بنظر الرجل
لغوا ، ولكن في زعم المرأة
صحيح فلتزم بها .
وإن شئت قلت : إنه إن طلقها
يحصل العلم الاجمالي بانها إما لا تستحق تمام
المهر إن كان العقد باطلا ،
او نصفه أن صحيحا لوقوع الطلاق ، فالنصف من المهر
يعلم تفضيلا بأنها لا تستحق
، وقد مر أن الاثر إنما يترتب على أصالة الصحة مع عدم
العلم التفضيلي بالخلاف لعدم
كونها مغيرة للواقع .
واما مسألة انفساخ العقد
المنسوب الى الشيخ فلم يظهر لي وجهه .
الثالث : أنه اذا تزوج في
حال الاحرام مع بالحكم لكن كان غافلا عن
كونه محرما أو ناسيا فلا
إشكال في بطلان العقد ، لاطلاق أدلة البطلان .
[ . . . ]
وأما حديث رفع القلم عن
التسعة منهم الناسي والغافل ، فلا يصلح لاثبات
الصحة ، فإنه ناف للحكم لا
مثبت ، والبطلان ليس حكما وضعيا ، كي يرتفع به ، بل هو
انتزاعى من عدم مطابقة
المأتي به لما هو موضوع الاثر .
فهل يوجب الحرمة الابدية كما
هو مقتضى إطلاق دليل المحرمية إذ الخارج
عنه خصوص الجهل بأنه لا يحل
له ، وأما إن علم بالحكم فهو داخل تحت عموم الدليل ،
أم لا يكون محرما كما صرح به
غير واحد ؟ وجهان ، أقواهما : الثاني ، فإن المقيد لاطلاق
دليل المحرمية لايدل على
الاختصاص بالعلم بالحكم الكلي المجعول شرعا ، بل يدل
على أنه مختص بما اذا علم
بالحكم الجزئي المجعول له ، لاحظ : قوله : وهو يعلم أنه لا
يحل له ، ومعلوم أن العلم به
متوقف على العلم بالكبرى ، والعلم بالصغرى ، فمع الغفلة
او النسيان لا علم بالحكم
الجزئي فهو داخل تحت المقيد .
اللهم إلا أن يقال : إن
الغفلة والنسيان لا يوجبان عدم العلم رأسا لحضور
المعلوم ووجوده في خزانة
النفس ، فتأمل فإن العم بنظر العرف لا يجتمع مع النسيان
والغفلة .
الرابع : لو تزوج في حال
الاحرام ولكن كان باطلا من ناحية اخرى كتزويج
اخت الزوجة والخامسة وفي
العدة وما شاكل ، ففي العروة : الظاهر أنه يوجب
التحريم ، لصدق التزويج
فتشمله الاخبار ، وقد ذكر بعض المحققين في وجه الشمول :
أن المراد بالتزويج في حال
الاحرام هو العقد الجامع لشرائط صحة نفسه أي الواجد
لجميع ما يعتبر فيه من حيث
إنه عقد كالماضوية والعربية ، وتقدم الايجاب على القبول ،
وأمثال ذلك ، والمفروض تحققه
واجدا لما يعتبر فيه فيكون مشمولا للخبار .
أقول : لا إشكال في المراد
بالتزويج في نصوص الباب ليس هو التزويج
الصحيح من جميع الجهات ،
سيما ما تضمن أنه مع العلم بأنه لا يحل له - يحرم عليه أبدا ،
[ . . . ]
فإن التزويج فيه فاسد حتى في
علم العاقد ، وعليه فيدور الامر بين أن يكون المراد
هو التزويج الصحيح من جميع
الجهات ، فلا تشمل النصوص للمقام ، أو التزويج
الصحيح من ناحية ما يعتبر في
العقد نفسه فتشمله ، أو ما يطلق عليه التزويج ولو كان
باطلا من جهة فقد شرط من
شروط صحة نفسه .
والذي يظهر لي أن المراد بعد
ما لم يكن هو التزويج الصحيح من جميع الجهات
شرعا - يراد به ما هو تزويج
عند العرف والعقلاء ، فإن الخطابات الشرعية منزلة على
ما هو المتداول بين أهل
العرف في محاوراتهم ، وعليه فكل قيد من قيود العقد والتزويج
العقلائي إن فقد لا يكون
مشمولا للأخبار ، وإلا فيكون مشمولا له من غير فرق بني
قيود العقد نفسه وغيرها ،
ففي الامثلة المذكورة يتم ما أفاده السيد في العروة .
الخامس : من كان محرما وشك
في أنه أحل من إحرامه أم لا لايجوز له التزويج ،
فإن تزوج مع ذلك بطل ،
للاستصحاب ، أي : استصحاب بقاء الاحرام فهل يوجب
الحرمة أم لا ؟ وجهان :
قد يقال بالاول كما في
العروة بدعوى : أنه مقتضى استصحاب بقاء الاحرام .
ولكن يرد عليه : أن المأخوذ
في موضوع التحريم الابدي العلم بأنه لا يحل له
المتوقف على العلم بالكبرى
والعلم بالصغرى ، كما مر ، وقد حقق في محلة أن
الاستصحاب لا يقوم مقام العلم
المأخوذ في الموضوع ، عليه فلا يفيد الاستصحاب .
وأما إطلاق ما دل على جواز
تزويج كل امرأة فلا يمكن التمسك به في مقام ، لانه
بعد ما خرج عنه المرأة
المزوجة في حال الاحرام يكون التمسك به تمسكا بالعام في
الشبهة المصداقية .
وعليه فالمتعين هو الرجوع الى
استصحاب عدم وقوع ما يوجب حرمتها
الابدية ، وبعبارة اخرى :
بقاؤها على ما هي عليه من جواز تزويجها ذاتا .
[ . . . ]
السادسة : المشهور بين
الاصحاب حرمة الشهادة على العقد على المحرم :
وفي الجواهر : بلا خلاف أجده
فيه ، بل في المدارك نسبته الى قطع الاصحاب ،
بل عن محتمل الغنية الاجماع
عليه ، بل عن الخلاف دعواه صريحا ، انتهى .
وفي الحدائق : ظاهر هم
الاتفاق عليه . انتهى .
وجمل العلم والعمل والمقنع
والمقنعة والكافي والاقتصاد والمصباح ومختصرة
والمراسم - خالية عن ذلك ،
ولعل بناءهم على عدم الحرمة ، لكن الاساطين والفحول
أعرف بفتاوي القوم ، وهم
يدعون الاتفاق ونفي الخلاف .
وصرح بعض متأخري المتأخرين
بعدم الحرمة .
وكيف كان فمدرك الحكم روايات
ثلاث :
إحداها : ما رواه الشيخ
بإسناده عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى
عن ابن أي شجرة عمن ذكره عن
أبي عبد الله ( عليه السلام ) في المحرم يشهد على
نكاح محلين ، قال ( عليه
السلام ) لا يشهد . الحديث ( 1 ) .
ثانيتها : ما رواه بإسناده
عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي عن
بعض أصحابنا عنه ( عليه
السلام ) : المحرم لا ينكح ولاينكح ولا يشهد ، فإن نكح
فنكاحه باطل . ورواه الكليني
عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد مثله ، وزاد :
ولا يخطب ( 2 ) .
…………………………………………….
( 1 ) الوسائل باب 14 من
أبواب تروك الاحرام حديث 5 .
( 1 ) الوسائل باب 14 من
أبواب تروك الاحرام حديث 7
[ . . . ]
ثالثتها - مرسلة ابن شجرة عمن
ذكره عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في
المحرم يشهد على نكاح محلين
، قال : لا يشهد . ثم قال : يجوز للمحرم أن يشير بصيد
على محل ( 1 ) .
وقال الشيخ والصدوق : هذا
إنكار وتنبيه على أنه لا يجوز .
واورد على استدلال بها بوجوه
:
1 - ضعف السند ، وذلك لان
جميعها مرسلات ، مع أن الظاهر أن الثالثة عين
الاولى رويت مرتين مرة مع
الزيادة واخرى بدونها .
أضف الى ذلك : أن الثانية
يرويها أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي ،
والمحقق الاردبيلي ينكر
رواية أحمد عن الحسن بن علي ، ويحكم بسقوط الواسطه فهي
مرسلة من ناحيتين .
أقول : بعد الاغماض عن أن
راوي إحداها عثمان بن عيسى ، وقيل :
إنه من أصحاب الاجماع ،
وراوي الاخرى الحسن بن علي الفضال وهو أيضا
ممن قيل : إنه من أصحاب
الاجماع ، وسقوط الواسطة بين أحمد والحسين غيرر ثابت ،
وعلى فرضه لا يضر ، فإن أحمد
كان يخرج من قم من كان يروي عن الضعفاء فلا
يحتمل في حقه الرواية عن
ضعيف ، بل قيل في حقه : إنه ما كان يروى عن ابن محبوب
من أجل أن أصحابنا يتهمون
ابن محبوب في روايته عن الثمالي ، فلا يحتمل في مثل
هذا الشخص الرواية عن الضعيف
، بل الظاهر هو اطمئنانه بوثاقة جميع الوسائط -
أن الاصحاب عملوا بها وأفتوا
بما تضمنته ، فلو كان ضعف فيها ينجبر بالعمل .
