فروع :
1 - هل يكون لبسها من شرائط
صحة الاحرام فلا يدخل في الحج ، أو العمرة
ما لم يلبسهما ، أو لا تكون
التلبية غير المسبوقة به محرمة لما يحرم بالاحرام ، أم لا يكون
كذلك ، بل هو من الواجبات
التعبدية النفسية ؟ نسب الاول الى ظاهر الاسكافي ، وانكره
صاحب المسند ، والثاني مصرح به في كلام جماعة كالمقداد والشهيد
الثاني
وسبطه والذخيرة . جماعة ممن
تأخر عنهم بل نسب الى ظاهر الاصحاب .
……………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 48 من
أبواب الاحرام حديث 2 .
[ . . . ]
قال في محكي الدروس : وهل
اللبس من شرائط الصحة حتى لو أحرم عاريا
أو لا بسا مخيطا لم ينعقد ؟
نظر وظاهر الاصحاب انعقده حيث قالوا : لو أحرم وعليه
قميص نزعه ولا يشقه ولو لبسه
بعد الاحرام وجب شقه وإخراجه من تحته كما هو
مروي . انتهى ، وتنقيح القول
أن في المقام مسألتين .
إحدهما : اشتراط التجرد ،
والاخرى : اشتراط لبس الثوبين ، والظاهر أن
الاسكافي قائل باشتراط
التجرد ، وكيف كان فظاهر كلام الاصحاب الذي نقله
الشهيد عدم اشتراط التجرد ،
إذ لو كان ذلك شرطا كان اللازم تجديد النية والتلبية ،
وظاهرهم عدم الاحتياج الى
ذلك .
والنصوص أيضا شاهدة بذلك ،
لاحظ : صحيح معاوية بن عمار وغير واحد عن
أبي عبد الله ( عليه السلام
) في رجل أحرم وعليه قميصه ، فقال ( عليه السلام ) : ينزعه ولا
يشقه وإن كان لبسه بعد ما
أحرم شقه وأخرجه من ما يلي رجليه ( 1 ) ، مقتضى إطلاق
ذلك عدم الفرق بين العامد
والجاهل والناسي .
وصحيح صفوان عن خالد بن محمد
الاصم عن أبي عبد الله ( عليه السلام )
فيمن لبس قميصا ، فقال له :
كيف صنعة . قال : أحرمت هكذا في قميصي وكسائي ،
فقال : أنزعه من رأسك ليس
ينزع هذا من رجليه إنما جهل فأتاه غير ذلك فقال : ما
تقول في رجل أحرم في قميصه ؟
قال : ينزعه من رأسه ( 2 ) . ونحوه خبر عبد الصمد بن
بشير ( 3 ) .
……………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 45 من
أبوب تروك الاحرام حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 45 من
أبواب تروك الاحرام حديث 4 .
( 3 ) الوسائل باب 45 من
أبواب تروك الاحرام حديث 3 .
[ . . . ]
قد يقال : إن الخبرين مختصان
لاجاهل ، فيقيد إطلاق صحيح معاوية بهما كما في
الحدائق .
وفيه أولا : أن ذيل الخبر
متضمن لسؤال وجواب آخرين وهو مطلق .
وثانيا : أن قوله : إنما جهل
. علة لعدم النزع من الرجلين ، وأنه يجوز أن ينزعه من
رأسه ، فمفهومه أن العالم
ينزعه من رجليه ، ولازم ذلك صحة إحرامه فهما أيضا يدلان
على انعقاد الاحرام في صورة
العلم أيضا .
وأضعف من ذلك استدلاله - قده
- لعدم الاشتراط بعد ذلك بما دل على أن
الاحرام هو النية والتلبية
ونزع الثياب ولبس الثوبين غير داخلين في حقيقته ، فإنه إذا
كان للخبرين مفهوم ، وكان
مفهومه ما استظهره من البطلان في سورة العلم كانا هما
الدليل على البطلان وبهما
يخرج عن ما ذكر ، وإن لم يكن لهما مفهوم لما كان وجه لتقييد
إطلاق صحيح معاوية بهما ،
لعدم حمل المطلق على المقيد في المتوافقين .
وأما مصحح معاوية عن الامام
الصادق ( عليه السلام ) : إن لبست ثوبا في
إحرامك لايصلح لك لبسه فلب
وأعد غسلك ، وإن لبست قميصا فشقه وأخرجه من
تحت قدميك ( 1 ) . فالظاهر
من غير ما نحن في ، وهو البس بعد الاحرام ، وصريحه
الفرق بين لبس الثياب ولبس
القميص ، ولم يعمل به أحد فيطرح ، فتحصل : أن
الاظهر عدم اشتراط التجرد .
وأما المسألة الثانية وهي
اشتراط لبس الثوبين فيه ، فالاظهر عدمه أيضا ،
وذلك ، لان صحيح معاوية وإن
لم يكن مربوطا بذلك فإنه في التجرد ، إلا أنه يمكن
الاستدلال لعدم اعتباره فيه
بوجهين :
……………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 45 من
أبواب تروك الاحرام حديث 5 .
[ . . . ]
الاول : أن الخبرين الاخرين
وإن كان موردهما الجهل إلا أنه من جهة أن
المفروض فيهما عدم لبس
الثوبين وقد حكم ( عليه السلام ) بالصحة ونزع لباسه من
رأسه ، وعلله بما مفهومه أنه
لو فعل ذلك عالمن ينزع لباسه من رجليه - يدلان على
الصحة مع عدم لباسهما عالمن
،
الثاني أنه مقتضى اطلاق صحيح
معاوية عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : يوجب
الاحرام ثلاثة أشياء التلبية
والاشعار والتقليد فإذا فعل شيئا من هذه الثلاثة فقد
أحرم ( 1 ) . فإن مقتضى
إطلاقه عدم اعتبار شئ آخر فيه ومنه لبس الثوبين ، فالاظهر
عدم اعتباره أيضا في .
ثم إنه قد يقال : إنه لو
أحرم في قميصه عالما عامدا يعيد لا لشرطية لبس
الثوبين أو التجرد عن ثيابه
، بل لان الاحرام عبارة عن العزم على ترك المحرمات
التي منها لبس المخيط ، فذلك
مناف للنية فلا ينعقد الاحرام .
ولكن يرد عليه : ما تقدم من
أن الاحرام عبارة عن الالتزام والبناء النفساني
على تحريمها على نفسه ، وهذا
الالتزام لا ينافي وجوده مع فعل المحرم فلا يكون باطل .
2 - لا إشكال في أن المراد
بالثوبين الرداء والازار .
ليشهد به صحيح ابن سنان عن
أبي عبد الله ( عليه السلام ) وفيه : لما نزل -
أي رسول الله صلى الله عليه
وآله - الشجرة امر الناس بنتف الابط وحلق العانة
……………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 12 من
أبواب أقسام الحج حديث 20 .
[ . . . ]
والغسل والتجرد في إزار
ورداء وعمامة يضعها على عاتقه لمن لم يكن له رداء ( 1 ) .
وفي صحيح محمد وغيره : ويلبس
المحرم القباء اذا لم يكن له رداء ( 2 ) .
وفي صحيح ابن عمار عن أبي
عبد الله ( عليه السلام ) : ولا تلبس سراويل إلا
أن لا يكون لك إزار ( 3 ) .
ونحوها غيرها .
الظاهر في كيفية لبسهما :
الاتزار بالارتداء بالرداء ، والازار على ما هو
المعروف بين الاصحاب ما يستر
ما بين السرة والركبة ، والرداء ما يستر المنكبين ، وقد
نفى الاشكال سيد الرياض عن
ذلك ، ولكن صرح صاحب الجواهر بان اللازم فيهما
الرجوع الى العرف ، ولعل أهل
العرف يرون اعتبار ستر أزيد من ما بين المنكبين
وأزيد .
وعن الشيخ والحلي والقواعد
والمسالك وبعض آخر التخيير في الرداء بين
الارتداء والتوشح وهو تغطية
أحد المنكبين .
وعن الازهري التوشح : أن
يدخل طرفه تحت إبطه الايمن ويلقيه على عاتقه
الايسر كالتوشح بالسيف .
وعن الوسيلة : التوشح من ذكر
للارتداء .
واستدل الاولون ، بالاطلاق ،
وعن كشف اللثام : ولا يتعين شئ من الهيئتين ،
للاصل من غير معاض ، بل يجوز
التوشح بالعكس أيضا أي إدخال طرفه تحت الابط
……………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 2 من
أبواب اقسام الحج حديث 15 .
( 2 ) الوسائل باب 44 من
أبواب تروك الاحرام حديث 7 .
( 3 ) الوسائل باب 50 من
أبواب تروك الاحرام حديث 1 .
[ . . . ]
الايسر والقاؤه على الايمن .
انتهى .
وفيه : أن الظاهر من لبس
الرداء الارتداء به ، كما يظهر لمن راجع نظائره ، فهل
ترى أنه لو أمر بلبس العمامة
أو المنطقة فهل نتوقف أحد في أن المراد التعلم والتمنطق
فكذلك في المقام .
وأما الثاني فلم يذكر له دليل
وضعفه ظاهر ، فالاظهر هو الارتداء به .
وهل يجوز عقد الرداء ام لا
كما عن المصنف والشهيد في الدروس ؟ وجهان
أظهرهما : المنع ، فإن
المنساق من الامر بالارتداء المستفاد من لبس الرداء هو لبسه
بطريقه المتعارف وهو الالقاء
دون العقد والشد ، فإنه غير الارتداء .
وربما يستدل له بموثق سعيد
الاعرج أنه سأل أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن
المحرم يعقد إزاره في عنقه ،
قال ( عليه السلام ) : لا ( 1 ) .
وخبر علي بن جعفر عن أخيه (
عليه السلام ) : المحرم لا يصلح له أن يعقد
ازاره على رقبته ولكن يثنيه
على عنقه ولا يعقده ( 2 ) . بناءا على أن المراد بالازار الرداء
بقرينة السؤال ، لانه هو
الذي يعقد في العنق ، لكنه خلاف الظاهر ، وسيجئ الكلام فيه
في خبر القداح .
وأما الازار فقد صرح جماعة
بجواز عقده مطلقا ، فعن المنتهى : يجوز للمحرم
أن يعقد إزاره عليه ، لانه
يحتاج اليه لستر العورة .
وعن بعض : عدم جواز عقده في
العنق وجواز عقده في الوسط .
وقد يقال بعدم جوازه مطلقا .
……………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 53 من
أبواب تروك الاحرام حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 53 من
أبواب تروك الاحرام حديث 5 .
[ . . . ]
دليل الاول : الاصل : وخبر
القدح عن جعفر ( عليه السلام ) : أن عليا ( عليه
السلام ) كان لا بأسا بعقد
الثوب إذا قصر ثم يصلي فيه وإن كان محرما ( 1 ) .
ودليل الثاني : موثق سعيد
وخبر علي المتقدمان .
ودعوى : أنه من المحتمل كون
السؤال في الموثق عن وجوب العقد ، لمناسبة
الستر الذي هو أقرب الى مقام
العبادة فيكون النفي في الجواب بنفي الوجوب ، وخبر
علي ضعيف السند .
مندفعة : بأن الظاهر من
السؤال السؤال عن أصل الجواز فالجواب يكون نفيا
إياه .
ودليل الثالث : مكاتبة محمد
بن عبد الله بن جعفر الى صاحب الامر أرواحنا
فداه المروية في الاحتجاج
أنه كتب اليه يسأله عن المحرم يجوز أن يشد المئزر من
خلفه على عنقه ( عقبه خ ل )
الى آخر ما ذكر في السؤال ، فأجاب ( عليه السلام ) جائز
أن يتزر الانسان كيف شاء إذا
لم يحدث في الئزر حدثا بمقراض ولا إبرة تخرجه به
عن حد الئزر وغرزه لكل أحد
شده على السبيل الألوفة المعروفة للناس جميعا ( 2 ) .
لكن : المكاتبة ضعيفة ، إذا
لم يذكر في الاحتجاج سندها ، وكذا خبر علي ، ومثق
سعيد مختص بالعقد في العنق
وينهى عنه ، وبه يقيد إطلاق خبر القداح ، فالقول الثاني
أظهر .
ومقتضى إطلاق خبر القداح
جواز عقده الرداء ، ولكن في شموله له تأملا
……………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 53 من
أبواب تروك الاحرام حديث 2 .
( 2 ) الوسائل باب 53 من
أبواب تروك الاحرام حديث 3 .
[ . . . ]
وطريق الحتياط معلوم .
والظاهر من النصوص اعتبار
تعدد الثوب فلا يكفي ثوب طويل يتزر ببعضه
ويرتدي بالباقي ، فما عن
الشهيد في الدروس من الاكتفاء به ضعيف .
3 - لو أحرم في القميص جاهلا
أو ناسيا نزعه ويصح إحرامه كما تقدم ولو
لبسه بعد الاحرام ، فالمشهور
أن اللازم شقه وإخراجه من تحت ، والشاهد به النصوص
المتقدمة بعضها ، لاحظ :
صحيح معاوية عن المام الصادق ( عليه السلام ) : اذا لبست
قميصا وأنت محرم فشقه وأخرجه
من تحت قدميك ( 1 ) .
وصحيح ابن أبي عمير عن ابن
عمار وغير واحد عن الامام الصادق ( عليه
السلام ) في رجل أحرم وعليه
قميصه ، فقال : ينزعه ولا يشقه وإن كان لبسه بعد ما أحرم
شقه وأخرجه مما يلي رجليه (
2 ) . وخبري عبد الصمد ، وخالد بن محمد المتقدمين ( 3 ) .
ومقتضى خبر خالد من جهة
التعليل فيه نزع الثوب من الرأس بكونه جاهلا
أن العالم اذا أحرم في قميصه
لاينزعه من راسه ، لكنه ضعيف السند ، فتأمل ، ومقتضى
إطلاق النصوص أن حكمه حكم
الجاهل .
4 - في المستند : الظاهر كما
صرح به جماعة المدارك والذخيرة وغيرهما
عدم وجوب استدامة اللبس ،
لصدق الامتثال وعدم دليل على وجوب الاستمرار .
……………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 45 من
أبواب تروك الاحرام حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 45 من
أبواب تروك الاحرام حديث 2 .
( 3 ) الوسائل باب 45 من
أبواب تروك الاحرام حديث 3 - 4 .
[ . . . ]
ويدل عليه أيضا مثل رواية
زيد عن امرأة حاضت وهي تريد الاحرام
فطمثت فقال : تغسل وتحتشي
بكرسف وتلبس ثياب الاحرام وتحرم فإذا كان الليل
خلعتها ولبست ثيابها الاخر
حتى تطهر ( 1 ) . انتهى .
وفي الرياض : والظاهر أنه
لايجب استدامة اللبس كما صرح به جماعة ، لصدق
الامتثال وعدم دليل على وجوب
الاستمرار . انتهى .
وفي الجواهر : نعم لا يبعد
أن يقال : إنه من الامر بلبس ثوبين بعد التجرد عن ثيابه
وحرمة لبسها مادام محرم
ينسبق الى الذهن وجوب لبسهما مادام محرما على نحو ما
يلبس ثيابه غير المنافي
لنزعهما في حال النوم وما شاكل ، وأما مجرد لبسهما ونزعهما
فالظاهر عدم كونه مطلوبا
ومأمورا به بالخصوص .
نعم يجوز تبديلهما ، وغسلهما
اذا احتاج الى الغسل ، للاصل ، وللنصوص .
ففي صحيح معاوية بن عمار ،
قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : لا بأس بأن يغير
المحرم ثيابه ولكن إذا دخل
مكة لبس ثوبي إحرامه اللذين أحرم فيهما وكره أن
يبيعهما ( 2 ) .
وفي صحيح الحلبي عنه ( عليه
السلام ) في حديث : لابأس أن يحول المحرم
ثيابه ( 3 ) . ونحوهما
غيرهما .
وأما خبر زيد فمضافا الى أنه
مختص بالخلع بالليل - إنما هو في مورد
……………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 48 من
أبواب الاحرام حديث 3 .
( 2 - 3 ) الوسائل باب 31 من
أبواب الاحرام حديث 1 - 3 .
[ . . . ]
الضرورة وللتحفظ على الطهارة
، بل يمكن أن يقال : إن قوله : خلعتها في الليل حتى
تطهر ، دليل على أن
الاستدامة مأمور بها ، فالمتحصل : أنه لا إشكال في جواز غسل
ثوبي الاحرام اذا احتاج اليه
، كما لا كلام في جواز تحويلهما بثوبين آخرين ،
ولكن اذا دخل مكة لبس ثوبي
إحرامه اللذين أحرم فيهما ، ويجوز خلعهما في حال النوم
والاغتسال ، وإما جواز
خلعهما وستر العورة بشئ آخر ويتم مناسكه كذلك - ففيه
توقف وإشكال وإن كان ظاهر
الاساطين المفروغية عنه ، وطريق الاحتياط معلوم .
5 - المشهور بين الاصحاب أنه
يجوز الزيادة على الثوبين في ابتداء الاحرام
وفي الاثناء للاتقاء عن
البرد والحر ، بل عن المفاتيح وشرحه دعوى نفي الخلاف في
ذلك .
ويشهد به مصحح الحلبي قال :
سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن المحرم
يتردى بالثوبين ، قال : نعم
والثلاثة إن شاع يتقي بها البرد والحر ( 1 ) . ونحوه غيره .
بل الظاهر جواز ذلك اختيارا
كما صرح به غير واحد كمصحح معاوية عن
الامام الصادق ( عليه السلام
) قال : سألته عن المحرم يقارن بين ثيابه وغيرها التي
أحرم فيها ، قال ( عليه
السلام ) لا بأس بذلك اذا كانت طاهرة .
……………………………………………
( 1 ) الوسائل باب 30 من
أبواب الاحرام حديث 1 - 2 .
( 2 ) الوسائل باب 30 من
أبواب الاحرام حديث 2 .