2 - ما في المستند وهو :
أنها متضمنة للجملة الخبرية ، وهي لا تدل على اللزوم .
…………………………………………….
( 1 ) الوسائل باب 1 من
أبواب تروك الاحرام حديث 8 .
[ . . . ]
وفيه : ما حقق في محله من ان
الجملة الخبرية أظهر في اللزوم من الامر والنهي .
3 - أنه في كلمة يشهد
احتمالات :
الاول : أن يكون ثلاثيا
مجردا بصيغة المعلوم ، فمفاد النصوص حينئذ حرمة
حضور مجلس العقد ، وتحمل
الشهادة .
الثاني : أن يكون بصيغة
المعلوم ، مع كونه من باب الافعال فتدل النصوص على
عدم جواز أداء الشهادة .
الثالث : أن يكون بصيغة
المعلوم ، فمفادها عدم جواز طلب الشهادة من
المحرم على الغير ، وعلى هذا
فهي مجملة .
فإن قيل : إن مقتضى العلم
الجمالي بحرمة أحد ما ذكر يقتضي لزوم الاحتياط
فيجب ترك الجميع .
قلنا : إن مثل هذا العلم
الاجمالي بتكليف مردد بين شخصين لا يكون منجزا ،
وكل من طرفين يرجع في وظيفته
الى أصالة البراءة كما حقق في محلة .
وفيه : أن الاحتمال الثالث
خلاف الظاهر ، مع أنه على فرضه تعلق النهي
بصيرورته شاهدا ومقتضى
إطلاقه حينئذ حرمة إشهاد الغير إياه ، وحرمة تصديه
للشهادة .
وإن شئت قلت : إنه يدل على
مبغوضية صيرورته شاهدا ، فما هو السبب لذلك
وهو اختياره ، أو هو مع طلب
الغير أيضا يكون حراما ، بل الظاهر هو خصوص ما هو
الجزء الأخير من السبب وهو
اختياره وإرادته ، فعلى هذا أيضا تدل على حرمة
الحضور وتحمل الشهادة ، وأما
الاحتمالان الاولان فالظاهر هو الاول منهما ، فإنه لو
كان المراد به أداء الشهاده
كان يتعدى بالباء ، فالمتعين هو الاول ، فالمتحصل تمامية
دلالة النصوص على حرمة
الشهادة ، وسندها أيضا لا إشكال فيه فلا وجه للتوقف
[ . . . ]
في الحكم .
ومقتضى إطلاقها حرمة الشهادة
والتحمل ، كان الحضور للتحمل أو لم يكن ،
فما عن المدارك وفي المستند
من الاختصاص بالاول إنما هو من جهة أنهما ينكران
مدركية النصوص لهذا الحكم
إما لضعف السند كما عن الاول ، أو لقصور الدلالة كما
في الثاني ، وأن المدارك عند
هما هو الاجماع فلابد من الاقتصار على المتيقن وهو
خصوص الحضور لأجل تحمل
الشهادة ، ولكن حيث عرفت أن النصوص تامة
سندا ودلالة فلا مانع من
الاخذ بإطلاقها .
ومقتضى اطلاق النصوص : عدم
الفرق بين كون العقد للمحلين أو للمحرمين او
للمفترقين كما عليه الاصحاب
.
والمشهور على ما قيل : حرمة
أداء شهادة ، ففي الجواهر : وكذا تحرم عليه إقامة
أي : إقامتها على العقد كما
عن المبسوط والسرائر ، بل في رياض الى المشهور ، بل
في الحدائق : ظاهر هم
الاتفاق عليه . انتهى .
والمصنف - ره - هنا خلافا
للتذكرة والمنتهى والقواعد لم يتعرض لها ، وفي
الاولين حكم بحرمة إقامة
الشهادة ، وفي محكي القواعد استشكل في الحكم ، وكيف
كان فلا دليل على الحكم
المذكور ، وما ذكروه مدركا له عليل ، فإنهم ذكروار له وجهين :
الاول : دخولها في الشهادة
المنهي عنها في الاخبار المتقدمة ، فإن المنهي عنه هي
الشهادة أعم من تحملها أو
أدائها ، بل على ما في نسخة الوسائل م إثبات كلمة
على في مرسل ابن أبي شجرة
بعد كلمة يشهد يكون هو ظاهر في أداء الشهادة ،
لان الشهادة على شئ ظاهرة في
أدائها .
وفيه : أن الشهادة من الشهود
بمعنى الحضور مجلس النكاح
لاأداؤها وثبوت على غير محقق
، وقاعدة البناء على زائد لو دار الامر بين
[ . . . ]
الزيادة والنقصة وإن كانت
تامة ، إلا أن استناد الاصحاب الى خصوص الرواية
المتضمنة لكلمة على غير مسلم
، فإذا النصوص لا تشمل أداء الشهادة مع أنه على
فرض ثبوتها الخبر قابلا
للحمل على كل منهما ، فالمسلم هو حرمة الشهادة دون
أدائها .
الثاني : أنه قد مر أن قوله
( عليه السلام ) في ذيل المرسل الاخير : يجوز للمحرم
أن يشير بصيد على محرم ،
استفهام انكاري ، وتنبيه على أنه لا يجوز ، والمراد به تشبيه
الشهادة بالاشارة ، وأنه كما
لا يجوز كل ما هو دخيل في الصيد ولو بنحو الاعداد
كذلك لا يجوز كل ما هو دخيل
في النكاح ، ومنه أداء الشهادة ، إذ كما أن تحملها دخيل
فيه كذلك أداؤها .
وفيه أولا أن استناد الاصحاب
اليه بالخصوص غير ثابت ، فضعفه في نفسه
غير ثابت الجبر .
وثانيا : أن اداء الشهادة لا
دخل له في ثبوت النكاح أصلا ، وحضور الشاهد
مجلس القعد ، وإن كان مستحبا
ومن تلك الجهة لا بأس بتشبيهه بالاشارة الى الصيد ،
وأما أداؤها فلا دخل له في
النكاح بوجه ، بل إنما هو من وسائط إثباته في مقام النزاع
والدعوى ، فلا دليل على
حرمته أصلا ، والاجماع المنقول قد مر ما فيه مرارا .
فالاظهر عدم حرمته ، وما
ذكرناه هو الوجه في الاشكال من دون حاجة الى
الوجوه التى أشار اليها
المصنف - ره - في محكي القواعد .
منها : تمسك بأدلة حرمة
كتمان الشهادة الدالة على وجوبها عند الاحتياج
اليها .
ومنها : أنه يلزم ترتب مفاسد
عظيمة على عدم الشهادة .
ومنها : ان أداء الشهادة من
قبيل الاخبار لاالانشاء ، والخبر الصادق اذا لم
[ . . . ]
ترتب عليه ضرر لا يحسن
تحريمه .
ومنها أولوية جواز أداء
الشهادة من جواز الرجوع الى المعتدة في العدة
الرجعية ، لانه إيجاد للنكاح
دون أداء الشهادة ، مع أن للمناقشة في أكثر هذه الوجوه
مجالا واسعا ، إذ لو دل
الدليل على حرمة أداء الشهادة يوجب ذلك تخصيص أدلة حرمة
كتمانها ، ولو بنى على حرمته
للدليل إنما يلتزم به مع عدم ترتب مفسدة عظيمة على
تركه ، وإلا فيحكم بجوازه
اتباعا لقواعد باب التزاحم ، وكون الخبر الصادق لا يحسن
تحريمه ، غير بعد عدم علمنا
بمناطات الاحكام ، وجواز الرجوع الى معتدة في
العدة الرجعية إنما هو من
جهة أنها زوجة حقيقة ، وليس الرجوع إيجادا للنكاح وإلا
لما جاز .
ولا فرق في جواز أدائها بين
تحملها وهو محرم أو محل ، نعم إذا تحملها محرما مع
توجهه بحرمة الشهادة لا يكون
قوله حجة ، لفسقه ولكن اذا كان تحملها على وجه
الجائز كما لو أوقعا العقد ،
عنده من دون أن يتمكن من عدم الحضور فلا مانع من
قبول شهادته ، كما أنه لو
تحملها على وجه الحرام ولكن تاب بعد ذلك يقبل شهادته .
وما عن المبسوط من أنه لو
تحملها محرما لا يثبت النكاح بأدائها ولو كان محلا ،
إما لفسقه أو لان هذا الشهادة
شهادة مرغوب عنها شرعا فلا تعتبر وإن وقعت جهلا
أو سهوا أو اتفاقا ، يرد
عليه : أن دليلة الاول قد مر ما فيه ، وما ادعاه ثانيا مجرد دعوى
لا دليل عليها ، بل ظاهر
الادلة خلافها ، كما صرح به صاحب الجواهر ره .
[ . . . ]
السابعة : قال المصنف - ره -
في التذكرة : يكره الخطبة للمحرم وخطبة
المحرمة ، ويكره للمحرم أن
يخطب للمحلين . انتهى .
وفي الجواهر : تكره للمحرم
الخطبة كما في القواعد ومحكي المبسوط والوسيلة .
انتهى .
وعن ظاهر أبي علي الحرمة ،
ومال اليها بعض الاعاظم من المعاصرين ، وقد
استدل للحرمة بوجوه :
الاول : النبوي : لا ينكح
المحرم ولا ينكح ولا يشهد ولا يخطب ( 1 ) .
وفيه : أنه وإن كانت دلالته
تامة ، ولا يصغى الى ما قيل من أن الجملة الخبرية
لا تدل على اللزوم ، أو أنه
يحتمل أن يكون بصيغة المجهول أي لا يطلب الغير للخطبة
لان الجملة الخبرية أصرح في اللزوم
من الامر والنهي ، وكونه بصيغة المجهول خلاف
السياق ، فإن بقية الجمل
بصيغة المعلوم ، إلا أنه ضعيف السند ، واستناد الاصحاب اليه
بالنسبة الى سائر جمله غير
ثابت لو لم يكن ثابت الخلاف ، مع أنه لو سلم استنادهم
اليه فهو بالنسبة الى تلك
الجمل دون هذه الجملة التي لم يفت المشهور على طبقها ،
ولا مانع من جبر ضعف الخبر
بالنسبته الى بعضه ، وعدم جبره بالنسبة الى الاخر بعد
انحلاله الى أخبار عديدة .
الثاني : ما رواه الكليني عن
عدة من أصحابنا عن أحمد عن محمد بن عيسى
عن الحسن بن علي عن بعض
اصحابنا عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : المحرم لا ينكح
…………………………………………….
1 - سنن البيهقي ج 5 ص 65
وليس في " ولا يشهد " .
[ . . . ]
ولا ينكح ولا يشهد ولا يخطب
فإن نكح فنكاحه باطل ( 1 ) . وهذا الخبر وإن لم يكن
بمرتبة النبوي في الضعف ،
فإن الحسن قيل : من أصحاب الاجماع ، والراوي عنه أحمد
بن محمد بن عيسى الذي كان
يخرج من قم من كان يروي عن الضعفاء ، ولا يحتمل
في حقه أن يروي عن الضعيف
ولو مع الواسطة ، وروايته في التهذيب بدون جملة ولا
يخطب لا تضر بعد كون الكليني
أضبط من الشيخ ، وثبوت قاعدة البناء على زائد
لو دار الامر في الخبر بين
الزيادة والنقصان ، ولكن إعراض الاصحاب عنه وعدم
إفتائهم بحرمة الخطبة يوجب
وهنه وضعفه فلا يعتمد عليه .
الثالث : ما في مرسل الاخير
: يجوز للمحرم أن يشير بصيد على محل ، فإنه كما
عرفت يدل على حرمة كل ما له
دخل في النكاح ، والخطبة دخلية في النكاح كدخل
الاشارة في الصيد فلا تجوز .
وفيه : ما تقدم عدم ثبوت
استناد الاصحاب الى ذلك المرسل سيما ذيله
فضعفه لا جابر له ، فإذا لا
دليل على الحرمة .
واستدل للكراهة : بالنصوص
المتقدمة بدعوى : أنها لضعفها لا تصلح مدركا
للحرمة ، لكنها تصلح مدركا
للكراهة ولو بواسطة قاعدة التسامح في أدلة الاحكام غير
الالزامية ، وبما في التذكرة
قال : لانه ينسب الى الحرام فكان مكروها كالصرف .
ولكن يرد على الاول : أن
قاعده التسامح الثابتة بأخبار من بلغ مختصة
بالمستحبات ، ولا مورد لها
في المكروهات .
ويرد على الثاني : أنه لا
يخرج عن القياس إن اريد إثبات الكراهة قياسا
بكراهة الصرف الداعي الى
الربا ، وتخرص بالغيب إن كان المراد إثباتها بما ذكر من
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 14 من أبواب
تروك الاحرام حديث 7
[ والاستمناء ]
العلة ، فتحصل : أنه لا دليل
على الحرمة ولا الكراهة ، فالاظهر بحسب الادلة جوازها
من غير كراهة ، ولكن
الاحتياط بتركها لا ينبغي تركه .
( و ) منها : ( الاستمناء )
باليد أو الملاعبة أو غيرهما ، بلا خلاف أجده فيه كما
في الجواهر ، وبلا خلاف على
الظاهر المصرح به في بعض العبائر كما في الرياض ، وبلا
ريب كما في محكي المدارك ،
بل بلا خلاف .
والنصوص المربوطة بالمقام
طوائف :
الاولى : ما ظاهره الحرمة من
ناحية الاحرام كصحيح عبد الرحمان بن الحجاج
قال سألت أبا الحسن ( عليه
السلام ) عن الرجل يعبث بأهله وهو محرم حتى يمنى من
غير جماع أو يفعل ذلك في شهر
رمضان ماذا عليهما ؟ قال : عليهما جميعا الكفارة مثل
ما على الذي يجامع ( 1 ) .
وموثق إسحاق بن عمار عن أبي
الحسن ( عليه السلام ) : قلت : ما تقول في محرم
عبث بذكره فأمنى ؟ قال (
عليه السلام ) أرى عليه مثل ما على من أتى أهله وهو محرم
بدنة والحج من قابل ( 2 ) .
وهذان الخبران وإن اختصا
بالعبث بالاهل وباليد إلا أن الظاهر تمامية ما أفاده
في الجواهر ، قال بل الظاهر
عدم الفرق بين أسبابه من الملاعبة والتخيل والخضخضة
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 14 من أبواب
كفارات الاستمتاع في الاحرام حديث 1 .
2 - الوسائل باب 15 من أبواب
كفارات الاستمتاع في الاحرام حديث 1 .
[ . . . ]
وغير ذلك كما صرح به غير
واحد حتى السيد في الجمل . انتهى .
الثانية : ما ظاهره عدم
الحرمة من هذه الجهة كصحيح البزنطي عن سماعة عن
الامام الصادق ( عليه السلام
) : في المحرم تنعت له مرأة الجميلة الخلقة فيمنى ، قال
( عليه السلام ) : ليس عليه
شئ ( 1 ) .
وما رواه البزنطي عن بعض
أصحابنا عنه ( عليه السلام ) في محرم استمع على
رجل يجامع أهله فأمنى ، قال
( عليه السلام ) : وليس عليه شئ ( 2 ) ونحوهما غيرهما
الثالثة : ما يدل على الفرق
بين الصدور فعل خارجي منه فيحرم ، وعدمه فلا يحرم
كخبر دعائم الاسلام عن جعفر
بن محمد عليهما السلام قال : المحرم يحدث نفسه
بالشهوة من النساء فيمنى .
قال ( عليه السلام ) لا شئ عليه . قال : فإن عبث بذكره
فأنعظ فأمنى . قال : هذا
عليه مثل ما على من وطأ ( 3 ) .
وقد يقال : إن الجمع بين
النصوص يقتضي البناء على ما تضمنته الطائفة
الأخيرة فإنها أخص منهما ،
بل الطائفة الاولى بنفسها مختصة بما اذا صدر من المحرم
فعل خارجي كالعبث بذكره أو
بزوجته ، والطائفة الثانية مختصة بما اذا لم يصدر منه
فعل خارجي ، بل كان مجرد الاستماع
.
ولكن يرد عليه : أن خبر
دعائم الاسلام ضعيف ، لارساله ، ولعدم ثبوت وثاقة
مؤلف ذلك الكتاب ، والطائفة
الاولى وإن اختصت بالعبث بالذكر والاهل إلا أن
الاصحاب فهموا منها المثالية
لكل ما يستدعي به خروج المني ، ولذا التزموا به في
التخيل وحديث النفس بالشهوة
من النساء ، وعلى ذلك فهذا الجمع لا يكون عرفيا .
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 20 من أبواب
كفارات الاستمتاع في الاحرام حديث 1 .
2 - الوسائل باب 20 من أبواب
كفارات الاستمتاع في الاحرام حديث 2 .
3 - المستدرك باب 8 من أبواب
كفارات الاستمتاع في الاحرام حديث 1 .
[ . . . ]
والحق أن يقال : إن الجمع
يقتضي البناء على أنه لو قصد بما أوجب خروج
المني من الفعل الخارجي أو
النفساني كان حراما ، ولو لم يقصد وسبقه المني لا يكون
كذلك ، وشاهد هذا الجمع : أن
استماع نعت الجميلة ومجامعة الرجل أهله بنفسه ليس
من أسباب خروج المني عادة ،
فنزول المني كان اتفاقيا وعن غير قصد بخلاف العبث
بالاهل أو الذكر ، فإنه من
الاسباب العادية ، وعليه فالنصوص الاولى مختصه بما اذا
قصد خروج المني ، والثانية
مختصة بما اذا لم يقصد وسبقه المني ، ولكن بما ان خروج
المني بعد الاستماع لا يكون دفعيا
ومن غير سبق توجه الانسان به ، فأول الاستماع إن
لم يكن قاصدا لخروجه ففي
آخره لا محالة قاصد له ، فمن هذه الجهة لا فرق بين
الموردين .