[ مما يصح فيه الصلاة ]
هل
يعتبر أن يكون الثوب مما يصح فيه الصلاة
6 - صرح غير واحد في كتبهم
كالمبسوط والمصباح ومختصره والاقتصاد
والكافي والغنية والمراسم
والنافع والقواعد والمنتهى والتحرير واللمعة والروضة
والمسالك وفي المتن وغيرها :
أنه يشترط في ثوبي الاحرام كونهما ( مما يصح فيه
الصلاة ) .
وعن الكفاية : أنه المعروف
من مذهب الاصحاب ، وعن المفاتيح أنه لا خلاف
فيه ، وعن شرحه : أنه اتفقت
عليه كلمة الاصحاب .
وقد استدلوا لذلك بوجوه :
1 - الاجماع .
وفيه أولا أنه غير ثابت ، إذ
المحكي عن كثير من الاصحاب عدم التعرض
لذلك إما بالكلية كالشيخ في
الجمل ، والحلي ويحيى بن سعيد ، أو لجميع الافراد كالسيد
في الجمل وابن حمزة والمفيد
.
وثانيا : أنه لعدم كونه
تعبديا لا يعتمد عليه .
2 - ما دل على رجحان دوام
لبسهما والتكفن بهما والطواف بهما ونحوه ذلك مما
يدل على قابليتهما للصلاة
التي لا ينفك المكلف عنها فضلا عن الطواف وصلاته .
وفيه : أن لو كان على وجه اللزوم
كان الاستدلال متينا ، وحيث إنه على
غير وجه اللزوم فغاية ما يدل
عليه رجحان كونهما مما يصح الصلاة فيه لالزومه .
3 - صحيح حريز أو حسنه - عن
أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : كل ثوب
[ . . . ]
تصلى فيه فلا بأس أن تحرم
فيه ( 1 ) .
واورد عليه بعدم صراحته في
الحرمة ، لان البأس أعم منها ومن الكراهة .
وفيه : إن البأس كان بمعني
العذاب أو الشدة ظاهر في الحرمة ، مع أن الحرمة
كالوجوب يكفي في الحكم بها
إبراز انزجار المولي وعدم الترخيص في الفعل .
ولكن الذي يرد على الخبر : أن
دلالته على ما ذكر إنما تكون بمفهوم الوصف
وهو غير حجة كما حقق في محلة
.
4 - التأسي ، فإن رسول الله
صلى الله عليه وآله أحرم في الثوب الذي يصلي
فيه كما يفصح عن ذلك خبر
معاوية عن الصادق ( عليه السلام ) : كان ثوبا رسول الله
صلى الله عليه وآله اللذين
أحرم فيهما يمانيين عبري واظفار ، وفيهما كفن ( 2 )
وفيه : أن الفعل أعم من
الوجوب ، ولذ لم يتوهم أحد لزوم كون الثوب يمانيا ،
فإذا لا دليل على هذه الكلية
.
نعم في بعض ما لا يجوز
الصلاة فيه لا يجوز الاحرام ، وهو موارد :
أحدها : الثوب النجس .
ويشهد للزوم طهارة ثوبي
الاحرام : حسن معاوية أو صحيحه عن الامام
الصادق ( عليه السلام ) قال
سألته عن المحرم يصيب ثوبه الجنابة ، قال ( عليه
……………………………………………
1 - الوسائل باب 27 من أبواب
الاحرام حديث 1 .
( 2 ) الوسائل باب 27 من
أبواب الاحرام حديث 2 .
[ . . . ]
السلام ) : لا يلبسه حتى
يغسله وإحرامه تام ( 1 )
وصحيحه الاخر عنه ( عليه
السلام ) عن المحرم يقارن بين ثيابه التي أحرم فيها
وبين غيرها ، قال ( عليه
السلام ) : نعم اذا كانت طاهرة ( 2 )
وعن كشف اللثام : ولنحو هذين
الخبرين نص ابن حمزة على عدم جواز
الاحرام في الثوب النجس .
وفي المبسوط : ولا ينبغي إلا
في ثياب طاهرة نظيفة .
وفي النهاية : ولا يحرم إلا
في ثياب طاهرة نظيفة . ونحوه عن السرائر وغيرها .
ولكن طاهر الخبرين عدم جواز
لبس النجس حال الاحرام مطلقا ، وقد حملهما
سيد المدارك على ابتداء اللبس
، لان من المستبعد وجوب الازالة عن الثوب دون
البدن ، إلا أن يقال بوجوب
إزالتها عن البدن أيضا للاحرام وأن لم أقف على مصرح به .
وفيه : أن ذلك خلاف ظاهرهما
لو لم يكن خلاف نص الاول منهما .
وفي الجواهر : إن الخبر ظاهر
في اعتبار الطهارة فيهما حال الاحرام ابتداء
واستدامة ، ولكن يقتصر على
الاول لاعتضاده بالفتاوي دون غيره الباقي على حكم
الاصل .
وفيه : أنه لا يرجع الي
الاصل مع إطلاق الدليل ، ولم يثبت من الاصحاب
اقتصارهم على حال الابتداء ،
فالاظهر اعتبار الطهارة فيهما .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 37 من أبواب
تروك الاحرام حديث 1 .
2 - الوسائل باب 37 من أبواب
تروك الاحرام حديث 2 .
[ . . . ]
الاحرام
في الثوب المغصوب والجلد والحرير
ثانيها : الثوب المغصوب ،
وما شاكل من الثياب التي يحرم لبسها
مطلقا ، الظاهر عدم جواز
الاحرام فيها ، واعتبار أن لا يكون ثوبا الاحرام كذلك
والوجه فيه : ما ذكرناه في
الاصول من أنه في موارد اجتماع الامر والنهي إن
كان المأمور به والمنهي عنه
عنوانين منطبقين على شئ واحد ووجود فارد وكان
التركيب اتحاديا ، فلا مناص
عن القول بامتناع اجتماع الامر والنهي ، وحينئذ يقع
التعارض بين إطلاقي دليلي
الامر والنهي ، ولابد من تقديم أحدهما ، فلو قدم إطلاق
دليل النهي يخرج المجمع عن
حيز الامر واقعا ويكون متمحضا في الحرمة ، فلا يقع
امتثالا للامر ، وهذا بخلاف
ما اذا كان لكل منهما وجود منحاذ عن الاخر وكان التركيب
بينهما انضماميا ، فإنه لابد
من البناء على الجواز بناء على ما هو الصحيح من أن الحكم
لا يسري عن متعلقة الى
مقارناته .
وعلى هذا ففي المقام إذا كان
الثوبان معغصوبين فبما أن الارتداء والاتزار
بالثوبين واجبان ، ومعلوم أن
ذينك يعدان تصرفا في الثوبين فينطبق على الارتداء
والاتزار عنوان الغصبية مثلا
، فيتحد المأمور به والمنهي عنه وجودا ، وحيث أن الاطلاق
في طرف الامر بدلي ، وفي طرف
النهي شمولي فيقدم إطلاق دليل النهي ، فلا يقع المأتي
به مصداقا لما امر به من لبس
الثوبين ، ولا ينطبق الطبيعة المأمور بها عليه ، وتفصيل
القول في ذلك موكول الي محله
.
ثالثها : الجلد من الميتة أو
مما لا يؤكل لحمه فقد منع عن لبسه في الاحرام جمع .
ومنهم من منع عن كل جلد حتى
المأكول ، واستدل له ، بصحيح حريز المتقدم
[ . . . ]
بتقريب : أن الثوب لا يصدق
على الجلد .
وفيه : أنه لو سلم عدم صدق
الثوب على بعض الجلود لا نسلم عدم صدقه على
جميعها ، مع أن دلالة الصحيح
على ذلك متوقفة على القول بمفهوم اللقب ولم يقل به
أحد ، فالاولى على فرض تسليم
عدم صدق الثوب عليه أن يستدل بما أمر بلبس
الثوبين في الاحرام .
رابعها : الحرير المحض
المحرم على الرجال لبسه ، والظاهر أنه لا خلاف في
اعتبار أن لا يكون ثوب
الاحرام حريرا ، كما في الجواهر .
ويشهد له - مضافا إلى ما
ذكرناه في المغصوب - خبر أبي بصير ، قال : سئل أبو
عبد الله ( عليه السلام ) عن
الخميصة سداها ابريسم ولحمتها من غزل ، قال ( عليه
السلام ) : لا بأس بأن يحرم
فيها ، إنما يكره الخالص منه ( 1 ) . ونحوه خبر أبي الحسن
النهدي ( 2 ) . إذ من
المعلوم سيما بقرينة نفي البأس أولا وحرمة لبس الحرير في نفسه
إرادة الحرمة من الكراهة
فيهما .
وبما ذكرناه يظهر عدم جواز
الاحرام للرجال في المذب .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 29 من أبواب
الاحرام حديث 1 .
2 - الوسائل باب 29 من أبواب
الاحرام حديث 3 .
[ . . . ]
وهل يجوز الاحرام في الحرير
المحض للنساء كما عن المفيد في كتاب أحكام
النساء وابن إدريس في
السرائر ، والمصنف في القواعد ، وأكثر المتأخرين ، بل
هو المشهور بينهم واختاره في
الجواهر ، ومال اليه السيد في المدارك ، والفاضل الخراساني
أم لا يجوز كما عن الصدوق ،
والشيخ المفيد في المقنعة ، والسيد في الجمل ، والشهيد في
الدروس ، ونسبه في محكي
النافع الي أشهر الروايتين ، واختاره في الحدائق والمستند ؟ .
وجهان :
ومنشأ الخلاف اختلاف النصوص
، فانها على طوائف :
الاولي : ما يدل على الجواز
بنحو العموم ، وهو صحيح حريز المتقدم الدال على
أنه يجوز الاحرام في كل ثوب
يجوز الصلاة فيه ، بناء على جواز الصلاة للنساء في
الحرير المحض كما هو المشهور
.
الثانية : ما يدل على الجواز
في خصوص الاحرام كصحيح يعقوب بن شعيب ،
قلت لابي عبد الله ( عليه
السلام ) : المرأة تلبس القميص تزره عليها وتلبس الحرير
والخز والديباج ، فقال : نعم
لا بأس به وتلبس الخلخالين والمسك ( 1 ) .
قيل : المسك جلود دابة بحرية
، وعن النهاية : المسكة بالتحريك : السوار من الذبل
وهي قرون الاوعال .
وخبر النضر بن سويد عن أبي
الحسن ( عليه السلام ) قال : سألته عن المحرمة
أي شئ تلبس من الثياب ؟ قال
( عليه السلام ) تلبس الثياب كلها إلا المصبوغة
……………………………………………
1 - الوسائل باب 33 من أبواب
الاحرام حديث 1 .
[ . . . ]
بالزعفران والورس ، ولا تلبس
القفازين ( 1 ) .
الثالثة : ما يدل على المنع
كصحيح عيص بن القاسم : قال أبو عبد الله ( عليه
السلام ) المرأة المحرمة
تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير والقفازين ( 2 )
وخبر أبي عيينة عن أبي عبد
الله ( عليه السلام ) : قال : سألته ما يحل للمرأة أن
تلبس وهي محرمة ؟ فقال :
الثياب كلها ما خلا القفازين والبرقع والحرير قلت : أتلبس
الخز ؟ قال : نعم . قلت :
فإن سداه ابريسم وهو حرير . قال ( عليه السلام ) : ما لم يكن
حريرا خالصا فلا بأس ( 3 ) .
وموثق أسماعيل بن الفضيل ،
قال : سالت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن المرأة
هل يصلح لها أن تلبس ثوبا
حريرا وهي محرمة ؟ قال ( عليه السلام ) : لا ولها أن تلبسه
في غير إحرامها ( 4 ) .
وموثق ابن بكير عن بعض
أصحابنا عنه ( عليه السلام ) النساء تلبس الحرير
والديباج إلا في الاحرام ( 5
)
وموثق سماعة أنه سأل أبا عبد
الله ( عليه السلام ) عن المحرمة تلبس الحرير ،
فقال : لا يصلح أن تلبس
حريرا محضا لا خلط فيه ( 6 ) . ونحوها غيرها .
الرابعة : ما تضمن لفظ
الكراهة كصحيح الحلبي عن الامام الصادق ( عليه
……………………………………………
1 - الوسائل باب 33 من أبواب
الاحرام حديث 2 .
2 - الوسائل باب 33 من أبواب
الاحرام حديث 9 .
3 - الوسائل باب 33 من أبواب
الاحرام حديث 3
4 - الوسائل باب 33 من إبواب
الاحرام حديث 10 .
5 - الوسائل باب 33 من أبواب
لباس المصلي حديث 3 .
6 - الوسائل باب 33 من أبواب
الاحرام حديث 7 .
[ . . . ]
السلام ) : لا بأس أن تحرم
المرأة في الذهب والخز وليس يكره إلا الحرير المحض ( 1 )
وخبر أبي بصير المرادي أنه
سئل أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن القز تلبسه
المرأة في الاحرام ، قال (
عليه السلام ) : لا بأس إنما يكره الحرير المبهم ( 2 ) .
وصحيح أبي الحسن الاحمسي عن
أبي عبد الله ( عليه السلام ) عن العمامة
السابرية فيها علم حرير تحرم
فيها المرأة ، قال ( عليه السلام ) نعم إنما كره ذلك إذا
كان سداه ولحمته جميعا حريرا
، الحديث ( 3 ) . ونحوها غيرها .
وللاصحاب في مقام الجمع بين
النصوص طرق :
الاول : ما عن الذخيرة وفي الجواهر
، وهو حمل نصوص المنع على الكراهة جمعا
بينها وبين نصوص الجواز .
والشاهد به - مضافا إلى كونه
جمعا عرفيا - الطائفة الاخيرة المتضمنة للفظ
الكراهة الظاهرة في الكراهة
المصطلحة .
وفيه : أن الكراهة في
الاخبار ليست ظاهرة في الكراهة المصطلحة : بل إطلاقها
وإرادة الحرمة منها في
النصوص شائعة ، بل أكثر من أطلاقها على المصطلحة .
وأما الحمل لاجل الجمع فيرده
: أن الجمع العرفي عبارة عن كون أحد الخبرين
بنظر العرف قرينة على الاخر
بحيث لو جمعهما في كلام واحد لا يري العرف تهافتا
بينهما أصلا ، والمقام ليس
كذلك فإنا إذا جمعنا قوله ( عليه السلام ) : نعم . في جواب :
وتلبس الحرير ، كما في صحيح
يعقوب ، مع قوله ( عليه السلام ) في صحيح العيص :
تلبس ما شاءت غير الحرير .
لا محالة يكونان متهافتين ، ولا يرى العرف أحدهما قرينة
……………………………………………
1 - الوسائل باب 33 من أبواب
الاحرام حديث 4 .
2 - الوسائل باب 33 من أبواب
الاحرام حديث 5 .
3 - الوسائل باب 33 من أبواب
الاحرام حديث 11
[ . . . ]
على الاخر .
ومن الغريب أن صاحب الجواهر
بنفسه ذكر ذلك ضابطا للجمع العرفي ، ومع
ذلك التزم في المقام بالحمل
على الكراهة جمعا .
الثاني : ما في الحدائق وهو
أنه تحمل نصوص المنع على الحرير المحض
ونصوص الجواز على الممتزج .
وفيه : أنه جمع تبرعي لا
شاهد له حتى بالنسبة الى صحيح يعقوب : إذ ليس
فيه سوى الجواب ب ( نعم ) عن
السؤال عن لبس الحرير الظاهر في الخالص .
وخبر أبي عيينة الذي جعله في
المدارك والحدائق شاهدا لهذا الجمع لم يظهر لي
وجه شهادته ، فإنه بعد أن
نهي عن لبس الحرير في حال الاحرام وسؤال الراوي أن
سداه ابريسم وهو حرير ، قال
( عليه السلام ) : ما لم يكن حريرا خالصا لا بأس .
وقد يقال : إن نظرهما الى أن
روايات الجواز مطلقة من هذه الجهة أي شاملة
للخالص والممزوج ، وروايات
المنع مختصة بالخالص ، فيقيد إطلاق الاولى بالثانية .
ويرده أن قوله : ما لم يكن
حريرا خالصا إنما هو في جواب السؤال عن لباس
الخز الذي يكون سداه من حرير
، وإلا فالحرير ظاهر في الخالص ، وعلى أي حال
لسان الادلة المانعة
والمجوزة واحد .
الثالث : ما في الحدائق أيضا
، وهو أن روايات المنع أكثر فترجع بالاكثرية .
وفيه ، إن الكثرة لم تجعل في
أخبار الترجيح من المرجحات .
والحق أن يقال : إن الطائفة
الاولي الدالة على جواز الاحرام في كل ثوب يصح
فيه الصلاة مطلقة يقيد
إطلاقها بنصوص المنع عن إحرام النساء في الحرير .
وأما ما في المستند من أن
الخطاب فيه الي الرجل حتما أو احتمالا فيرد عليه :
أن الظاهر كون قوله ، تصلي
وتحرم بصيغة المجهول ، ولا مخاطب في الخبر .
[ . . . ]
وأما النصوص الطائفة الثانية
فعمدتها صحيح يعقوب وهو ليس في الاحرام بل
مطلق .
وما في الجواهر من أنه لا
ريب في ظهوره في حال الاحرام كما تري فإن وضوح
جواز لبس الخلخالين والمسك
والقميص تزره عليها إنما هو بمثل هذه النصوص ،
وكيف كان فهو مطلق يقيد
إطلاقه بنصوص المنع ويختص بغير حال الصلاة .
وأما خبر النضر فهو مطلق من
حيث الشمول لثوب الحرير وغيره فيقيد
إطلاقه بنصوص المنع ، وهناك
بعض روايات اخر ضعيفة السند وقاصرة الدلالة ،
فالمتحصل : إن الاظهر هو
المنع .
ثم إن روايات المنع لا تختص
بثوبي الاحرام ، بل تدل على عدم جواز لبس
الحرير في حال الاحرام مطلقا
فهي في حال الاحرام كالرجل في حرمة لبسها الحرير .
7 - لا إشكال في أنه لا يجوز
الاحرام في القباء والسراويل ، بل لبسهما في
حال الاحرام اختيارا .