ودعوى : فهم المثالية مما
ذكر في الطائفة الاولى ، لا تنافي ذلك ، فإنه يتعدي عن
المثالين الى كل فعل خارجي
موجب لذلك ، فالاصح هو الجمع الاول ، ويؤيده خبر
دعائم الاسلام .
ثم إنه يعتبر في الحرمة
زائدا على أن يقصد بفعل خارجي خروج المني خروجه
منه ، وإلا فالمقدمات من دون
أن يترتب عليها ذلك لا تكون مشمولة لهذا الحكم .
هذا كله من ناحية الاحرام ،
وأما الاستمناء المحرم في نفسه فهو عام شامل
لجميع الاسباب اعم من كونه
بالفعل الاخارجي أو غيره ، وفي إلحاق استمناء المحرمة
باستمناء المحرم ؟ وجهان
تقديما في نظائره ، ولعل الاصح الالحاق .
[ والطيب ]
( و ) منها : ( الطيب ) بلا
خلاف فيه في الجملة .
وفي الجواهر : إجماعا في
الجملة بين المسلمين فضلا عن المؤمنين . انتهى .
وفي المستند : إجماعا محققا
ومحكيا . وانتهى .
وفي المنتهى : الطيب حرام
على المحرم وهو قول علماء الاسلام . انتهى .
وفي التذكرة : يحرم على
المحرم الرجل والمرأة الطيب أكلا وشما وإطلاءا بإجماع
علماء الامصار . انتهى .
ولكن اختلفوا في الطيب
المحرم عليهما على أقوال :
1 - ما عن المفيد والصدوق في
المقنع والسيد والحلبي والحلي وظاهر الاسكافي
والعماني والشيخ في مبسوط
والمحقق والمصنف في أكثر كتبه منها : المتن ، وجملة من
متأخري المتأخرين بل أكثرهم
، وهو : التعميم بالنسبة الى كل طيب عدا ما سيأتي
استثناؤه .
2 - ما عن الخلاف والنهاية
والوسيلة وهو : أنه إنما يحرم المسك والعنبر
والزعفران والورس والعود
والكافور ، بل عن الخلاف دعوى الاجماع عليه .
3 - ما عن الجمل والعقود
والمهذب والاصباح والاشارة وهو : حصره في خمسة
بإسقاط الورس ، وعن الغنية نفي
الخلاف عن حرمتها .
4 - ما عن الصدوق في المقنع
أيضا ، والتهذيب والجامع والذخيرة والكفاية وهو
: الاقتصار على أربعة :
المسك الزعفران والعنبر والورس .
وعن الارشاد وجمع من متأخري
المتأخرين : التردد في التعميم أو التخصيص .
[ . . . ]
ثم إن في المقام نزاعين آخرين
:
أحدهما : في موضوع الطيب على
القول بالتعميم .
ثانيهما : في متعلق الحكم
وان المحرم هو الشم والاكل ، أو هما مع الاطلاء ، أو
كل فعل متعلق به ، بل نزاع
ثالث وهو في موارد الاستثناء .
فالكلام في موارد :
الاول في الحكم ، وأنه مطلق
أو مختص ببعض الانواع .
الثاني : في الموضوع .
الثالث : في المتعلق .
الرابع : في ما استثني .
أما الاول : فقد عرفت أن فيه
أقوالا ، ومنشأ الاختلاف النصوص ،
فإنها على طوائف :
الاولى : ما يدل على التعميم
كصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ( عليه
السلام ) : لا تمس شيئا من
الطيب ولا من الدهن في إحرامك واتق الطيب في طعامك
وامسك على أنفك من الرائحة
الطيبة ولا تمسك عليه من الرائحة المنتنة فإنه لا ينبغي
للمحرم أن يتلذد بريح طيبة (
1 ) .
ومرسل حرير عنه ( عليه
السلام ) لا يمس المحرم شيئا من الطيب ولا الريحان
ولا يتلذذ به ولا طيبة فمن
ابتلى بذلك فليتصدق بقدر ما صنع قدر سعته ( 2 ) .
ومثله صحيحه ، إلا أنه ليس
فيه ، ولا بريح طيبة ، وبدل قدر سعته : بقدر
…………………………………………….
1 - الوسائل باب 18 من أبواب
تروك الاحرام حديث 5 .
2 - الوسائل باب 18 من أبواب
تروك الاحرام حديث 6 .
[ . . . ]
شيعة ( 1 ) . يعني من الطعام
.
وصحيح الحلبي ومحمد بن مسلم
: جميعا عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : المحرم
يمسك على أنفه من الريح
الطيبة ولا يمسك على أنفه من الريح الخبيثة ( 2 ) .
ومثله صحيح الحلبي ( 3 ) إلا
أن فيه بدل الريح الخبيثة : الريح المنتنة ومثله
صحيح هشام ( 4 ) .
وموثق الساباطي عن أبي عبد
الله ( عليه السلام ) عن المحرم يأكل الاترج ،
قال : نعم . قلت : له رائحة
طيبة قال : الاترج طعام ليس هو من الطيب ( 5 ) . فإنه يدل
بالتعليل على انه لو كان
طيبا لحكم بالاجتناب عنه .
ومثله في وجه الدلالة صحيح
ابن سنان عن إمامنا الصادق ( عليه السلام ) عن
الحناء فقال : إن المحرم
ليمسه ويداوي به بغيره وما هو بطيب وما به بأس ( 6 ) .
وصحيح عبد الله بن سنان عنه
( عليه السلام ) : لا تمس ريحانا وأنت محرم ولا
شيئا فيه زعفران ولا تطعم
طعاما فيه زعفران ( 7 ) . ونحوها غيرها .
وأورد على الاستدلال بها
بوجوه :
أحدها : ما عن الذخيرة ، قال
ولا يخفى أن دلالة هذه الاخبار على التحريم
غير واضحة والاصل يقتضي
حملها على الكراهة ويناسب ذلك قوله : لا ينبغي .
انتهى .
…………………………………………….
( 1 ) الوسائل باب 18 من
أبواب تروك الاحرام حديث 11 .
( 2 - 3 - 4 ) الوسائل باب
24 من أبواب تروك الاحرام حديث 1 .
( 5 ) الوسائل باب 26 من
أبواب تروك الاحرام حديث 2 .
( 6 ) الوسائل باب 23 من
أبواب تروك الاحرام حديث 1 .
( 7 ) الوسائل باب 18 من
أبواب تروك الاحرام حديث 3 .
[ . . . ]
وفيه أن إنكار دلالتها عليه لعله
من جهة إنكاره ظهور النهي في التحريم وقد
حقق بطلانه وأما كلمة لا
ينبغي فهي لو لم تكن في الاخبار ظاهرة في الحرمة لا
تكون ظاهرة في خلافها فلا
تصلح قرينة لرفع اليد عن ظهور الاخبار في الحرمة
ووجوب الترك .
ثانيها : ما في المستند قال
: إن جملة من النصوص لتضمنها لجملة الخبرية أو لما
يحتملها ليست دالة على
التحريم وكذا طائفة أخرى متضمنة للفظ لا ينبغي وما
تضمن التعليل المذكور يمكن
أن يكون لنفي الكراهة .
وفيه أولا : اعترافه بأنه
يبقى طائفة قليلة منها دلالة على المطلوب وهي كافية .
وثانيا : أن الجملة الخبرية
أصرح في اللزوم من الامر والنهي .
ثالثها : إن صحيح حريز
المتقدم مشتمل على الريحان وحيث إنه مكروه فالنهي
المتعلق به وبالطيب محمول
على الكراهة .
وفيه أولا : أن لفظ لا الذي
صدر به الريحان نهي لا زائدة وحمله على
الكراهة لا يستلزم حمل النهي
عن الطيب عليها .
وثانيا : ما أشرنا اليه
مرارا من أنه لو نهى عن أشياء ثم رخص في فعل بعضها
ولم يرخص في فعل الآخر يحكم
بحرمة ما لم يرخص في فعله خاصة فالنصوص سندا
ودلالة تامة .
الطائفة الثانية : ما يدل
على الانحصار بأربعة كصحيح معاوية عن الامام
الصادق ( عليه السلام )
المتضمن صدره لما تقدم منه في الطائفة الاولى إلا أن في ذيله :
واتق الطيب في زادك فمن
ابتلى بشئ من ذلك فليعد غسله وليتصدق بصدقة بقدر ما
صنع وإنما يحرم عليك من
الطيب أربعة أشياء : المسك والعنبر والورس والزعفران غير
[ . . . ]
أنه يكره للمحرم الادهان
الطيبة إلا المضطر الى الزيت أو شبهه يتداوي به ( 1 ) .