ويشهد به - مضافا إلى ما دل
على لزوم التجرد عن الثياب ولبس الازار والرداء
بالتقريب المتقدم - جملة من النصوص
كصحيح معاوية بن عمار عن الامام الصادق
( عليه السلام ) : ولا تلبس
سراويل إلا أن لا يكون لك إزار ( 1 ) .
وصحيح الحلبي عنه ( عليه
السلام ) : إذا اضطر المحرم الى القباء ولم يجد ثوبا
……………………………………………
1 - الوسائل باب 50 من أبواب
تروك الاحرام حديث 1 .
[ . . . ]
غيره فليلبسه مقلوبا ولا
يدخل يديه في يدي القباء ( 1 ) .
وصحيح عمر بن يزيد عنه (
عليه السلام ) : وإن لم يكن له رداء طرح قميصه
على عنقه أو قباء بعد أن
ينكسه ( 2 ) .
وخبر الحناط عنه ( عليه
السلام ) : من اضطر الى ثوب وهو محرم وليس معه إلا
قباء فلينكسه وليجعل أعلاه
أسفله ويلبسه ( 3 ) .
وصحيح محمد بن مسلم عن
الامام الباقر ( عليه السلام ) في حديث : ويلبس
المحرم القباء إذا لم يكن له
رداء ويقلب بظهره لباطنه ( 4 ) .
وصحيح البزنطي عن جميل عن
أبي عبد الله ( عليه السلام ) : من اضطر الى
ثوب وهو محرم وليس له إلا
قباء فلينكسه وليجعل أعلاه أسفبه وليلبسه ( 5 ) . ومثله خبر
علي بن أبي حمزة ( 6 ) .
ونحوها غيرها .
كما لا خلاف في جواز أن يلبس
القباء اذا لم يكن معه ثوب الاحرام في الجملة .
وعن المدارك : أن هذا الحكم
مقطوع به في كلام الاصحاب ، ويشهد به :
النصوص المتقدمة إنما الكلام
في موضعين :
الاول : بعد ما لا شك في أن
الشرط لجواز لبس القباء أحد الامرين فقد ثوب
الاحرام ، إو الاضطرار الى
اللبس لبرد وشبهه : فإن النصوص متضمنة لكل واحد منهما
……………………………………………
1 - الوسائل باب 44 من أبواب
تروك الاحرام حديث 1 .
2 - الوسائل باب 44 من أبواب
تروك الاحرام حديث 2 .
3 - الوسائل باب 44 من أبواب
تروك الاحرام حديث 3
4 - الوسائل باب 44 من أبواب
تروك الاحرام حديث 7 .
5 - الوسائل باب 44 من أبواب
تروك الاحرام حديث 8 .
6 - الوسائل باب 44 من أبواب
تروك الاحرام حديث 6 .
[ . . . ]
مستقلا لا مجتمعا - وقع
الكلام في أن الشرط الاول هو فقد الثوبين معا ، كما عن نهاية
الشيخ ومبسوطه وسرائر الحلي
والنافع والشرائع ، بل قيل : إنه المشهور بين القدماء ،
أو فقد الرداء خاصة كما عن
الدروس ، أو يكفي فقد أحدهما ولو كان هو الازار كما
عن الشهيدين في اللمعة والمسالك
؟ وجوه ، أظهرها : الثاني ، لصحيحي عمر بن يزيد
ومحمد ، وبهما يقيد ما ظاهره
الاطلاق أو العموم .
ومقتضي صحيح عمر طرح القباء
أو القميص على العنق ، ومقتضي صحيح
محمد لبسه ، والاظهر هو
التخيير بينهما .
كما أن من صحيح عمر يظهر عدم
الاختصاص بالقباء وجريانه في القميص
أيضا .
وهل الحكم على وجه الرخصة أو
الوجوب ؟ ظاهر الامر في بعض النصوص
المتقدمة الوجوب ، إلا أن
يقال : إنه لوروده مورد توهم الحظر لا يستفاد منه أزيد من
الرخصة والجواز ، ولكنه يتم
في لبس القباء في مورد الاضطرار لا في مورد فقد الرداء .
ولو فقد الازار لبس السراويل
بلا خلاف ، ويشهد به ، صحيح معاوية المتقدم
وغيره من الاخبار .
الموضع الثاني : في كيفية
لبس القباء فعن ابن إدريس : أن المراد بقلب القباء
جعل ذيله فوق أكتافه ، لئلا
يشبه لبس المخيط .
وعن الشيخ وجمع من الاصحاب :
أن المراد به جعل ظاهره باطنه .
واجتزأ المصنف في المنتهي
والمختلف بكل من الامرين وتبعه جمع .
وفي المستند يجب كلا الامرين
معا .
واستدل للاول : بصحيح
البزنطي ، واستأنس له بأن المقصود بذلك أنه لا يشبه
لبس المخيط إذا جعل ذيله على
أكتافه ، فأما إذا قلبه وجعل باطنه ظاهرا فهو يشبه
[ . . . ]
المخيط .
واستدل للثاني : بصحيح محمد
، واستأنس له بأنه لو كان المراد جعل الاعلى
منه أسفل لما كان مورد للنهي
عن أدخال اليد في القباء ، لعدم إمكانه .
واستدل للثالث : بأنه مقتضي
الجمع بين الطائفتين .
واستدل للرابع : بأن كلا من
الطائفتين مطلقة بالنسبة الى الاخرى فيقيد
إطلاق كل منهما بالاخرى ،
فتكون النتيجة لزومهما معا ، وهو حسن .
وأن شئت قلت : إن ما يأمر
بالنكس لا نظر له الى القلب ولا ينفيه ، كما أن ما
يأمر بالقلب كذلك بالنسبة
الى النكس فمقتضي القاعدة ، العمل بكل منهما .
وما في الحدائق من أن النصوص
مشتملة على بيان كيفية القلب وتبينها على
هاتين الصورتين والانسان
مخير بينهما ، وما ذكروه صورة ثالثة لا مستند لها فهي الى
خلاف الاحتياط أقرب منها
اليه - يرد عليه : أولا : أن كلا من الطائفتين متضمن لصورة
معينة ، فالحكم بالتخيير حكم
بغير ما تضمنه كل منهما .
وثانيا : أن الجمع بينهما
ليس صورة اخرى ، بل جمع بين الصورتين ، فالاظهر هو
الجمع ، وهو محتمل عبارة
الشرائع ، راجعها .
ثم أنه لابد وأن يعلم أنه لو
لبس القباء كذلك ليس للبسه حينئذ فداء ، كما
صرح به جماعة للاصل ، إلا
اذا أدخل يده في كمه .
[ . . . ]
8 - عن جملة من كتب الفقهاء
كالنهاية والمبسوط والخلاف والوسيلة : عدم
جواز الاحرام في الثياب
السود . ولكن المشهور بين الاصحاب الكراهة .
واستدل للاول : بموثق الحسين
بن المختار عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال :
قلت له : يحرم الرجل بالثوب
الاسود . قال ( عليه السلام ) : لا يحرم في الثوب الاسود
ولا يكفن به الميت ( 1 ) .
وحمله الاخرون على الكراهة ،
لوجوه :
الاول : ما في المستند وهو :
أن الجملة الخبرية قاصرة عن أفادة اللزوم .
وفيه : ما حقق في محله من أن
الجملة الخبرية أظهر في الدلالة على اللزوم من
الامر والنهي .
الثاني : ما في الرياض ، قال
: لاشعار النهي عن التكفين به ، فإنه فيه له قطعا ،
وجمعا بينه وبين الصحيح
المجوز للتكفين في كل ما لا يجوز الصلاة فيه بناءا على جواز
الصلاة فيه قطعا . انتهي .
وفيه أولا : أن الموثق أخص
مطلق من ما دل على جواز التكفين في كل ما تجوز
الصلاة فيه ، فالجمع يقتضي
البناء على عدم جواز التكفين به
وثانيا : أن حمل أحد النهيين
على الكراهة للدليل لا يستلزم حمل الاخر الذي
لا دليل على جواز فعله عليها
كما مر مرارا .
الثالث : ما في الجواهر ،
وهو : أن الموثق لا يصلح لتقييد ما دل عليه جواز
……………………………………………
1 - الوسائل باب 26 من أبواب
الاحرام حديث 1 .
[ والمندوب توفير شعر الرأس
للمتمتع من ]
الاحرام في كل ما يجوز
الصلاة فيه بضميمة الاجماع بقسميه على جواز الصلاة في
الثياب السود المؤيد بتظافر
النصوص بالنهي عن لبس السواد المحمول على الكراهة .
وفيه : أن الموثق خاص ، وذلك
الدليل عام ، والعام بلغ في القوة ما بلغ يقدم
الخاص عليه ، وما دل على
كراهة لبس السواد مطلقا ، لا يصلح لحمل ما دل على النهي
عن الاحرام فيه على الكراهة
.
الرابع : إعراض المشهور عن
الموثق فبذلك يسقط عن الحجية .
وفيه : أن الاعراض الموهن هو
عدم عمل القوم بالخبر رأسا ، وأما عدم العمل
بظاهره وحمله على غير ما هو
ظاهر فيه فلا يسقط الخبر عن الحجية .
وبعبارة اخري : الموهن
الاعراض عن السند لا الدلالة ، وفي المقام الاصحاب
لم يعرضوا عن الخبر رإسا
فإنهم أفتوا بالكراهة ، ومدركهم الموثق ، وإنما حملوه عليها ،
ولعله لبعض ما تقدم .
فالمتحصل : أن مقتضي الموثق
المنع عن الاحرام بالسود ، وبما أن مخالفة القوم
مشكلة ، وأشكل منها : مخالفة
الدليل المعتبر ، فلو لم نفت بعدم الجواز لا نتوقف في
الاحتياط اللزومي .
( و ) أما الموضع الثالث : ف
( المندوب ) امور :
أحدها : ( توفير شعر الرأس )
كما في المتن والشرائع ، وعن النافع وغيرها ، بل
واللحية ، كما عن المصباح
والسرائر وفي المنتهي ( للمتمتع ) كما عن القواعد والنهاية
والمبسوط والتحرير وغيرها ،
بل لاحرام الحج مطلقا كما عن جمع من المحققين ( من
[ أول ذي القعدة ]
أول ذي القعدة ) وتوفيرهما
شهرا لمن أراد العمرة ، لجملة من النصوص كصحيح
عبد الله بن مسكان عن الامام
الصادق ( عليه السلام ) لا تأخذ من شعرك وأنت تريد
الحج في ذي القعدة ولا في
الشهر الذي تريد فيه الخروج الي العمرة ( 1 ) . ومثله - صحيح
ابن سنان ( 2 ) .
وموثق محمد بن مسلم عن أبي
عبد الله ( عليه السلام ) : خذ من شعرك اذا
أزمعت على الحج شوال كله الى
غرة ذي القعدة ( 3 ) .
ومصحح عبد الله بن سنان عنه
( عليه السلام ) : اعف شعرك للحج إذا رايت
هلال ذي القعدة وللعمرة شهرا
( 4 ) .
وصحيح معاوية بن عمار عن
الامام الصادق ( عليه السلام ) : فمن أراد الحج
وفر شعره إذا نظر الى هلال
ذي القعدة ، ومن أراد العمرة وفي شعره شهرا ( 5 ) .
وصحيح ابن أبي العلاء عنه (
عليه السلام ) عن الرجل يريد الحج أيأخذ من
رأسه في شوال كله ما لم ير
الهلال ؟ قال ( عليه السلام ) : لا بأس ما لم ير الهلال ( 6 ) .
وخبر أبي الصباح الكناني ،
قال : سألت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل
يريد الحج أيأخذ شعره في
أشهر الحج ؟ فقال : لا ولا من لحيته لكن يأخذ من شاربه
ومن أظفاره وليطل أن شاء ( 7
) . ونحوها غيرها .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 2 من ابواب
الاحرام حديث 1
2 - الوسائل باب 2 من ابواب
الاحرام حديث 1
3 - الوسائل باب 2 من ابواب
الاحرام حديث 2
4 - الوسائل باب 2 من أبواب
الاحرام حديث 5
5 - الوسائل باب 2 من ابواب
الاحرام حديث 4
6 - الوسائل باب 4 من ابواب
الاحرام حديث 1 .
7 - الوسائل باب 4 من أبواب
الاحرام حديث 4 .
[ . . . ]
وتوضيح ما هو مفاد هذا
النصوص في ضمن فروع :
1 - إطلاق الاخبار يشمل مطلق
الحج ، فالتخصيص بالتمتع لا وجه له ،
والاستناد الى خبر جميل
الاتي المثبت للدم على المتمتع الحالق رأسه ، غير تام ، أذ لا
يدل على عدم الحرمة أو
الكراهة في غير المتمتع ، كي يقيد به إطلاق النصوص ، وثبوت
حكم آخر في خصوص المتمتع لا
يكون قرينة على تخصيص هذا لحكم به .
2 - هل المأمور به هو السعي
في توفير الشعر وكثرته ، أو عدم الاخذ منه ، أو
عدم حلقه خاصة ؟ وجوه ،
والاظهر : الثاني : لان جملة من النصوص وأن تضمن الامر
بالتوفير إلا ان في بعض آخر
ذكر عدم الاخذ منه ، وهو المراد بالتوفير في النصوص
والفتاوي قطعا ، وخبر جميل
وإن اختص بالحلق لكنه كما عرفت لا يصلح مقيدا
لاطلاق هذه النصوص .
3 - مقتضي إطلاق جملة من النصوص
للشعر ، وصراحة جملة اخرى منها :
ثبوت الحكم في اللحية أيضا
كالرأس ، والاستناد الى خبر جميل المختص بحلق الرأس
قد مر ما فيه ، كما أن
اختصاص صحيح ابن أبي العلاء ، بالرأس لا يصلح للتقييد ،
لعدم حمل المطلق على المقيد
في المتوافقين .
4 - أن خبر أبي الصباح وإن
كان عاما لاشهر الحج إلا أنه يقيد إطلاقه بما
تقدم من النصوص المصرحة
بالجواز وعدم البأس بالاخذ والحلق في شوال منطوقا أو
مفهوما .
5 - ظاهر النصوص المتقدمة هو
وجوب التوفير ، كما عن الشيخين في المقنعة
والاستبصار والنهاية ولكن
المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة الاستحباب .
واجيب عن ظهور الاخبار
بأجوبة :
الاول : ما عن المختلف بأن
المستحب أيضا مأمور به كالواجب ، وأن أصالة
[ . . . ]
البراءة ، وخبر سماعة عن
الامام الصادق ( عليه السلام ) عن الحجامة وحلق القفا في
أشهر الحج ، فقال ( عليه
السلام ) : لا باس به والسواك والنورة ( 1 ) - يقتضيان
الاستحباب .
ولكن يرد عليه : أن المستحب
وإن كان مأمورا به إلا ان حمل الامر على
الاستحباب يتوقف على الدليل
لكونه خلاف الظاهر ، وأصالة البراءة لا تصلح لذلك
إذ لا مورد لها مع الدليل ،
وخبر سماعة في غير شعر الرأس واللحية ، مع أنه مطلق
من حيث أشهر الحج .
الثاني : ما عن الذخيرة ،
وهو : التوقف في دلالة الامر في أخبارنا على الوجوب
فيثبت حكم الاستحباب بانضمام
الاصل .
وفيه : ما حقق في محله من
ظهور الامر في الوجوب وإلا لزم تأسيس فقه جديد
إذا كثر الواجبات تثبت
بالامر .
الثالث : انه يشهد لعدم الوجوب
: طائفة اخرى من الاخبار ، كخبر علي بن
جعفر - الذي عبر عنه في
الجواهر بالصحيح عن كتابه - عن أخيه موسى بن جعفر
( عليه السلام ) : سألته عن
الرجل اذا هم بالحج يأخذ من شعر رأسه ولحيته وشاربه ما
لم يحرم ؟ قال ( عليه السلام
) : لا باس ( 2 ) .
وصحيح هشام بن الحكم
وإسماعيل بن جابر جميعا عن الامام الصادق ( عليه
السلام ) : أنه يجزي الحاج
أن يوفر شعره شهرا ( 3 ) .
وأورد على دلالته على عدم
الوجوب بعض الاعاظم : بأن الاجزاء أعم من
……………………………………………
1 - الوسائل باب 4 من ابواب
الاحرام حديث 3 .
2 - الوسائل باب 4 من ابواب
الاحرام حديث 6 .
3 - الوسائل باب 2 من أبواب
الاحرام حديث 3 .
[ . . . ]
الجواز ونسب الى بعض آخر من
الاعاظم أن الاجزاء كما تري مجمل : لانه لم يدر أنه
مجز عن الواجب أو المستحب .
ولكن أظن أنهما لم يتوجها الى كيفية الاستدلال .
قال في الجواهر : إذ هو
حينئذ أقل من التوفير من اول ذي القعدة ، فيدل على
عدم الوجوب من أوله قطعا .
وخبر محمد بن خالد الخزاز
قال : سمعت أبا الحسن ( عليه السلام ) يقول : أما
أنا فآخذ من شعري حين اريد
الخروج الى مكة للاحرام ( 1 ) .
واورد عليه : بأنه لابد من
توجيهه حتى على القول المشهور ، لاشتماله على
شئ لا يمكن الالتزام بظاهره
وهو مواظبة الامام ( عليه السلام ) على ترك المستحب
مع أنه ليس كذلك قطعا .
وفيه : أنه ليس فيه ما هو
ظاهر في مواظبته على ذلك ، ولعله ينقل البناء على
ذلك في سفره القابل خاصة ،
وسره حينئذ إعلام الجواز ولا محذور في ذلك ، فالانصاف :
أن صحيح علي وهذا الخبر
دالان على عدم الوجوب ، واما صحيح هشام وإن كام دالا
عليه إلا أنه أعم من الحج
والعمرة فيمكن أن يقيد بالعمرة بالنصوص المتقدمة .
وربما يقال : إن الجمع بين
الطائفتين يمكن بأن يقيد نصوص الجواز الى أول
ذي القعدة ، ونصوص المنع من
أول ذي القعدة الى أيام الحج .
وفيه : أن قوله في خبر على :
ما لم يحرم . يأبي عن ذلك ، وكذا قوله في خبر الخزاز :
حين اريد الخروج الى مكة .
فالحق أن الجمع بينهما يقتضي
البناء على الاستحباب ، وهذا مضافا الى كونه
جمعا عرفيا يعضده بناء الاصحاب
على الاستحباب ، إذ مع عموم الابتلاء به لا يحمل
……………………………………………
1 - الوسائل باب 4 من ابواب
الاحرام حديث 5 .
[ . . . ]
أن يكون ذلك واجبا قد خفي
عليهم .
وأما خبر علي بن جعفر عن
أخيه ( عليه السلام ) : من أراد الحج فلا يأخذ من
شعره إذا مضت عشرة من شوال (
1 ) . فيحمل على مرتبة من الندب ، فيتم ما أفاده
صاحب الجواهر - ره - بأن
الجمع بين النصوص يقتضي البناء على تفاوت مراتب
الندب ، كما فهمه المشهور ،
المرتبة الاولى ما إذا مضت عشرة من شوال ، والمرتبة الثانية
من أول ذي القعدة ، والمرتبة
الثالثة إذا بقي شهر .
6 - نسب الى المفيد - قده -
وجوب الدم بالحلق في ذي القعدة .
واستدل له : بخبر جميل بن
دراج ، قال : سالت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن
متمتع حلق رأسه بمكة ، قال (
عليه السلام ) إن كان جاهلا فليس عليه شيئ ، وإن
تعمد ذلك في أول الشهور للحج
بثلاثين يوما فليس عليه شئ ، وإن تعمد ذلك بعد
الثلاثين التي يوفر فيها
للحج فإن عليه دما يهريقه ( 2 ) .
واورد عليه تارة : بضعف
السند ، لان في سنده علي بن الحكم الذي صرح
الشيخ - ره - في التهذيب
بأنه ضعيف جدا لا يعول على ما انفرد به .
واخرى : بأن السؤال إنما وقع
عن حلق رأسه بمكة ، والجواب مقيد بذلك
السؤال بعود الضمير الواقع
فيه الى المسؤل عنه ، فلا يمكن الاستدلال به على لزوم
الدم بذلك على وجه العموم .
وثالثة : بانه إن تضمن لزوم
الدم بالحلق بعد الثلاثين التي يوفر فيها الشعر
للحج وهو خلاف المدعى ، ذكر
ذلك كله سيد المدارك .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 2 من أبواب
الاحرام حديث 8
2 - الوسائل باب 5 من أبواب
الاحرام حديث 1 .
[ . . . ]
ويتوجه على الاول : أن الخبر
مروي عن الفقيه عن جميل ، وطريقه اليه في
المشيخة صحيح .
وعلى الثاني : أن السؤال وإن
كان عن موضوع خاص إلا أن جوابه ( عليه
السلام ) عام متضمن لشقوق
المسألة ولا مانع عن ذلك .
وعلى الثالث : أنه لو سلم
دلالته على وجوب الدم في ذي الحجة ، مجرد كون
ذلك خلاف المدعى لا يوجب رفع
اليد عنه .
والذي يفهم من الخبر في نفسه
مع قطع النظر عن الفتاوي والاقوال : أن من
تعمد الحلق في أول الشهور
بثلاثين يوما أي بمضي ثلاثين فإن الثلاثين عين وجودها
ومضيها ، لان المفهوم حاك عن
نفس الوجود كما قيل لا دم عليه ، فلو حلق من أول
ذي القعدة لا دم عليه ، وإن
تعمد بعد مضي الثلاثين التي يوفر فيها الشعر وهي شهر
ذي القعدة بتمامها أي بعد
دخول ذي الحجة يجب عليه الدم ، وإذا انضم الى ذلك
رجوع الضمير الى مورد السؤال
يكون مفاد النص : إن المتمتع إذا حلق رأسه في ذي
الحجة بمكة يجب عليه الدم ،
وحيث لا قائل بوجوبه كذلك فيحمل على الندب ، فيتم
بذلك ما ذكره بعضهم ، من
تأكد استحباب توفير الشعر من أول ذي الحجة ، وعليك
بالتأمل في ما ذكرناه وذكره
القوم مما هو أجنبي عن ظاهر الخبر ، والله تعالى مقيل
العثرات .
[ وتنظيف الجسد ، وقص الاظفار
وأخذ الشارب وأخذ العانة ، والابطين بالنورة ]
( و ) ثانيها ( تنظيف الجسد وقص
الاظفار وأخذ الشارب وأخذ العانة
والابطين بالنورة ) أو الحلق
أو النتف بلا خلاف فيه في الجملة .
والنصوص المتظافرة شاهدة به
، لا حظ : صحيح ابن عمار عن الامام الصادق
( عليه السلام ) : اذا
انتهيت الى بعض المواقيت التي وقت رسول الله صلى الله عليه
وآله فانتف إبطيك واحلق عانك
وقلم اظفارك وقص شاربك ولا يضرك بأي ذلك
بدأت ( 1 )
وصحيحه الاخر عنه ( عليه
السلام ) : اذا انتهيت الى العقيق من قبل العراق
أو الى الوقت من هذه
المواقيت وأنت تريد الاحرام إن شاء الله فانتف إبطيك وقلم
أظفارك وأطل عانتك وخذ من
شاربك ولا يضرك بأي ذلك بدأت ( 2 ) .
وصحيح حريز عنه ( عليه
السلام ) عن التهيؤ للاحرام فقال : تقليم الاظفار
وأخذ الشارب وحلق العانة ( 3
) . ونحوها غيرها .
وفي هذه النصوص ذكر في
العانة الحلق والاطلاء ، وفي الابط ، النتف ، ولم يذكر
في العانة النتف ، ولا في
الابط الحلق والاطلاء ، وفي نصوص آداب الحمام وإن ذكر في
الابط الاطلاء والحلق إلا
أنها غير مربوطة بالمقام ، فالجمود على ظاهر النصوص
يقتضي الاقتصار على ما ذكر
فيها ، ولكن الظاهر أنه كما فهمه المشهور المقصود هو
……………………………………………
1 - الوسائل باب 6 من ابواب
الاحرام حديث 3 .
2 - الوسائل باب 6 من أبواب
الاحرام حديث 4 .
3 - الوسائل باب 6 من أبواب
الاحرام حديث 5
[ . . . ]
إزالة الشعر بأي نحو كان .
وليس في النصوص تنظيف الجسد
من الاوساخ ، ولكن المصنف - ره - ذكره في
المقام ، وفي محكي القواعد ،
وكذا المحقق في الشرائع ، وليس له دليل بالخصوص ، نعم
يمكن استفادته من هذه النصوص
من باب تنقيح المناط ، ويويد ما دل على رجحان
ذلك في نفسه .
ومقتضي إطلاق النصوص هو
مطلوبية الاطلاء للاحرام ولو كان اطلى قبل
ذلك بأيام قلائل ، وأما اذا
كان اطلى قبل للاحرام فأخر إحرامه فإن كان ذلك قبل
الاحرام بستة ليال أو أقل أو
أكثر الى خمسة عشر يوما اجتزأ به كما أفتى به الاساطين ،
للنصوص .
ففي خبر أبي بصير عن أبي عبد
الله ( عليه السلام ) : لا بأس بأن تطلي قبل
الاحرام بخمسة عشر يوما ( 1
) .
وصحيح معاوية عنه ( عليه
السلام ) عن الرجل يطلي قبل أن يأتي الوقت بستة
ليال ، قال ( عليه السلام )
لا بأس . وسأله عن الرجل يطلي قبل أن يأتي مكة بسبع
أو ثمان ليال ، قال ( عليه
السلام ) لا بأس ( 2 ) .
وأما خبر علي بن حمزة ، سال
أبو بصير أبا عبد الله ( عليه السلام ) وأنا
حاضر ، فقال : إذا اطليت
للاحرام الاول كيف أصنع في الطلية الاخيرة وكم بينهما ؟
قال ( عليه السلام ) : اذا
كان بينهما جمعتان خمسة عشر يوما فاطل ( 3 ) فهو غير ما نحن
فيه ، فإن مورده الاطلاء
للاحرام الاول فيكون الثاني بعد انتهائه أو في أثنائه .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 7 من أبواب
الاحرام حديث 5 - 6 .
2 - الوسائل باب 7 من أبواب
الاحرام حديث 6 .
3 - الوسائل باب 7 من أبواب
الاحرام حديث 4 .
[ والغسل أمامه ]
( و ) الثالث مما يستحب في
الاحرام : ( الغسل أمامه ) بلا خلاف فيه ، وفي
التذكرة والمستند وعن
التحرير دعوى الاجماع عليه .
والنصوص الواردة في المقام
متواترة ، وألسنتها مختلفة ، ففي بعضها : الامر به ،
كالصحاح الثلاث لابن عمار
وصحيحي هشام وابن وهب ( 1 ) .
وفي بعضها : عده من الواجب ،
كموثق سماعة ومرسل يونس ( 2 ) .
وفي بعضها : الامر بإعادة
الغسل لمن لبس قميصا بعده كصحيحي ابن عمار
والنضر ، وخبري محمد وعلي بن
أبي حمزة ( 3 ) .
وفي بعضها مضامين اخر يأتي
بعضها في هذه المباحث ، ومقتضي ظاهر تلك
الاخبار جميعا الوجوب كما
افتى به القديمان .
وما عن سيد المدارك من أن
مقتضي أصالة البراءة - وذكره في عداد المسنونات
- هو الاستحباب وعدم الوجوب
. يرد عليه : أن أصالة البراءاة لا مجري لها مع ظاهر
الدليل ، وذكره في عداد
المندوبات لا يصلح لذلك كما تقدم مرارا .
فالحق أن يقال : أنه يحمل
على الاستحباب ، لاتفاق الاصحاب - إلا النادر
منهم - عليه ، مع كون هذه
النصوص بمرئي منهم ومنظر ، وظهور الامر في الوجوب من
المسلمات عندهم ، ولا معارض
لها ، فإن افتائهم بالندب مع ذلك كله سيما في مثل هذه
المسألة العامة البلوى يوجب
القطع بعدم الوجوب ، فيحمل النصوص المتقدمة على
الاستحباب ، وتمام الكلام في
ضمن فروع :
……………………………………………
1 - 2 - 3 راجع الوسائل باب
6 - 8 - 10 - 11 من ابواب الاحرام .
[ . . . ]
1 - أن ظاهر جملة من النصوص
أن محل الغسل الميقات ، لاحظ : صحيح
معاوية المتقدم في المسألة
السابقة : اذا انتهيت الى بعض المواقيت التي وقت رسول الله
صلى الله عليه وآله - الى أن
قال - واغتسل ( 1 ) . ونحوه غيره .
ولا خلاف في جواز تقديمه مع
خوف إعواز الماء .
ويشهد به صحيح هشام ، قال :
أرسلنا الي أبي عبد الله ( عليه السلام ) ونحن
جماعة ونحن بالمدينة إنا
نريد أن نودعك فأرسل الينا أن اغتسلوا بالمدينة فإني أخاف
أن يعز الماء عليكم بذي
الحليفة فاغتسلوا بالمدينة والبسوا ثيابكم التي تحرمون فيها ( 2 ) .
الحديث .
وهل يجوز تقديمه مطلقا كما
عن جمع من المحققين ، أم لا ؟ وجهان ، ظاهر
النصوص الموقتة والتعليل في
صحيح هشام هو الثاني .
ويدل على الاول : صحيح
معاوية بن وهب ، قال : سالت ابا عبد الله ( عليه
السلام ) ونحن بالمدينة عن
التيهؤ للاحرام ، فقال : اطل بالمدينة وتجهز كل ما تريد
واغتسل وأن شئت استمتعت
بقميصك حتى تأتي مسجد الشجرة ( 3 ) .
ورواية الشيخ إياه خاليا عن
ذكر الغسل لا تضر بعد روايته إياه بنفسه بطريق
آخر مع ذكر الغسل ، وكذلك
الصدوق سيما بناء على ما أسس في محله من أنه عند
دوران الامر بين الزيادة
والنقصان يبنى على الاولى .
وصحيح الحلبي عنه ( عليه
السلام ) عن الرجل يغتسل بالمدينة للاحرام أيجزيه
……………………………………………
1 - الوسائل باب 6 من أبواب
الاحرام حديث 3 .
2 - الوسائل باب 8 من أبواب
الاحرام - حديث 1 .
3 - الوسائل باب 7 من أبواب
الاحرام حديث 1 .
[ . . . ]
عن غسل ذي الحليفة ؟ قال (
عليه السلام ) : نعم ( 1 ) . ومثله خبر أبي بصير ( 2 ) . ولو نوقش
في الاخيرين بأن المسؤول عنه
إجزاء الغسل الواقع في المدينة - على فرض مشروعيته
- عن غسل الميقات فلا إطلاق
لهما ، كي يدلان على مشروعيتة الغسل حتى مع عدم
إعواز الماء ، ففي الاول
كفاية ، وبه يرفع اليد عن ظهور النصوص الموقتة في التعيين .
وأما التعليل في صحيح هشام
فهو يصلح أن يكون تعليلا لتعين الفرد الاول
المستفاد من ظاهر الامر ،
وأن تعينه إنما يكون لخوف إعواز الماء .
وأما ما ذكره بعض الاجلة من
أن ما نقله في التنقيح من الاجماع على عدم
المشروعية في صورة عدم خوف
إعواز الماء يوجب تقييد إطلاق النصوص الشاملة
لصورة عدم الخوف ، فيرد عليه
: أن في التنقيح لم يدع الاجماع على عدم جواز التقديم
اختيارا ، بل قال : إنه لا
يظهر قائل به ، مع أن الاجماع المنقول سيما في مثل هذه المسألة
المعلوم مدركهم فيها لا يكون
حجة فلا يصلح للتقييد ، فالاظهر جواز التقديم اختيارا .
ولو اغتسل قبل الميقات هل
يستحب الاعادة لو وجد الماء في الميقات أم لا ؟
فيه قولان .
واستدل للاول بذيل صحيح هشام
المتقدم : لا عليكم أن تغتسلوا إن وجدتم
ماء إذا بلغتم ذا الحليفة .
ورد بأن نفي البأس غير
الاستحباب .
وأجاب عنه في المستند بأنه
اذا لم يكن به بأس كان راجحا لكونه عبادة .
ولكن ذلك كله على فرض تقدير
البأس ، ولا وجه له ، بل الظاهر من الخبر
نفي أصل الغسل كما تنبه له
في المستند ، وعليه فهو يدل على القول الثاني فهو أظهر .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 8 من أبواب
الاحرام حديث 5 .
2 - الوسائل باب 8 من أبواب
الاحرام حديث 3 .
[ . . . ]
2 - ولو اغتسل وأحرم فلا
كلام وإن أخر الاحرام فتارة يؤخر الى أن
يمضي اليوم إن وقع الغسل فيه
، أو الليل إن وقع فيه ، واخرى يؤخره الى أن يمضي
يوم وليلة ، وثالثة ينام بعد
الغسل قبل الاحرام ، ورابعة يحدث بحدث آخر غير النوم
وخامسة يأكل ما لا يجوز أكله
ويلبس ما لا يجوز لبسه أو يتطيب .
أما الصورة الاولي فلا خلاف
في الاجزاء وعدم استحباب الاعادة .
وتشهد به نصوص كثيرة كصحيح
عمر بن يزيد عن امامنا الصادق ( عليه
السلام ) ، قال : غسل يومك
ليومك وغسل ليلتك لليلتك ( 1 )
وخبر سماعة بن مهران عنه (
عليه السلام ) من اغتسل قبل طلوع الفجر وقد
استحم قبل ذلك ثم أحرم من
يومه أجزأه غسله وإن اغتسل في أول الليل ثم أحرم
في آخر الليل أجزاه غسله ( 2
) . ونحوهما غيرهما .
وأما في الصورة الثانية فقد
صرح غير واحد بأن غسل اليوم يكفي الى آخر
الليل وبالعكس
وفي المستند : وافتى به
جماعة ولا بأس به انتهى .
وفي الجواهر : أفتى به جماعة
من متأخري المتأخرين تبعا للمحكي عن المقنع ،
ونفي عنه البأس في الرياض
انتهي .
ويشهد به : صحيح جميل عن أبي
عبد الله عليه السلام : ( غسل يومك يجزيك
……………………………………………
1 - الوسائل باب 9 من أبواب
الاحرام حديث 2 .
2 - الوسائل باب 9 من أبواب
الاحرام حديث 5 .
[ . . . ]
لليلتك وغسل ليلتك يجزيك
ليومك ( 1 ) .
وحمل اللام على معنى الى
بعيد غايته .
وخبر سماعة المتقدم ، إذ
حمله على الغسل بعد طلوع الفجر بإرادة طلوع
الفجر من قوله : قبل طلوع
الفجر خلاف الظاهر ، ولا تهافت بينهما وبين النصوص
المتقدمة كصحيح عمر بن يزيد
، لعدم التنافي .
وأما الصورة الثالثة
فالمشهور بين الاصحاب استحباب الاعادة .
ويشهد به : صحيح النضر بن
سويد عن أبي الحسن ( عليه السلام ) عن الرجل
يغتسل للاحرام ثم ينام قبل
أن يحرم ، قال ( عليه السلام ) : عليه إعادة الغسل ( 2 ) . ومثله
خبر علي بن أبي حمزة ( 3 ) .
وأورد على ذلك بإيرادين :
الاول : ما عن الحلي ، قال :
إن الاخبار عن الائمة الاطهار جاءت في أن من
اغتسل نهارا كفاه ذلك الغسل
، وكذا من اغتسل ليلا .
وفيه : إن النظر في تلك
الاخبار الى الزمان نفسه ، وفي الخبرين الي الحدث .
الثاني : إن صحيح عيص بن
القاسم ، قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام )
عن الرجل يغتسل للاحرام
بالمدينة ويلبس ثوبين ثم ينام قبل أن يحرم ، قال ( عليه
السلام ) ليس عليه غسل ( 4 )
.
وأجيب عنه بالحمل على نفي
التأكد جمعا ، كما عن المدارك وتبعه غيره .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 9 من أبواب
الاحرام حديث 1 .