وصحيحه الآخر عنه ( عليه
السلام ) : إنما يحرم عليك من الطيب أربعة اشياء :
المسك والعنبر والزعفران
والورس غير أنه يكره للمحرم الادهان الطيبة الريح ( 2 ) .
وخبر عبد الغفار قال : سمعت
أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : الطيب المسك
والعنبر والزعفران والورس (
3 ) .
ومرسل الصدوق قال الصادق (
عليه السلام ) : يكره الطيب أربعة أشياء
للمحرم : المسك والعنبر
والزعفران والورس وكان يكره من الادهان الطيبة الريح ( 4 ) .
الثالثة : ما تضمن أربعة إلا
أنه بدل الورس في النصوص السابقة : العود
كصحيح ابن أبي يعفور عن أبي
عبد الله ( عليه السلام ) قال : الطيب والمسك والعنبر
والزعفران والعود ( 5 ) .
الرابعة : ما تضمن منع الميت
المحرم من الكافور فانها تدل على منع الحي منه
بالاولوية هذه تمام النصوص
فقد استدل القائلون بالتعميم بالطائفة الاولى
والقائلون بالقول الاخير
بالطائفة الثانية وبها قيدوا إطلاق الاولى .
واستدل أصحاب القول الثالث
بأنه مقتضى الجمع بين الطائفتين : الثانية
والثالثة المقيدين لاطلاق
الاولى .
وأما أصحاب القول الثاني فقد
قالوا : إن الجمع بين الطوائف الاخيرة ثم تقييد
…………………………………………….
( 1 ) الوسائل باب 18 من
أبواب تروك الاحرام حديث 8 .
( 2 ) الوسائل باب 18 من
أبواب تروك الاحرام حديث 14 .
( 3 ) الوسائل باب 18 من
أبواب تروك الاحرام حديث 16 .
( 4 ) الوسائل باب 18 من
أبواب تروك الاحرام حديث 19 .
( 5 ) الوسائل باب 18 من
أبواب تروك الاحرام حديث 15
[ . . . ]
الاولى بها يقتضي ذلك .
وللقوم في الجمع بين هذه
النصوص مسالك :
الاولى : ما أفاده صاحب
الجواهر - ره - وحاصله : أن أخبار الحصر بالاربعة
من جهة أنه لم يعمل بها إلا
نادر حتى أن الشيخ الذي قال به في التهذيب قد رجع عنه
في المبسوط والخلاف أن الجمع
بينها وبين الطائفتين الاخيرتين يقتضي صرفها عن
ظاهرها بالنسبة الى العود
والكافور فيكون مجازا بالنسبة الى ذلك - حملها على ما هو
أغلظ تحريما أو المختص
بالكفارة من تخصيص العمومات بها وحملها على الحصر
الاضافي وذلك لان التخصيص
وإن كان أرجح من المجاز حيث ما تعارضا ولكن إذا
لزم المجاز على كل تقدير لا
ريب في أن اختيار فرد منه يجامع العموم أولى من الذي
يلزم معه التخصيص .
وأيد ذلك بكثرة نصوص التعميم
وعمل المشهور بها واشتمال بعضها على
التعليل : بأنه لا ينبغي
للمحرم التلذذ بذلك المناسب لمعنى الاحرام .
وبما ورد في دعائه من إحرام
الانف وغيره فيكون الظن بها أقوى .
اقول : يرد على ما أفاده -
قده - أمور :
1 - أن الدليل الظاهر في
الحصر يدل بالمنطوق على شئ وبالمفهوم على
الآخر وإذا كان مفهومه مطلقا
وورد عليه قيد يقيد إطلاق مفهومه وحيث إن التصرف
في المفهوم من دون أن يتصرف
في المنطوق غير ممكن يقال : إنه يحمل الحصر في ذلك
الشئ على الحصر الاضافي
بمعنى أنه يتصرف في ما ورد عليه الحصر وإلا فأداة
[ . . . ]
الحصر باقية على ما هي عليه
من المعنى الموضوع له والمستعمل فيه من دون أن يلزم
مجاز أصلا .
وبالجملة التصرف إنما يكون
في مدخول الاداة لا نفس أداة الحصر ومعلوم
أن التصرف فيه بإضافة قيد
ليس من المجاز بشئ .
2 - أن الخاص مقدم على العام
مطلقا من جهة حكومة القرينة على ذي
القرينة ولا وجه لملاحظة
النسبة بين العام وخاصه .
3 - المؤيدات المذكورة شئ
منها لا ينافي مع تخصيص العام : إذا القرآن يخصص
عمومه بخبر الواحد فضلا عن
النصوص المتواترة أو الكثيرة والتعليل المشار اليه
عام بنفسه قابل للتقييد وكذا
الدعاء .
الثاني : ان يحمل نصوص
التعميم على الحرمة فقط دون ثبوت الكفارة ويحمل
غيرها من الطوائف على ثبوت
الكفارة أيضا .
وفيه : أنه جمع تبرعي لا
شاهد له .
الثالث : ما عن الاستبصار
فإنه بعد ما ذكر خبر ابن أبي يعفور من
الطائفة الثالثة وخبر عبد
الغفار من الطائفة الثانية وتأولهما بأن ذكر هذه الاشياء إنما
وقع تعظيما لها وتفخيما ولم
يكن القصد بيان تحليلهما أو تحريمهما - قال : إن هذين
الخبرين ليس فيهما أكثر من
الاخبار : بأن الطيب أربعة أشياء وليس فيهما ذكر ما
يجب اجتنابه على المحرم وانه
إنما تأولهما لذكر الاصحاب لهما في أبواب ما يجب على
المحرم اجتنابه وإلا فلا
حاجة الى تأويلهما وتبعه فيما ذكره أخيرا الفاضل النراقي .
ره .
أقول : يرد عليه أولا : أن
الامام ( عليه السلام ) ليس شأنه بيان الموضوع
الخارجي بلا نظر الى الحكم
بل هو إنما يبين موضوع الحرمة .
[ . . . ]
وثانيا : أن نصوص حرمة الطيب
تثبت الحكم على فرض وجود الطيب ولا
تعرض لها للموضوع فإذا بين
الشارع الموضوع لا محالة يكون حاكما عليها ومقدما .
وأما ما ذكره سيد المدارك
تأييدا لذلك بزيادة : وخلوق الكعبة . لا بأس به في
آخر خبر عبد الغفار فيرد
عليه أن ذلك ليس في الرواية وإنما هو من كلام الشيخ .
والحق أن يقال إن ما دل على
منع الميت من الكافور - لا يصح الاستدلال به
في المقام : لعدم ثبوت
الاولوية وأما الطائفة الثانية والثالثة فهما وإن كانتا متعارضتين
في بادئ النظر من جهة ورود
كل منهما في مقام تحديد موضوع التحريم إلا أن الجمع
بينهما إنما يكون بتقييد
مفهوم كل منهما بمنطوق الاخرى فالنتيجة : كون الموضوع
هو الخمسة لا الاربعة
ونسبتهما مع الطائفة الاولى نسبة الخاص والمقيد مع العام
والمطلق فيقيد إطلاقها بهما
فتكون النتيجة اختصاص الحرمة بالخمسة .
وينبغي التنبيه على امور
يتضح بها جهات البحث في المقام :
1 - أن غير الخمسة المتقدمة
من أنواع الطيب استعمالها يكون مكروها لقوله
في صدر صحيح معاوية المتقدم المشتمل
على حصر المحرم في الاربعة : لا ينبغي
للمحرم أن يتلذذ بريح طيبة .
الى آخره ونحوه غيره .
2 - لا فرق في حرمة الطيب
على المحرم بين إحداثه بعد الاحرام واستدامته
فكما يحرم عليه بعد الاحرام
التطيب كذلك يحرم عليه إبقاءه حين إنشاء الاحرام إذا
تطيبت به قبله بلا خلاف يعرف
كما في المستند ويشهد به خبر حماد بن عثمان .
[ . . . ]
قلت لابي عبد الله ( عليه
السلام ) : أني جعلت ثوبي إحرامي مع أثواب قد جمرت فأخذ
من ريحها . قال ( عليه
السلام ) : فانشرها في الريح حتى يذهب ريحها ( 1 ) .
وصحيح الحلبي عنه ( عليه
السلام ) : لا تدهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه
مسك ولا عنبر من أجل أن
رائحته تبقى في رأسك بعد ما تحرم ( 2 ) . الحديث . ونحوهما
غيرهما .
3 - لا فرق في حرمة الطيب
بعد الاحرام بين الحدوث والبقاء فإذا تطيب بعد
الاحرام أو تلطخ ثوبه به في
حال النوم مثلا وجب عليه إزالته كما صرح به غير واحد
منهم : المصنف ره .
ويشهد به خبر إسحاق بن عمار
عن الامام الصادق ( عليه السلام ) عن المحرم
يمس الطيب وهو نائم لا يعلم
قال ( عليه السلام ) يغسله وليس عليه شئ وعن
المحرم بدهنه الحلال بالدهن
الطيب والمحرم لا يعلم ما عليه قال ( عليه السلام )
يغسله وليحذر ( 3 ) ونحوه
غيره .