2 - الوسائل باب 10 من أبواب
الاحرام حديث 1 .
3 - الوسائل باب 10 من أبواب
الاحرام حديث 2 .
4 - الوسائل باب 10 من أبواب
الاحرام حديث 3 .
[ . . . ]
ولكن الانصاف أن ذلك جمع
تبرعي ، بل يرى العرف التهافت بين قوله في
صحيح النضر : عليه إعادة
الغسل . وقوله في صحيح العيص : ليس عليه غسل . وعليه
فيقدم صحيح النضر للشهرة ،
فالاظهر استحبابا الاعادة .
وأما الصورة الرابعة ، فعن
الدروس : الاقرب أن الحدث كذلك ، ويستحب
إعادة الغسل معه .
وعلله في محكي المسالك : بان
غير النوم أقوى ، وجه القوة : الاتفاق على نقض
الحدث غيره مطلقا ، والخلاف
فيه على بعض الوجوه .
وعن كشف اللثام : وجه القوة
: أنها تلوث البدن دونه ، أو لان الظاهر أن النوم
أنما صارت حدثا : لان معه
مظنة الاحداث فحقائقها أولى .
ولكن الحق أن هذه الوجوه
كلها اعتبارية لا تصلح مدركا للحكم الشرعي ،
وأما استفادة عدم الخصوصية
من النص الوارد في النوم فغير ظاهرة ، وعلى هذا
فالاصح ما عن المدارك من عدم
الاستحباب لعدم الدليل وأما ما ورد في غسل
الزيارة ودخول مكة والطواف ،
الدال على استحباب الاعادة مع تخلل الحدث فغير
مربوط بالمقام .
وأما الصورة الخامسة فظاهر
كلام الاصحاب استحباب إعادة الغسل فيها كما
أفاده صاحب الحدائق .
ويشهد به : صحيح عمر بن يزيد
عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : اذا اغتسلت
للاحرام فلا تقنع ولا تطيب
ولا تأكل طعاما في طيب فتعيد الغسل ( 1 ) .
وصحيح معاوية بن عمار عنه (
عليه السلام ) : اذا لبست ثوبا لا ينبغي لك لبسه
……………………………………………
1 - الوسائل باب 13 من أبواب
الاحرام حديث 2 .
[ . . . ]
أو أكلت طعاما لا ينبغي لك
أكله فأعد الغسل ( 1 ) ونحوهما غيرهما .
والظاهر من الامر بالاعادة
بقاء التكليف السابق ، وحيث إن الغسل بنفسه
مستحب فكذلك الاعادة ، وعلى فرض
القول بالوجوب لابد من البناء على وجوبه في
المقام ولا يخفي وجهه .
والنصوص مختصة بأكل ما لا
يجوز أكله ولبس ما لا يجوز لبسه والتطيب .
والتعدي الى سائر تروك
الاحرام يتوقف على إحراز المناط ، أو الدليل الخاص ،
وكلاهما مفقودان ، فالاظهر
عدم التعدي .
3 - لو أحرم بغير غسل أتى به
وأعاد الاحرام إما حقيقة أو صورة بلا خلاف
ظاهر يعتد به .
ويشهد به : صحيح الحسين بن
سعيد عن أخيه الحسن ، قال : كتبت الى العبد
الصالح أبي الحسن ( عليه
السلام ) رجل أحرم بغير الصلاة أو بغير غسل جاهلا أو
عالما ما عليه في ذلك وكيف
ينبغي له أن يصنع ؟ فكتب ( عليه السلام ) : يعيده ( 2 ) .
والامر فيه محمول على
الاستحباب لوجهين :
الاول : ما تقدم من أن الامر
بإعادة الشئ لا يزيد على الامر بذلك الشئ ،
بل الظاهر كونه إرشادا الى
بقاء ذلك والى ذلك أشار صاحب الجواهر ره قال : لا أجد
……………………………………………
1 - الوسائل باب 13 من أبواب
الاحرام حديث 1 .
2 - الوسائل باب 30 من ابواب
الاحرام حديث 1 .
[ . . . ]
له وجها ضرورة عدم تعقل وجوب
الاعادة مع كون المتروك مندوبا . انتهى .
الثاني : أن السؤال حيث يكون
مع لفظ ينبغي الظاهر في الاستحباب ،
فيكون المسؤول عنه الوظيفة
الاستحبابية فيكون الجواب كذلك ، للزوم التطابق بينهما
وإن أبيت عن ظهور ينبغي في
الاستحباب فلا أقل من الاجمال وعدم ظهوره في
الوجوب .
وبذلك يظهر تمامية ما أفاده
سيد المدارك ، وأنه لا يرد عليه ما أورد صاحب
الحدائق ، راجعها .
وقد اختلفت كلماتهم بالنسبة
الى الاحرام الثاني على أقوال :
أحدها : ما عن المصنف - ره -
في المختلف ، وفي الرياض وهو : أن الاحرام
الثاني مشروع ويبطل الاول .
ولعله الظاهر من التذكرة .
ثانيها : ما عن المسالك
والمدارك من أن المستحب صورة الاحرام بلبس الثوبين
والتلبية بلا نية إنشائه .
واختاره سيد العروة وأكثر محشيها .
ثالثها : ما في الجواهر
اختياره في آخر المسألة ، وعن كشف اللثام وهو مشروعيته
ثانيا مع البناء على صحة
الاحرام الاول فيكون قد أحرم إحرامين حقيقيين .
رابعها : ما عن ابن إدريس
وهو عدم مشروعية الاعادة إلا فيما لو كان الواقع
أولا صورة الاحرام .
أقول : أما الاخير فهو خارج
عن فرض المسألة : فإن محل الكلام مشروعية
الاعادة بعد وقوع الاحرام
حقيقة ، وخلاف ظاهر الرواية .
والذي دعي الحلي الى
الالتزام بذلك توهم عدم معقولية الاعادة مع وقوع
الاحرام ، فإنه مع انعقاده ووقوعه
أي إعادة تكون عليه .
وأورد عليه المصنف - ره -
بان الاعادة تكون عليه من جهة النص واستبعاد
[ . . . ]
إعادة الفرض لاجل النفل في
غير محله ، فإن الصلاة المكتوبة لو دخل فيها بغير أذان
وإقامة فإنه يستحب له
إعادتها فليكن المقام كذلك .
وأجاب عن ذلك الشهيد الثاني
بالفرق بين الصلاة والاحرام ، فإن الصلاة
قابلة للابطال بفعل المنافي
ولو بنية الابطال ، وليس كذلك الاحرام ، فإنه بعد انعقاده
لا يخرج عنه إلا بالاتمام أو
ما يقوم مقامه .
ويرد على الشهيد قده : أن
المصنف لا يريد الاستدلال لاستحباب الاعادة
قياسا بالصلاة ، كي يورد
عليه بما افيد ، بل هو استدل له في مقام الاثبات بالرواية ،
وما ذكره إنما هو من باب
إبداء الاحتمال جوابا عن إشكال عدم معقولية ذلك ثبوتا ،
وعليه فمن المحتمل أن يكون
رفع اليد عن الاحرام الاول والبناء على الاتيان بالثاني
قائما مقام الاتمام .
وأما القول الثاني فيرد عليه
: أنه خلاف ظاهر النص ، فإن الاتيان بصورة
الاحرام ليس إعادة للاحرام ،
فيدور الامر بين القول الاول والثالث .
وقد يقال : إنه لا يبعد
أظهرية الاول ، فإن الاعادة عبارة عن الاتيان بالمأتي
به ثانيا لعدم وقوعه امتثالا
للامر ، مع أن بناء الاصحاب على أن الاحرام غير قابل
للتكرار والتأكد .
أضف اليه : أن لازم الثاني
هو حصول الامتثال بهما معا ، مع أن ظاهر النص
المعبر بالاعادة حصوله
بالثاني .
هذا غاية ما يمكن أن يقال في
توجيه الاول ، ولكن بما أن الاحرام الاول في
الفرض وقع صحيحا ومع فرض
صحته وعدم وقوع المبطل عليه حكم بالاعادة ، ولو
كان المراد هو إبطال الاول
بالنية لكان اللازم التنبيه عليه ، وكون البناء على الاتيان
بالاحرام الثاني مبطلا للاول
مع أنه لا دليل عليه ليس كذلك قطعا ، إذ لو بني عليه
[ . . . ]
ثم انصرف لا إشكال في صحة
إحرامه ، فلا محالة تكون الاعادة من قبيل إعادة صلاة
الفرادى جماعة ، والاعادة -
لو لم تكن ظاهرة في الثاني من جهة أنها عبارة عن الوجود
الثاني - لا تكون ظاهرة فيما
افيد ، والنص ليس ظاهرا في حصول الامتثال بالثاني ،
وبناء الاصحاب على عدم تكرر
الاحرام ولا تأكده غير ثابت فإذا مقتضي ظاهر
النص هو ما أفاده صاحب
الجواهر - ره - فابتداء الاحرام من باب الامتثال بعد
الامتثال واستدامته من قبيل
الامتثال في ضمن فردين ولا مانع من ذلك مع مساعدة
الدليل فإذا ما اختاره في
الجواهر أظهر .
ويمكن أن يقال : إنه يعيد
ابتداء الاحرام لتدارك المصلحة الفائتة ولكنه بقاء
فرد واحد لا فردان ، وعليه
فلا وجه لتوهم تعدد الكفارة ولا تعدد العقاب لو فعل المحرم
بعض محرمات الاحرام كما لا
يخفي .
والنص مختص بالجاهل والعالم
، والناسي المذكور في كلماتهم غير مذكور فيه
فإلحاقه بهما يتوقف على
القول بكونه من مصاديق العالم ، أو يلحق بهما بالفحوى كما
أفاده صاحب الجواهر - ره -
ولا يبعدان .
وبناءا على ما اخترناه لو
أتى بما يوجب الكفارة بعده وقبل الاعادة وجبت
عليه الكفارة لفرض صحة
إحرامه الاول ، بل على القول ببطلانه أيضا لو أتى به قبل
تحقق المبطل .
[ والاحرام عقيب عقيب الظهر ،
او فريضة ، او ست ركعات ، او ركعتين ]
( و ) الرابع من مندوبات
الاحرام : ( الاحرام عقيب الظهر أو فريضة أو ست
ركعات أو ركعتين ) .
فها هنا مسائل :
الاولى : في استحباب الاحرام
عقيب الصلاة .
الثانية : في مشروعية التطوع
للاحرام :
الثالثة : في الجمع بين
الفريضة وتطوع الاحرام .
أما الاولى فالمشهور بين
الاصحاب شهرة عظيمة استحباب ذلك .
وعن الاسكافي وجوبه .
وفي حواشي جمع من المحققين
على العروة : الاحوط : عدم تركه ، وظاهر بعضها
الاحتياط الوجوبي .
ومدرك الحكم : نصوص كثيرة
كصحيح معاوية بن عمار عن الامام الصادق
( عليه السلام ) : صل
المكتوبة ثم احرم بالحج أو بالمتعة ( 1 ) .
وصحيحه الاخر عنه ( عليه
السلام ) : اذا أردت الاحرام في غير وقت صلاة
الفريضة فصل ركعتين ثم احرم
في دبرها ( 2 ) .
وصحيحه الثالث عنه ( عليه
السلام ) : لا يكون الاحرام إلا في دبر صلاة
مكتوبة أو نافلة ، فان كانت
مكتوبة أحرمت في دبرها بعد التسليم ، وإن كانت
……………………………………………
1 - الوسائل باب 18 من أبواب
الاحرام حديث 1 .
2 - الوسائل باب 18 من أبواب
الاحرام حديث 5 .
[ . . . ]
نافلة صليت ركعتين وأحرمت في
دبرهما فإذا انفتلت في صلاتك فاحمدالله واثن عليه
وصل على النبي صلى الله عليه
وآله . الحديث ( 1 ) .
وخبر أبي بصير عن أبي عبد
الله ( عليه السلام ) : تصلي للاحرام ست ركعات
تحرم في دبرها ( 2 ) ،
وخبر إدريس بن عبد الله ،
قال : سالت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل
يأتي بعض المواقيت بعد العصر
كيف يصنع ؟ قال ( عليه السلام ) : يقيم الى المغرب .
قلت : فإن أبي جماله أن يقيم
عليه ؟ قال : ليس له أن يخالف السنة ، قلت له : أيتطوع
بعد العصر ؟ قال ( عليه
السلام ) : لا بأس به ولكني أكرهه للشهرة وتأخير ذلك أحب
الي . قلت : كم اصلي اذا
تطوعت ؟ قال ( عليه السلام ) : اربع ركعات ( 3 ) .
ونحوها غيرها ،
وظاهر هذه النصوص الوجوب .
وقد قيل في وجه حملها على
الاستحباب ، وجوه :
1 - أنها مختلفة ، فبعضها
أمر بما بعد المكتوبة ، وآخر بما بعد ست ركعات ، وثالث
بالاربع ، ورابع باثنتين .
ذكره في المستند ، وتبعه سيد العروة .
وفيه : أنه مع إمكان الجمع
بين النصوص بالتخيير من هذه الجهة ، وإنما الواجب
هو وقوعه بعد الصلاة - لا
يصلح ذلك لرفع اليد عن ظاهر النصوص .
2 - ما في المستند أيضا قال
: مع أنه صرح في آخر رواية عمر بن يزيد ، واعلم
بأنه واسع لك أن تحرم في دبر
فريضة أو نافلة أو ليل أو نهار . انتهى ( 4 ) .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 16 من أبواب
الاحرام حديث 1 .
2 - الوسائل باب 18 من أبواب
الاحرام حديث 4 .
3 - الوسائل باب 19 من أبواب
الاحرام حديث 3 .
4 - الوسائل باب 18 من أبواب
الاحرام حديث 3 .
[ . . . ]
وفيه : أنه صرح بالتوسعة في
الخصوصيات لا في أصل الصلاة .
3 - ما في العروة ، وهو :
اشتمال النصوص على خصوصيات غير واجبة ، وقد تقدم
الجواب عن ذلك وبينا أن
الخبر اذا اشتمل على امور مستحبة ، وكان ظاهرا في وجوب
أمر واحد يؤخذ بظاهره فيه .
4 - ما عن كشف اللثام وهو :
أن وجوب ذلك يستلزم وجوب نافلة الارحام إذا
لم يتفق في وقت فريضة .
وفيه : أنه لا محذور في
الالتزام بذلك اذا لم يتمكن من انتظار الفريضة المقبلة .
5 - ما عنه أيضا ، وهو الاصل
، وهو لا يقاوم الدليل .
فالاظهر : أن يقال : إن هذا
الحكم يعم به البلوى ، والنصوص ظاهرة في وجوبه
من دون قرينة صارفة عنه
موجودة ، ومع ذلك افتى الاصحاب بعدم الوجوب ، وهذا
يوجب القطع به كما مر في غسل
الاحرام ، فالاظهر هو الاستحباب .
وأما المسألة الثانية فلا
كلام في استحباب صلاة الاحرام في الجملة ، والنصوص
المتقدمة ناطقة به ، ولكن
المتيقن منها ما لو كان في غير وقت الفريضة ، ومقتضي
صحيحي معاوية أنها ركعتان ،
ومقتضي خبر إدريس أنها أربع ركعات ، ومقتضي خبر
أبي بصير أنها ست ركعات ،
فالمتحصل من النصوص هو التخيير بين الست والاربع
والاثنتين .
وأما المسألة الثالثة فقد
اختلفت كلماتهم فيها على أقوال :
أحدها : أنه يجمع بين
الفريضة والنافلة ويؤخر الفريضة إن كان في وقت
الفريضة حكي ذلك عن الشيخ
المفيد في المقنعة ، والشيخ في المبسوط والنهاية
والمصنف - ره - في القواعد
والتذكرة والمنتهى ، والشهيد الثاني في المسالك ، بل عن كشف
اللثام ، أنه المشهور بين
الاصحاب .
ثانيهما : انه يجمع بينهما
مع تقديم الفريضة على النافلة اختاره في محكى كشف
[ . . . ]
اللثام .
ثالثها : أنه لا يجمع بينهما
، بل إن كان في وقت الفريضة يأتي بالفريضة خاصة
وإلا فبالتطوع ، وهو ظاهر
الشرائع في مبحث مقدمات الاحرام المستحبة ، والارشاد
والمدارك .
ظاهر أخبار الباب هو الاخير
، لاحظ : صحاح ابن عمار ، وخبر إدريس
المتقدمة .
واستدل للجمع بينهما في
المستند والجواهر : بإطلاق أدلة مشروعية نافلة
الاحرام .
وفيه : أن أكثر النصوص مفصلة
بين الاتيان بالفريضة وعدمه ، وبها يقيد
إطلاقها لو كان .
ثم على فرض الجمع وجوازه قد
يستدل لتقديم الفريضة بما دل على عدم جواز
التطوع في وقت الفريضة ، كما
عن الجمل ، والعقود والمهذب والوسيلة والغنية .
وفيه أولا : أنه يجوز التطوع
في وقت الفريضة كما تقدم في الجزء الرابع من هذا
الشرح .
وثانيا : أنه جعل هذه الصلاة
في الصحيح الاتي من الصلوات التي تصلى في كل
وقت .
وقد يستدل له بما تضمن أنه
يحرم في دبر صلاته ، فإن المتبادر منه التعقيب بلا
فاصلة .
وفيه : أنه يعارضه ما تضمن
من الصحاح المتقدمة أنه يحرم في دبر المكتوبة . وهي
أكثر وأصح سندا . فإما أن
تقدم لذلك ، أو يحمل الدبر على المعنى الاعم .
واستدل صاحب الجواهر لما ذهب
اليه بصحيح معاوية بن عمار ، قال : سمعت
أبا عبد الله ( عليه السلام
) يقول : خمس صلوات لا تترك على حال ، اذا طفت بالبيت
[ . . . ]
وإذا أردت أن تحرم ( 1 ) .
وخبر أبي بصير عن أبي عبد
الله ( عليه السلام ) : خمس صلوات تصليها في كل
وقت منها : صلاة الاحرام ( 2
) .
واورد عليه بأنه لو تمت
دلالة الروايتين على مشروعيته صلاة الاحرام في وقت
الفريضة فغايتها مشروعية
الاحرام في دبرها حينئذ ، لا الجمع بينها وبين الفريضة
والاحرام بعد الفريضة .
وفيه : أن هذا الايراد لو تم
فإنما هو في خبر أبي بصير ، ولا يتم في الصحيح ،
فإن من جملة الحالات الاتيان
بصلاة الفريضة .
اللهم إلا أن يقال : إنه
إنما يدل على لزوم كون الاحرام بعد الصلاة ، وأما
أنها هي الفريضة أو النافلة
فلا نظر له الى ذلك ، وعليه فالقول الاخير وهو عدم الجمع
أظهر ، فلو كان في وقت
الفريضة يأتي بها ، ويحرم في دبرها ، وإلا فيأتي بالنافلة مخيرا بين
الست والاربع والاثنتين ،
ويحرم في دبرها .
ثم أن المشهور بين الاصحاب :
أن في غير حج التمتع الاولى أن يكون الاحرام
بعد صلاة الظهر ، وظاهر الحدائق
: اتفاق الاصحاب عليه . واستدل له بنصوص
كثيرة كصحيح الفاضلين : ابن عمار والحلبي عن الامام
الصادق ( عليه السلام ) : لا
يضرك بليل أحرمت أو نهارا إلا أن أفضل ذلك عند زوال
……………………………………………
1 - الوسائل باب 19 من ابواب
الاحرام حديث 1
2 - الوسائل باب 19 من أبواب
الاحرام حديث 2 .
[ . . . ]
الشمس ( 1 ) .
وصحيح معاوية بن عمار : ،
قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : وليكن فراغك من
ذلك أي الغسل إنشاء الله
تعالى عند زوال الشمس وإن لم يكن عند زوال
الشمس فلا يضرك ذلك غير إني
احب أن يكون ذلك عند زوال الشمس ( 2 ) .
وصحيح الحلبي عن أبي عبد
الله ( عليه السلام ) : سألته أليلا أحرم رسول الله
صلى الله عليه وآله أم نهارا
؟ فقال : نهارا . فقلت : أي ساعة ؟ قال ( عليه السلام ) : صلاة
الظهر . فسألته متى ترى أن
نحرم ؟ قال ( عليه السلام ) : سواء عليكم إنما أحرم رسول
الله صلى الله عليه وآله
صلاة الظهر لان الماء كان قليلا كان في رؤوس الجبال فيهجر
الناس إلى مثل ذلك من الغد
ولا يكاد يقدرون على الماء وإنما احدثت هذه المياه
حديثا ( 3 ) ونحوه مرسل
المفيد ( 4 ) .
واورد عليها بأن ظاهرها
استحباب كونه عند زوال الشمس ولو قبل صلاة
الظهر أو بعد صلاة العصر ،
وبأن الصحيح الاخير صريح في نفي أفضلية كونه عند
الزوال أو بعد صلاة الظهر .
ولكن يدفع الاول : أنه عند
زوال الشمس لا يصدق على ما بعد صلاة العصر ،
وأما قبل الظهر فإذا انضم
الي هذه النصوص صدر صحيح معاوية : وليكن فراغك من
ذلك عند زوال الشمس . وما دل
على أنه لو كان في وقت الفريضة يحرم في دبرها . فلا
يبقي لدعوى شمول النصوص له
مجال كما لا يخفي .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 15 من ابواب
الاحرام حديث 1
2 - الوسائل باب 15 من ابواب
الاحرام حديث 6 .
3 - الوسائل باب 15 من أبواب
الاحرام حديث 5 .
4 - الوسائل باب 15 من أبواب
الاحرام حديث 7 .
[ . . . ]
ويدفع الثاني : أن الظاهر
كون السؤال الثاني إنما هو عن اللزوم ، والتعليل إنما ،
يكون لذلك ، ولا أقل من
احتمال ذلك فلا يصلح لصرف ظهور غيره ، فالاظهر ما
هو المشهور من أولوية ذلك .
وأما في الحج التمتع ففيه
خلاف ، فعن المفيد والسيد وتبعهما جمع : أن الافضل
فيه أن يصلي الظهر بمنى .
وعن المواهب والوسيلة ، وفي
التذكرة والمنتهى والشرائع وعن غيرها : أن
الافضل ان يحرم بعد صلاة
الظهرين في مسجد الحرام .
وعن الهداية والمقنع
والمقنعة والمصباح ومختصره والسرائر والجامع وغيرها : أن
الافضل : أن يحرم بعد صلاة
الظهر .
وعن الشيخ في التهذيب :
التفضيل بين الامام فيصلي الظهر بمنى وبين غيره
فيصلي في المسجد الحرام .
وأما النصوص فهي على طوائف :
منها : ما يدل على القول
الاول كصحيج عمر بن يزيد عن أبي عبد الله ( عليه
السلام ) : إذا كان يوم
التروية فأهل بالحج - إلى أن قال - وصل الظهر إن قدرت بمنى
( 1 ) .
وصحيح معاوية ، قال أبو عبد
الله ( عليه السلام ) : اذا انتهيت الى منى فقل
الى أن قال - ثم تصلى بها
الظهر والعصر والمغرب والعشاء الاخرة والفجر والامام
يصلي بها الظهر لا يسعه إلا ذلك
، وموسع لك أن تصلي بغيرها إن لم تقدر ( 2 ) .
وموثق أبي بصير عنه ( عليه
السلام ) : ثم تلبي من المسجد الحرام - الى أن قال
……………………………………………
1 - الوسائل باب 2 من أبواب
إحرام والوقوف بعرفة حديث 3 .
2 - الوسائل باب إحرام
والوقوف بعرفة حديث 5 .
[ . . . ]
- وإن قدرت أن يكون رواحك
الى منى زوال الشمس وإلا متى ما تيسر لك من يوم
التروية ( 1 ) .
ومنها : ما يدل على أنه يصلي
المكتوبة في المسجد ، لاحظ : صحيح معاوية : اذا
كان يوم التروية إن شاء الله
تعالى فاغتسل ثم البس ثوبيك وادخل المسجد حافيا -
الى أن قال ثم اقعد حتى تزول
الشمس فصل المكتوبة ثم قل في دبر صلاتك كما قلت
حين أحرمت من الشجرة الحديث
( 2 ) .
والمراد من المكتوبة ان كان
هو الظهران فهو دليل القول الثاني ، وإن كان
هو الظهر خاصة فهو دليل
القول الثالث .
ومنها : ما يدل على التفضيل
، لاحظ : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله
( عليه السلام ) ، قال : على
الامام أن يصلي الظهر يوم التروية بمسجد الخيف ويصلي
الظهر يوم النفر في المسجد
الحرام ( 3 ) .
وصحيح محمد بن مسلم عن
أحدهما ( عليه السلام ) : لا ينبغي للامام أن يصلي
الظهر يوم التروية إلا بمنى
ويبيت بها الى طلوع الشمس ( 4 ) . ونحوهما غيرهما .
والجمع بين النصوص يقتضي
البناء على أنه أن قدر على أن يصلي أول الوقت
بمنى فيصلي الظهر هناك ،
وإلا ففي مكة ، فإن الطائفة الاولى تقيد إطلاق الثانية ،
وأما الامام ( عليه السلام )
فليس علينا بيان وظيفته ، وإن اريد به امير الحاج فسيأتي
حكمه .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 2 من ابواب
إحرام الحج والوقوف بعرفة حديث 2 .
2 - الوسائل باب 1 من أبواب
إحرام الحج والوقوف بعرفة حديث 1 .
3 - الوسائل باب 4 من أبواب
إحرام الحج والوقوف بعرفة حديث 3 .
4 - الوسائل باب 4 من أبواب إحرام
الحج والوقوف بعرفة حديث 1 .
[ . . . ]
ورفع الصوت بالتلبية ، اذا
علت راحلته البيداء على طريق المدينة ، والدعاء
والتلفظ بالنوع والاشتراط
وتكرار التلبية الى أن يشاهد بيوت مكة للمتمتع
والى عند الزوال يوم عرفة
للمفرد والقارن واذا دخل الحرم للمعتمر
( و ) الخامس ( رفع الصوت
بالتلبية اذا علت راحلته البيداء ) إن حج ( على
طريق المدينة ) وقد تقدم
تفصيل القول في ذلك في مبحث التلبية مفصلا .
( و ) من المندوبات : (
الدعاء والتلفظ بالنوع ) بل المنوي مطلقا كما مر في
مبحث النية .
( و ) قد مر ايضا في ذلك
المبحث أن من المندوبات : ( الاشتراط ) أي اشتراط
التحلل إن مرض أو ضاغت نفقته
أو منعه ظالم أو غير ذلك ، كما بينا هناك فائدة هذا
الاشتراط .
( و ) منها : ( تكرار
التلبية ) وقد مر وجهه .
إنما الكلام في المقام في
موضع قطع التلبية ، فالمشهور بين الاصحاب : أنه
يستحب التلبية ( الى أن
يشاهد بيوت مكة للمتمتع ) أي لعمرته ( والى عند الزوال
يوم عرفة للمفرد والقارن )
بل للحاج متمتعا أيضا ( واذا دخل الحرم للمعتمر ) عمرة
مفردة ، فالكلام في مواضع :
الموضع الاول : المتمتع عمرة
التمتع يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكة كما
هو المشهور : وقيل : إنه
إجماعي .
والشاهد به نصوص كمصحح
معاوية بن عمار ، قال أبو عبد الله ( عليه
السلام ) : اذا ادخلت مكة
وأنت متمتع فنظرت الى بيوت مكة فاقطع التلبية ، وحد بيوت
مكة التي كانت قبل اليوم عقبة
المدينين فان الناس قد أحدثوا بمكة ما لم يكن ، فاقطع
[ . . . ]
التلبية ، وعليك بالتكبير
والتحميد والتهليل والثناء على الله عزوجل ما استطعت ( 1 ) .
ومصحح الحلبي عنه ( عليه
السلام ) : المتمتع اذا نظر الى بيوت مكة قطع
التلبية ( 2 ) .
وصحيح البزنطي عن أبي الحسن
الرضا ( عليه السلام ) أنه سئل عن المتمتع
متى يقطع التلبيه ؟ قال (
عليه السلام ) : اذا نظر الى عراش مكة عقبة ذي طوى . قلت :
بيوت مكة قال ( عليه السلام
) : نعم ( 3 ) . ونحوها غيرها .
وأما موثق زرارة عنه ( عليه
السلام ) : سألته أين يمسك المتمتع التلبية ؟ فقال
( عليه السلام ) : اذا دخل
البيوت بيوت مكة لا بيوت الابطح ( 4 ) .
وخبر زيد الشحام عنه ( عليه
السلام ) عن تلبية المتعة متى تقطع ؟ قال ( عليه
السلام ) : حين يدخل الحرم (
5 ) . فلعدم عمل الاصحاب بهما والاعراض عنهما يطرحان .
ثم إن عقبة المدينين إن كانت
متحدة مع عقبة ذي طوى فلا تعارض بين
صحيح البزنطي ومصحح معاوية ،
وإلا فيكون الاختلاف من ناحية اختلاف الجهات
فلا تعارض أيضا .
وعن الروضة والمسالك : أن
عقبة المدينين من جهة أعلى مكة ، وعقبة ذي طوى
من جهة أسفلها .
ثم إن الموضوع هو بيوت مكة ،
وما في مصحح معاوية إنما هو تحديد لبيوت مكة
……………………………………………
1 - الوسائل باب 43 من أبواب
الاحرام حديث 1 .
2 - الوسائل باب 43 من أبواب
الاحرام حديث 2 .
3 - الوسائل باب 43 من أبواب
الاحرام حديث 4 .
4 - الوسائل باب 43 من أبواب
الاحرام حديث 7 .
5 - الوسائل باب 43 من أبواب
الاحرام حديث 9 .
[ . . . ]
في ذلك الزمان لا لموضوع
الحكم ، فلا حاجة الى تحديد ذلك .
الموضع الثاني : الحاج بأي
نوع من الحج يقطعها عند الزوال من يوم عرفة ،
يشهد بذلك نصوص كثيرة كصحيح
محمد بن مسلم عن الامام الباقر ( عليه السلام ) :
الحاج يقطع التلبية يوم عرفة
زوال الشمس ( 1 ) .
ومصحح معاوية بن عمار عن
الامام الصادق ( عليه السلام ) : اذا زالت الشمس
يوم عرفة فاقطع التلبية عند
زوال الشمس ( 2 ) . ونحوهما غيرهما .
الموضع الثالث : المشهور بين
الاصحاب : أن المعتمر عمرة مفردة يقطعها عند
دخول الحرم إذا جاء من خارج
الحرم ، وعند مشاهدة الكعبة إن كان قد خرج من
مكة لاحرامها .
وأما النصوص فهي مختلفة
فجملة منها : تدل على أن وقت القطع النظر الى
الكعبة كصحيح عمر بن يزيد عن
أبي عبد الله في حديث : ومن خرج من مكة يريد
العمرة ثم دخل معتمرا لم
يقطع التلبية حتى ينظر الى الكعبة ( 3 ) .
ومصحح معاوية عنه ( عليه
السلام ) : من اعتمر من التنعيم فلا يقطع التلبية
حتى ينظر الى المسجد ( 4 ) .
وهذان الخبران كما ترى مختصان بالخارج من مكة .
الثانية : ما هو مطلق ويدل
على أن وقت القطع دخول الحرم ، كصحيح عمر
بن يزيد عن الامام الصادق (
عليه السلام ) : من دخل مكة مفردا للعمرة فليقطع التلبية
……………………………………………
1 - الوسائل باب 44 من أبواب
الاحرام حديث 1 .
2 - الوسائل باب 44 من أبواب
الاحرام حديث 5 .
3 - الوسائل باب 45 من أبواب
الاحرام حديث 8 .
4 - الوسائل باب 45 من أبواب
الاحرام حديث 4 .
[ . . . ]
حين تضع الابل أخفاها في
الحرم ( 1 ) .
وخبر معاوية بن عمار عنه (
عليه السلام ) : وإن كنت معتمرا فاقطع التلبية اذا
دخلت الحرم ( 2 ) . ونحوهما
غيرهما .
والجمع بين الطائفتين من جهة
أخصية الاولى يقتضي البناء على ما هو
المشهور .
الطائفة الثالثة : ما تضمن
أنه يقطع التلبية اذا نظر الى بيوت مكة كموثق
يونس بن يعقوب ، قال : سألت
أبا عبد الله ( عليه السلام ) : عن الرجل يعتمر عمرة
مفردة من أين يقطع التلبية ؟
قال ( عليه السلام ) : إذا رأيت بيوت مكة ذي طوى فاقطع
التلبية ( 3 ) .
وخبر الفضيل بن يسار عن أبي
عبد الله ( عليه السلام ) ، قلت : دخلت بعمرة
فأين أقطع التلبية ؟ قال (
عليه السلام ) : حيال العقبة عقبة المدينين . فقلت : أين عقبة
المدينين ؟ قال : بحيال
القصارين ( 4 ) .
وصحيح البزنطي عن الامام
الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل يعتمر عمرة
المحرم من أين يقطع التلبية
؟ قال : كان أبو الحسن ( عليه السلام ) من قوله يقطع
التلبية اذا نظر الى بيوت
مكة ( 5 ) . ونحوها غيرها .
لا إشكال في أن الطائفة
الاولى المختصة بالخارج من مكة للاعتمار أخص من
……………………………………………
1 - الوسائل باب 45 من أبواب
الاحرام حديث 2 .
2 - الوسائل باب 45 من أبواب
الاحرام حديث 1 .
3 - الوسائل باب 45 من أبواب
الاحرام حديث 3 .
4 - الوسائل باب 45 من أبواب
الاحرام حديث 11 .
5 - الوسائل باب 45 من أبواب
الاحرام حديث 12 .
]والاحرام في قطن محض[
هذه النصوص فتخصصها بالجائي
من خارج الحرم ، وأما الطائفتان الاخيرتان فهما
متعارضتان ، فان الاولى
منهما تدل على القطع عند دخول الحرم ، والثانية تدل على
القطع عند النظر الى بيوت
مكة .
وقيل في الجمع بينهما : وجوه
:
أحدها : ما عن الصدوق
والنافع وكشف اللثام وهو : الحمل على التخيير .
ثانيها : ما عن ظاهر الاستبصار
والتهذيب وهو : حمل الاولى منهما على من لم
يجئ من المدينة والعراق ،
والثانية على من جاء منهما .
ثالثها : الجمع بينهما بحمل
الثانية على تأكد المنع .
ولكن هذه كلها ليست من قبيل
الجمع العرفي ، والذي يسهل الخطب أنه لم
يظهر قائل بمضمون الطائفة
الاخيرة ، فالمعتمد هي الاوليتان ، وقد مر بيان ما يستفاد
منهما .
والظاهر أن القطع في الموارد
المذكورة على الوجوب وفاقا في الاول لظاهر
الاكثر ، بل عن الخلاف
الاجماع عليه ، وفي الثاني لوالد الصدوق والشيخ والوسيلة
والمفاتيح وشرحه ، واستحسنه
في المدارك ، بل هو محتمل الاكثر كما قيل : وفي الثالث
لظاهر الاكثر ، وصريح بعضهم
، كل ذلك لظاهر الاوامر الخالية عن المعارض ، كذا في
المستند .
( و ) التاسع : ( الاحرام في
قطن محض ) فيما قطع به الاصحاب على الظاهر
المصرح به في بعض العبائر
كما في الرياض .
وقد روي أن النبي صلى الله
عليه وآله لبسه في الاحرام ، ففي صحيح معاوية
بن عمار عن الامام الصادق (
عليه السلام ) : كان ثوبا رسول الله صلى الله عليه وآله
]وإحرام المرأة كإحرام الرجل إلا في تحريم المخيط[
الذين أحرم فيهما يمانين
عبري واظفار ( 1 ) .
وقد ورد الامر بلبس القطن
مطلقا ، وفي بعض النصوص : أنه لباس رسول الله
صلى الله عليه وآله ، وفي
آخر : هو لباسنا ولم يكن يلبس الشعر والصوف إلا من علة .