وهل يجوز أن يزيله بيده
وبمباشرته كما عن التهذيب والتحرير أم يأمر الحلال
بغسله أو يغسله بآلة كما عن
الدروس ؟ وجهان استدل للثاني بحرمة مس الطيب
بنفسه وإن أزاله بيده لزم
منه المس المحرم فلا يجوز .
واورد عليه : بأن المس وإن
كان حراما إلا أنه اذا توقف الواجب أو ترك الحرام
والتخلص منه عليه صار جائزا
ألا ترى أن الخروج عن الدار الغصبي مع أنه تصرف
في مال الغير وحرام بنفسه
ولكن حيث يتوقف عليه التخلص عن البقاء في الدار
…………………………………………….
( 1 ) الوسائل باب 18 من
أبواب تروك الاحرام حديث 4 .
( 2 ) الوسائل باب 29 من
أبواب تروك الاحرام حديث 1 .
( 3 ) الوسائل باب 22 من
أبواب تروك الاحرام حديث 4
[ . . . ]
يكون جائزا فكذلك في المقام
.
ولكن يرده : انه إن تم فإنما
هو في صورة الانحصار وإما مع التمكن من إتيان
الواجب والتخلص من الحرام
بطريق آخر مباح لا يصير الحرام جائزا .
وبعبارة اخرى : الحرام الذي
يكون مقدمة لواجب إذا جاز فإنما هو في صورة
التوقف واما مع إمكان إتيان
. الواجب بنحو لا يرتكب الحرام فلا إشكال في عدم
الجواز .
فالحق : أن يستدل للجواز
بالنصوص الخاصة .
منها : خبر إسحاق المتقدم :
ومنها : مرسل ابن أبي عمير
عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام في
محرم أصابه طيب فقال ( عليه
السلام ) لا بأس أن يمسحه بيده أو يغسله ( 1 ) . ونحوه
مرسله الآخر عن الامام
الصادق ( عليه السلام ) ( 2 ) ونحوها غيرها .
وأورد عليها تارة بضعف السند
واخرى بان جملة من النصوص الصحيحة دلت
على حرمة المس والاصحاب
عملوا بها ولا يمكن رفع اليد عنها بهذه النصوص .
ويرد الاول : أن مرسلات ابن
أبي عمير بحكم الروايات الصحيحة فإنه لا
يرسل إلا عن ثقة وبقية رجال
السند ثقات .
ويرد الثاني : أن هذه النصوص
أخص منها فيقيد إطلاقها بها فالاظهر هو
الجواز .
4 - اذا توقف إزالة الطيب
على استعمال الماء وكان عنده ماء يكفي لها أو
…………………………………………….
( 1 ) الوسائل باب 22 من
أبواب تروك الاحرام حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 22 من
أبواب تروك الاحرام حديث 3 .
[ . . . ]
للوضوء وقد حضر وقت الصلاة فهل
يجب صرفه في الازالة ويتيمم للصلاة كما عن
الشهيد - قده - وقواه سيد
المدارك أو يجب صرفه في الوضوء أم يفصل بين الوقت
وخارجه ففي الاول يصرفه في
الوضوء وفي الثاني في الازالة كما اختاره صاحب
الحدائق ره أم يتخير بينهما
؟ وجوه .
قد استدل للاول : بأن من
مرجحات باب التزاحم أن يكون لاحد الواجبين
بدل دون الآخر فإنه يقدم عند
التزاحم ما ليس له بدل فان به يمتثل كلا التكليفين
اما ما قدمه فواضح وأما
الآخر فللاتيان ببدله .
وفيه : أن هذا وإن كان
مشهورا بين الاصحاب إلا أنه لم يدل عليه دليل شرعي
ولا عقلي وما ذكر في وجه ذلك
يرده : أنه يمكن أن يكون لماله البدل خصوصية لاجلها
لا يرضى الشارع بتركها
والانتقال الى بدله ويكون ذلك بمرتبة من الاهمية يقدم
على غيره .
واستدل للثاني : بأن الطيب
عند الضرورة لا يجب رفعه ومنها المقام .
وفيه : إنه إذا وجب صرف ما
عنده من الماء في الوضوء تم ذلك ومع عدم وجوبه
لا يتم كما لا يخفى فإثبات
الوجوب به دور واضح .
واستدل للثالث : بأنه في
الوقت مخاطب بالوضوء وهو متمكن منه والتيمم مع
فرض التمكن من الوضوء غير
مشروع فيسقط وجوب الازالة للضرورة وأما في
خارج الوقت فهو غير مخاطب
بالوضوء فلا مزاحم لوجوب الازالة فهو المتعين .
أقول : يرد على ما افيد أولا
: أنه لو وجب صرف الماء في الوضوء كان ما ذكر
تاما ولكن الكلام في ذلك
فإنه وإن كان في الوقت إلا أنه يحتمل أن يكون مأمورا
بصرف ما عنده من الماء في
الازالة فهو فاقد للماء فيجب عليه التيمم .
وبعبارة اخرى : كما يصلح
دليل وحوب الوضوء لان يوجب سقوط دليل
[ . . . ]
وجوب الازالة كذلك دليل وجوب
الازالة يصلح لان يوجب سقوط وجوب الوضوء
وانتقال الفرض الى التيمم
والكلام إنما هو في تقديم أحدهما .
وأما ما ذكره ثانيا فيرد
عليه : أن المعروف بين الاصحاب أن من يعلم أنه لا
يتمكن من الماء بعد دخول
الوقت ليتوضأ به لا يجوز له إراقة ما عنده من الماء ويجب
أن يتوضأ به قبله أو يحفظ
فيتوضأ به بعد الوقت فإذا لا دليل على تقديم أحدهما على
الآخر فالاظهر هو التخيير .
5 - لا اختصاص لهذا الحكم
بالرجال ويعم النساء كما مر وعن المصنف - ره
- والفاضل النراقي دعوى
الاجماع عليه .
ويشهد له : مضافا الى ما
تقدم - تصريح بعض النصوص بذلك كصحيح
النضر بن سويد الآتي عن أبي
الحسن ( عليه السلام ) في حديث : أن المرأة المحرمة لا
تمس طيبا ( 1 ) . بل الظاهر
أن أهل العرف لا يشكون في أن المراد بالمحرم في النصوص
هو الجامع بين الرجل والمرأة
وإنما ذكر للتبعية كما لا ينبغي التوقف في جريان قاعدة
الاشتراك في مثل هذه الاحكام
التي لا وجه لتوهم اختصاصها بالرجال .
بيان
ما يحرم من الطيب على المحرم
وأما المورد الثاني فهو في
بيان الموضوع وأن الطيب المحرم على المحرم على
القول بالتعميم أو المكروه
على ما اخترناه ما هو ؟ وبيان مفهومه سعة وضيقا .
ففي التذكرة : الطيب ما تطيب
رائحته ويتخذ للشم كالمسك والعنبر والكافور
…………………………………………….
( 1 ) الوسائل باب 18 من
أبواب تروك الاحرام حديث 7 .
[ . . . ]
والزعفران وماء الورد
والادهان الطيبة كدهن البنفسج والورس والمعتبر أن يكون
الغرض منه التطيب أو يظهر
فيه هذا الغرض انتهى ومثله ما في المنتهى الى قوله
والمعتبر .
وعن الشهيد : أنه كل جسم ذي
ريح طيبة بالنسبة الى معظم الامزجة أو الى
مزاج المستعمل غير أمر الرياحين
وقريب منه ما عن المسالك واستحسنه سيد
المدارك وغيره من الاساطين
فالمستفاد من هذه الكلمات : أن الريح الطيبة ليست
من الطيب .
ويشهد به خبر حريز عن الامام
الصادق ( عليه السلام ) : لا يمس المحرم شيئا
من الطيب ولا الريحان ولا
يتلذذ به ولا بريح طيبة ( 1 ) إذ المقابلة أية التعدد بل الطيب
اسم لما تطيب رائحته كما أن
كل ماله رائحة طيبة ليس هو الطيب .
ويشهد بذلك موثق الساباطي
عنه ( عليه السلام ) عن المحرم يأكل الاترج .
قال : نعم قلت : له رائحة
طيبة قال ( عليه السلام ) الاترج طعام ليس هو من
الطيب ( 2 ) . ونحوه غيره بل
هو ما يكون الغرض منه التطيب .
وبعبارة اخرى : أنه كل ما له
رائحة طيبة هي المقصودة والغرض منه .
وأما ما عن مصباح الشيخ من
استثناء الفاكهة منه فلا ينافي ذلك فإنه قابل
للحمل على الاستثناء المنقطع
وبذلك يظهر حال سائر ما استثنى في كلمات الفقهاء
مما لا ينطبق عليه التعريف
المذكور .
ثم إنه لا بأس ببيان النبات
الطيب وأحكامه .
اما الاول : فعن المصنف
تقسيمه الى أقسام ثلاثة .
…………………………………………….
( 1 ) الوسائل باب 18 من
أبواب تروك الاحرام 6 .