قيل : وأفضله البيض ، لتظافر
الاخبار بالامر بلبسه وكونه خير الثياب وأطيبها
وأطهرها .
ولا باس بما عداه من الالوان
والاجناس ، للنصوص ففي خبر خالد بن أبي
العلاء الخفاف قال : رأيت
أبا جعفر ( عليه السلام ) وعليه برد أخضر وهو محرم ( 2 ) .
وصحيح عبد الرحمن بن الحجاج
أنه سأل ابا الحسن ( عليه السلام ) عن المحرم
يلبس الخز ، قال ( عليه
السلام ) : لا بأس . ( 3 )
وصحيح الحلبي عن أبي عبد
الله ( عليه السلام ) : لا بأس أن تحرم المرئة في
الذهب والخز ( 4 ) .
والتوقيع الشريف : كتب اليه
( عليه السلام ) الحميري هل يجوز للرجل أن
يحرم في كساء خز أم لا ؟
فكتب ( عليه السلام ) اليه في الجواب : لا بأس بذلك وقد فعله
قوم صالحون ( 5 ) . ونحوها
غيرها .
نعم يكره في السود وقد تقدم
وعرفت أن الاحوط لزوما أن لا يحرم فيه .
( وإحرام المرأة كاحرام
الرجل إلا في تحريم المخيط ) لقاعدة الاشتراك ،
……………………………………………
1 - الوسائل باب 27 من أبواب
الاحرام حديث 2 .
2 - الوسائل باب 28 من أبواب
الاحرام حديث 1 .
3 - الوسائل باب 32 من أبواب
الاحرام حديث 1 .
4 - الوسائل باب 32 من أبواب
الاحرام حديث 2 .
5 - الوسائل باب 32 من أبواب
الاحرام حديث 4 .
ولا يمنعها الحيض منه
وسياتي الكلام في لبسها
المخيط في تروك الاحرام ، كما أنه قد مر ، انه لا يستحب لها
رفع الصوت بالتلبية ، وحكم
إحرامها في الحرير ، وسياتي حكم التظليل ساترا وكشف
الوجه وستر الرأس .
( ولا يمنعها الحيض منه ) أى
من الاحرام بلا خلاف كما في الجواهر .
ويشهد به صحيح معاوية بن
عمار ، قال : سالت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن
الحائض تحرم وهي حائض ، قال
( عليه السلام ) : نعم تغتسل وتحتشي وتصنع كما تصنع
المحرمة ، ولا تصلي ( 1 ) .
وصحيح منصور بن حازم ، قلت
لابي عبد الله ( عليه السلام ) : المرأة الحائض
تحرم وهي لا تصلي ؟ قال (
عليه السلام ) : نعم اذا بلغت الوقت فلتحرم ( 2 ) .
وصحيح العيص بن القاسم ، قال
: سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) أتحرم
المرأة وهي طامث ؟ قال (
عليه السلام ) نعم تغتسل وتلبي ( 3 ) . ونحوها غيرها .
وصريح الاول والثاني عدم
سقوط الغسل عنها ، فما عن بعض من سقوطه
ضعيف ، وقد مر أنه مستحب
بنفسه لا لحصول الطهارة .
نعم تسقط الصلاة عنها ،
لصحيح معاوية ، ولعموم الادلة ، وقد تقدم في مبحث
المواقيت حكم إحرامها من
مسجد الشجرة ، فراجع .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 48 من أبواب
الاحرام حديث 4 .
2 - الوسائل باب 48 من أبواب
الاحرام حديث 1 .
3 - الوسائل باب 48 من أبواب
الاحرام حديث 5 .
[ . . . ]
الباب الرابع في تروك
الاحرام والواجب منها اربعة عشر تركا صيد البر
وإمساكه والاشارة اليه
والاغلاق عليه وذبحه
( الباب الرابع في تروك
الاحرام ) أي ما يجب تركه ، وما يكون تركه أفضل ،
وبعبارة اخرى : ما يحرم فعله
وما يكره .
( والواجب منها : أربعة عشر
تركا ) عند المصنف هنا .
وعن النافع ، وفي التذكرة
والشرائع : عشرون شيئا .
وعن الدروس ثلاثة وعشرون
تركا .
وعن القواعد : ثمانية عشر
تركا ، فالاقوال أربعة ، ولكل وجه سيظهر لك إن
شاء الله تعالى في آخر هذا
المبحث .
منها : ( صيد البر وإمساكه
وأكله والاشارة اليه والاغلاق عليه وذبحه )
بلا خلاف أجده في شئ من ذلك
بيننا ، بل الاجماع بقسميه عليه كما في الجواهر ، وفي
المنتهى : دعوى إجماع
المسلمين عليه وفي المستند إجماع المسلمين في الاولين وإجماعنا
المحقق ، والمحكي في البواقي
، وتفصيل القول في ذلك في ضمن مسائل :
1 - أنه لا إشكال في حرمة
تلك ووجوب تركها ، ويشهد بها الكتاب والسنة .
أما الكتاب فآيات منه .
الاولى : قوله تعالى : ( يا
أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشئ من الصيد
[ . . . ]
تناله أيديكم ورماحكم ليعلم
الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله
عذاب اليم ) ( 1 ) دلت الآية
الشريفة على أن الله تعالى يختبر المؤمنين بالصيد ، فانه
على ما قيل كان قد كثر الصيد
عندهم بالحديبية وهم محرمون بحيث يدخل في أمتعتهم
حتى كانوا يتمكنون من قبضه .
قيل : إن المراد بما تناله
أيديهم الصغار ، ورماحهم الكبار عن الامام الصادق
( عليه السلام ) وابن عباس .
فمن اعتدى بعد الاختبار أي
خالف النهي فله عذاب اليم .
ومقتضى إطلاق الآية بقرينة
حذف المتعلق حرمة كل ما يتعلق بالصيد من
القتل والاشاره وغيرهما ،
والآية مختصة بحال الاحرام أوهي والحرم .
الثانية : قوله تعالى ( وحرم
عليكم صيد البر ما دمتم حرما ) ( 2 ) وهو أيضا
بواسطة حذف متعلق التحريم
يفيد العموم .
الثالث : قوله تعالى : ( يا
ايها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ) ( 3 ) هذه
الآية الشريفة مختصة بالقتل
.
وأما السنة فهي كثيرة ، لاحظ
: صحيح الحلبي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) :
لا تستحلن شيئا من الصيد
وأنت حرام ، ولا وأنت حلال في الحرم ، ولا تدلن عليه محلا
ولا محرما فيصطاده ، ولا تشر
اليه فيستحل من أجلك فان فيه فداء لمن تعمده ( 4 ) .
وخبر عمر بن يزيد عنه ( عليه
السلام ) : واجتنب في إحرامك صيد البر كله
……………………………………………
1 - المائدة : آية 94 .
2 - المائدة : - اية 96 .
3 - المائدة : - اية 95 .
4 - الوسائل باب 1 من أبواب
تروك الاحرام حديث 1 .
[ . . . ]
ولا تاكل من ما صاده غيرك
ولا تشر اليه فيصيده ( 1 ) .
وصحيح معاوية بن عمار عنه (
عليه السلام ) : لا تاكل من الصيد وأنت حرام
وإن كان أصابه محل ( 2 ) .
وصحيحه الآخر عنه : لا تاكل
من الصيد وأنت حرام وإن كان أصابه محل ،
وليس عليك فداء ما أتيته
بجهالة إلا الصيد فإن عليك فيه الفداء ( 3 ) .
وصحيح البزنطي عن الامام
الرضا ( عليه السلام ) عن المحرم يصيب الصيد
بجهالة ، قال ( عليه السلام
) : عليه كفارة . قلت : فان أصابه خطا ؟ وأي شئ الخطأ
عندك ؟ قال : ترمي هذه
النخلة فتصيب نخلة اخرى . فقال ( عليه السلام ) : نعم
هذا الخطأ وعليه الكفارة .
قلت : فان أخذ طائرا متعمدا فذبحه وهو محرم ؟ قال : عليه
الكفارة . قلت : جعلت فداك
ألست قلت : إن الخطأ والجهالة والعمد ليسوا بسواء فبأي
شئ يفضل المتعمد الجاهل
والخاطئ ؟ قال : إنه أثم ولعب بدينه ( 4 ) .
وصحيح منصور بن حازم عن أبي
عبد الله ( عليه السلام ) : المحرم لا يدل على
الصيد فان دل عليه فقتل
فعليه الفداء ( 5 ) .
وموثق ابن عمار عنه عليه
السلام : لا تأكل شيئا من الصيد وأنت محرم وإن
صاده حلال ( 6 ) .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 1 من أبواب
تروك الاحرام حديث 5 .
2 - الوسائل باب 2 من أبواب
تروك الاحرام حديث 3 .
3 - الوسائل باب 31 من أبواب
كفارة الصيد وتوابعها ، حديث 1 - .
4 - الوسائل باب 31 من أبواب
كفارة الصيد حديث 2 .
5 - الوسائل باب 1 من أبواب
تروك الاحرام حديث 3 .
6 - الوسائل باب 2 من أبواب
تروك الاحرام حديث 2 .
[ . . . ]
وصحيح الحلبي عنه أيضا أنه
سئل عن الصيد يصاد في الحل ثم يجاء به الى
الحرم وهو حي ، فقال ( عليه
السلام ) : إذا أدخله الحرم وهو حي فقد حرم لحمه وإمساكه ،
وقال : لا تشتره في الحرم
إلا مذبوحا قد ذبح في الحل ثم أدخل الحرم ( 1 ) .
وخبر شهاب عنه ( عليه السلام
) في حديث : أما علمت أن ما دخلت به الحرم
حيا فقد حرم عليك ذبحه
وإمساكه ( 2 ) .
وخبر إبراهيم بن عمرو سليمان
به خالد ، قلنا لابي عبد الله ( عليه
السلام ) : رجل أغلق بابه
على طائر . فقال : إن كان أغلق الباب بعد ما أحرم فعليه
شاة . الحديث ( 3 ) . ونحوها
غيرها من النصوص الكثيرة ، ودلالتها على حرمة صيد البر
أكلا واصطيادا ودلالة وإشارة
وإمساكا وإغلاقا واضحة .
والمنساق الى الذهن من
النصوص والفتاوى بل المصرح به فيها ، أن الاشارة
أو الدلالة المسببة للصيد
حرام فلا يحرم دلالة من يرى الصيد ولا يريده أو لا يقدر
عليه أو لا يفيده الدلالة
والاشارة لاجل علمه به ، فان ظاهر قوله في صحيح منصور :
المحرم لا يدل على الصيد ،
فان دل عليه فقتل فعليه الفداء ، وقوله ( عليه السلام ) في
خبر عمر بن يزيد : ولا تشر
اليه فيصيده . ونحوهما غيرهما : أن المحرم هو الاشارة
والدلالة المسببتان للصيد لا
مطلقا .
والمراد بالتسبيب ليس هو
التسبيب التوليدي لتوسط فعل الصائد المختار بين
الدلالة والاشارة والصيد ،
بل المراد مطلق المدخلية في اصطياده أو إتلافه ولو على جهة
الشرطية .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 5 من أبواب
تروك الاحرام حديث 1 .
2 - الوسائل باب 12 من أبواب
كفارات الصيد وتوابعها حديث 4 .
3 - الوسائل باب 16 من أبواب
كفارات الصيد وتوابعها حديث 2 .
[ . . . ]
والتعليل كما يخصص كذبك يعمم
، فما في النصوص من العلة الغائية - وهي
ترتب الصيد - يوجب الالتزام
بحرمة كل فعل له دخل إعدادي في الاصطياد .
وبعبارة اخرى : لا إشكال في
أنه إذا قال المولى لعبده : لا تدخل الدار زيدا
فيطلع على أسرار البيت : يفهم
العرف منه عدم جواز كلما يترتب عليه ذلك ، وليس
ذلك من باب تنقيح المناط كما
هو واضح ، وفي المقام بما أنه رتب على النهي عن الدلالة
والاشارة الاصطياد فيفهم
العرف منه كبرى كلية وهي حرمة كل ما تفرع عليه
الاصطياد كالاغلاق وما شاكل
، وعلى هذا فتسرية الحكم لا تحتاج الى دعوى الاجماع
على حرمة مطلق الاعانة على
الصيد بكل فعل تحقق به ولو بالاغلاق كما في الجواهر ،
كي يورد عليه بعدم ثبوت
الاتفاق أولا ، وعدم كونه تعبديا ثانيا ، ويترتب على ذلك أنه
لا حاجة الى البحث في بيان
النسبة بين الدلالة والاشارة ، وأنه هل تصدق الدلالة على
الكتابة أم لا ؟ فان المحرم
مطلق الاعانة على الصيد صدق عليه الدلالة أو الاشارة أم
لم تصدق .
والمحرم هو الدلالة أو
الاشارة كان المعان محرما أو محلا ، لاطلاق بعض
النصوص ، وللتصريح في بعض
آخر بذلك ، لاحظ : صحيح معاوية المتقدم .
2 - اختلفت كلماتهم في أن
المراد بالصيد في المقام هل هو خصوص الصيد
المحلل أو يعم محرم الاكل ؟
بعد اتفاقها على أن المراد به الممتنع أصالة ، وأن الانسي
المتوحش خارج ، والوحشي
المستأنس داخل ، للنص .
ففي المستند : الصيد المحرم
يشمل كل حيوان ممتنع بالاصالة سواء كان مما
[ . . . ]
يؤكل أولا وفاقا للشرائع
والتذكرة ، بل جملة من كتب الفاضل ، وجمع من المتأخرين
وعن الراوندي : أنه مذهبنا
معربا عن دعوى الاجماع . انتهى .
وعن النافع والدروس أن
المراد به الحيوان المحلل ، بل عن المفاتيح نسبة ذلك
الى أكثر الاصحاب ، وقد
استثنى كل من الطائفتين عن المحرم أصنافا ، فالاولون
استثنوا منه العقرب والافعي
والفأرة ، بل كل ما خيف منه ، وإن اختلفوا في بعض
الاقسام ، والآخرون استثنوا
الاسد والثعلب والارنب والضب والقنفذ واليربوع ،
وألحقوا هذه بمحلل الاكل ،
فالكلام في موردين : الاول : في أصل الحكم ، الثاني : في
الاستثناء .
أما المورد الاول فيشهد لان
المراد ما يعم المحرم وجوه :
1 - شمول الصيد المنهي عنه
كتابا وسنة له لغة وعرفا فيشمله إطلاقهما .
2 - عموم صحيح ابن عمار عن
أبي عبد الله ( عليه السلام ) : إذا أحرمت فاتق
قتل الدواب كلها إلا الافعي
والعقرب والفارة . الحديث ( 1 ) .
3 - ما في صحيح معاوية وغيره
من النهي عن قتل ما لم يرده من الحيوانات
المحرمة المذكورة فيها .
4 - ما دل على حرمة قتل
الوحش والطير مطلقا ، والنهي عن قتل غير الابل
والبقر والغنم والدجاج في
الحرم ، وحرمة كل ما ادخل الحرم حيا ، الآتي كلها في باب
مسائل الحرم ، فانها بضميمة
الاجماع وصحيح حريز الآتي الدال على اتحاد حكم الحرم
والاحرام في تحريم الصيد تدل
على المطلوب .
واستدل للاختصاص بمحلل الاكل
بوجوه :
……………………………………………
1 - الوسائل باب 81 من أبواب
تروك الاحرام حديث 1 .
[ . . . ]
أحدها : الاجماع .
وهو غير ثابت كيف وقد عرفت
دعوى الاجماع عن بعض على التعميم ، وعلى
فرض ثبوته لعدم كونه تعبديا
لا يعتمد عليه .
ثانيها : منع صدق الصيد على
المحرم .
وفيه - مضافا الى صدقه عليه
عرفا ولغة - أنه قد استعمل في الاخبار في صيد
المحرم ، وكفاك ما نسب الى
سيد البلغاء أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : صيد الملوك
ثعالب وأرانب . . . . وإذا
ركبت فصيدي الابطال .
ثالثها : قوله تعالى : ( حرم
عليكم صيد البر ما دمتم حرما ) ( 1 ) .
وتقريب الاستدلال به : أن
المراد بالصيد الحيوان المصطاد ، وبديهي أن التحريم
إذا تعلق بالعين الخارجية
دون الفعل كان ظاهرا في إرادة أظهد أفراده ، مثلا قوله تعالى :
( حرمت عليكم امهاتكم ) ظاهر
في حرمة نكاحهن ، ففي المقام يكون ظاهرا في
إرادة حرمة الاكل ، وحيث إن
المحرم على كل أحد في حال إحرامه وغير إحرامه ،
والحرمة في الآية الكريمة قيدت
بحال الاحرام ، فيعلم أن الحكم في الآية مختص
بالمحلل ، فانه الذي يصلح
تقييد حرمته بحال الاحرام .
وفيه أولا : أنه يمكن أن
يكون المراد بالصيد في الآية الشريفة الاصطياد ، بل
هو الظاهر منها دون المصيد .
وثانيا : ما تقدم من أن حذف
المتعلق يفيد العموم ، وأن المقدر هو جميع الآثار إلا
مع قيام القرينة على إرادة
أثر خاص منه .
وثالثا : أن غاية ذلك اختصاص
الآيه الكريمة بالمحلل ولا مفهوم لها ، كي يقيد
……………………………………………
( 1 )المائدة : آية 96
[ . . . ]
به إطلاق سائر الدلة .
رابعها : انصراف الادلة عن
المحرم أكله ، وعن كشف اللثام تقريبه بدعوى تبادر
المحلل ، وأيده بأصالة الحل
والبراءة .
وفيه : أنه لا منشأ لشئ
منهما ، وأصالة الحل والبراءة لا مجرى لهما مع إطلاق
الدليل .
خامسها : أنه لا يجب الكفارة
في قتل غير المأكول غير الثمانية ، وهي : الاسد
والارنب والثعلب واليربوع
والقنفذ والضب والذئب والزنبور التي دلت النصوص
الخاصة - كخبر أبي سعيد
وصحاح البزنطي والحلبي ومعاوية ومسمع ( 1 ) - على ثبوت
الكفارة في قتلها .