( 2 ) الوسائل باب 26 من
أبواب تروك الاحرام حديث 2 .
[ . . . ]
1 - ما لا ينبت للطيب ولا
يتخذ منه كالشيح والقيصوم والخزامي والفواكه كلها
من الاترج والتفاح والسفرجل
وأشباهها .
2 - ما ينبته الآدميون للطيب
ولا يتخذ منه طيب كالريحان الفارسي
والمرزبخوش والنرجس .
3 - ما يقصد شمه ويتخذ منه
الطيب كالياسمين والورد والنيلوفر .
وأما الاحكام هذه الاقسام
فالمشهور في القسم الاول عدم حدمته وعدم تعلق
الكفارة به بل الظاهر أنه
المتفق عليه بينهم .
ويشهد به جملة من النصوص
كموثق عمار المتقدم : الاترج طعام ليس هو من
الطيب . وهو بعموم التعليل
يدل على عدم الحرمة وعدم ثبوت الكفارة في بقية أفراد
هذا القسم .
وصحيح معاوية بن عمار عن
الامام الصادق ( عليه السلام ) : لا بأس أن تشم
الاذخر والقيصوم والخزامي
والشيخ وأشباهه وأنت محرم ( 1 ) . ونحوهما غيرهما .
وبها يرفع اليد عن ظاهر مثل
مرسل ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن
أبي عبد الله ( عليه السلام
) عن التفاح والاترج والنبق وما طاب ريحه فقال : يمسك
على شمه ويأكله ( 2 ) في
الوجوب ويحمل على الاستحباب .
وأما القسم الثاني فعن الشيخ
- ره - عدم حرمته وعدم تعلق الكفارة به .
وعن المصنف - ره - في
التحرير : حرمته .
أقول إن صدق عليه الريحان
فسيأتي حكمه بعد بيان أحكام هذه الاقسام
…………………………………………….
( 1 ) الوسائل باب 25 من
أبواب تروك الاحرام حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 26 من
أبواب تروك الاحرام حديث 3
[ . . . ]
وإن لم يصدق فالاظهر عد
حرمته لعدم الدليل والمفهوم العلة في ( موثق عمار ولصحيح
معاوية المتقدم : لا بأس أن
تشم الاذخر والقيصوم والخزامي والشيح وأشباهه وأنت محرم .
اللهم إلا أن يقال : إن
المراد باشباهه ما يشبهه من نبت البراري بل عن
المدارك أن المراد به مطلق
نبات الصحراء أو ما هو أخص من ذلك فالعمدة الاصل .
ومفهوم العلة نعم الاظهر
كراهته لحسن معاوية المتقدم : لا ينبغي للمحرم أن يتلذذ
بريح طيبة .
وأما القسم الثالث فعن
المصنف - ره - في التذكرة والمنتهى حرمته وتعلق
الكفارة به .
وعن الشيخ - ره - عدم الحرمة
وعدم الكفارة وإنما هو مكروه .
واستدل للاول بأن الفدية
إنما تجب فيما يتخذ منه فكذا في أصله .
أقول : يرد عليه : أن ذلك
قياس مع الفارق ألا ترى أن الخمر المتخذ من
العنب حرام مع أن أصله ليس
بحرام فالحق أنه إن صدق عليه الريحان فسيمر عليك
حكمه وإلا فهو جائز للاصل
ومفهوم العلة المتقدمة في موثق عمار ومثلها في صحيح
ابن سنان عن الامام الصادق (
عليه السلام ) عن الحناء قال إن ( عليه السلام ) : إن
المحرم ليمسه ويداوي به
بغيره وما هو بطيب وما به بأس ( 1 ) . فإن مقتضى ذلك جواز
كل ما ليس بطيب أيضا ومنه
ذلك .
نعم يكره ما أفاده الشيخ -
ره - لحسن معاوية المتقدم .
…………………………………………….
( 1 ) الوسائل باب 23 من
أبواب تروك الاحرام حديث 1 .
[ . . . ]
بقي الكلام في أمرين :
الاول : في حكم الريحان .
الثاني : في الادهان الطيبة
.
أما الاول فعن جماعة منهم
المفيد والمصنف - ره - في التذكره والمنتهى والتحرير
والمختلف وغيرها : حرمته .
وفي الشرائع وعن الاسكافي
والنهاية والوسيلة والنافع والقواعد : الكراهة .
واستدل للاول : بصحيح حريز
عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : لا يمس
المحرم شيئا من الطيب ولا
الريحان ولا يتلذذ به ( 1 ) .
وصحيح ابن سنان عنه ( عليه
السلام ) لا تمس ريحانا وأنت محرم ( 2 ) .
ومرسل البرقي عن حريز عن ابي
عبد الله ( عليه السلام ) عن المحرم يشم
الريحان قال ( عليه السلام )
: لا ( 3 ) .
وأورد أصحاب القول الثاني
على الاستدلال بهذه النصوص بأنه لابد من
حملها على الكراهة لصحيح
معاوية بن عمار قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) لا بأس
أن تشم الاذخر والقيصوم
والخزامي والشيخ وأشباهه وأنت محرم ( 4 ) فانه يدل على الجواز
…………………………………………….
( 1 ) الوسائل باب 25 من
أبواب تروك الاحرام حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 25 من
أبواب تروك الاحرام حديث 3 .
( 3 ) الوسائل باب 25 من
أبواب تروك الاحرام حديث 4 .
( 4 ) الوسائل باب 25 من أبواب
تروك الاحرام حديث 1 .
[ . . . ]
مطلقا لوجهين :
أحدهما : أنه وإن ورد في
امور مخصوصة إلا أنه بضميمة الاجماع المركب يثبت
الجواز في غيرها .
الثاني : لفظ وأشباهه .
ولكن يرد على الاول : أن
الاجماع المركب غير ثابت وعلى فرضه ليس تعبديا .
وعلى الثاني : أن المراد ب (
أشباهه ) كما يحتمل أن يكون ما يسمى ريحانا كذلك
يحتمل أن يكون أخص من ذلك
وهو ما يشبهه من نبت البراري أو مطلق نبات
الصحراء كما عن المدارك فهو
مجمل ففي الزائد على المتيقن لابد من الرجوع الى
إطلاق النصوص الاولة فالاظهر
هو الحرمة إلا ما استثني .
والمراد بالريحان إما نبات
الصحراء الذي يستنبته الآدمي كما عن المدارك
أو خصوص ما يستنبته الآدمي
من نبات الصحراء مما له ريح طيبة كما عن بعض وعن
ابن الاثير هو : كل نبت طيب
الريح من أنواع المشموم .
وعن كتابي المطرزي : عند
الفقهاء : الريحان ما لساقه رائحة طيبة كما لورده
والورد ما لورقه رائحة طيبة
كالياسمين .
وعن القاموس : الريحان نبت
طيب الرائحة أو كل نبت كذلك أو أطرافه أو
ورقه وأصله ذو الرائحة .
وعن الغنية : الريحان اسم
جامع للرياحين الطيبة الريح قال : والريحان أطراف
كل بقلة طيبة الريح اذا خرج
عليه أوائل النور فلابد في الحكم من الاقتصار علي
المتيقن وهو كل نبت لساقه
رائحة طيبة كما لورده ويكون من نبات الصحراء الذي
يستنبته الآدمي ومع فقد أحد
هذه القيود صدق الريحان مشكوك فيه فيرجع الى أصالة
البراءة .
[ . . . ]
واما الادهان الطيبة فمن جهة
الشم أو الاكل وما شابه حكمها حكم سائر
أنواع الطيب وقد تقدم النزاع
في حرمته مطلقا أو خصوص أنواع منه .
وأما من جهة الادهان ففي
المنتهي : أجمع علماؤنا على أنه يحرم الادهان في حال
الاحرام بالادهان الطيبة
كدهن الورد والبان والزيبق وهو قول عامة أهل العلم ويجب
به الفدية إجماعا .
والنصوص فيها مختلفة منها ما
تضمن النهي عن الاذهان مطلقا كصحيح
معاوية ابن عمار المتقدم عن
الامام الصادق ( عليه السلام ) : لا تمس شيئا من الطيب
ولا من الدهن في إحرامك ( 1
) . ونحوه صحيحه الآخر ( 2 ) .
وصحيح الحلبي عنه ( عليه
السلام ) : لا تدهن حين تريد أن تحرم الى أن قال
- فإذا أحرمت فقد حرم عليك
الدهن حتى تحل ( 3 ) .
ومنها : ما يدل على الجواز
كذلك كخبر محمد بن مسلم قال أبو عبد الله ( عليه
السلام ) : لا بأس بان يدهن
الرجل قبل إن يغتسل للاحرام وبعده ( 4 ) .
وصحيح هشام قال له ابن أبي
يعفور : ما تقول في دهنه بعد الغسل للاحرام ؟
فقال : قبل وبعد ومع ليس به
بأس قال : ثم دعا بقارورة بان سليخة ليس فيها شئ
فأمرنا فادهنا منها ( 5 ) .
ومنها ما يدل على المنع
بالدهن الطيب كمرسل الصدوق قال الصادق ( عليه
…………………………………………….
( 1 ) الوسائل باب 29 من
أبواب تروك الاحرام حديث 3 .
( 2 ) الوسائل باب 29 من
أبواب تروك الاحرام حديث 2 .
( 3 ) الوسائل باب 29 من
أبواب تروك الاحرام حديث 1 .
( 4 ) الوسائل باب 30 من
أبواب تروك الاحرام حديث 3 .
( 5 ) الوسائل باب 30 من
أبواب تروك الاحرام حديث 6 .
[ . . . ]
السلام ) : يكره من الطيب
أربعة أشياء للمحرم : المسك والعنبر والزعفران والورس
وكان يكره من الادهان الطيبة
الريح ( 1 ) . وحيث إن الصدوق ينسب الخبر الى المعصوم
جزما فمرسله حجة كما مر
والكراهة في الاخبار تستعمل في الحرمة كثيرا ومنها : المقام
بقرينة الصدر .
وصحيح معاوية عن أبي عبد
الله ( عليه السلام ) بعد تحريم الانواع الاربعة من
الطيب : غير أنه يكره للمحرم
الادهان الطيبة ( 2 ) . ونحوهما غيرهما .
والجمع بين النصوص يقتضي
تقييد إطلاق الاولتين بالاخيرة فتختص الحرمة
بالادهان الطيبة الريح .
وأما المورد الثالث فلا خلاف
في حرمة شم الطيب وأكله وإطلائه في البدن
والثوب .
وفي التذكرة : يحرم على
المحرم الرجل والمرأة الطيب أكلا وشما وإطلاء بإجماع
علماء الامصار . انتهى .
يشهد بالاول : صحاح ابن عمار
المتقدمة .
وبالثاني : صحيح زرارة
المتقدم وخبر حنان بن سدير عن أبيه عن الامام
الباقر ( عليه السلام ) في
حديث : ولا يطعم شيئا من الطيب ( 3 ) ونحوهما غيرهما .
…………………………………………….
( 1 ) الوسائل باب 18 من
أبواب تروك الاحرام حديث 19 .
( 2 ) الوسائل باب 18 من
أبواب تروك الاحرام حديث 8 .
( 3 ) الوسائل باب 18 من أبواب
تروك الاحرام حديث 2
[ . . . ]
وبالثالث : خبر الحسن بن
زياد عن الامام الصادق ( عليه السلام ) قال : قلت
له : الاشنان فيه الطيب
فأغسل به يدي وأنا محرم ؟ قال : إذا أردتم الاحرام فانظروا
مزاودكم فاعزلوا ما لا
تحتاجون اليه . وقال : تصدق بشئ كفارة للاشنان الذي غسلت
به يدك ( 1 ) ونحوه خبره
الآخر .
وبالرابع : ما تقدم من
النصوص الدالة على وجوب غسل الثوب اذا أصابه
الطيب - في مسألة عدم الفرق
في حرمة التطيب بين الاحداث بعد الاحرام واستدامته
كما أنه عرفت في تلك المسألة
أم المس أيضا حرام فراجع ويشهد به أكثر نصوص
الباب .
وهل يحرم الاستعمالات الاخر
كما قيل بل يظهر من المستند : دعوى بعض
الاجماع عليه ولذا قال - قده
- : فإن ثبت فيها إجماع إلى آخره أم لا ؟ وجهان .
استدل للاول بقوله ( عليه
السلام ) في صحيح ابن عمار المتقدم : وإنما يحرم
عليك من الطيب أربعة : المسك
والعنبر والزعفران والورس بدعوى : أن حذف
المتعلق يفيد العموم فيدل
على حرمة كل فعل متعلق بالطيب حتى الامساك عليه
واقتنائه في زاده .
ويؤيده قوله ( عليه السلام )
في صدره : واتق الطيب في زادك .
والايراد عليه : بأن
الاستعمال هو الاثر الظاهر فالكلام ظاهر في إرادته
والاستعمال لا يصدق على
اقتنائه وبيعه وشرائه في غير محله لانه لا وجه لتقييد بالاثر
الظاهر بعد ظهور حذف المتعلق
في إرادة العموم .
ولكن الذي يختلج في البال أن
صدر الصحيح متضمن لبيان حرمة أفعال
…………………………………………….
( 1 ) الوسائل باب 27 من
أبواب تروك الاحرام حديث 2 .
[ . . . ]
وظاهر الذيل ولا أقل من
محتمله وروده في مقام بيان موضوع التحريم ولا إطلاق له
من جهة المتعلق وعليه فلا
إطلاق فإن ثبت إجماع أو استلزم الاستشمام لم يجز وإلا
فالاصل جوازه .
عدم
حرمة خلوق الكعبة وزعفرانها على المحرم
وأما المورد الرابع فقد
استثني من حرمة الطيب موارد :
الاول : خلوق الكعبة - وهو
على ما عن نهاية الحريري ومنهاج ابن جزلة
المتطيب وجملة اخرى من كتب
اللغة والفقه : ضرب من الطيب معروف مركب من
الزعفران وغيره - لا خلاف في
استثنائه وادعى المصنف - ره - الاجماع عليه .
والنصوص شاهدة به كصحيح عبد
الله بن سنان عن أبي عبداله ( عليه
السلام ) عن خلوق الكعبة
يصيب ثوب المحرم قال ( عليه السلام ) لا بأس ولا يغسله
فإنه طهور ( 1 ) .
وصحيح حماد بن عثمان عنه (
عليه السلام ) عن خلوق الكعبة وخلوق القبر
يكون في ثوب الاحرام فقال (
عليه السلام ) : لا بأس بهما هما طهوران ( 2 ) . ونحوهما
غيرهما .
وهذه النصوص غاية ما تدل
عليه أنه لا يجب غسل الثوب منه وأن الثوب
المتلطخ به لا بأس بإمساكه
والتصرف فيه وبالملازمة بين ذلك والشم تدل على جواز
شمه وأما سائر التصرفات
كالاكل منه وتطييب البدن به وما شاكل فلا تدل على
…………………………………………….
( 1 ) الوسائل باب 21 من
أبواب تروك الاحرام حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 21 من
أبواب تروك الاحرام حديث 3
[ . . . ]
جوازها ففي تلك التصرفات
لابد من الرجوع الى إطلاقات الادلة ومقتضاها أنه
إن كان الخلوق بنظر العرف
طيبا خاصا في مقابل الزعفران ولا يصدق عليه أنه
زعفران وغيره جاز جميع
الاستعمالات ما تقدم من انحصار التحريم بالانواع
الخمسة وليس الخلوق منها وإن
صدق عليه الزعفران وغيره لم تجز وهو واضح .
وهل يتعدى عن خلوق الكعبة
الى غيره مما يتطيب به الكعبة كما عن الشيخ
والمصنف أم لا كما عن الشهيد
الثاني ؟ وجهان : أظهرهما : الثاني إذ النصوص مختصة
به فالتعدي يحتاج الى دليل
وهو مفقود أو العلم بالمناط وليس .
والاستدلال له بما يدل على
جواز شم الرائحة الطيبة بين الصفا والمروة بتقريب :
أن ريح الكعبة أولى بجواز
الشم كما في الحدائق لا يخرج عن القياس كما أن
النصوص مختصة بخلوق الكعبة
وهو إنما يكون بعد استعمال الخلوق بالكعبة وأما قبله
فلا دليل على خروجه عن تحت
أدلة المنع والعلم بعدم الخصوصية كما ترى .
وقد مر صحيح حماد ولاحظت
دلالته على استثناء خلوق القبر أيضا
وهو المعروف بين الاصحاب .
وهل المراد به قبور الاعاظم
التي صارت مزارا أو مطلق قبور الكعبة وما حولها
أو مطلق القبور ؟ وجوه خيرها
: أوسطها .
وعن التهذيب والنهاية
والسرائر والتحرير والتذكرة : إلحاق زعفران الكعبة
بخلوقها .
ويشهد به صحيح يعقوب بن شعيب
قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) المحرم
يصيب ثيابه الزعفران من
الكعبة قال : لا يضره ولا يغسله ( 1 ) ونحوه غيره .
…………………………………………….
( 1 ) الوسائل باب 21 من
أبواب تروك الاحرام حديث 2 .
[ . . . ]
الثاني : طيب العطارين بين
الصفا والمروة والظاهر أنه لا خلاف في استثنائه .
ويدل عليه صحيح هشام بن
الحكم عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سمعته
يقول : لا بأس بالريح الطيبة
فيما بين الصفا والمروه من ريح العطارين ولا يمسك
على أنفه ( 1 ) . ومقتضى
إطلاقه جواز الشم وعدم وجوب الامساك على الانف كان
المرور للسعي أو لغيره بل
كان في المرور أو الجلوس كما أن مقتضى إطلاقه جواز
تعمد
الشم ولا اختصاص له بالشم القهري فلو تعمد الشم من قارورة العطار جاز .