واورد عليه : بمنع التلازم
بين عدم لزوم الكفارة وعدم التحريم ، لعدم نهوض
دليل على كون الكفارة من
لوازم الحرمة ، كي يكون دليل عدم وجوب الكفارة دليلا
لعدم الحرمة ، كما يشهد له
سقوط الكفارة في الصيد متعمدا .
واجيب عن ذلك بأنه يمكن
استفادة التلازم من قوله سبحانه : ( ومن قتله
منكم متعمدا فجزاء مثل ما
قتل من النعم ) ( 2 ) ومن قوله ( عليه السلام ) في صحيح
الحلبي : فان فيه فداء لمن
تعمده ، وقوله ( عليه السلام ) في صحيج ابن حازم : وإنما
الفداء على المحرم ، وقوله (
عليه السلام ) : لا يدل على الصيد ، فان دل فعليه الفداء ،
فان المستفاد منها ثبوت
الفداء في كل ما تعلق به النهي ، وهذا التلازم لا يتم إلا على
تقدير تخصيص الصيد بالمحلل
منه ، وأما غيره فلا تلازم فيه ، بل صرح الشيخ في
المبسوط بانه لا خلاف بين
العلماء في عدم وجوب الجزاء في قتل الحية والعقرب والفأرة
……………………………………………
1 - راجع الوسائل الابواب 29
، 4 ، 8 ، 6 ، من أبواب كفارات الصيد وتوابعها .
2 - سورة المائدة : آية 97 .
[ . . . ]
والغراب والحداة والكلب
والذئب ، وأنه لا يجب الجزاء عندنا في الجوارح من الطير
كالبازي والصقر والشاهين
والعقاب ونحو ذلك والسباع من البهائم ، فلو كان صيد هذه
الانواع حراما كان الواجب
ثبوت الفداء ، للتلازم المستفاد من الآية والنصوص ،
والتالي باطل ، لما عرفت من
الاجماع ، فيتعين أن المراد خصوص مأكول اللحم .
وإن شئت قلت : إن مفاد الآية
والروايات ثبوت الفداء في كل ما تعلق به
النهي فلابد من أحد
التخصيصين : إما تخصيص الصيد بالمحلل ، أو الفداء ببعض ما
يحرم صيده ، فلا يعلم عموم
حرمة الصيد .
أقول : إن غاية ما يثبت بذلك
اختصاص حرمة الصيد بما فيه الفداء ، وهذا لا
يفيد فيما نهي فيه عن قتل
الدواب والسباع ونحوها من الاخبار بالمنطوق والمفهوم .
وبعبارة اخرى : إن لنا
عنوانين : أحدهما : الصيد ، والآخر : قتل الدواب ،
والتلازم لو ثبت فانما هو في
الاول دون الثاني ، والمثبت للتعميم حقيقة هو الثاني .
فالمتحصل : أنه لا يجوز
للمحرم قتل الحيوان كان مأكول اللحم أو غير مأكول
اللحم .
وأما المورد الثاني : فقد
استثني عن ذلك موارد منها : كل ما خيف منه فانه يجوز
قتله إذا أراده إجماعا كما
قيل ، لصحيح ابن عمار المتقدم : اذا أحرمت فاتق قتل الدواب
كلها إلا الافعي والعقرب
والفأرة - الى أن قال - والحية إن ارادتك فاقتلها ، فان لم تردك
فلا تردها ، والكلب العقور
والسبع إذا أراداك فاقتلهما فان لم يراداك فلا تردهما
، والاسود الغدر فاقتله على
كل حال ، وارم الغراب رميا . الحديث ( 1 ) .
وصحيح حسين بن أبي العلاء عن
الامام الصادق ( عليه السلام ) قال : قال
……………………………………………
1 - الوسائل باب 81 من أبواب
تروك الاحرام حديث 4 .
[ . . . ]
لي : يقتل المحرم الاسود
الغدر - الى أن قال - وقال : اقتل كل واحد منهن يريدك ( 1 ) .
وصحيح حريز عنه ( عليه
السلام ) كل ما يخاف المحرم على نفسه من السباع
والحيات وغيرهما فليقتله ،
وإن لم يردك فلا ترده ( 2 ) .
وخبر عبد الرحمن العزرمي عن
الامام الصادق عن أبيه عن علي عليهما السلام
قال : يقتل المحرم كل ما
خشيه على نفسه ( 3 ) .
وصحيح آخر لمعاوية بن عمار
عن محرم قتل زنبورا ، قال : إن كان خطأ فليس
عليه شئ . قلت : لا بل
متعمدا . قال ( عليه السلام ) يطعم شيئا من طعام . قلت : إنه
أرادني . قال ( عليه السلام
) كل شئ أرادك فاقتله ( 4 ) .
ومنها : الافعي والعقرب
والفأرة ، استثناها المحقق وجماعة .
ويشهد به صحيح بن عمار
المتقدم ، وخبر محمد بن الفضيل عن أبي الحسن
( عليه السلام ) قال : سألته
عن المحرم وما يقتل من الدواب فقال : يقتل الاسود
والافعي والفأرة والعقرب وكل
حية وإن أرادك السبع فاقتله ، وإن لم يردك فلا تقتله ،
والكلب العقور إن أرادك
فاقتله . الحديث ( 5 ) .
وصحيح الحلبي عن الامام
الصادق ( عليه السلام ) : يقتل في الحرم والاحرام
الافعي والاسود الغدر وكل
حية سوء والعقرب والفأرة وهي الفويسقه ، ويرجم الغراب
……………………………………………
1 - الوسائل باب 81 من أبواب
تروك الاحرام حديث 5 .
2 - الوسائل باب 81 من أبواب
تروك الاحرام حديث 1 .
3 - الوسائل باب 81 من أبواب
تروك الاحرام حديث 7 .
4 - الوسائل باب 81 من أبواب
تروك الاحرام حديث 9 .
5 - الوسائل باب 81 من أبواب
تروك الاحرام حديث 10 .
[ . . . ]
والحداة رجما الحديث ( 1 ) .
ونحوها غيرها .
وما في حسن ابن أبي العلاء
من قوله ( عليه السلام ) : اقتل كل واحد منهن
يريدك ( 2 ) . ونحوه غيره .
لا يصلح مقيدا لاطلاق هذه النصوص ، إذ لا مفهوم له ،
ومنطوقه لا ينافي الاطلاق كي
يقيده .
ومنها : الحية ، وأصل جواز
قتلها في الجملة محل وفاق ، والنصوص ناطقة به ، إنما
الخلاف في أنه هل يجوز مطلقا
كما هو الاشهر ، بل عن الغنية والمبسوط الاجماع عليه ،
أو يختص بصورة الخوف كما عن
السرائر وفي المستند ؟ وجهان ، يشهد للاول : اطلاق
بعض ما تقدم كصحيح الحلبي
وخبر ابن الفضيل ، وللثاني : صحيح ابن عمار ، وحيث
إنه أخص فيخصص الاطلاق به .
ومنها : الزنبور والنسر
والاسود ، ويجوز قتل هؤلاء أيضا ، لخبر غياث بن إبراهيم
عن أبيه عن الامام الصادق (
عليه السلام ) : يقتل المحرم الزنبور والنسر والاسود
الغدر والذئب وما خاف أن
يعدو عليه ، وقال : الكلب العقور هو الذئب ( 3 ) . ونحوه
خبر وهب بن وهب ( 4 ) .
ومنها : الكلب العقور ،
والظاهر اختصاص الجواز بما اذا أراده ، الخبر ابن
الفضيل المتقدم .
ومنها : النمل والبق والقملة
والبرغوث والذر ، ويشهد به النصوص الدالة على
……………………………………………
1 - الوسائل باب 81 من أبواب
تروك الاحرام حديث 6 .
2 - الوسائل باب 81 من أبواب
تروك الاحرام حديث 5 .
3 - الوسائل باب 81 من أبواب
تروك الاحرام حديث 8 .
4 - الوسائل باب 81 من أبواب
تروك الاحرام حديث 12 .
[ . . . ]
جواز قتلها في الحرم راجع :
باب 84 من أبواب تروك الاحرام ، فانها بضميمة ما دل
على أن ما يجوز قتله في
الحرم يجوز للمحرم قتله - تشهد بالجواز ، وفي خصوص البق
والبرغوث بحث سيأتي في مبحث
هوام الجسد .
تحرم
ذبيحة المحرم على المحل والمحرم
3 - اذا صاد المحرم صيدا
وقتله يحرم عليه وعلى من مثله في كونه محرما إجماعا
ونصا .
إنما الكلام في أنه هل يحرم
على كل أحد وإن كان محلا أم لا ؟ فيه أقوال :
الاول : ما عن أكثر كتب الشيخ
والمهذب والجامع والوسيلة والجواهر والشرائع
والنافع والقواعد والارشاد
وغيرها ، وهو : أنه ميتة وحرام عليه .
وفي الجواهر : بل هوالمشهور
شهرة عظيمة ، بل لم يحك الخلاف من عادته نقله
وإن ضعف . انتهى .
وفي المنتهى : ولو ذبحه
المحرم كان حراما لا يحل أكله للمحرم ولا للمحل يصير
ميتة يحرم أكله على جميع
الناس ، ذهب اليه علماؤنا أجمع . انتهى . ومثله ما في التذكرة .
الثاني : أنه يحل أكله له إن
ذبحه في الحل . نسب ذلك الى المقنع والفقيه
والاسكافي والمفيد والسيد
والكليني .
الثالث : التفصيل بين مقتول
المحرم ومذبوحه ، فالحكم بالحلية للمحل في الاول
والحرمة له في الثاني ، حكي
ذلك عن الشيخين وعن سيد المدارك وبعض من تأخر عنه
الميل اليه ، وفي المستند :
وهو الاقرب .
والكلام في موردين : الاول :
في مقتضى النصوص الخاصة ، الثاني : في سائر
[ . . . ]
الوجوه المذكورة دليلا أو
تأييدا .
أما الاول ، فالنصوص الخاصة
الواردة في المقام طائفتان :
الاولى : ما يدل على القول
المشهور كخبر وهب عن جعفر عن ابيه عن الامام
علي ( عليه السلام ) : اذا
ذبح المحرم الصيد لم يأكله الحلال والحرام وهو كالميتة وإذا
ذبح الصيد في الحرم فهو ميتة
حلال ذبحه أو حرام ( 1 ) .
وخبر الحسن بن موسى الخشاب
عن إسحاق عن جعفر ( عليه السلام ) أن
عليا ( عليه السلام ) كان
يقول : اذا ذبح المحرم الصيد في غير الحرم فهو ميتة لا يأكله
محل ولا محرم ( 2 ) .
واورد عليهما : بأنهما
قاصران من حيث السند ، أما الاول ، فلاشتراك وهب بين
الضعيف والقوي ، وأما الثاني
، فلان من جملة رجاله الخشاب وهو غير ممدوح مدحا
يعتد به .
وفيه اولا : أن الخشاب ممدوح
بمدح يعتد به ، قال النجاشي : هومن وجوه
أصحابنا مشهور كثير العلم
والحديث ، ومثله عن القسم الاول من الخلاصة ، وذكره
ابن داود في القسم الاول ،
وأشار الى ما في رجال الشيخ والنجاشي ، عن الذخيرة
والبلغة والمشتركاتين : أنه
ممدوح واستشهد الوحيد لوثاقته بأمور فحديث الرجل إما
صحيح أو حسن كالصحيح .
نعم من لا يعتمد إلا على
التوثيق الصريح كصاحب المدارك وثاني الشهيدين
لا يعتمد عل روايته .
……………………………………………
1 - الوسائل باب 10 من أبواب
تروك الاحرام حديث 4 .
2 - الوسائل باب 10 من أبواب
تروك الاحرام حديث 5 .
[ . . . ]
وثانيا أنه مع عمل من تقدم
من الأساطين والفقهاء بهما ينجبر ضعف سندهما
لو كان به ، فلا إشكال فيهما
من حيث السند .
الثانية : ما يدل على عدم
البأس بأكل المحل ما صاده المحرم كصحيح حريز ،
قال : سألت أبا عبد الله (
عليه السلام ) عن محرم أصاب صيدا أيأكل منه المحل ؟ فقال
( عليه السلام ) : ليس على
المحل شئ إنما الفداء على المحرم ( 1 ) .
وصحيح معاوية بن عمار عنه (
عليه السلام ) عن رجل أصاب صيدا وهو محرم
أيأكل منه الحلال ؟ فقال (
عليه السلام ) : لا بأس إنما الفداء على المحرم ( 2 ) .
وصحيح منصور بن حازم قلت
لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : رجل أصاب صيدا
وهو محرم آكل منه وأنا حلال
؟ قال : أنا كنت فاعلا . قلت له : فرجل أصاب مالا حراما .
فقال ( عليه السلام ) ليس
هذا مثل هذا يرحمك الله إن ذلك عليه ( 3 ) .
وحسن الحلبي أو صحيحه :
المحرم إذا قتل الصيد فعليه جزاؤه ، ويتصدق
بالصيد على مسكين ( 4 ) .
وحسن معاوية بن عمار عنه ( عليه السلام ) : إذا أصاب
المحرم الصيد في الحرم
وهو محرم فإنه ينبغي له أن
يدفنه ولا يأكله أحد ، وإذا أصاب في الحل فإن الحلال
يأكله وعليه الفداء ( 5 ) .
وللقوم في الجمع بين
الطائفتين طرق :
……………………………………………
1 - الوسائل باب 3 من أبواب
تروك الإحرام حديث 4 .
2 - الوسائل باب 3 من أبواب
تروك الإحرام حديث 5 .
3 - الوسائل باب 3 من أبواب
تروك الإحرام حديث 3 .
4 - الوسائل باب 10 من أبواب
تروك الإحرام حديث 6 .
5 - الوسائل باب 3 من أبواب
تروك الإحرام حديث 2
[ . . . ]
أحدها : ما عن أصحاب القول
الثالث : وهو : أن الأخبار المجوزة للأكل مطلق
من حيث كون التذكية بالذبح
بعد الصيد أو كونها بغيره كما لو رماه ولم يدركه حيا ،
والأخبار المانعة - وهي
الخبران المتقدمان - مختصة بالذبح ، فيقيد إطلاق المجوزة بها ،
فيختص المنع بما اذا ذبحه
المحرم .
أقول : إن هذا لو تم في جملة
من أخبار الجواز المتضمنة لقوله : أصاب صيدا .
أو : من صيد . لم يتم في
جميعها حتى مثل حسن الحلبي المتضمن لقوله ( عليه السلام ) :
المحرم اذا قتل الصيد ، إذ
أي فرق بين الذبح والقتل ، كي يحمل الأول على ما لو
ذبحه بعد الصيد ، والقتل على
ما لو قتله بالصيد ؟ وهل هذا إلا جمع تبرعي لا شاهد له ؟
الثاني : ما عن بعض أصحاب
ذلك القول وهو : أن الأخبار المجوزة مطلقة من
حيث إدراك الصيد وبه رمق بأن
يحتاج الى الذبح ويذبحه المحل ، وعدم إدراكه الا
وليس به رمق ، والأخبار
المانعة مختصة بالثاني ، فيقيد إطلاق المجوزة بها .
وفيه : أن حسن الحلبي يأبى
عن ذلك كما لا يخفى على من لاحظه .
والغريب : أن المنسوب الى الشيخ
في التهذيب حمل خصوص حسن الحلبي
وحسن معاوية على ما اذا أدرك
الصيد و به رمق بحيث يحتاج الى الذبح مع التصريح
بقوله : المحرم اذا قتل
الصيد . في حسن الحلبي ، وكذا قوله ( عليه السلام ) في حسن
معاوية : فإنه ينبغي له أن
يدفنه يأبى عن ذلك ، اللهم إلا أن يقال : إن في بعض النسخ
بدل يدفنه : يفديه .
الثالث : من وجوه الجمع : أن
الروايات المجوزة كلها متضمنة لكلمة ( أصاب )
إلا حسن الحلبي ، والإصابة
بنفسها ظاهرة في الأخذ والاستيلاء ، فمفادها حينئذ أن
مجرد استيلاء المحرم على
الصيد لا يوجب حرمته على الحلال ولو ذكاه محل بل للمحل
أن يذكيه ويأكله ، وما في
ذيل حسن معاوية : فإنه ينبغي له أن يدفنه . قد عرفت أنه
[ . . . ]
مروي بطريق آخر وأما حسن
الحلبي : المحرم اذا قتل الصيد فعليه جزاؤه ويتصدق
بالصيد على مسكين ، فكونه من
الأخبار المجوزة إنما هو بلحاظ ذيله الآمر بالتصدق
به على المسكين ، إذ لو كان
حراما لما كان وجه لذلك كما هو واضح .
ولكن يمكن أن يقال : إن كلمة
الداخلة على الصيد للسببية ، والمراد
من مدخولها المعنى المصدري ،
فمفاد الخبر حينئذ : انه يتصدق على المسكين بسب
ارتكابه الصيد ، ويحتمل أن
يقدر كلمة مثل فمفاده أنه يتصدق على المسكين بمثل
الصيد ، وعلى التقديرين ليس
الخبر من النصوص المجوزة للأكل .
وفيه : أن حمل الإصابة على
خصوص الأخذ والاستيلاء خلاف الظاهر سيما مع
فرض السؤال عن أكله من دون
تقييد بالتذكية فتأمل ، مع أن حمل على السببة ،
أو تقدير كلمة مثل في الحسن
خلاف الظاهر جدا لايصار اليه بغير دليل :
الرابع : حمل الأخبار
المانعة على الكراهة للنصوص المصرحة بالجواز .
وفيه : أنها من جهة التعبير
فيها بأنها ميتة تأبى عن الحمل على الكراهة ، وعلى
هذا فإن تمت دعوى إعراض
الأصحاب عن النصوص المجوزة فهي ساقطة عن
الحجية ، وإلا فيقع التعارض
والترجيح مع الأخبار المانعة ، لأن أول المرجحات :
الشهرة وهي معها ، فالأظهر هو المنع مطلقا .